ف 10 : المرأة فى ( الصيام والحج )

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢٧ - ديسمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

ف 10 : المرأة فى ( الصيام والحج )
القسم الأول من الباب الثالث : عن تشريعات المرأة التعبدية بين الاسلام والدين السنى
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
ف 10 : المرأة فى ( الصيام والحج )
أولا : ( الصيام )
الحقائق القرآنية عن الصيام :
صيام الفدية والكفارة على الرجال والنساء . قال جل وعلا :
1 ـ فى القتل الخطأ : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (92) النساء )
2 ـ فى الحج ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196) البقرة )
2 / 2 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (95) المائدة )
3 ـ فى الحنث فى اليمين ( لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89) المائدة )
على الرجال فقط : فى الظّهار : ( وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4) المجادلة )
صيام التطوع نافلة للرجال والنساء
جاء ضمن صفات أصحاب الجنة . . قال جل وعلا :( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (35) الاحزاب )
الصيام المكتوب فرضا فى رمضان
قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) البقرة ).
المستفاد من الآيات الكريمة :
1 ـ إن الصوم كان معروفا بأنه الامتناع عن الطعام والشراب والمباشرة الجنسية ، لذا لم يأت تعريفه ، إكتفاءا بأنه فرض كما كان مفروضا مفروضا من قبل . والواضح أنه من معالم ملة ابراهيم المتوارثة .
2 ـ جاءت تشريعات جديدة بالتيسير
2 / 1 : إباحة الافطار فى نهار رمضان للمريض والذى على سفر مع أن يقضى ما أفطره من يوم أو أيام ، والذى لا يستطيع الصوم اصلا عليه دفع فدية طعام مسكين .
2 / 2 :. كان الافطار من غروب الشمس الى العشاء ، وكان هذا عسيرا ، فنزل التيسير بأن يمتد الافطار من غروب الشمس الى طلوع الفجر .
3 ـ الخطاب التشريعى للرجال والنساء على السواء ؛ سواء فى الفرض أو فى التيسيرات ، أو فى النهى عن المباشرة الجنسية فى المسجد عند الاعتكاف .
الصيام فى الدين السُّنّى :
1ــ اتفقت المذاهب على إباحة الفطر في رمضان للحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما او الوليد ، واختلفت المذاهب في تفصيلات أخرى في داخل الموضوع ، كأن تدفع فدية مع القضاء بالصوم بعدها..
2ــ واتفقوا على أن المرأة لا تصوم تطوعا مع وجود زوجها إلا بإذنه مع اختلاف بينهم في حكم صومها إذا صامت ..
3ــ من أصبح جُـنُبا في رمضان بسبب مباشرة جنسية مع الزوجة (الزوج) يغتسل ويصوم ولا شيء عليه..
4ــ القُـبْـلة في صيام رمضان لا تُفطر ، وقد أسندوا رواية لعائشة بهذا المعنى على عادتهم في أن من قبَّـل امرأته في الصوم يُفطر ، وسياق الروايات يظهر منه أن الرجل هو الذي يدور حوله الحكم وليس المرأة ، فهو الذي يكون قد أفطر في هذه الرواية ، ولا يكون مفطراً فى الأخرى ، لأن الخلاف في الموضوع كان بين الفقهاء الرجال ، وكل منهم عزّز رأيه بالروايات ن وكل منهم لا يرى في الدنيا إلا الرجال فقط ..
5ــ واتفق الفقهاء على أن من باشر زوجته في نهار رمضان فعليه أن يكفّر عن ذنبه بعتق رقبة مؤمنة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا .. وليس في القرآن ما يؤيد هذه الفتوى ، برغم أن القرآن تعرض لموضوع مباشرة النساء في ليل رمضان ، ومنع المباشرة مع الأكل والشرب في نهار رمضان ، دون ان يذكر عقوبة دنيوية لمن أفطر بالطعام والشراب او بالجنس ، ولكن الفقهاء قاموا بتغليظ العقوبة الدنيوية على الرجل (فقط) في حالة المباشرة الجنسية ، وبدأ ذلك مالك في الموطأ وبعده الشافعي ، ثم البخاري ومسلم .وأصبح المبدأ متفقا عليه بين المذاهب ، مع اختلاف في التفصيلات..
