كتاب ( عن حرب الرّدّة )

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٠٩ - ديسمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب ( عن حرب الرّدّة )
مقدمة
جاء هذا السؤال يقول : ( فى كتابك ( حد الردة ) الصادر عام 1993 قلت إن ابو بكر لم يحارب المرتدين ، بل إن المرتدين هم الذين حاربوا ابو بكر وأنهم الذين بدءوا الهجوم على المدينة . وأنت الآن تقول العكس . ما هو تفسيرك لهذا التناقض فى كتاباتك ؟
وقلت : ( تكلمت كثيرا عن اننى ورثت جبالا من رجس التراث ، وظللت أطهر عقلى وقلبى منه حوالى ربع قرن بدءا من عام 1977. كنت أومن بوجود أحاديث صحيحة تتفق مع القرآن ، واستشهدت ببعضها فى كتبى أوائل الثمانينيات ، وكنت لا أرى بأسا فى الشهادتين ، ثم آمنت بالشهادة الواحدة ( لا إله إلا الله ) وبالحديث الالهى الواحد فى القرآن الكريم . آخر رجس تطهرت منه كان تقديس الخلفاء الراشدين وفتوحاتهم . تخلصت من هذا كله وآمنت أنهم ملاعين اعداء الاسلام . حين كنت أقدسهم كتبت فى مدحهم فى كتبى عام 1985 ( العالم الاسلامى بين عصر الخلفاء الراشدين وعصر الخلفاء العباسيين ) وفى عام 1993 ( حد الردة ) و ( حرية الرأى بين الاسلام والمسلمين ) . بالقرآن الكريم تطهّر عقلى ، وأعدت قراءة تاريخ أولئك الخلفاء الفاسقين والتدقيق فيه بمنظور قرآنى . أنا باحث عن الحق ، ولست نبيا يأتيه الوحى . وعندما أقع فى الخطأ اصححه . كنت ولا زلت .)
2 ـ من أجل هذا أنشر هذه الفصول عن حرب الردة فى هذا الكتاب تكفيرا عن جهل سابق ، وإعتذارا عنه .
أحمد صبحى منصور

( الفصل الأول )
لا اكراه فى تحصيل الزكاة المالية جهادا وصدقة

أولا
الانفاق فى سبيل الله جل وعلا جهادا ( فى الحرب الدفاعية ) وفى ( الدعوة )

