الجنس
الجنس عند العرب والمسلمين

زهير قوطرش في الأربعاء ٢١ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

الجنس عند العرب والمسلمين.

ما دعاني الى كتابة هذا الموضوع . هو الحقيقة التي يجب أن تقال.أكره بشكل كبير التغطية المتعمدة على السلبيات في تاريخنا وتراثنا. والتاريخ دائما هو المعلم والحكم .وما أسمعه اليوم عن بعض البلدان الإسلامية من تجاوزات أخلاقية شاذة لا تليق بنا كمسلمين .لهذا آليت على نفسي أن أبحث في تاريخنا لأقف على الحقيقة مهما كانت ،وخاصة في بعض المراحل  من تاريخنا العربي، حيث كان كل حاكم من حكامنا يسمونه أمير المؤمنين. وقد أصبت بالدهشة من ممارسات بعضهم الغير أخلاقية ،وكان معظهم يبررون & تلك الممارسات من خلال احاديث نبوية نسبت الى الرسول(ًص) بهتنانا وزورا. وقد اصبت بالقرف عندما حدثني أحد الاصدقاء أنه أثناء حرب البوسنة ،حيث تيتم الكثير من الاطفال . وخاصة حين جاءت بعثة من دولة عربية  كان هدفها  تبني الاطفال الايتام ،وأخذهم الى تلك الدولة (لاأحب ذكر اسمها ). المهم وبصريح العبارة قالها والحسرة تجرح قلبه،أنهم كانوا يعاينون الطفل من مؤخرته .سألني من اين لهم هذه الثقافة ،وهم يدّعون  الايمان. قلت له: مع كل أسف فسروا وجود الغلمان في الجنة من أجل المتعة الجنسية ،وقاسوا على ذلك في الحياة الدنيا.. لهذا أخترت لهذا البحث ، العهدين الاموي والعباسي وعرجت الى عصر الجاهلية قبل الاسلام للمقارنة ،معتمدا على مصادر الثراث العربي والاسلامي . وفي الخاتمة رؤية قرآنية لموضوع الجنس في الاسلام كماهو مذكور في كتابنا العظيم.

الجنس في الجاهلية:
المكتبة العربية هي من اغنى مكتبات العالم في موضوع الجنس ،وخاصة ما تواتر إلينا من خلال الشعر العربي ، وحتى الروايات المختلفة.. وقد عرفت الحياة العربية قبل الاسلام اشكالاً متنوعة من الحياة اللذية. وكانت مكشوفة وصريحة. وقد أولى العرب الاهمية البالغة لفنون المتع الجنسية. وقد شهدت الحياة العربية الكثير من التفاصيل الجنسية في موضوع العلاقة بين الرجل والمراة ،فقد كانت المراة تتخذ احياناً كثيرة خدنا فينكحها رجلاً ما سراً،وتبقى له ،فما دام الستر موجوداً فلا باس بالنكاح.وهذا النوع من الاتصال سمي بنكاح الخدن.وكان الرجال أنذاك يأتون المرأة في خبائها فينكحوها برضاها،دون عقد نكاح، فإذا حملت عينت واحدا من الذين مروا بها والحقت المولود به.
عرف العرب نكاح الاستبضاع. فكان الرجل يرسل امرأته الى آخر مشهور بفحولته لينكحها فتحمل منه ، ذلك رغبة منه في تحسين النسل.
نكاح البدل: فقد كان يتبادل الرجلان الزوجات . وكانوا لايجدون حرجاً في الجمع بين الأختين في وقت واحد.
زواج المقت: أي أن يخلف الرجل على أمرأة أبيه.
كانت النخبة القرشية قد أدخلت فن الزنا الى الحياة الجاهلية. ويقال ان أبوجهل وهبار بن الاسود كانا أول من نشر ه. ،وتفنن العرب بضروب اللواط والسحاق والتخنث.اما السحاق فظهر في قصور المناذرة في الحيرة، وأن العديد من الحالات التي نعتبرها اليوم شذوذا جنسيا لم تكن تعتبر كذلك عند العرب . فمواقعة الغلمان وإتيان المرأة من الخلف خلال الحيض أو في بعض مراحل الحمل. كانت عند البعض لاتثير الاستهجان. وكانت مذمومة عند البعض الآخر.

الجنس في صدر الاسلام:

