التغير
كيف يتم التغير

زهير قوطرش في الأربعاء ٠١ - أغسطس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

كيف يتم التغير

سألني أحد الاصدقاء، هل نفهم من أية التغير أو قانون التغير الآلهي (إن الله لايغير ما في قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) أي علينا ان ننتظر أن يغير المليار ونصف مسلم في العالم ما في أنفسهم حتى يغر الله حالنا الى الأفضل. وتابع وبصوته فيه حسرة ، هذا من رابع المستحيلات. ومعنى ذلك لا تغير ابداً.
لا ألوم هذا الصديق ، ولا ألوم المليار ونصف مسلم الذين قد يفكروا بهذا الاتجاه. لأنه في الواقع نحن أمة حولت دينها وكتابها الى عبادات ورقيات .واصبحنا لاندرك أن في كتاب الله ا&aacacute;هادي الى الحق، الى جانب العبادات والأخلاق ،والقصص التاريخية وغيرها.. ، قوانين آلهية ، جعلها الله لبني أدم بقوله (سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم) هذه الاية القصيرة ، والكبيرة في معانيها، لخصت لنا أن المدخل لاستنباط القوانين الآلهية ،ليس من باب المستحيل. انها في الافاق أي في الكون ، وهذا يدلنا على وجود هذه القوانين المادية ذات السنن الثابتة في الكون (المادة ). وفي الانفس ، والنفس تعود الى الانسان اولاً وأخيراً أي القوانين الاجتماعية التي تنظم حياة الناس. من هنا لابد لنا أن ندرك أن هناك علاقة ما... سنأتي على ذكرها ،مابين القوانين الآلهية الكونية للمادة ،والقوانين الآلهية (الانسانية) الاجتماعية ، وكل هذا سخره الله لنا ، والتسخير هو منحة بالمجان ...لقوله تعالى (وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك أيات لقوم يتفكرون) ،ولا توجد طريقة للاستدلال على هذه القوانين الآلهية المسخرة لنا إلا بالتدبر والتفكر ، وخص الله الانسان بهذه الصفة صفة المقدرة على الفهم بقوله(إنا عرضنا الامانة على السموات والارض فأبين أن يحملنها واشفقن منها) لكن الانسان حملها ، ذلك لأنه مهيأ لذلك بما أودع فيه الخالق من صفة القدرة علىالتفكير واستنباط السنن وفهمها ،وتسخيرها لما فيه مصلحته أولاً وأخيرا .
وحتى نقرب الفكرة .....، لو اخذنا مثلا ،ما يوجد في المادة من قوانين الله وسننه الثابته ،والتي أكتشفها علماء الفيزياء ،الذين صنعوا مثلاً القنبلة الذرية ، وجدوا أن هناك نقطة ما... أو مرحلة ما ،يتم فيها بداية التغير للمادة من حالة الى حالة اخرى، أطلقوا عليها الكتلة الحرجة. ولتبسيط الفكرة لنفترض أن لدينا 500 غرام من مادة اليورانيوم المشع ،و لو حاولنا تفجير هذه الكمية ،لن نفلح ،وحتى لو زدنا الكمية بالتدريج ، لاتنفجر. لكن العلماء أكتشفوا أن كتلة 1150غ هي الكتلة التي تسمح بحصول الانفجار في حال تعرضها الى بروتون شارد. وهنا اصطلح العلماء أن الكتلة الحرجة لليورانيوم المشع هي في وزن 1150غ. هذا في المادة أي لم ننتظر حتى نحصل على كل اليورانيوم الموجود في الارض للوصول الى الكتلة الحرجة القابلة للتغير..
فماذا في البشر؟ وهل هناك علاقة مابين القوانين والسنن المادية ،والقوانين الاجتماعية للبشر؟ اعود الى سؤال صديقي العزيز ...
نعم كذلك عند البشر.... عندما تصبح نسبة الذين غيروا ما بأنفسهم من الاوهام والأباطيل الى الحق ونور الله ، عن ادراك نسبة معينة في المجتمع يحصل التغير فجاة بالنسبة للأخرين. ولأن التغير أصبح مطلبا من مطالب حياتهم التي لايستطيعون العيش بدونه. أي أن الله تعالى يتدخل في تغير ما في القوم من أوهام وخرافات ،ذلك عندما تصل نسبة المتنورين والمؤمنين بكتاب الله كمرجعية واحدة لاغير ،وسنة الله التي هي سنة واحدة، لاوجود لسنة أخرى ووحي الله الذي هو وحي واحد، ولا وجود لوحيين ، ونبذ الاوهام وتقديس الببشر .الى نسبة الكتلة الحرجة (نسبة التغير).
لكن السؤال المهم : هل تجري عملية الوصول الى النقطة الحرجة في التغير بشكل سلس،وبدون مقاومة. لنعد من جديد الى القوانين المادية في الكون.
عندما نعرض إناء فيه ماء الى الحرارة (النار) من تحته ، يبدأ الماء بمقاومة الحرارة ،وتحاول هذه المادة أن تبقي على ما هي عليها من صفات. لكن وجود مصدر الحرارة الدائم (الصبر والمصابرة) تجعل الماء يستجيب لحالة التغير ،ونلاحظ وجود الفقاعات التي تبدأ بالدوران والانفعال ،حتى تصل درجة حرارة الماء الى النقطة الحرجة ، عندها سيتم تحويله الى بخار ، وباستمرار الوسيط الحراري يتم تحويل الماء بالكامل الى الحالة الجديدة البخار . ولو حاولنا تطبيق ذلك على العلاقات الانسانية ، من خلال قانون التغير الآلهي، سنجد مثلاً أن أهل القرآن ،وهم فئة قليلة بالنسبة الى عدد المسلمين في العالم. وكونهم عادوا الى كتاب الله كمنهج ،مع رفضهم الاوهام ،وتقديس البشر ،ورفضهم السنة المروية المقدسة عند الاكثرية المسلمة. هذا المنهج أثار المجتمع الاسلامي ،وبدا بالتفاعل ،والرفض من قبل الاكثرية ،وحجة هؤلاء أننا رأينا السلف ورأينا ابائنا على ذلك ،وهذا ما نبه عليه الخالق ، وطلب منا الا نقلد أولئك الذين ادعوا ذلك عند نزول الرسالة. عودة أهل القرآن الى منهجية القرآن في التعامل مع الواقع ولا شيئ غير القرآن اثارة حفيظة وغضب أهل النقل بدون العقل ،ولكن مع الصبر والمصابرة ،فسوف نصل بدعوتنا الى الكتلة الحرجة ،و ادراك العدد الكافي من الذين يؤيدون ويصدقون اهل القرآن فيما ذهبوا إليه عندها سيتكفل الخالق باحداث التغير العام والشامل ،وهذا العدد الكافي هو في علم الله، وما علينا إلا بالعمل المستمر والدعوة الدائمة الى مبادئنا ، لأن الحق لابد ان ينتصر.

اجمالي القراءات 30317