لماذا القرآن وحده؟ (الجزء الثالث)

شريف هادي في الثلاثاء ٢١ - أغسطس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي عرض الامانة على السموات والارض والجبال فابين ان يحملنها وحملها الانسان وكان ظلموا جهولا ، واشهد ان لا إله إلا الله القائل انك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا ، واشهد ان محمدا رسول الله لعامة الانس وكافة الجن فاتبعوا الرسولا ، اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه حتى يأخذ كتابه بيمينه انه كان عنه مسئولا.

برجاء من الاستاذ / محمد تقي الدين ووعد مني على هذا الرجاء ، أكتب ردا على ما جاء بمداخلته المعنونة با&Oa;سم (الشريعية) المنشورة بتاريخ الثالث من اغسطس 2007

اقتباس (القرآنيون ياخذون بما نزل في القرآن الكريم وما تواتر من فعل الرسول عليه الصلاة والسلام ويتركون الاحاديث التي نقلت بعد وفاة الرسول عليه السلام، وبعض اهل الحديث ياخذون بالكل. هل هناك حل افضل يكون فيه طالب العلم والعالم الذي يبحث عن مسألة والفقيه مستنيرا دون شكوك؟ لهذا نشأ علم الحديث، علم الحديث ليس جمعا لما قاله وحدث به الصحابة والتابعين فقط، بل هو بالاساس تصنيف وترتيب الاحاديث و توثيقها، وكل الكتب التي بين ايدينا اليوم، علمية وادبية، عربية واجنبية تتبع هذا المنهج العلمي الذي اخترعه البخاري و مسلم ثم اتبعه تلاميذهما.)

الاخ الكريم وضع سؤالا ولم ينتظر الاجابة عليه بل قام هو بالاجابة ، ونعلم أن البعض يذهب إلي اعتبار ان البخاري ومسلم قد وضعا أسس منهج علمي دقيق في تصنيف الاحاديث وترتيبها ، يمكن من خلاله معرفة الحديث الصحيح فقط واتباعة مع التأكد من صحة نسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي الحقيقة كنت قد بدأت البحث والدراسة للرد على هذه النقطة ولكن كفاني مؤنة ذلك الاستاذ / سامر الاسلامبولي في مقالته المعنونة ( البخاري يضعف أحاديث مسلم) على الرابط http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=2287

ودعني أعرض منها الآتي: (قلت : إن البخاري وضع شروطاً لصحة الحديث ، منها ،أن يعاصر الراوي من يروي عنه ، ويلتقي به ولو مرة واحدة ،مع التصريح بذلك . أما مسلم فلم يشترط المقابلة واللقاء بين الرواة ، وإنما يكفي المعاصرة مع عدم التصريح بانتفاء اللقاء بينهما ، أي السكوت عن الأمر .

وهذا الاختلاف بين البخاري ومسلم ترتب عليه في الواقع رفض البخاري لمجموعة كبيرة من الأحاديث التي أخرجها مسلم لعدم تحقق شرطه بها ، وبالتالي تكون هذه الأحاديث التي انفرد مسلم بها ضعيفة عند البخاري حسب شرطه . وبهذا العمل يكون البخاري هو أول من ضَعَّف ورَدَّ أحاديث تلميذه مسلم ! فكيف تقول بأن الأمة تلقتهما بالقَبول !؟ أما مسلم فقد جرح الراوي ( عِكرمة مولى ابن عباس ) ورَدَّ حديثه إتباعاً لرأي المحدثين المختصين بالجرح والتعديل ، ولكن البخاري ترجح عنده عدالة ( عكرمة ) فروى عنه أحاديث كثيرة ؛ وهذا العمل من البخاري ترتب عليه أن يرفض مسلم كل أحاديث عكرمة، ويُضَعِّفُها ، وبذلك يكون أول واحد يرفض ويطعن بمجموعة من أحاديث شيخه البخاري ، ومن هذا الوجه ظهرت الأحاديث التي انفرد بها البخاري عن مسلم ، ومسلم عن البخاري . والانفراد بالحديث لأحدهما، دليل على ضعف الحديث عند الآخر .

