خواطر في فلك نوح

دعاء أكرم في الإثنين ١٥ - أكتوبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

لبثت في قومك ألف عام إلا خمسين سنة، فما آمن إلا أهلك و”الأرذلون”،

أمرك الله أن تصنع الفلك بوحيه،

سخروا منك ولم يفهموا ما ذلك الذي تصنعه، ولم يتعظوا، لأي غاية أنت عامل، وبأي أمر تأتمر، وبأي وحي تعمل!

وسخرت أنت منهم، فالثقة في الله لا متناهية في نفسك، نعم سنسخر منكم أيها الجاهلون.

وأمرك الله لتحمل معك في الفلك أهلك والمؤمنون ومن كل زوجين اثنين،

وقال الله (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )

فما ذاك الفلك الذي حملت فيه البشر والدواب والثمار مما علمنا وما لم نعلم.

ما هي الهندسة التي استعنت بها، كيف رسمت المخطط لتفصيل أجزاء ذلك الفلك المشحون؟؟

كيف صممت انسيابية السفينة وزواياها، وتقسيمها وطبقاتها، كيف وازنت ذلك الحجم الهائل للشاحنة البحرية التي سينجو عليها الخلائق من الطوفان القادم لأخذ القوم الظالمين؟

كيف كان التصميم الداخلي ذلك الفلك ليضمن نجاة البشر من أزواج السباع والضباع والضواري المحمولة معهم؟

كيف قسمت تلك الطبقات لتحمل فيها الأشجار والثمار والزروع والأزهار؟

هل كان هناك فراشات، ونحل، ونمل، وعناكب، ودويبات أخرى؟؟ كيف حميتها من أن تسحقها الأفيال، والأنعام، أو تأكلها الطيور؟؟

كيف صممت مخازن الطعام لكل نوع من أنواع الكائنات التي حملتها؟ كيف كان شكلها؟ هل عَلِمَتْ كل من تلك الخلائق مشربهم ومأكلهم؟؟

هل كان هناك شراع؟؟ أو أشرعة؟؟ أم أنها تابوت مغلق يمخر عباب الماء، ويجري بانسيابية في الموج العاتي إلى أن تقلع السماء وتبلع الأرض الماء؟

كيف صممت نظام تصريف الماء الداخل إلى الفلك من فتحات الهواء؟؟

والمرساة، كيف كانت؟؟ هل كان هناك مرساة؟ أو أثقال لحفظ اتزان الفلك على الماء؟؟

والدفة، والمقود؟ ماذا عنها؟؟ الفلك تجري بأمر الله ولكن أكان سيرها بتوجيه منك ومن معك، أم أنها مصممة كي تتقاذفها الأمواج إلى أن يشاء الله؟

كيف جلستم فيها؟ وكيف نمتم؟ وكيف صليتم؟ وأنتم تدعون الواحد القهار أن أنجنا يا ربنا من الطوفان وعذاب النار!

لقد ناديتم عليها أن ( ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ)

أتكون يا نوح المهندس الأول الذي تعلم صناعة السفن؟؟ فأنت كذلك، بلا شك. 

فالعلم والوحي من الله تعالى، لتصنع الفلك بأعين الله وبيديك.

لقد أنزل الله مائدة على أصحاب عيسى، مائدة حافلة بما حفلت به، من السماء.

أما الفلك فلم يكن كذلك!

لقد كان عليك أن تتبع الوحي وتعمل عقلك وتطبق بيدك مخططا هندسيا مذهلا من زوايا وأرقام وحسابات وبناء ما صممه الله لنجاة المؤمنين.

وأنت يا نوح، صنعتها بوحي الله وأعينه، فأي تطبيق لعلم دقيق، وأي وحي هذا؟؟

قلت للمؤمنين ( ٱرْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)

ما عصمت الجبال من لجأ إليها من الكافرين، أي موج ذاك طافت عليه تلك الفلك؟؟

وجرت في موج كالجبال،وغرق القوم الظالمين،

(وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ وَيٰسَمَآءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ ٱلْمَآءُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَٱسْتَوَتْ عَلَى ٱلْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ)،

(قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ )

وجعل الله الفلك آية، فأين نحن من تلك الآية؟؟ وأين نحن من علم تصميم السفن بهذا الشكل؟ وأين نحن من تدبر كتاب الله وآياته وأنباء الغيب؟؟

اجمالي القراءات 7127