قراءة فى كتاب المسح على الرجلين في الوضوء

رضا البطاوى البطاوى في الأحد ٠٧ - أبريل - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة فى كتاب المسح على الرجلين في الوضوء
الكتاب من تأليف علي الحسيني الميلانى وهو من إصدارات مركز الأبحاث العقائدية الشيعى برعاية السيستانى وموضوع الكتاب هو الموازنة بين الشيعة والسنة فى المسح على الرجلين في الوضوء والموضوع كما قال الميلانى فى المقدمة مختلف فيه وهو قوله:
"بحثنا في مسألة المسح على الرجلين في الوضوء وهي مسألة علمية تحقيقيّه فقهيّة مطروحة في كتب العلماء في الفقه والكلام والحديث والتفسير وأُلّفت في هذه المسألة رسائل كثيرة لكون المسألة تتعلّق بالوضوء والوضوء مقدّمة الصلاة والصلاة عمود الدين فريضة يقوم بها كلّ فرد من المكلّفين في كلّ يوم ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يصلّي بالناس ولعلّه كان يتوضّأ أمامهم وفي حضورهم والصحابة أيضاً لا سيّما الملازمون له المطّلعون على جزئيّات حالاته لابدّ وأن يكونوا على اطّلاع من وضوئه (ص)ومع هذه التفاصيل وتعليم النبي (ص)الوضوء للناس نرى هذا الخلاف الشديد بين المسلمين في كيفيّة الوضوء "
وقد طرح الميلانى أقوال الفريقين فى المسألة حيث أوجب الشيعة المسح بينما اختلف السنة بين القول بالغسل وهو الرأى الشائع وبين القول بالمسح وهو رأى فريق كبير منهم ولكنه لا يعمل به والآن نورد ما ذكره الميلانى من أقوال فى المسألة:
"الأقوال في المسألة:
الأقوال في هذه المسألة متعدّدة فأجمعت الشيعة الإماميّة الاثنا عشريّة على أنّ الحكم الشرعيّ في الوضوء هو المسح على الرجلين على التعيين بحيث لو أنّ المكلّف غسل رجله وحتّى لو جمع بين الغسل والمسح بعنوان أنّه الواجب والتكليف الشرعي يكون وضوؤه باطلاً بالإجماع
هذا رأي الطائفة الإماميّة ولهم على هذا الرأي أدلّتهم من الكتاب والسنّة المرويّة عن أئمّة أهل البيت وقد ادّعي التواتر في الروايات الدالّة على وجوب المسح دون الغسل بل ذكر أنّ المسح في الوضوء من ضروريّات هذا المذهب إذن لا خلاف بين الشيعة الإماميّة في وجوب المسح على التعيين ولهم أدلّتهم وأمّا الآخرون فقد اختلفوا:
منهم من قال بوجوب الغسل على التعيين وهذا قول الأئمّة الأربعة والقول المشهور بين أهل السنّة ومنهم من قال: بوجوب الجمع بين المسح والغسل وينسب هذا القول إلى بعض أئمّة الزيديّة وإلى بعض أئمّة أهل الظاهر ومن أهل السنّة من يقول بالتخيير فله أن يغسل وله أن يمسح"