مع العلم أنك لو حللت شَرطَي البخاري ومسلم، لوجدت أنهما مخالفان للمنطق، ولا وزن لهما البتة ، لأن شرط البخاري، اللقاء مرة واحدة بين الرواة لا يعطي الثقة والمصداقية لكل أحاديث وأخبار الراوي ،لاحتمال وقوع الكذب ،واستغلال اللقاء الوحيد، ووضع الأحاديث، أما شرط مسلم بالمعاصرة مع عدم التصريح بانتفاء اللقاء ، فهو عجيب وغريب! منذ متى كان عدم التصريح بانتفاء حصول شيء دليل على حصوله!؟ فموضوع الجرح والتعديل، وتصحيح الحديث أو تضعيفه، يخضع لمِزاج وذوق المحدِّث ،ومستواه الثقافي، وولاؤه السياسي ، ومن هذا الوجه نلاحظ أن الإمام فلان ثقة، إلاَّ إذا روى أحاديث متعلقة بآل البيت ،فإنه يتساهل بروايتها ، فيرفضها الآخرون !!.) وكذلك أعرض الآتي: (قلت : إن هذا ليس كلامي ، اسمع كلام أحد أئمة الحديث الكبار وهو العلامة ( التهانوي ) فقد ذكر في كتابه ( قواعد في علم الحديث ) تحقيق (أبو غدة) ما يلي : (( لاشك أن أصول التصحيح والتضعيف ظنية ، مدارها على ذوق المحدث والمجتهد غالباً ، فلا لوم على محدث ومجتهد يخالف فيها غيره من المحدثين والمجتهدين ، ألا ترى مسلماً قد خالف البخاري في بعض الأصول ...)).)

فعلم الاسناد يا أخي هو علم اللا علم ، لأنه قام عند البخاري على قاعدة ظنية مفادها أن الالتقاء ولو مرة واحدة يصحح النقل مع ما في القاعدة من عوار ، كما أنه قام عند مسلم على قاعدة أكثر ظنية بل موغلة في الظن ، وهي عدم التصريح بإنتفاء اللقاء ، فهل من المعقول يتم أثبات اللقاء بعدم التصريح بنفيه وعدم حدوثه؟

اقتباس (ولأن ظاهرة الكتابة والتدوين لم تكن من الشيوع والانتشار عند العرب بمستوى ظاهرة الرواية الشفهية كان اعتماد المحدثين من الصحابة على الرواية الشفهية أكثر منه على الرواية التحريرية وعلى هذا يبني القرآنيون رأيهم باسقاط كل ما في كتاب البخاري.)

يا أخي هذا الكلام ليس صحيحا على إطلاقة ، فمن قال أن الكتابة لم تكن شائعة عند العرب ، فماذا عن المعلقات وشعر زهير بن أبي سلمى وعنترة بن شداد العبسي ، وجميل وغيرهم من شعراء الجاهلية الذين وصلنا شعرهم مكتوبا ، فهل شعرهم أعلى درجة من كلام الرسول (ص) حاشا لله ، وماذا عن صحيفة قريش لمقاطعة رسول الله ، وماذا عن كتاب صلح الحديبية ، وماذا عن كتب رسول الله (ص) لملوك الارض في زمانهم ، ألم يكن كل هذا كتابة ، بل ماذا عن الوحي (القرآن) وقد كتب كله على عصر رسول الله (ص) وهل لو كانت الاحاديث النبوية تشكل مصدرا تشريعيا أكان يبخل عليها الرسول(ص) – حاشا لله – بالكتابة فيتركها لتضيع بين ترتيب وتصنيف جامعي الحديث فمنهم من يعتبر ما ليس بكلامه من كلامه ويصححه ومنهم من يعتبر ما هو كلامه ليس بكلامه ويضعفه؟