ثانيا : الحـــج :ــ
الحقائق القرآنية عن الحج للبيت الحرام ( الكعبة ) فى ( مكة أو بكّة )
1 ـ هو ( البيت العتيق ) ، هو أول بيت وضعه الله جل وعلا للناس منذ كان على هذا الكوكب ناس . وجعله مباركا وهدى للعالمين ، من أراد منهم الهداية . وأمر أن يكون مثابة للناس وأمنا . وأوجب الحج اليه على كل من يستطيع من البشر المسالمين طبقا للاسلام السلوكى الذى يعنى السلام والايمان السلوكى الذى يعنى الأمن والأمان . . قال جل وعلا :
1 / 1 : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (97) آل عمران )
1 / 2 : ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة )
1 / 3 : ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) الحج ) ( ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33) الحج )
2 ـ بعد فترة من الضلال أرشد الله جل وعلا ابراهيم الى مكان البيت ، ويبدو أنهم أحاطوه بالأوثان ، فقام بتطهيره وإعادة بنائه والدعوة العامة للحج اليه . قال جل وعلا :
2 / 1 : ( وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) الحج )
2 / 2 : ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) البقرة )
3 ـ الحج يعنى إجتماع ثلاث حُرُمات : المكان ( البيت الحرام ) الزمان ( فى الأشهر الحُرُم ) الانسان ( أن يكون القلب نقيا والسلوك تقيا ) . . قال جل وعلا :
3 / 1 : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (197) البقرة ). هنا الزمان هو الأشهر الحُرُم التى كانت معلومات وقت نزول القرآن الكريم .ومن يؤدى الحج خلال هذه الأشهر الأربعة عليه أن يطهر قلبه وسلوكه ويتزود بالتقوى ، فلا رفث مع الزوجة ولا فسوق ولا عصيان ولا جدال ، وقت تأدية مراسم الحج .
3 / 2 : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) الحج ) . قريش انتهكت حرمة البيت وتحكمت فى فريضة الحج تبعا لمصلحتها ، فمنعت من تريد عن الحج . والتحذير هنا شديد ، بأن البيت الحرام بيت الله جل وعلا يجب أن يكون مفتوحا لكل الرجال والنساء الملتزمين بالسلام والأمان . ومن يُرد ــ مجرد إرادة قلبية ـ ان يظلم الناس فى البيت الحرام يتوعده الله جل وعلا بعذاب أليم .
4 ـ قريش صدّت النبى محمدا عليه السلام والمؤمنين عن الحج . قال جل وعلا :( هُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) (25) الفتح ). فيما بعد انهزمت قريش ، وأصبح البيت الحرام فى حماية الدولة الاسلامية ، مفتوحا لكل الناس رجالا ونساء ، ومحظورا دخوله على الكافرين المشركين سلوكيا بمعنى الاعتداء الحربى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) التوبة )
5 ـ قام متطرفو قريش بثورة نقضوا فيها العهد واعتدوا على المؤمنين فى البيت الحرام ، فأعطاهم الله جل وعلا مهلة للتوبة هى أربعة أشهر الحُرم ، إن لم يتوبوا فعلى المؤمنين قتالهم . وتبدأ المهلة مع إفتتاح موسم الحج فى الأسبوع الأول من شهر ذى الحجة الحرام ، وتنتهى بانتهاء الشهر الرابع ( ربيع أول ). . قال جل وعلا : ( بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) التوبة ). إنسلاخ الأشهر الحرم يعنى أنها متتابعة ، أى هى : ذو الحجة ، محرم ، صفر ، ربيع الأول . وبالتالى فهذه هى الأشهر الحُرُم الأربعة التى قال عنها جل وعلا : ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) (36) التوبة )