وبعد ذلك ناقش الرجل ما جاء فى المسح فى الوضوء فى القرآن واختلاف القراءات فى كلمة وأرجلكم فيها فقال :
"الاستدلال بالقرآن على المسح:
أمّا في الكتاب فقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلى الْكَعْبَيْنِ)
ومحل الشاهد والاستدلال في هذه الآية كلمة (وَأَرْجُلَكُمْ)
في هذه الكلمة ثلاثة قراءات قراءتان مشهورتان: الفتح والجر (وَأَرْجُلَكُمْ) (وَأَرْجُلِكُمْ) وقراءة شاذّة وهي القراءة بالرفع: (وَأَرْجُلُكُمْ)
القراءة بالرفع وصفت بالشذوذ يقال: إنّها قراءة الحسن البصري وقراءة الأعمش ولا يهمّنا البحث عن هذه القراءة لانّها قراءة شاذّة ولو أردتم الوقوف على هذه القراءة ومن قرأ بها فارجعوا إلى تفسير القرطبي وإلى أحكام القرآن لابن العربي المالكي وإلى غيرهما من الكتب كتفسير الألوسي وتفسير أبي حيّان البحر المحيط وفتح القدير للشوكاني يمكنكم الوقوف على هذه القراءة والوجه في الرفع (وَأَرْجُلُكُمْ) قالوا بأنّ الرفع هذا على الابتداء (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلُكُمْ) هذا مبتدأ يحتاج إلى خبر فقال بعضهم: الخبر: مغسولة وأرجلكم مغسولة فتكون هذه الآية بهذه القراءة دالّة على وجوب الغسل لاحظوا كتاب إملاء ما منّ به الرحمن في إعراب القرآن لأبي البقاء وهو كتاب معتبر هُناك يدّعي بأنّ كلمة (وَأَرْجُلُكُمْ) بناء على قراءة الرفع مبتدأ والخبر مغسولة فتكون الآية دالّة على وجوب الغسل لكنّ الزمخشري وغير الزمخشري من كبار المفسّرينيقولون بأنّ تقدير مغسولة لا وجه له لانّ للطرف الأخر أن يقدّر ممسوحة ومن هنا يقول الألوسي : وأمّا قراءة الرفع فلا تصلح للاستدلال للفريقين إذ لكلّ أن يقدّر ما شاء القائل بالمسح يقدّر ممسوحة والقائل بالغسل يقدّر مغسولة نرجع إلى القراءتين المشهورتين أو المتواترتين بناء على تواتر القراءات السبع أمّا قراءة الجر (وَأَرْجُلِكُمْ) وجه هذه القراءة واضح لانّ الواو عاطفة تعطف الأرجل على الرؤوس الرؤوس ممسوحة فالأرجل أيضاً ممسوحة (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ) بناء على هذه القراءة تكون الواو عاطفة والأرجل معطوفة على الرؤوس وحينئذ تكون الآية دالّة على المسح بكلّ وضوح أمّا بناء على القراءة بالنصب (وَأَرْجُلَكُمْ) الواو عاطفة وأرجلكم معطوفة على محلّ الجار والمجرور على محلّ رؤوسكم ومحلّ رؤوسكم منصوب والعطف على المحل مذهب مشهور في علم النحو وموجود ولا خلاف في هذا على المشهور بين النحاة وكما أنّ الرؤوس ممسوحة فالأرجل أيضاً تكون ممسوحة فبناء على القراءتين المشهورتين تكون الآية دالّة على المسح دون الغسل وهذا ما يدّعيه علماء الإماميّة في مقام الاستدلال بهذه الآية المباركة
ولننظر هل لأهل السنّة أيضاً رأي في هاتين القراءتين أو لا وهل علماؤهم يوافقون على هذا الاستنتاج بأنْ تكون القراءة بالنصب والقراءة بالجرّ كلتا القراءتان تدلاّن على وجوب المسح دون الغسل أو لا ؟
أمّا الإماميّة فلهم أدلّتهم وهذا وجه الاستدلال عندهم بالآية المباركة كما قرأنا تجدون الاعتراف بدلالة الآية المباركة ـ على كلتا القراءتين ـ على وجوب المسح دون الغسل تجدون هذا الاعتراف في الكتب الفقهيّة وفي الكتب التفسيريّة بكلّ صراحة ووضوح وأيضاً في كتب الحديث من أهل السنّة أعطيكم بعض المصادر: المبسوط في فقه الحنفيّة للسرخسي شرح فتح القدير في الفقه الحنفي المغني لابن قدامة في الفقه الحنفي تفسير الرازي غنية المتملّي حاشية السندي على سنن ابن ماجة تفسير القاسمي هذه بعض المصادر التي تجدون فيها الاعتراف بدلالة الآية المباركة على كلتا القراءتين بوجوب المسح وحتّى أنّ الفخر الرازي يوضّح هذا الاستدلال ويفصّل الكلام فيه ويدلّل عليه ويدافع عنه وكذا غير الفخر الرازي في تفاسيرهم وفي هذه الكتب لو نراجعها نرى أموراً مهمّة جدّاً:

