تشريعات الحقوق ( ميراث المرأة )

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠١ - مارس - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

تشريعات الحقوق ( ميراث المرأة )
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
تشريعات الحقوق ( ميراث المرأة )
أولا : قال جل وعلا :( يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14) النساء ) ( النساء )
1 ـ ترث المرأة نصف الرجل ، ولكن ذلك لا يسري على حالة المرأة إذا كانت أُمّاً ، إذ أن الوالدين يتساويان في الميراث ، بالإضافة إلى ما كتبه الله تعالى وفرضه على كل إنسان قبل موته بأن يُوصى للوالدين والأقربين بالمعروف : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)البقرة )، وتنفيذ الوصية يتم قبل توزيع الميراث ، أي ان الوالدين يأخذان حقهما في الوصية ، ثم يأخذان مع الورثة حقوقهما أيضاً . والوالدان لكل واحد منهما السدس في التركة ان كان للمتوفي ولد او اخوة ، فإن لم يكن له ذرية ولا اخوة فلكل واحد من الوالدين ثلث التركة ..
2 ـ الأولاد : ( بمعنى الذكور والإناث ) : البنت لها نصف الذكر ، وإذا لم يكن من الأولاد إلا بنت واحدة فهي ترث النصف ، فإن كن بنتين فأكثر بدون أولاد فيأخذن ثلثي التركة ، وينطبق ذلك على الأخوة والأخوات في ميراث الكلالة ، عندما لا يترك المتوفى ذرية ويرثه اخوته الذكور والإناث ، فإن كانت له أخت واحدة فلها نصف التركة ، فإن كان له أختان فلهما ثلثا التركة ، وغن كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ..
3 ـ الزوجة ترث ربع تركة زوجها إن لم يكن له ولد فإن كان له ولد فهي ترث الثمن ، والزوج يرث نصف تركة الزوجة إن لم يكن لها ولد ، فإن كان لها ذرية فهو يرث الربع .
4 ـ أي إن قاعدة ( المرأة نصف الرجل ) تسري على :
4 / 1 : الأولاد والبنات في حالة موت الأب او الأم .
4 / 2 : الأخوة والأخوات في حالة موت الأخ او الأخت بدون زوج وبدون ذرية .
4 / 3 : الزوج والزوجة .
5 ـ ولكن تتساوى المرأة بالرجل في الميراث إذا كان المتوفي ابناً أو ابنة لهما ، او إذا كان المتوفي متزوجا وترك اخوة ولم يترك ذرية .
5 ـ الكلالة ( عند عدم وجود الأولاد )
5 / 1 : في ميراث الزوج أو الزوجة : للزوج النصف من تركة زوجته ، وللزوجة الربع من تركة زوجها . وهنا الكلالة ( عدم وجود الأولاد ) . بعد نصيب الزوج أو الزوجة يتم توريث الأخ أو الأخت لكل منهما السدس. إن كانوا أكثر يشتركون في الثلث . في وجود الأولاد : للزوج الربع من تركة زوجته ، وللزوجة الثمن من تركة زوجها . ( النساء (12)) :
5 / 2 : الكلالة مع عدم وجود زوج أو زوجة . قال جل وعلا : ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176) النساء ) الآية تتكلم عن شخص ( إمرؤ ) ذكر أو أنثى ، ليس زوجا أو زوجة ، وليس له أولاد ( ذكورا وإناثا ) ولكن له أخ ، أخت ، اخوة . هنا يحتل الأخوة مكان الأولاد .
6 ـ التأكيد على حق اليتيم ذكرا كان أو أنثى فى الميراث . قال جل وعلا :
6 / 1 : ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (10) النساء )
6 / 2 : ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً (2) النساء )
6 / 3 : ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (5) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً (6) النساء )
ثانيا :
1 ـ أضاف مالك في الموطأ ميراث الجدة فصارت قضية مشهورة فيما بعد ، وجعل لها السدس ، ولكن القرآن لم يرد فيه مطلقا لفظ الجد والجدة ، بل استعمل " آباؤكم " للدلالة على الجميع ، فالأب يشمل الأب والجد ، كما ان الأم تشمل الأم والجدة ، والله تعالى يقول في المحرمات في الزواج " وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ " وهي مثلا "جدة" ، وفي حالة وجود الجدة فهي تتقاسم مع الأم نصيبها فيما تبقى للجدة من عُمر ، ثم إذا ماتت فابنتها ــ هي الأم ــ سترثها . إذن ليست قضية تستحق كل هذا التركيز الذي جرى في التراث..
كما بدأ مالك وأبوحنيفة مناقشة ميراث العمة ، وذكروا ان عمر بن الخطاب قال : عجبا للعمة تورث ولا ترث ، ويروي أن الخالة ترث الثلث والعمة ترث الثلثين عند عدم وجود الورثة الأقرب للمتوفي منهما ، او عند انفرادهما بالتركة ، وقيل أنهم لا يرثون ويعود المال لبيت المال او خزانة الدولة ، هذا عدا تفريعات كثيرة عن تعدد العمّات والخالات والعمّة الشقيقة والخالة الشقيقة ، او إذا كانت إحداهما غير شقيقة ، وابن وبنت وأبناء وبنات كل حالة ، إلى آخر هذه التفريعات ..
