عم خيرى والحنفية
عم خيرى والحنفية

رضا عامر في الأحد ٢١ - مايو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


خيرى شلبى  كاتب وروائى مصرى كبير له أعمال أدبية كثيرة ومتنوعة وحصل على كثير من الجوائز ولكنه لم يحظ بشهرة كبيرة بين طوائف الشعب ربما بسبب طبيعة شخصيته الانطوائية وملامح وجهه القاسية ولكنه بلا شك كان معلوم القدر لدى المثقفين... بالرغم من هذا كان عم خيرى حكّاء رائعا وكنت أحرص على الجلوس بجواره فى الجلسات موجهاً اسئلتى إليه فى حوار جانبى فيبتسم (كان عزيز الابتسام) قائلاً : حلو السؤال ده يا دكتوووور.. يقولها بلكنة فرنسية.

عرفت أصل تسمية (الحنفية)  من عمنا خيرى شلبى. الحنفية أو الصنبور ذلك الشىء المذهل الذى إذا طلبت منه الماء فبحركة بسيطة يعطيك حاجتك وبحركة عكسية يتوقف. أصل الإسم كما يقول عم خيرى رحمه الله فى إحدى السهرات :

فى الأسرة المصرية كان المتعارف عليه فى مصر أن يقوم الرجل لصلاة الفجر فيوقظ زوجته  لتصب له الماء من الابريق أو بالكوز تملؤه من الزير ليتوضأ. وتمضى الحياة. 

عندما جاءت الحملة الفرنسية واستقر لها الحال فى القاهرة كان بونابرت حريصا على التقرب للمصريين فاصدر تعليماته إلى جنود الحملة بحسن معاملتهم فنشأت طائفة من الأجانب المتمصرين وبعض النُبهاء من الشعب تعلموا اللغة الفرنسية وصاروا حلقة الوصل بين المحتل والشعب. 

لاحظ المصريون المخالطون لجنود الحملة أنهم يخزنزن الماء فى صهريج يخرج منه انبوب عليه صمام يفتح ويغلق حسب الحاجة. تعجّب المصري واندهش اندهاشا شديدا وسأل الفرنسى (بدون صب ؟) رد الفرنسى بلغته sans versre...

مع تداول التعبير الفرنسى بين الناس وبما ان حرف V غير موجود في الأبجدية العربية وينطقه معظم الناس باء B فقد تحول صن فرس تدريجيا إلى صنبور.

أعجب المصريون إعجابا شديدا بالصنبور ولكنهم كعادتهم لا يستخدمون شيئا إلا بعد أن يعرضوه على الفقهاء.

 عُرِض الصنبور على فقهاء الحنابلة فافتوا بأنه بدعة وأن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار (مع التقعر الشديد فى نطق النيار). وكذلك افتى فقهاء المالكية والشافعية. إلا فقهاء المذهب الحنفى فلم يجدوا غضاضة فى استعماله وافتوا بعدم حرمانيته بل إنهم اقتنعوا بفائدته حتى أنهم وضعوا مجموعة من هذه (الصنابير) فى رواق الحنفية فى الأزهر الشريف لتكون سبيلا يتوضأ منه الناس. 

أصبح الصنبور حديث القاهرة وصار الرجل يقول لصاحبه أنا ذاهب لأتوضأ فى رواق الحنفية. ومع مرور الوقت وللسهولة قالوا رايح اتوضا من الحنفية. 

ولأن لفظ صنبور لم يعجب كثيرا من الناس لغرابته ولما قد يوحى بمعانٍ جنسية محرجة فانهم فضلوا إسم (الحنفية). 

ملحوظة : الحدوتة عن لسان عم خيرى شلبى أما الصياغة فللعبد لله.

رحم الله خيرى شلبى
اجمالي القراءات 903