الأمر الأول:
إنّ الكتاب ظاهر ـ على القراءتين ـ في المسح على وجه التعيين
الأمر الثاني:

يذكرون أسماء جماعة من كبار الصحابة والتابعين وغيرهم القائلين بالمسح دون الغسل وسنذكر بعضهم
الأمر الثالث:
إنّهم يصرّحون بأنّ الكتاب وإنْ دلّ على المسح فإنّا نقول بالغسل لدلالة السنّة على الغسل "
ثم ذكر الميلانى ما ورد فى كتب أهل السنة من مناقشات الفقهاء فى الآية فقال:
"مناقشات القوم في الاستدلال بالقرآن وردّها:
المناقشة الأولى:
إنّ قراءة النصب في أرجلكم ليس هذا النصب بالعطف على محلّ رؤوسكم كما ذكرنا وإنّما هو لأجل العطف على الوجوه والأيدي فكأنّه قال: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم فإذن يجب الغسل لا المسح والنصب ليس للعطف على محل رؤوسكم وإنّما العطف على لفظ الوجوه والأيدي ولفظ الوجوه والأيدي منصوب وأرجلكم منصوب
إذن يسقط الاستدلال بالآية المباركة ـ على قراءة النصب ـ لوجوب المسح دون الغسل بل تكون الآية دالة على الغسل دون المسح بناء على صحّة هذا الوجه هذا الإشكال تجدونه في أحكام القرآن لابن العربي المالكي يقول: جاءت السنّة قاضيّة بأنّ النصب يوجب العطف على الوجه واليدين النصب في أرجلكم بمقتضى دلالة السنّة لابدّ وأنْ يكون لأجل العطف على الوجه واليدين لا لأجل العطف على محلّ رؤوسكم وقد ذكر ابن العربي المالكي بأنّ هذا الذي أقوله هو طريق النظر البديع
ردّ المناقشة الأولى:

لكنّ المحققين منهم يردّون هذا الوجه ويجيبون عن هذا الإشكال ويقولون: بأنّ الفصل بين المتعاطفين بجملة غير معترضة خطأ في اللغة العربية والقرآن الكريم منزّه من كلّ خطأ وخلط وكيف يحمل الكتاب على خطأ في اللغة العربيّة لاحظوا يقول أبو حيّان ـ وهو مفسر كبير ونحوي عظيم وآراؤه في الكتب النحويّة مذكورة ينظر إليها بنظر الاحترام ويبحث عنها ويعتنى بها ـ يقول معترضاً على هذا القول: بأنّه يستلزم الفصل بين المتعاطفين بجملة ليست باعتراض بل هي منشئة حكماً
قال: قال الأستاذ أبو الحسن ابن عصفور [ وهذا الاسم نعرفه كلّنا من كبار علماء النحو واللغة ] وقد ذكر الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه قال: وأقبح ما يكون ذلك بالجمل فدلّ قوله هذا على أنّه ينزّه كتاب الله عن هذا التخريج وتجدون هذا الاعتراض على هذه المقالة أيضاً في عمدة القاري وفي الغنية للحلبي وفي غير هذين الكتابين أيضاً
المناقشة الثانية:

