متى نفطر ومتى نبدأ الصيام

فوزى فراج في الإثنين ٠١ - أكتوبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

متى نفطر ومتى نبدأ الصيام


هذا المقال القصيرالبسيط كتبته لأخى الفاضل الأستاذ ابراهيم دادى الذى اثار موضوع وقت الافطار فى مقاله ( ثم اتموا الصيام الى الليل), وهو تساؤل موضوعى ومنطقى منه, وقد أثار الأستاذ إبراهيم الكثير من المواضيع الهامة من قبل, واثار سؤاله هذه المره اخى أحمد صبحى فكتب مقالا بعنوان ( الليل والنهار فى الإعجاز العلمى للقرآن ) ونشر اول جزء منه, ولا أعرف كم جزءا تبقى, والدكتور احمد كاتب “محترف ”, لايكشف اوراقه فى بداية المقال او الكتاب, بل يبقى نتائج البحث فى العادة حتى ينتهى او يكاد ان ينتهى البحث, وسأترك له بحث تعريف الليل والنهار طبقا لتخصصه وخبرته القرآنيه, ولكنى سأتعرض للموضوع من خلال منفذ اخر وبطريقة أخرى ولنقل طريقة عملية.


لقد قال الله عز وجل, يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون . ومن هذا نرى ان الصيام ليس فرضا جديدا على المسلمين فقط, والآيه الكريمه تفيد بذلك, ولست على وشك ان ادخل فى حيثيات الصيام الذى كتب على الذين كانوا من قبل المسلمين وهل كان يمارس بنفس الطريقة أم بطرق اخرى فهذا موضوع اخر.


ثم يقول عز وجل (شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ), ومن ذلك نفهم ان شهر رمضان هو الشهر الذى امر الله فيه بالصيام, وليس هناك اى اختلاف فى ذلك, غير ان شهر رمضان لم يسمى بهذا الأسم من أجل الصيام, ولم يكن اسما مجهولا لدى العرب ثم عرف بعد القرآن. لقد كان الأسم معروفا تماما لأهل المنطقه, كما كانت أسماء الأشهر الأخرى فى التقويم العربى معروفة هى الأخرى. ومن البديهى والمنطقى ان يعرف الجميع كيف كانت عدة الشهور, اى متى بدأ شهر ما ومتى انتهى, بمعنى اصح, قبل ان يأتى الاسلام, كان سكان المنطقه ممن يتداولون اسماء الشهور العربيه على علم بتحديد الوسيلة التى يستدلون بها على متى يبدأ شهر رمضان ومتى ينتهى ليبدأ من بعده شهر شوال....الخ. ومن ثم نجد ان الحديث المنسوب الى الرسول ( صوموا لرؤيته ) يعتبر نوعا من الأستخفاف بالعقول , فإن كان العرب قد عرفوا من قبل تلك الأشهر بكل مسمياتها, فمما لا شك فيه انهم قد عرفوا أيضا متى يبدأ كل شهر منها ومتى ينتهى والحديث فى ذلك لا داعى له.

نأتى الآن الى ما قاله الله عز وجل (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ثم اتموا الصيام الى الليل), وكان ذلك هو ما أثاره اخى ابراهيم دادى.