إذا أردنا مناقشة موضوع الجنس في صدر الاسلام ، لابد لنا من التميز بين مرحلتين ، مرحلة نزول القرآن وحياة النبي (ص) . ومرحلة ما بعد النبي ، ومن ثم العصر الاموي ثم العباسي.
القرآن الكريم سمح بتعد الزوجات وحصر العدد في أربع نساء بشرط وجود العدل وكما جاء في بعض التفسيرات المعاصرة ’العدل يقصد به العدل بين النساء . ، وقد ذكرت كتب الثراث، اجازة المتعة بالنساء باتفاق الرجل والمرأة لقاء اجر.عدا ما ملكت الأيمان من الحريم والغلمان( وهذه مذكورة في كتب الحديث) . فذكرت كتب التراث أنه كان عند علي بن ابي طالب كرم الله وجهه بعد وفاة فاطمة أربع زوجات وتسع عشر وليدة وكان يقول "إني مشتاق الى العرس" . وذكر عن جابر بن عبد الله الصحابي أنه قال " كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق ليالي على عهد رسول الله وابو بكر ، حتى ان عبد الملك بن جريج وكان احد الأعلام الثقاة وفقيه اهل مكة في زمانه "تزوج نحواً من تسعين امرأة نكاح المتعة وكان يرى الرخصة في ذلك" (المغنى لابن قدامة)
بدت المرأة في صدر الاسلام وكأنها تملك جرأة لا مثيل لها في طلب الزواج.هذه الجرأة لم يكن يدانيها إلا جرأة الرجل على طلب المتع والتهالك عليها.فكانت المرأة إذا صعب عليها العثور على زوج.. كانت تقوم بنشر جانب من شعرها وتكحيل إحدى عينيها وتحجيل إحدى رجليها ويكون ذلك ليلاً ثم تقول. يالكاح أبغي النكاح قبل الصباح. فيسهل أمرها وتتزوج عن قريب.
قدمت لنا حقبة الراشدين صورة نقيضة،على طول الخط ،لما نراه اليوم من الايدلوجيات المحافظة. فقد كان ابن عباس ينشد الشعر الجنسي في البيت الحرام، وفي الفاظ من الصعب ذكرها اليوم.وهو الذي يطلق عليه اسم حبر الامة.
كما ذكر أن خالد بن الوليد قد قتل مالك بن نويرة كي يتزوج امرأته الفاتنة ليلى بنت المنهال"وكان لها ساقان لم برَّ أحسن منهما" كما كان يقول.
والحق أن جميع فنون الجنس في الجاهلية ،لم تختف مع الاسلام،وإن ما تم تحريمه ...استمر في الخفاء ،ليعود في الظهور في الفترات اللاحقة.في العصرين الاموي والعباسي.

الجنس في العصر الاموي.

بعداستقرار المجتمع الاسلامي في دولة شبه حضرية، وبعد أن بدا الانحراف الكبير عن مقاصد الدين، حيث بدأ عصر تمليك افراد العائلة الحاكمة الاملاك الكبيرة ، وبدا عصر توريث الحكم ، و عصر الغزوات ،وعصر التجارة ،وفتح افاق اقتصادية جديدة، كذلك كان للجنس والغناء والفنون وغيرها  دوراً هاماً, حيث ولدت حالة من الرفاهية ، وكانت العاصمة الاموية مثلها مثل مكة في هذا العصر  لكنها كانت مكانا لانطلاق الغرائز والشهوات. حتى أن عروة بن الزبير وصف المدينة (دمشق ).

" الفاحشة فيها فا شية والناس قلوبهم لاهية "

أما في مكة فيذكر صاحب العقد الفريد أنه " كان بها من يجمع الرجال والنساء ويحمل أليهم الشراب. وما كان اجتماعهم لذكر الله بل للهو والتمهيد للتمتع بالجنس" ولم يكن خلفاء بني أمية بأحسن حال من هذا. فيروى عن هشام بن عبد الملك أنه قال " أتيت النساء حتى ما ابالي امرأة أتيت أم حائطا" أما يزيد فقد عشق حبابة حتى تعطلت أمور الدولة " وكان يؤثر البقاء معها على الذهاب إلى صلاة الجمعة" وتزوج الوليد بن عبد الملك اثناء حكمه الذي دام تسع سنوات " ثلاثاً وستين أمرأة" (هادي العلوي المستطرف الجديد) . وانتشرت في العهد الاموي نساء الهوى ،وراجت مهنة سمسار الزواج " فكان يتوسط في الزواج بين المرأة والرجل . فإذا أتفقا أغرى المرأة فأتاها قبل زواجها ,اغرى الرجل فدفعه أن يلوط قبل أن يدخل على أمرأته. وما شعر الفرذدق المكشوف ، إلا شعر الخلاعة والجنس ما هو إلا التعبير الصادق عن تلك المرحلة. وهناك الكثير الكثير من الممارسات البعيدة كل البعد عن التعاليم التي جاء بها القرآن ،لكن مع كل أسف ، أذا كانت رأس السمكة فاسدة ، كما يقال فسد الجسم بالكامل.

الجنس في العصر العباسي.