إذا فالكلام عن عدم شيوع ظاهرة التدوين ، أو عن اعتماد العرب على ظاهرة الحفظ لا يقوى أن يكون سببا لعدم كتابة الاحاديث ، لو أعتبرها الرسول عليه الصلاة والسلام أصلا تشريعيا لجرى عليها ما جرى على القرآن وهو كتابتها في صحف مستقلة ويؤتمن عليها بعض الصحابة كما حدث مع القرآن ويمكن التمييز بينهما بسهولة وهو التمييز بين أشخاص المؤتمنين على كل منها والله غالب على أمره ، ولكن أن تترك لقرونٍ ثلاثة بعد موت النبي (ص) ليجمعها الرواة ، ويقال أن الترك خوفا من أختلاطها بالقرآن المنزل ، من آمن بذلك خالف قوله تعالى "... والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون" يوسف 21 ، بل لا أكون مبالغا إذا قلت يكون قد خالف كل آيات القدرة ، فهل يعجز رب العزة سبحانه وتعالى عن حفظ أصل من أصول دينه الذي ارتضاه للبشر؟ ثم يأتي الرواة فيضعون درجات لقبول الحديث؟ فقد يضعفون صحيحا أو يصححون ضعيفا؟

ولنا هنا عدة وقفات نجزها فيما يلي :

أولا:القاعدة التي أتفق عليها أأمة المسلمين أن أحاديث الآحاد هي أحاديث ظنية الثبوت ولا تأخذ منها عقيدة ، كما لا يكفر من يجحدها ، ومن المعروف أن كل الأحاديث عن المنسوبة للرسول هي أحاديث آحاد فيما عدا ما يقل عن ثلاثين حديثا هم المتواترون.
والمعروف أن أهل القرآن يقبلون المتواتر ، فإن ما نرده من حديث هو الظني فقط ، وذلك اتباعا لقوله تعالى " وما لهم به من علم ان يتبعون الا الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئا"النجم 28
وتطبيقا لذلك فإن كل من يكفر أيا ممن يأخذ الدين من القرآن والسنة العملية المتواترة فقط هو غبي جاهل ، ومبتدع أثيم ، لأنه يكفر بعض من أهل القبلة دون سند من الدين ، إلا ظنهم فقط أن هؤلاء الاشخاص أنكروا ما هو معلوم من الدين بالضرورة ، وكيف يكون ظني ومعلوم من الدين بالضرورة؟ ، قال تعالى " وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ان يتبعون الا الظن وان هم الا يخرصون" الانعام 116

ثانيا: أتفق علماء الحديث أن الجرح مسبق على التعديل، ولو طبقنا هذه القاعدة على جميع السند ما خلا سند من عيب يضعفه ، لأن جميع العلماء تقريبا أصابهم الجرح والتعديل ، حتى أصحاب المذاهب الأربعة ، فلو وجد راوي عدله مائة عالم وجرحه عالم واحد ، فيكون جرحه أقرب من تعديله ويضعف حديثه.

ثالثا: القول بأن كل الصحابة عدول ، وتعريف مصطلح الصحابة بأنهم كل من أسلم وقابل الرسول (ص) ولو مرة واحدة ، وهذه القاعدة وهذا التعريف مخالف لصحيح القرآن وصريح التاريخ المنقول ، فأما عن مخالفته للقرآن فلنسمع ونتدبر قوله تعالى " ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخصام" البقرة 204 ، وقوله تعالى " وممن حولكم من الاعراب منافقون ومن اهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون الى عذاب عظيم " التوبة101 ، وقوله تعالى " يا ايها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا امنا بافواههم ولم تؤمن قلوبهم... الاية" المائدة 41 ، فكل هؤلاء كانوا من الصحابة والرسول (ص) وباقي الصحابة لا يعرفونهم والله سبحانه وتعالى وحده الذي يعلمهم ، فكيف بعد ذلك نقول كلهم عدول؟