قال بعضهم بأنّ لفظ المسح مشترك بين المسح المعروف والغسل أي في اللغة العربية أيضاً يسمى الغسل مسحاً وإذا كان اللفظ مشتركاً حينئذ يسقط الاستدلال قال القرطبي: قال النحّاس: هذا من أحسن ما قيل في المقام أي لانْ تكون الآية غير دالّة على المسح نجعل كلمة المسح مشتركة بين الغسل والمسح المعروف ثمّ قال القرطبي: وهو الصحيح فوافق على رأي النحّاس وراجعوا أيضاً: البحر المحيط وتفسير الخازن وابن كثير يذكرون هذا الرأى
ردّ المناقشة الثانية:
لكنّ المحقّقين لا يوافقون على هذا الرأي وهذه المناقشة عندهم مردودة ولا يصدّقون أن يقول اللغويون بمجيء كلمة المسح بمعنى الغسل وأن تكون هذه الكلمة لفظاً مشتركاً بين المعنيين لاحظوا مثلاً: عمدة القاري في شرح البخاري يقول بعد نقل هذا الرأي: وفيه نظر ويقول الصاوي في حاشية البيضاوي: وهو بعيد وصاحب المنار يقول: وهو تكلّف ظاهر فتكون هذه المناقشة أيضاً مردودة من قبلهم
المناقشة الثالثة:
إنّ قراءة الجرّ ليست بالعطف على لفظ برؤوسكم ليدلّ قوله تعالى في هذه الآية المباركة على المسح لا وإنّما هو كسر على الجوار
عندنا في اللغة العربيّة كسر على الجوار ويمثّلون له ببعض الكلمات أو العبارات العربيّة مثل: هذا جحر ضبٍّ خرب يقال: هذا كسر على الجوار
فليكن كسر (وَأَرْجُلِكُمْ) أيضاً على الجوار فحينئذ يسقط الاستدلال
أورد هذه المناقشة: العيني في عمدة القاري وأبو البقاء في
إملاء ما منّ به الرحمن والألوسي في تفسيره ودافع الألوسي عن هذا الرأي
ردّ المناقشة الثالثة:

لكنّ أئمّة التفسير لا يوافقون على هذا لاحظوا يقول أبو حيّان: هو تأويل ضعيف جدّاً ويقول الشوكاني: لا يجوز حمل الآية عليه ويقول الرازي وكذا النيسابوري: لا يمكن أن يقال هذا في الآية المباركة ويقول القرطبي قال النحّاس: هذا القول غلط عظيم وهكذا يقول غيرهم كالخازن والسندي والخفاجي في حاشيته على البيضاوي وغيرهم من العلماء الأعلام فهذه المناقشة أيضاً مردودة
المناقشة الرابعة:
يقولون إنّ الآية بكلتا القراءتين تدلّ على المسح يعترفون بهذا فقراءة النصب تدلّ على المسح وقراءة الجر تدلّ على المسح لكن ليس المراد من المسح أنْ يمرّ الإنسان يده على رجله بل المراد من المسح المسح على الخفّين حينئذ تكون الآية أجنبيّة عن البحث اختار هذا الوجه جلال الدين السيوطي واختاره أيضاً المراغي صاحب التفسير
ردّ المناقشة الرابعة:

لكن هذه المناقشة تتوقّف:
أوّلاً: على دلالة السنّة على الغَسل دون المسح وهذا أوّل الكلام
ثانياً: إنّ جواز المسح على الخفّين في حال الاختيار أيضاً أوّل الكلام فكيف نحمل الآية المباركة على ذلك الحكم وفي هذه المناقشة أيضاً إشكالات أُخرى "

وهذه المناقشات والاختلافات بين الفريقين وداخل الفريق الواحد لا مسوغ له فالغسل والمسح طبقا لتعاريف القومين نتيجتهما واحدة فالغسل يعنى أن يمس الماء الجلد بالصب بإناء أو بضرب الماء فى اليد على العضو أو بوضع العضو فى الماء والمسح هو أن يمس العضو الماء عن طريق اليد المبلولة أو حتى خرقة مبلولة أو ما شابه ومن ثم فالماء واصل للجلد فى الحالين والماء لا يدخل الجلد فى كلا الحالين حتى يكون هناك اختلاف فالمعنى الأصلى للكلمتين واحد وهو مس الماء العضو ومن ثم لا يوجد خلاف أساسا فى المسألة إلا الخلاف اللفظى وفى الواقع كل فرد فى تلك الفرق ينفذ الوضوء صحيحا
وأورد الميلانى بعد ذلك الاستدلال بالروايات عن أهل السنة فقال :
"الاستدلال بالسنّة على المسح:

وفي السنّة النبويّة ـ بغضّ النظر عن روايات أهل البيت وما في كتاب وسائل الشيعة وغير وسائل الشيعة من روايات أهل البيت (عليهم السلام) ـ ننظر إلى روايات أهل السنّة في هذه المسألة
وفي كتبهم المعروفة المشهورة نجد أنّ الروايات بهذه المسألة على قسمين وتنقسم إلى طائفتين منها ما هو صريح في وجوب المسح دون الغسل أقرأ لكم بعض النصوص عن جمع من الصحابة الكبار وننتقل إلى أدلّة القول الآخر

الرواية الاُولى:
عن علي : إنّه توضّأ فمسح على ظهر القدم وقال: لولا أنّي رأيت رسول الله فعله لكان باطن القدم أحقّ من ظاهره هذا نصّ في المسح عن علي أخرجه أحمد والطحاوي
الرواية الثانية:
عن علي قال: كان النبي يتوضّأ ثلاثاً ثلاثاً إلاّ المسح مرّةً مرّة في المصنّف لابن أبي شيبة وعنه المتقي الهندي
الرواية الثالثة:

عن علي إنّه توضّأ ومسح رجليه في حديث مفصّل وقال: أين السائل عن وضوء رسول الله ؟ كذا كان وضوء رسول الله (ص)هذا في مسند عبد بن حميد وعنه المتقي الهندي وهذا الخبر الأخير تجدونه بأسانيد أُخرى عند ابن أبي شيبة وأبي داود وغيرهما وعنهم المتقي وبسند آخر تجدون هذاالحديث الأخير في أحكام القرآن فأمير المؤمنين يروي المسح عن رسول الله وهم يروون خبره وأخباره في كتبهم المعتبرة بأسانيد عديدة
الرواية الرابعة:
عن ابن عبّاس: أبى الناس إلاّ الغسل ولا أجد في كتاب الله إلاّ المسح
رواه عبد الرزّاق الصنعاني وابن أبي شيبة وابن ماجة وعنهم الحافظ الجلال السيوطي

الرواية الخامسة:
عن رفاعة بن رافع عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين
وهذا نص صريح أخرجه أبو داود في سننه والنسائي في سننه وابن ماجه في سننه والطحاوي والحاكم والبيهقي والسيوطي في الدر المنثور قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين قال الذهبي: صحيحوقال العيني: حسّنه أبو علي الطوسي وأبو عيسى الترمذي وأبو بكر البزّار وصحّحه الحافظ ابن حبّان وابن حزم
الرواية السادسة:

عن عبد الله بن عمر كان إذا توضّأ عبد الله ونعلاه في قدميه مسح ظهور قدميه برجليه ويقول: كان رسول الله يصنع هكذا
الرواية السابعة:

عن عبّاد بن تميم عن عمّه: إنّ النبي توضّأ ومسح على القدمين وإنّ عروة بن الزبير كان يفعل ذلك هذا الحديث رواه كثيرون من أعلام القوم فلاحظوا في شرح معاني الآثار وفي الاستيعاب وصحّحه صاحب الاستيعاب وقال ابن حجر: روى البخاري في تاريخه وأحمد وابن أبي شيبة وابن أبي عمرو والبغوي والباوردي وغيرهم كلّهم من طريق أبي الأسود عن عبّاد بن تميم المازني عن أبيه قال: رأيت رسول الله يتوضّأ ويمسح الماء على رجليه قال ابن حجر: رجاله ثقات وروى هذا أيضاً ابن الأثير في أُسد الغابة عن ابن أبي عاصم وابن أبي شيبة
الرواية الثامنة:

عن عبد الله بن زيد المازني: إنّ النبي توضّأ ومسح بالماء على
رجليه ابن أبي شيبة في المصنَّف وعنه في كنز العمّال وابن خزيمة في صحيحه وعنه العيني في عمدة القاري

الرواية التاسعة:
عن حمران مولى عثمان بن عفّان قال: رأيت عثمان بن عفّان دعا بماء فغسل كفّيه ثلاثاً ومضمض واستنشق وغسّل وجهه ثلاثاً وذراعيه ومسح برأسه وظهر قدميه رواه أحمد والبزّار وأبو يعلى وصحّحه أبو يعلى
الرواية العاشرة:

ابن جرير الطبري بسنده عن أنس بن مالك: وكان أنس إذا مسح قدميه بلّهما قال ابن كثير: إسناده صحيح
الرواية الحادية عشرة:
عن عمر بن الخطّاب أخرج ابن شاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ عنه حديثاً في المسح ولاحظ عمدة القاري
الرواية الثانية عشرة:
عن جابر بن عبد الله الأنصاري كذلك أخرجها الطبراني في الأوسط وعنه العيني "
ويكرر الرجل ما سبق أن ذكره من اختلاف فقهاء أهل السنة فى الرجلين وهو أن فريق يوجب غسلهما والفريق الثانى يوجب مسحهما فيقول:
"ومن هنا نرى أنّهم يعترفون بذهاب كثير من الصحابة والتابعين إلى المسح لاحظوا أنّه اعترف بذلك ابن حجر العسقلاني في فتح الباري وابن العربي في أحكام القرآن وابن كثير في تفسيره هؤلاء كلّهم اعترفوا بذهاب جماعة من الصحابة والتابعين والسلف إلى المسح وفي بداية المجتهد لابن رشد: ذهب إليه قوم أي المسح وأمّا رأي محمّد بن جرير الطبري صاحب التاريخ والتفسير فقد نقلوا عنه الردّ على القول بتعيّن الغسل وهذا القول عنه منقول في تفاسير: الرازي والبغوي والقرطبي وابن كثير والشوكاني في ذيل آية الوضوء وكذا في أحكام القرآن وفي شرح المهذّب للنووي والمغني لابن قدامة أيضاً وفي غيرها من الكتب "
وبعد هذا يورد الميلانى أدلة القائلين بالغسل من فقهاء أهل السنة فيقول:
"ننتقل الآن إلى دليل القائلين بالغسل من أهل السنّة
أمّا من الكتاب فليس عندهم دليل قالوا: نستدلّ بالسنّة فما هو دليلهم ؟إنّ المتتبع لكتب القوم لا يجد دليلاً على القول بالغسل إلاّ دليلين:
..الاستدلال بحديث «ويل للأعقاب من النار»
والعمدة هي رواية: «ويل للأعقاب من النار» وهي رواية عبد الله بن عمرو بن العاص هذه الرواية موجودة في البخاري وموجودة عند مسلم فهي في الصحيحين أقرأ لكم الحديث بالسند ولاحظوا الفوارق في السند والمتن:
قال البخاري: حدّثنا موسى حدّثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن يوسف ابن ماهك عن عبد الله بن عمرو قال: تخلّف النبي (صلى الله عليه وسلم)عنّا في سفرة سافرناها فأدركنا وقد أرهقتنا العصر ـ أي صلاة العصر ـ فجعلنا نتوضّأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته:
«ويل للأعقاب من النار ويل للأعقاب من النار ويل للأعقاب من النار» مرّتين أو ثلاثاً كرّر هذه العبارة هذا الحديث في البخاري بشرح ابن حجر العسقلاني وأمّا مسلم فلاحظوا: حدّثني زهير بن حرب حدّثنا جرير وحدّثنا إسحاق أخبرنا جرير عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو قال: رجعنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)من مكّة إلى المدينة ـ هذه السفرة كانت من مكّة إلى المدينة ـ حتّى إذا كنّا بماء بالطريق تعجّل قوم عند العصر فتوضّؤوا وهم عجال فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسّها الماء [ وهذه القطعة من الحديث غير موجودة عند البخاري وهي المهم ومحل الشاهد هذه القطعة ] فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسّها الماء فقال رسول الله: «ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء»