2 ـ قرآنيا ، فإنه قبل توزيع التركة يتم اقتطاع الديون ، إذا كان هناك ديون على المتوفى ، ويتم اقتطاع الوصية ، والوصية للوالدين والأقربين الذين يرثون . وبعدها يبدأ توزيع التركة ، وهنا يقول تعالى (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) النساء :8 ، أي ان القرآن أمر بإعطاء ذوي القربى من غير الورثة جزءاً من التركة ، وذلك مع سماحة نفس وحُسن في القول .
3 ـ وإذا تم تطبيق هذا التشريع القرآني فلن تكون هناك مشكلة للعمّة أو الخالة او غيرهما ، بل لن يكون هناك ظلم للمرأة في الميراث بالذات ، لأنه بغض النظر عن النصوص التشريعية والقانونية فإن المجتمع قد جرى في الواقع على حرمان البنت والأخت والزوجة ، ويتم التحايل على ذلك بان يبيع الرجل ممتلكاته للأولاد ليحرم الآخرين والأغلب ان يكونوا من النساء ، حتى لا تقع التركة في يد ازواج البنات والأخوات ، وهذا هو العُرف الجاري . وبدلاً من مواجهة هذا الواقع الجائر فإن الأصوات العالية تتعامى عن هذا الواقع المخزي، وتنتقد تشريعات القرآن حين فرض أن المرأة ترث نصف الرجل فى بعض الحالات .
وينسون أن القرآن حين نزل لم تكن المرأة ترث ، بل كانت ضمن التركة التى تُوزّع ، وكان هذا ما يحدث في الشرق والغرب ، وهذا ما نهى عنه القرآن حين قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً .. ) النساء :19 ، وفي المقابل فإن أول آية في توزيع الميراث جاء فيها التأكيد على حق المرأة في الميراث حتى لو كان ذلك الميراث أقل القليل ، يقول جل وعلا : ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ) النساء:7 ، لذلك كان تشريع الميراث في التراث يسمى بالفرائض ، أي الفرض المفروض الواجب تنفيذه ، ولذلك فإن تشريعات الفقهاء حفظت حقوق المرأة في فرائض الميراث ولم تعتمد عليها ــ كما حدث في تشريعات أخرى ــ بسبب هذا التأكيد القرآني على حقوقها ، إلى درجة ان آيات الميراث ختمت بتقرير ان تلك التشريعات حدود الله ومن ينفذها يكون خالدا في الجنة ، ومن يعص الله ورسوله ولا ينفذها يكون خالداً في النار (النساء : 13 ، 14 )..
أخيرا :
بعضهم يزايد على تشريع رب العزة فى إعطاء البنت والأخت نصف ما للذكر ، ويتناسون :
1 : ما سبق فى أن قاعدة ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) لا تنطبق على الأبوين أو الوالدين ( لاحظ التساوى حتى فى الكلمة ( الأبوين و الوالدين ) : فالأم أب والأب أب ، والأم والد والأب والد ) كلاهما يرث السدس أو الثلث .
2 : أن التساوى بين البنت والابن أو الأخ والأخت فيه إخلال بالعدالة لأنه فى نفس التشريع الاسلامى يجب على الذكر أن يدفع مهر الأنثى وأن ينفق عليها وهى زوجة . بينما هى ليست مطالبة بمهر ولا نفقة . بمعنى لو كان هناك ابن وابنة : البنت سترث النصف ، ولكن ستتزوج من يدفع لها مهرا وينفق عليها ، وإذا إنفصلا تكون عليه نفقتها ومتعتها . الابن هو الذى عليه أن يدفع مهرا لكى يتزوج ، وأن ينفق على زوجته وأولاده . لو تساويا فى الميران لكان هذا ظلما فادحا . فإذا قضت عمرها فى تربية الأبناء مع زوجها ومات أحد الأولاد فهى حينئذ تتساوى مع زوجها ( الأب ) فى ميراث الابن المتوفى .
3 : ويتناسون أن الوصية واجب مفروض وهى لمراعاة العدل وفق الظروف المختلفة ، يمكنك أن توصى لبنتك دون إبنك مراعاة للظروف ، وبالمعروف . ويتناسون أيضا أن الواقع المؤلم فى مجتمعات المحمديين لا تزال تحمل الثقافة الذكورية ، وهى برغم ما قرره رب العزة جل وعلا فى تشريع الميراث فهى فى الواقع تحرم الأنثى حقها ، لا فارق إذا كانت الأنثى بنتا أو أختا أو أُمّا . المرأة لا تأخذ حقها المنصوص عليه فى القرآن الكريم ، ولا تأخذ حقها حتى فى القوانين الوضعية التى صنعها الذكور . وقد يتهيب بعضهم من نقد التشريعات الوضعية ، ولكنهم يتجرأون على نقد شريعة الرحمن فى القرآن .!!
اجمالي القراءات 1647