أما عن صريح المنقول ، فلننظر للفتنة الكبرى من زاوية الرجال ، فقد انقسم الصحابة فيما بينهم أقسام ثلاثة ، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه ، الحاكم الشرعي وولي أمر المسلمين ومن معه ، ثم معاوية بن أبي سفيان ومن معه وهم الفئة الباغية ، والقسم الثالث غير معروفين وساحوا بين القسمين كلما بدأت نار الحرب تخبوا يزكوا الفتنة بين الطرفين وقد مردوا على النفاق ، ومن الطبيعي أن هذا القسم الثالث هم أيضا ممن يطلق عليهم صحابة ، وقد أكثروا في رواية الحديث خاصة في معسكر معاوية ليثبتوا أقدام الفئة الباغية ويجعلوهم يظنون أنهم على حق ، فكيف بعد موقعتي الجمل وصفين نقول أن كلهم عدول؟ وقد استحلوا دماء وأموال وأعراض بعضهم البعض.

أقتباس (ذكر تاريخياً وثبت عند علماء الحديث من أهل السنة أن بعض الصحابة كتب حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عهده، وأقر رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا الفعل منهم بما يعد سنة شريفة يستفاد منها جواز كتابة الحديث وتدوينه. ومما اشتهر من هذا 1- الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص. 2- الصحيفة الصحيحة برواية همام بن منبه عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله). 3- صحيفة سمرة بن جندب. 4- صحيفة سعدة بن عبادة الأنصاري. 5- صحيفة جابر بن عبد الله الأنصاري.)
وعن ذكر هذه الصحائف المنسوب كتابتها لبعض الصحابة على عهد رسول الله (ص) كذبا وزورا وبهتانا ، نقول وبالله التوفيق.

أولا:لم يصلنا من هذه الصحائف أي نسخة ، فلم تصلنا الصحائف الاصلية أو أي نسخ منها.

ثانيا:جائنا خبر هذه الصحائف من بعض أحاديث الآحاد وكل ما وصلنا من حديث عن هذه الصحائف معلول بعلة ما وهي أحاديث (ضعيفة)

ثالثا:لايوجد دليل واحد على أن هذه الصحف ان وجدت كتبت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فالظاهر: أنها كتبها سامعوها عنهم، أو أنهم كتبوها بعد عصر النبوة

ونأخذ الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص بشيء من التفصيل

أولا: الاحاديث التي اثبتت وجود هذه الصحيفة وعللها
الرواية الأولى

(أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المؤمَّل، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا عباس بن محمد بن حاتم، حدثنا محمد بن الصلت، حدثنا شريك عن ليث عن طاووس عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: الصادقة: صحيفة كتبتها عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله))

الرواية الثانية

(... حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارض، حدثنا إسماعيل بن عبد الله العبدي، حدثنا محمد بن سعيد، حدثنا شريك عن ليث عن مجاهد قال: قال عبد الله بن عمرو: ما يرغبني في الحياة إلاَّ خصلتان، الصادقة والوهط، فأمَّا الصادقة: فصحيفة كتبتها عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وأما الوهط، فأرض تصدق بها عمرو بن العاص كان يقومُ عليها)

الرواية الثالثة

(أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان، حدثنا الحسن بن عباس الرازي، حدثنا محمد بن حميد، حدثنا هارون بن المغيرة عن عنبسة، يعني ابن سعيد، عن ليث عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال: ما آسي على شيء إلاَّ على الصادقة والوهط، وكانت الصادقة صحيفة إذا سمع من النبي شيئاً كتبه فيها، والوهط كان جعلها صدقة)