6 ـ كانت قريش تعيش حول البيت الحرام فى أمن ورزق بينما يعيش العرب فى غارات . لم تتعرض قوافل قريش التجارية لأى هجوم لأن أصنام العرب كانت فى الحرم تحت رعاية قريش . لذا رفضت قريش القرآن حرصا على مصالحهم الاقتصادية . قال جل وعلا :
6 / 1 : ( تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) الواقعة )
6 / 2 :( وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا) (57) القصص )
6 /3 ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) العنكبوت )
6 / 4 : قبائل العرب كانت لهم طريقتهم الخاصة وهى انتهاك الأشهر الحرم بالنسىء ، إى إستحلال القتال فى أحد الأشهر الحرم وتأجيله ، . قال جل وعلا :( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37) التوبة )
7 ـ بعد موت النبى محمد عليه السلام قفزت قريش الى خلافته فى الحكم بالخلفاء الفاسقين . ثارت عليهم قبائل العرب فأخضوعهم بقتال وحشى فى حرب الردة استحلوا فيها الاعتداء فى الأشهر الحرم ، ثم اتفقوا مع الأعراب على الهجوم على الأمم التى لم تعتد عليهم ، فكانت الفتوحات الكافرة ، وبدأها أبو بكر الزنديق فى شهر محرم ، تلك الفتوحات التى حملت إسم الاسلام ظلما ونشرت الكفر بالاسلام على أنه الاسلام . ودخل العرب فى الفتنة الكبرى واستمروا فى هذا النفق حتى الآن يقتتلون فى كل الأشهر ، فضاعت قدسية الأشهر الحرم ، وإخترعوا لها ترتيبا أضافوا فيه شهر رجب . وفى العصر العباسى عادت قبائل الاعراب الى ما كانت عليه من سلب ونهب ، وإعتادوا نهب قوافل الحج الآتية من كل الاتجاهات ، فاستلزم الأمر تجميع القوافل فى وقت واحد ، وأن تسير فى حماية عسكرية . وبهذا أصبح تقليدا حصر الحج فى وقت واحد هو موسم الافتتاح أو الاسبوع الأول من شهر ذى الحجة . وصار هذا دينا حتى الآن ، وكفروا بقوله جل وعلا : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (197) البقرة ). )
تفاهات الدين السنى فى تشريعات الحج
1 ـ تجاهلوا الحقائق القرآنية السابقة ، وتجاهلوا تحريم الحج الى الأوثان ، ومنها الوثن المنسوب للنبى محمد فى المدينة وجعلها حرما ، والوثن الآخر فى القدس . والتفتوا الى المرأة ؛ وسواسهم القهرى .
2 ـ ليس في القرآن تشريع في الحج يخص المرأة وحدها ، ولكن الفقهاء حرّموا عليها الطواف إذا حاضت واختلفوا في حضورها مناسك أخرى في حالة الحيض ، ثم تتبعوها في الحج بالفتاوي ، فيرى مالك وأبوحنيفة أن المرأة في الإحرام إذا حلّت ، أي انتهى احرامها لا تمشّط شعرها حتى تحلق منه بعضه ، وإن كان لها هَدْى تقدمه للنحر فلا تقصّ من شعرها حتى تنحر الهدْي. وأفتى الشافعي في " الأم " بانه ليس على النساء سَعْي في الحج ، لا سعي عليهن بالبيت أو بين الصفا والمروة ، واستشهد في ذلك بأحاديث تخالف الأحاديث المشهورة عن طواف النساء وأدائهن المناسك ، ومنها ما ذكره البخاري تحت عنوان " باب طواف النساء مع الرجال " ومنه نعرف حدوث مشاكل وفتاوى متعارضة صيغت في شكل احاديث ، بعضها يؤكد حق النساء في الطواف ن والآخر يرفض ، وفي أحاديث مسلم باب بعنوان "أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به" كأنه يرد على الشافعي . وانتقل هذا الخلاف إلى متحف التاريخ ، إذ لم يهتم به الفقهاء اللاحقون.
اجمالي القراءات 1720