 
فى مجتمع صحراوى بدوى, فى وقت لم تكن هناك ساعة يد او ساعة حائط, تصرف الناس فى حياتهم اليومية معتمدين اعتمادا كاملا تاما على الظواهر الطبيعيه من حيث النور والظلام والشمس والقمر والنجوم, ومن حيث الطقس الحار والبارد...الخ, ولذلك نرى ان القرآن لم يقل شيئا مطلقا عن الساعة الثانية عشر او الساعه الرابعة ظهرا او ليلا, ولكن اشار فى كل مرة الى تلك الظواهر الطبيعيه والتى نعرف انها تختلف على مدار السنه كما تختلف بإختلاف المكان على سطح الأرض, وعندما اراد الله ان يحدد موعد الأنقطاع والتوقف عن الأكل والشرب, حدده بتبين الخيط الأبيض من الخيط الاسود. ولنا ان نتخيل فى ظلام الليل ودون الأستعانه بأى مصدر صناعى للضوء, لايستطيع الإنسان ان يفرق بين الخيط الأبيض والخيط الأسود وهذا من الناحية النظريه يعتبر صحيحا. ولكن .....هل حقا لايمكن ان نتبين الخيطين فى ظلام الصحراء ليلا ؟؟ الحقيقة ان رغم الظلام ليلا, فهناك من ضوء النجوم, خاصة عندما تكون السماء صافية بلا سحب. ما يكفى عادة لكى نتبين ونفرق بين الخيطين, بل لا ننسى ايضا ان القمر فى احيان كثيرة وليالى كثيرة من الشهر يرسل من الضوء ما يكفى كى نتبين الفرق بينهما, اضف الى ذلك ان هناك أيضا عوامل جوية مثل البرق الذى يمكن ان يساعد بسهولة على التفريق بين الخيط الأبيض والخيط الأسود, ولا أريد ان اذكر هنا دولا فى اقصى الشمال التى لا يأتيها الظلام الكامل لمدة ستة شهور فى السنه, اى ان الخيط الأبيض والأسود لايمكن ان يخطئهما انسان هناك, وقد اثير هذا الموضوع عن الصيام فى بلاد الشمال على هذا الموقع من قبل.


اذن ما حكاية الخيط الأبيض والخيط الأسود , لقد قال الله سبحانه وتعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر, واعتقد والله اعلم, ان السر هنا يكمن فى كلمة ( من الفجر), اى ان الله قد حدد الفجر كنقطة بداية الصيام, والفجر هو اول خيط من النور, او أول شعاع من النور, اى اذا افترضنا ان هناك اشعة سوداء , وكانت هناك بنسة 100% قبل الفجر فالصيام لايبدأ بعد, ولكنه يبدأ عند دخول اول شعاع ابيض, او اول شعاع مضيئ . والضوء الذى يغير الصوره مصدره الشمس كما يعرف الجميع, اذن فالشمس تدخل المعادله بطريقه مباشرة لأنها هى مصدر الشعاع الضوئى الأبيض الأول الذى يبدأ معه الصيام.

 
وبنفس المنطق, عندما تغرب الشمس, وبعد ان كانت الأشعه البيضاء او أشعة الضوء بمعدل 100%, فعند غروبها, وفى لحظة الغروب تماما تبدأ اول اشعه سوداء فى الظهور. اما مسأله ان المؤذن يؤذن للصلاه ولا زالت اشعة الشمس تعانق رؤوس الشجر, فهذا موضوع اخر, اذ يجب ان يؤذن للصلاه عندما تختفى الشمس من الأفق وهذا هو تعريف الغروب, ودعنا نستعرض بعض الأمثله التى ربما قد تلقى بعضا من الضوء على هذه النقطه.


نفترض اننا انا وانت نعيش فى نفس المكان ولست اقول فى نفس المدينه فقط, او نفس الحى فقط, بل فى نفس المبنى وليكن احدى ناطحات السحاب, انا اسكن فى الدور الأرضى, وسيادتك تسكن فى الطابق رقم 325 مثلا فى اعلى ناطحات السحاب, وكلانا يراقب الشمس فى لحظة الغروب ترقبا للأفطار, فعندما ارى انا قرص الشمس قد اختفى تماما من الأفق, فأنت من موقعك العالى جدا ترى ان الشمس لم تغرب بعد, بل ترى جزءا كبيرا منها. وفى هذه الحاله ورغم اننا كلانا يعيش فى نفس المكان بل وفى نفس المبنى, إلا اننا نرى شيئين مختلفين, وقد يكون الفرق الوقتى عدة دقائق, بل اذا افترضنا اننا نعيش افقيا على بعد امتار كل من الأخر, غير انى اعيش فى سفح الجبل وانت تعيش فى اعلاه, فقد يكون الفارق الوقتى اكثر من عده دقائق فى تقدير غروب الشمس. بل ينتقل ذلك ايضا الى شروق الشمس او الفجر بمعنى اصح فأنت سوف ترى اول خيط قبل ان اراه انا بمراحل, وبذلك فسيادتك سوف تبدأ صيامك قبلى, وسوف تفطر كذلك بعدى والفارق الزمنى هنا يتحدد بفارق الإرتفاع كل عن الأخر.