شهد العصر العباسي انطلاقة جامحة للغرائز الجنسية والاحاسيس الفردية.وشاعت اليبوت الخاصة التي كان هدفها التمتع بالجنس واللهو.وكان البعض يشتر الجواري والغلمان لبيوته الخاصة. وازدادت دور البغاء ،وشهدت بيوت الخمارين اليهود كرنفالات حافلة بالجنس. ساهم الخلفاء العباسيون مساهمة كبيرة في الحث والترويج على التمتع بالنساء. اشتهر الرشيد بعشقه لثلاث حواري هن سحر وضياء وخنث.وتزوج مراجل الجارية وولدت له المامون،وتزوج بزبيدة وولدت له الأمين .وماردة وولدت له المعتصم. اما المأمون فقد كان له مئتا جارية .ثم مال الى الغلمان بعد اتصاله بيحي بن اكثمبه.(كان قاضيا بالبصرة في زمن المأمون) اما الأمين فقد رغب عن النساء ومال الى الغلمان. وكان يفتي بأن الغلام إذا كان ملك اليمين حل التمتع به. وانطبق الشي نفسه على المعتصم الذي مال الى الغلمان الاتراك. ويروي ابن مسكويه في كتاب تجارب الامزانه في سنة 321 هج. "خرج امر القاهر بتحريم القيان والخمر وسائر الانبذة ،وقبض على المغنين والمغنيات.نفى بعضهم الى البصرة وبعضهم الى الكوفة.وكان القاهر مولعا بالشراب ،وكان دائما بحالة سكر
يسمع الغناء ويختار من جواري القيان من يريد".ويقول الجاحظ إن القينة كانت" تعرف كل ما يحبب بها الرجل وكلما يثير شهوته. وكانت تعيش على ذكر الزنا والقيادة والعشق والصبوة والشوق والغلمنة" وشاعت عادة اقتناء الغلمان ،ووضعت العديد من القواعد التطبيفية للإغوائهم وللاستئثار بهم.



الموقف الإسلامي من العلاقات الجنسية 
جاء  الإسلام  ليرسم توجيهات عملية مفيدة فى جميع شؤن الحياة بما في ذلك العلاقات الجنسية البشرية
فالزواج هو القناة الوحيدة التى يسمح فيها بالعلاقة الجنسية بين الجنسين .

ويشدد الإسلام على الوقاية من الجرائم الإجتماعية. والابتعاد عن الظروف والعوامل التى تساعد على انتشار هذه الجرائم ، وتنص الشريعة الإسلامية على عقوبات شديدة ضد جرائم الجنس كالزنا التي ينظر إليها  كونها مخالفة للشرائع المتعلقة بالمجتمع والعائلة .
يقول الله تعالي : " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائه جلدة ولا تاخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ، وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين . " [ سورة النور : 2 ] .
ويقول تعالي : " ولاتقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً " [ سورة الإسراء : 32 ]
ويشدد قانون العقوبات الإسلامي على استقرار وأمن العائلة والحياة الاجتماعية على حساب الحرية الفردية غير المحدودة . ويعتمد فى ذلك على التوجيهات والحكمة الإلهية التى تعتبر أحسن طريق لإيجاد المجتمع الآمن والسليم .
ينظر الاسلام الى العلاقة الجنسية بين الزوجين على أنها لاتهدف الى التناسل فقط ،بل هي استمتاع فيزيائي وإشباع غريزي . والاسلام وصف الزوجين وشبه كلاً منهما بأنه لباس للآخر .
يقول الله تعالي : " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ، هن لباس لكم وانتم لباس لهن " [ سورة البقرة : 187 ] .
يقول الله تعالي :
" يا أيها الناس أتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيراً ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً [ سورة النساء : 1 ]
ويقول الله تعالي :
" حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم واخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الاخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللائي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفوراً رحيماً " [ سورة النساء : 23 ] .
الزواج فى الإسلام هو حجر الأساس فى بناء العائلة وهو بالتالي أساس استقرار المجتمع والزواج نفسه هو عقد شرعي قانوني بين المرأة والرجل يتعاهدان فيه على الحياة المشتركة وفقاً للشريعة التى يؤمنون بها .

ويتصور الإسلام وجود علاقة بين الرجل والمرأة على أنها الشيء الطبيعي الذى ينبغي أن يكون . فهو يقر بأن الله قد جعل فى قلب كل منهما هوي للآخر وميلاً إليه . ولكنه يذكرهما بأنهما يلتقيان لهدف هو حفظ النوع . وتلك حقيقة لانحسبها موضع جدال . فمن المسلم به لدي العلم أن للوظيفة الجنسية هدفاً معلوماً ، وليست هي هدفاً بذاتها . فيقول القرآن الكريم : " نساؤكم حرث لكم " [ سورة البقرة الآية 223 ] فيحدد بذلك هدف العلاقة بين الجنسين بتلك الصور الموحية..
هذا هو قرآننا. وهذه هي الاخلاق التي علمنا إياها. فأين أولئك من هذه الاخلاق.
.صحيح أن الله عز وجل في القرآن أجاز في فترة تاريخية معينة ملك اليمين. لكنها الآن اصبحت بحكم المنتهية . ومع كل اسف كم سمعت من بعضهم في بعض الدول الاسلامية أن الخادمات من دول شرق أسيا هن بحكم ملك اليمين ، وكم يمارس عليهن انطلاقاً من هذه المفاهيم البالية اسوأ جرائم الاغتصاب. وانتشر اللواط في كثير من المجتمعات الاسلامية ، وكل ذلك له تبريره من خلال الثراث والتاريخ. لهذا أقول لأخواني أهل القرآن الطريق مازال في بدايته وما علينا إلا الاجتهاد والعمل للعودة الى كتاب الله وهذه أمانة في أعناقنا سنحاسب عليها يوم الحساب.

اجمالي القراءات 72376