تشترك هذه الروايات الثلاث في (ليث) ، فماذا قال أصحاب الجرح والتعديل في ليث؟ قال عبد الله عن أحمد عن أبيه: مضطرب الحديث ، قال عثمان بن أبي شيبة: سألت جريراً عن ليث ويزيد بن أبي زياد وعطاء بن السائب. فقال: كان يزيد أحسنهم استقامة... وكان ليث أكثر تمليكاً ، قال معاوية بن صالح عن ابن معين: ضعيف ، قال أبو معمَّر القطيعي كان ابن عيينة يقول: ضعيف ، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: ليث لا يُشتغل به، وهو مضطرب الحديث ، قال ابن سعد: كان رجلاً صالحاً، عابداً، وكان ضعيف الحديث. قال الحاكم أبو عبد الله: مُجَمعٌ على سوء حفظه ، وقال الجوزجاني بضعف حديثه

الرواية الرابعة

(حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن علي الوراق، حدثنا سعيد يعني ابن سليمان، حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبد الله، حدثنا مجاهد: قال: أتيتُ عبد الله بن عمرو، فتناولت صحيفة من تحت مفرشه، فمنعني، قلتُ: ما كنت تمنعني شيئاً! قال: هذه الصادقة، هذه ما سمعتُ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ليس بيني وبينه أحد، إذا سلمت لي هذه، وكتاب الله تبارك وتعالى والوهط، فما أبالي ما كانت عليه الدنيا)
وفيها(إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبد الله التميمي ت 164 هـ). قال علي: نحن لا نروي عنه شيئاً ، قال صالح بن أحمد عن أبيه: منكر الحديث، وليس بشيء ، قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: متروك الحديث ، قال معاوية بن صالح عن ابن معين: ضعيف ، قال البخاري: يتكلمون في حفظه. قال النسائي: ليس بثقة ، قال أبو زرعة: واهي الحديث ، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث

الرواية الخامسة

(أخبرنا أبو محمد عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي الديباجي وأبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزق الثاني وأبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان (...) قالوا: أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن زياد الألهاني، عن أبي راشد الميراثي قال: أتيتُ عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت له: حدثنا ما سمعت من رسول الله، فألقى بين يدي صحيفة. فقال: هذا ما كتب لي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنظرت فيها، فإذا فيها: إن أبا بكر الصديق قال: يا رسول الله علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت، فقال له رسول الله: يا أبا بكر قل: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، لا إله إلاَّ أنت، رب كل شيء ومليكه، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه، وأن اقترف على نفسي سوءً أو أجره على مسلم)
وفيها أبو راشد الميراثي قال فيه الحاكم: اشتهر عنه النصب كحريز بن عثمان

الرواية السادسة

أخبرنا عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق، حدثنا يحيى بن جعفر، أخبرنا علي بن عاصم، قال: كنتُ قاعداً مع الزبير بن عدي، فجاء دريد بن طارق فقعد إليه، فقال: حدثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قلنا يا رسول الله: إنا نسمَعُ منك أشياء لا نحفظها، أفنكتبها؟ قال: بلى اكتبوها)

الرواية السابعة

حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، حدثنا علي بن عاصم، قال: سمعتُ دريد بن طارق يحدث الزبير بن عدي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول الله اكتبُ ما اسمع منك؟ قال: نعم، قلتُ: في الـــغـــضــب والـــرضـــا؟ قال: نعم، فإني لا أقول إلاَّ حقاً)

الرواية الثامنة

حدثنا علي بن عاصم، أخبرنا دريد الخراساني والزبير بن عدي قاعد معه، قال: أخبرنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قلنا: يا رسول الله، إنَّا نسمَعُ منك أحاديث لا نحفظها، أفلا نكتبها؟ قال: بلى اكتبوها)