المثال الثانى نفترض اننا انا وانت والدكتور احمد بدأنا الصيام ولنقل فى الخامسه صباحا بتوقيت نيويورك فى مدينه نيويورك, وبعد الفجر اوصلنا د. احمد الى مطار كينيدى , انت فى طريقك الى شمال افريقيا وأنا لنقل فى طريقى الى سان فرانسيسكو. كلانا يركب الطائرة ولنقل فى درجة اولى, ليس هناك مجهود يذكر, الجو مكيف, يمكنك النوم او القراءة او مشاهده فيلم او سماع موسيقى,كما لو كنت فى يوم اجازتك فى منزلك,ليس هناك ما يبرر مشقة السفر وصعوبته التى تحلل الإفطار( كما قال سبحانه وتعالى , مريضا او على سفر فأقترن المرض بالسفر), وبعد حوالى سبعة ساعات تقريبا, وصلت سيادتك الى مدينتك فى شمال افريقيا, ووصلت انا فى نفس الوقت الى سان فرانسيسكو, الوقت فى هذه اللحظه لدى د. احمد هو الثانية بعد الظهر, وعليه ان يصوم خمس ساعات اخرى حتى الإفطار, بينما سيادتك قد وصلت والوقت هناك هو السابعه مساء وقد غربت الشمس وقد حان موعد الإفطار , ومن حقك شرعا ان تفطر, اما انا فالوقت هو الحادية عشر قبل الظهر ولا زال امامى ثمانيه ساعات اخرى قبل ان تغرب الشمس وقبل ان افطر. اى اننا بدأنا الصيام فى نفس الوقت, وبنما تفطر سيادتك شرعا, د. احمد عليه ان ينتظر خمس ساعات أخرى , اما انا فعلى ان انتظر ثمانى ساعات اخرى,فما رأيك فى ذلك قياسا الى موضوع الدقائق التى هى محل التساؤل عن غروب الشمس.


اخيرا, لم اعرف احدا من اى من الذاهب الإسلاميه وقد اختلف على ان موعد الإفطار هو غروب الشمس, سواء من السنه او الشيعه او خلافهم مع اختلاف ما يؤمنون به من احاديث ومحدثين, كذلك لا أدرى ما هو السيناريو الذى كان قد حدث وبناء عليه تغير موعد الإفطار لدى كافة المسلمين فى اقطار العالم عما كان عليه إبان عهد الرسول, ومن الذى غيره وكيف, ومتى . اننى ارى ذلك مثله مثل الصلاة التى تواترت بين المسلمين منذ رسول الله ولم تختلف فى طريقتها او عدد ركعاتها بين شتى الطوائف من المسلمين.


وبناء عليه, سوف افطر اليوم ان شاء الله عند غروب الشمس, ولأن موضوع غروب الشمس فى حد ذاته لم يعد متوقفا على كل فرد ان يحدده او يراه بنفسه, وقد يكون صعبا خاصة مع بعض العوامل الجويه او الجغرافية التى قد تجعل من الصعوبة معرفته بدقة,فإننى الجأ الى العلم فى معرفة موعد الغروب, وقد قدم لى العلم مواعيد الغروب مقدما لمدة شهر بحسابات علمية لم تخطئ ولم يتم اثبات عدم دقتها حتى الأن, وهذا ما أرجع له قبل ان ان اقول, اللهم بإسمك صمت وعلى رزقك افطرت.


تحياتى وكل عام وانتم بخير وكل فطور بصحة وعافية.

اجمالي القراءات 55664