مناقشة الاستدلال بحديث «ويل للأعقاب من النار»
نقول: عندما نريد أن نحقّق في هذا الموضوع ـ ولنا الحقّ أنْ
نحقق ـ فأوّلاً نبحث عن حال هذين السندين وفيهما من تكلّم فيه لكنّا نغضّ النظر عن البحث السندي لانّ أكثر القوم على صحّة الكتابين
إذن ننتقل إلى البحث عن فقه هذا الحديث:
لاحظوا في صحيح البخاري: فجعلنا نتوضّأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته «ويل للأعقاب من النار ويل للأعقاب من النار» لكنْ لابدّ وأنْ يكون الكلام متعلّقاً بأمر متقدّم رسول الله يقول: «ويل للأعقاب من النار» وليس قبل هذه الجملة ذكر للأعقاب هذا غير صحيح
أمّا في لفظ مسلم: فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسّها الماء فقال: «ويل للأعقاب من النار» وهذا هو اللفظ الصحيح

..لاحظوا:يقول ابن حجر العسقلاني بعد أن يبحث عن هذا الحديث ويشرحه ينتهي إلى هذه الجملة ويقول: فتمسّك بهذا الحديث من يقول بإجزاء المسح ويقول ابن رشد ـ لاحظوا عبارته ـ: هذا الأثر وإنْ كانت العادة قد جرت بالاحتجاج به في منع المسح فهو أدلّ على جوازه منه على منعه وجواز المسح أيضاً مروي عن بعض الصحابة والتابعين
رسول الله لم يقل لماذا لم تغسلوا أرجلكم قال: لماذا لم تمسحوا على أعقابكم يعني: بقيت أعقابكم غير ممسوحة وقد كان عليكم أن تمسحوا على ظهور أرجلكم وحتّى الأعقاب أيضاً يجب أنْ تمسحوا عليها ويل للأعقاب من النار يقول صاحب المنار: هذا أصحّ الـأحاديث في المسألة وقد يتجاذب الاستدلال به الطرفان أي القائلون بالمسح والقائلون بالغسل
ولاحظوا بقيّة عباراتهم فهم ينصّون على هذا والحاصل: إنّ رسول الله لم يعترض على القوم في نوع ما فعلوا أي لم يقل لهم لماذا لم تغسلوا وإنّما قال لهم: لماذا لم تمسحوا أعقابكم «ويل للأعقاب من النار» وهذا نصّ حديث مسلم إلاّ أنّ البخاري لم يأت بهذه القطعة فأُريد الاستدلال بلفظه على الغسل ...فالحديث بنفس السند الذي في صحيح مسلم الدالّ على المسح لا الغسل بنفس السند يرويه أبو داود في سننه ويحذف منه ما يدلّ على المسح وهكذا صنع الترمذي في صحيحه والنسائي في صحيحه وابن ماجة في صحيحه ... أمّا النسفي فلو تراجعون تفسيره في ذيل الآية المباركة يقول هكذا: قد صحّ أنّ النبي رأى قوماً يمسحون على أرجلهم فقال: «ويل للأعقاب من النار» وكم فرق بين هذا اللفظ ولفظ مسلم "