الروايات السادسة والسابعة والثامنة في سندها /علي بن عاصم (105 - 201). قال يعقوب بن شيبة... أنكر عليه كثرة الغلط والخطأ مع تماديه في ذلك ، قال وكيع: أدركت الناس والحلقة بواسط لعلي بن عاصم، فقيل له: كان يغلط ، وقال الفلاس: علي بن عاصم فيه ضعف ، وروي عن يزيد بن هارون، قال: ما زلنا نعرفه بالكذب ، قال ابن معين: ليس بشيء ، قال النسائي: متروك الحديث ، قال البخاري: ليس بالقوي عندهم

الرواية التاسعة

حدثنا يزيد بن بزيغ الرملي، عن عطاء الخراساني، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب، عن جده عبد الله بن عمرو أنه قال: يا رسول الله، إني أسمع منك أشياء أخاف أن أنساها، فتأذن لي بكتابتها؟ قال: نعم.
في سنده/ يزيد بن بزيغ ، ضعّفه الدارقطني وابن معين

الرواية العاشرة

حدثنا يحيى بن أيوب، حدثني عثمان بن عطا الخراساني عن أبيه عن عمرو بن شعيب، عن جده عبد الله بن عمرو، إنه قال: يا رسول الله إني أسمع منك أشياء أخاف أن أنساها، فتأذن لي بكتابتها؟! قال: نعم)
في سنده /عثمان بن عطاء (ت 155هـ): ضعَّفه مسلم، ويحيى بن معين والدارقطني، وقال الجوزجاني، ليس بالقوي، وقال ابن حزيمة: لا أحتج به

الرواية الحادية عشر

حدثنا حاتم بن الحسن الشاشي، حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا همام، حدثنا المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أنه قال للنبي (صلى الله عليه وآله): أكتب كل ما أسمع منك؟ قال: نعم. قال: في الغضب والرضا؟ قال: نعم...)
في سنده/ المثنى بن الصباح (ت 149 هـ): قال الفلاس: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عنه ، قال أحمد: لا يساوي حديثه شيئاً ، قال النسائي: متروك ، قال ابن عدي: الضعف على حديثه بيّن

الرواية الثانية عشر

حدثنا عبد الرحيم بن هارون الغسَّاني، حدثنا إسماعيل المكي عن داود بن شابور، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قلتُ للنبي (صلّى الله عليه وآله)، إني أسمع منك الشيء، فأكتبه؟، قال: اكتبه...).
في سنده/ عبد الرحيم بن هارون الغسَّاني: قال الدارقطني: متروك الحديث، يكذب ، وقد ساق ابن عدي أحاديث استنكرها.

الرواية الثالثة عشر

حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثني عبد الرحمن بن سلمان عن عقيل بن خالد، عن عمرو بن شعيب أن شعيباً حدثه، ومجاهداً أن عبد الله بن عمرو حدَّثهما: قال لرسول الله (صلّى الله عليه وآله): أكتب ما سمعت منك؟ قال: نعم...).
في سنده/عبد الرحمن بن سلمان الحجري: قال أبو حاتم: مضطرب الحديث ، قال البخاري: فيه نظر ، قال النسائي وغيره: ليس بالقوي.

الرواية الرابعة عشر

حدثنا سعد بن الصلت، حدثنا عطاء بن عجلان عن مكحول، عن قبيصة بن ذويب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، قال: استأذنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الكتاب، أن أكتب ما أسمع منه، فأذن لي...)
في سنده/ عطاء بن عجلان: قال ابن معين: ليس بشيء، كذاب ، وقال مرَّة: كان يوضَعُ له الحديث، فيحدث ، وقال الفلاس: كذاب ، وقال البخاري: منكر الحديث ، وقال أبو حاتم والنسائي: متروك ، وقال الدارقطني: ضعيف.
على أن هناك مفارقات واضحة تكتنفُ المتون، نشير إلى بعضها.

1 - الرواية الثانية والثالثة تبيّنان صراحة أن أقصى ما يرغبه عبد الله بن عمرو هو الصادقة والوهط، فيما تزداد فقرات الرغبة المذكورة أمراً جديداً في الرواية الرابعة، ألا وهو كتاب الله تعالى، رغم أن جميعها من طريق (مجاهد).

2 - إن الرواية الأولى تصرح أن عبد الله بن عمرو كان يكتب وليس بينَهُ وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحد، فيما تشير بكل وضوح الرواية الخامسة إلى حضور أبي بكر واشتراكه في العملية. بشكل من الأشكال.

3 - الرواية الثالثة لا تشير إلى خلوة عبد الله بالرسول أثناء الكتابة، وإنما هو يكتب ما يسمع من رسول الله وحسب، رغم أنها من طريق (مجاهد). هذه هي الروايات التي يستند عليها القوم لتأصيل الصحيفة الصادقة... فهي مخدوشة سنداً، ومتضاربة متناً.

ولكن الأمر لا يقف عند هذه الحدود، بل هناك طبائع الأشياء التي لا تساعد أن يظفر عبد الله بن عمرو بهذا الشرف الرفيع على غيره. وفيما يلي توضيح هذه الحقيقة...
إن عبد الله بن عمرو أسلم وعمره خمسة عشر عاماً وفي السنة الثامنة من الهجرة . أي قبل وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) بسنتين، ولم يكن من ذوي السابقة في الإسلام، بل كان أبوه وجده من الذين كادوا لرسول الله ودينه العظيم، فهل (من المقبول - والحالة هذه - أن يؤثره الرسول ولوحده كما تنص الرواية، بتلك المهمَّة الخطيرة التي تخص التشريع كله؟! إنه لأمر بعيد، ويدعو إلى أكثر من تساؤل، حتى لو سلَّمنا بواقع قدرته على الكتابة الفائقة).
إنه تساؤل يفرض نفسه بقوة مع وجود العديد من المفارقات التي يصعب تجاوزها بسهولة، بل إنها لتدعو إلى الشك بصحة وجود هذه الصحيفة.

والواقع: ليس السن وحده يدعو إلى مثل هذا الموقف أو التشكيك في أصل الصحيفة وصاحبها عبد الله بن عمرو
1 - قال جرير: كان المغيرة لا يعبأ بصحيفة عبد الله بن عمرو، وكان يقول: (ما يسرّني أن صحيفة عبد الله بن عمرو عندي بتمرتين أو فلسين).

2 - لم يرو البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص أكثر من سبعة أحاديث ، كما لم يرو مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أكثر من عشرين حديثاً.

3- إدعاء استقرار الصحيفة لدى حفيد عبد الله بن عمرو (عمرو بن شعيب) إن الذي يراجع ترجمة عمرو بن شعيب في الكتب الرجالية لا يقع على أي إشارة منه إلى هذه الصحيفة، وكل الإشارات التي تقرن بينه وبين الصحيفة إنما من آخرين، فيما من المنطقي جداً أن تكون محور حديثه وافتخاره وإشادته.

تعدّد طرق هذا الحديث

ربما يقول قائل: إن تعدّد طرق هذا الحديث عن عمرو بن شعيب يقوّيه، وفي هذا يتحدث رشيد رضا (يقول المحدثون في بعض الأحاديث حتى التي لم يصح لها سند، إن تعدد طرقها يقوّيها، وهي قاعدة للمحدثين لم يشر إليها الله في كتابه، ولا ثبتت في سنة عن رسوله، وإنما هي مسألة نظرية غير مطردة...)

اقتباس (ونلمس إقرار النبي (صلى الله عليه وآله) لكتابة حديثه على عهده، ونعرف موقفه من هذا مما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنهتني قريش وقالوا: تكتب كل شئ سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله، فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلاّ حق»)
ورغم ما بينا في هذا الحديث من ضعف في السند فاسمح لي أن أثبت لك عوار المتن ، فالسؤال الذي يطرح نفسه وبقوة في هذا الحديث أن تدوين عبد الله بن عمرو أو كتابته للحديث جاءت بعد إذن النبي، وإلاَّ فهو قد ارتكب محرَّماً... وعلى هذا الأساس كيف تجرؤ قريش على ردعه؟! خاصَّة وإن النبي قد أباح الكتابة كما ذهب الجمهور، وليس من ريب في ذلك على حد زعمهم فيكون من العسير قبول صدور هذا الردع من قريش بعد ترخيص رسول الله.