..الاستدلال بحديث كيفية وضوء رسول الله ومناقشته
وأمّا الحديث الثاني الحديث الذي يروونه في كيفية وضوء رسول الله (ص)استدلّوا به على الغسل دون المسح وهو الحديث الذي يرويه حمران عن عثمان بن عفّان فظهر أنّ الحديث الذي يروونه عن حمران عن عثمان بن عفّان يروونه على شكلين: تارة يدلّ على المسح وتارة يدلّ على الغسل والسند نفس السند والراوي حمران نفسه لاحظوا في البخاري: حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي حدّثني إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب ـ هذا الزهري ـ أنّ عطاء بن يزيد أخبره: أنّ حمران مولى عثمان أخبره: أنّه رأى عثمان بن عفّان دعا بإناء فأفرغ على كفّه ثلاث مرّات فغسلهما ثمّ أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق ثمّ غسّل وجهه ثلاثاً ويديه إلى المرافق ثلاث مرّات ثمّ مسح برأسه ثمّ غسل رجليه [ والحال قرأنا: مسح رجليه ] ثمّ غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين ثمّ قال: قال رسول الله: «من توضّأ نحو وضوئي هذا ثمّ صلّى ركعتين لا يحدّث فيهما نفسه غفر الله ما تقدّم من ذنبه» هذا الحديث في البخاري بشرح ابن حجر وفي مسلم أيضاً بنفس السند عن الزهري عن عطاء عن حمران عن عثمان بن عفّان وإذا لاحظتم الإسناد عبد العزيز بن عبد الله الأويسي: مذكور في المغني في الضعفاء للذهبي وقال أبو داود: ضعيف وذكره ابن حجر العسقلاني في مقدّمة فتح الباري فيمن تكلّم فيه ثمّ إبراهيم بن سعد: ذكره ابن حجر فيمن تكلّم فيه وأورده ابن عدي في الكامل في الضعفاء وعن أحمد كأنّه يضعّفه وقال صالح جزرة: ليس حديثه عن الزهري بذاك وأمّا ابن شهاب الزهري: ففيه ما فيه وأمّا حمران نفس الراوي عن عثمان ـ مولى عثمان هذا ـ: قال ابن سعد صاحب الطبقات: لم أرهم يحتجّون بحديثه غضب عليه عثمان فنفاه وأورده البخاري في الضعفاء وكذا الكلام في سند حديث مسلم وهو ينتهي إلى حمران أيضاً وبعد التنزّل عن المناقشة السنديّة في هذا الحديث المخرّج في الصحيحين والتسليم بصحة هذا السند تكون رواية حمران الدالّة على الغسل معارضة لرواية حمران الدالّة على المسح ويكون الخبران متعارضين حينئذ يعرضان على الكتاب وقد رأينا الكتاب دالاًّ على المسح دون الغسل "

بالقطع كل ما قاله الميلانى وما نقله هو نتيجة عدم التفكير فى كون معنى الغسل والمسح واحد وهو مس الماء الجلد أى تمرير الماء على الجلد كما فى وضع الرجل فى المغتسل كما فى قوله تعالى :
"واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب"
فضرب الرجل فى الماء هنا اغتسال كما تمرير اليدين على السوق والأعناق فى قوله تعالى :
"ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب إذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد فقال إنى أحببت حب الخير عن ذكر ربى حتى توارت بالحجاب ردوها على فطفق مسحا بالسوق والأعناق "
هو مسح أى وضع اليد على العضو
ولو كان هناك فارق بالفعل بين اللفظين فى المعنى فى الآية ما قال الله فى التيمم فامسحوا وكان المفروض حسب القوم أن يقول الله فى التيمم فاغسلوا وجوهكم وأيديكم بدلا من قوله:
"فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم"
فدل اللفظ على أن المسح هو نفسه الغسل أى تمرير الشىء على العضو فبدلا من تمرير الماء يمرر التراب وهو الصعيد الطيب
المشكلة هنا فى التعبير اللفظى عند الفرق ولكن التنفيذ عند الكل صحيح ومن ثم لا توجد إشكالية من الأساس ولا يوجد الخلاف إلا فى أنفس معينة لم تفقه الأمر كما يجب
وذكر الميلانى فى خاتمة بحثه كلاما عن سب وشتم وتحريف بين الفقهاء بسبب المسألة وهو أمر لا نحبذ أن نذكره هنا لكونه لا يفيد فى مناقشة المسألة

اجمالي القراءات 1101