كما أن جميع الصحف التي ذكرتها تتأرجح الآحاديث الدالة على وجودها بين ضعف المتن وضعف السند أو كلاهما ، مع عدم وجود الصحف الاصلية أو أي نسخة منها ، فكيف بعد ذلك نؤمن بوجود هذا الهراء المسمى صحف كتبها بعض الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولنا سؤال أخير في هذا الموضوع لكل من لديه القدرة على الرد ، لو أن رسول الله قد أجاز كتابة الحديث وتدوينة ، فكيف يمنع ذلك أبو بكر وعمر اجتهادا مع أن القاعدة (لا اجتهاد مع وجود النص)؟ وأين ما كتبه الصحابة في هذا الصدد؟

ونصل للرد على سؤال أخي محمد تقي الدين ، لماذا تأخذ بالقرآن وهو اسناد وعنعنة الاولين؟ اليس هذا تقليد اعمى؟ ام ان الاسناد والعنعنة اختلفت في الحديث؟ رغم ان نفس الاشخاص الذين اسند اليهم القرآن هم من ورد عنهم الحديث؟

الإجابة:

أخي محمد هذه كلمة باطل يراد بها باطل ، فالقرآن لم يصلنا بالاسناد والعنعنة ، ولكن وصلنا مكتوبا في صحف مطهرة بيد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبرسم عثمان بن عفان ، وقد كتب القرآن جميعا على عصر رسول الله قال تعالى " وقالوا اساطير الاولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة واصيلا" الفرقان 5 ، وهذه الآية الكريمة تثبت أن الرسول كان يكتب القرآن بنفسه وإلا لا عبرة لقول كفار قريش (اكتتبها) وقولهم ( تملى عليه) ، كما قام ابو بكر بإعادة التدوين خوفا من موت الحفظة في حروب الردة ، ومعروف من هو أبو بكر اقرب الصحابة إلي قلب الرسول والذي ذكره رب العزة في القرآن بقوله تعالى " الا تنصروه فقد نصره الله اذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم" التوبة 40 ، وقام عثمان بتوحيد رسم المصحف وإعادة جمعه فيما يعرف بمصحف عثمان ، تم ذلك كله في وجود الصحابة رضوان الله عليهم جميعا والذي يستحيل كذبهم مجتمعين ، فأي اسناد بعد ذلك يعد هراء وكما يقول المصرييون(فذلكة) لا داعي لها ، أما ما آثرته عن القراءات فأنت بذلك قمت بالخلط بين القرآن الذي وصلنا متواترا مكتوبا ممن لايمكن افتراض الكذب عليهم وبين طريقة قراءته والتي تختلف باختلاف السنة العرب ويكفينا قوله تعالى ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر " القمر 17

أخي محمد ادعوا الله أن أكون وفقت في الرد ، ويعلم الله سبحانه أني حاولت الاختصار قدر الامكان ، فلو أصبت فمن الله ونحمده على ذلك ولو كان هناك خطأ فمني ومن الشيطان واستغفر الله العظيم لي ولك ولكل المسلمين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المصادر

البخاري يضعف أحاديث مسلم (سامر الاسلامبولي)
مشكلة تدوين الحديث الشريف في عصر النبي (غالب حسن الشهبندر)
طبقات بن سعد
سنن الدارمي
المسند تحقيق أحمد شاكر
خطط المقريزي
فتح الباري
سير أعلام النبلاء
أسد الغابه في معرفة الصحابة

اجمالي القراءات 14768