يأتى الانفاق فى سبيل الله جل وعلا مرتبطا بالاستعداد القتالى فى قوله جل وعلا : ( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ) 60 ) الانفال )
2 ـ ويأتى باسلوب إقراض الله جل وعلا قرضا حسنا فى سياق القتال فى قوله جل وعلا :
2 / 1 :( مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ) 11 ) الحديد )
2 / 2 : ( وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( 244 ) مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) 245 ) البقرة )
2 / 3 : ( واخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله واخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرؤوا ما تيسر منه واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا واعظم اجرا واستغفروا الله ان الله غفور رحيم ) 20 ) المزمل )
ثانيا :
الزكاة الاسلامية والجهاد عبادة لا إكراه فيهما
1 ـ الزكاة المالية عبادة . وليس فى الاسلام إكراه على تأدية العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج وذكر . العبادات هى حقوق علينا لرب العزة جل وعلا ، وهو الذى سيعطى أجرها يوم القيامة . لذا المطلوب فيها الاخلاص ، وهذا من السرائر التى لا يعلمها إلا علّام الغيوب جل وعلا . ليس فى الاسلام عقوبة على من لا يؤد العبادات ، عقوبته مؤجلة الى يوم القيامة حيث ينطبق عليه قوله جل وعلا : ( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) القيامة ). حقوق العباد أو ( حقوق الانسان ) هى التى يتعلق بها تطبيق الشريعة الاسلامية ، حق الانسان فى الحياة وفى ماله وعرضه وأمنه ومشاركته فى السُّلطة والثروة وفى تمتعه بالعدل والأمن وحرية الرأى والدين .
2 ـ ليس فى الاسلام تجنيد إجبارى ، لأن القتال الدفاعى فيه تطوعى ، وحين تفاعس المنافقون عن الخروج الى موقعة ذى العسرة منعهم الله جل وعلا من هذا الشرف ، فقال للنبى محمد عليه السلام : ( فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83) التوبة ) أى هى عقوبة سلبية فرحوا بها ، وأضيفت لها عقوبة سلبية أخرى هى عدم الصلاة عليهم عند موتهم : ( وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84) التوبة )،
3 ـ وليس فى الاسلام إكراه على التبرع للمجهود الحربى . وحين إمتنعوا عن الانفاق فى المجهود الحربى ثم عاد بعضهم ببعض النفقات أعلن الله جل وعلا عدم قبول نفقاتهم : ( قُلْ أَنفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ (54) التوبة ).
ثالثا :
ولأنها عبادة فالله جل وعلا هو الذى يعاقب ويثيب وليس الدولة الاسلامية ، ويأتى اسلوب الوعظ حثا أو تهديدا ، ترغيبا أو ترهيبا .
باسلوب الترغيب قال جل وعلا :
1 ـ ( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ( 261 ) الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ( 262 ) البقرة )
2 ـ ( وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) 39 ) سبأ )
( آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ( 7 ) الحديد )
3 ـ ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) 111) التوبة )
4 ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ( 10 ) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ( 11 ) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( 12 ) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) 13 ) الصف )
5 ـ ( واقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا واعظم اجرا واستغفروا الله ان الله غفور رحيم ) 20 ) المزمل )
وباسلوب التهديد قال جل وعلا
1 ـ ( وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) 195) البقرة ) ، جاء هذا بعد آيات تشريع القتال الدفاعى تقرن به الإنفاق فى سبيل الله جل وعلا ، وإلّا فالتهلكة .
2 ـ وجاء توضيح التهلكة بأن يستبدلهم الله جل وعلا بقوم غيرهم :
2 / 1 ـ إذا تقاعسوا عن القتال الدفاعى
2 / 1 / 1 : ( انفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) 41 ) التوبة )
2 / 1 / 2 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ ( 38 ) إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) 39 ) التوبة )
( والتعبير هنا : إنفروا ) أى الاسراع بالخروج دفاعا عن المدينة التى لم تكن لها أسوار تحميها أو حصون داخلها . لذا كان عليهم ملاقاة العدو المعتدى الغازى قبل أن يقتحم عليها مدينتهم .
2 / 2 ـ إذا بخلوا عن التبرع بالمال جهادا فى سبيله جل وعلا : ( هَاأَنتُمْ هَؤُلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) 38 ) محمد ).
رابعا :
ولأنها عبادة ــ لا إكراه فيها ــ فقد إختلفت المواقف
نبدأ بالتناقض بين المؤمنين والكافرين المعتدين
1 ـ قريش ظنّت أنه بسقاية الحجاج والقيام على البيت الحرام فهم الأعلى درجة مهما إعتدوا وكفروا . قال جل وعلا ردا عليهم مؤكدا أن المؤمنين المهاجرين المجاهدين بأموالهم وأنفسهم هم الأعظم درجة عند الله جل وعلا وهم الفائزون بالخلود فى الجنة : ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ( 19 ) الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ( 20 ) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ ( 21 ) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ( 22 ) التوبة )
2 ـ كانوا ينفقون أموالهم فى الصّدّ عن الحق : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ) 36 ) الانفال )، فالواجب على المؤمنين أن ينفقوا أموالهم فى الدعوة للحق ليستحقوا أن يكونوا مؤمنين صادقين : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) 15 ) الحجرات )
3 ـ كانوا يرفضون إعطاء الصدقة للمحتاجين : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) 47 ) يس ) ، فجعلها الله جل وعلا إقراضا حسنا له جل وعلا فقال للمؤمنين . ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ( 15 ) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( 16 ) إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ( 17 ) التغابن )
التناقض داخل المدينة بين المؤمنين والمنافقين فى دولة الاسلام وحريتها الدينية المطلقة
1 ـ كان المنافقين يرفضون التصدق على الفقراء المؤمنين : ( هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ ) 7 ) المنافقون ) ، فقال جل وعلا للمؤمنين : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ( 9 ) وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ ( 10 ) وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( 11 ) المنافقون )
2 ـ فرح المنافقون بالقعود عن الجهاد وبالبخل بينما هبّ اليه الرسول والمؤمنون معه : ( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ) 81 ) التوبة ) ( لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) 88 ) التوبة )
3 ـ الخروج للقتال كان يستدعى تجهيزا ومؤونه تقع على عاتق المقاتل . وهنا إختلفت المواقف بين الصحابة المؤمنين والصحابة المنافقين :
3 / 1 : منهم من كان ضعيفا أو مريضا ولم يكن لديه سوى النصيحة فاعتبرهم الله جل وعلا محسنين ما عليهم من مؤاخذة ، ومنهم من كان فقيرا لا يجد راحلة يركبها فذهب للنبى يسأل ، فإعتذر له النبى فعاد باكيا : ( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ (92) التوبة )
3 / 2 : ومنهم من كان فقيرا ولكن لم يبخل بالتبرع بالقليل الذى يملكه ، فتصدى له المنافقون بالسخرية فنهى الله جل وعلا رسوله عن الاستغفار لأولئك المنافقين ، لأنه لا غفران لهم : ( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80) التوبة )
3 / 3 : ومنهم من تكاسل عن التجهز للخروج للقتال ، فزاده الله جل وعلا تكاسلا واستسهالا للقعود : ( وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) التوبة ).
فى داخل المؤمنين
المتقون أصحاب الجنة درجتان : السابقون المقربون ثم اصحاب اليمين . وهذا التفاوت مبنىُّ على الايمان الخاص وعمل الصالحات ، ومنه الجهاد بالنفس والمال . وعن هذا التفاوت قال جل وعلا :
1 ـ ( وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( 10 ) الحديد )
2 ـ ( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ) 95 ) النساء )

( الفصل الثانى )
أكذوبة الردة فى حرب الردّة : هم إرتدوا عن التبعية لقريش
مقدمة
جاء تعليقان على المقال السابق ، رددت عليهما .
قال د . عبد الرزاق منصور : ( الاسلام الصحيح يفوق اعرق الدول الديموقراطيه فى الحريه الشخصية ) : ( قام استاذنا الدكتور احمد صبحى بتجلية حقيقه مذهله من حقائق الاسلام وهى مكانة الفرد وحريته الشخصيه واعتقد ان مبادئ الاسلام اعظم من اى دستور دوله لها تاريخ عريق فى الحريه وحقوق الانسان.على مدى التاريخ الانسانى ولاعجب فهذه المبادئ الاسلاميه هى التى ارتضاها الله لنا اسلوبا للحياة ) .
قال د . عثمان محمد على ( ربنا يبارك فيكم استاذى دكتور منصور .ويبارك فى عُمركم وعلمكم ..بكل تأكيد معلومات جديدة ومُثيرة لتفعيل التفكر والتدبر فى كتاب الله جل جلاله ... ويبقى سؤالا سيتردد عند القارىء وهو ربما ما ذكره القرءان العظيم وذكرته حضرتك فى المقال عن الصدقة والزكاة فى الجهاد يكون فى عصرنا هذا عن الصدقة التطوعية وليس عن الصدقة والزكاة الإلزامية والتى جاءت فى قوله تعالى ( خذ من أموالهم صدقة تُطهرهم وتُزكيهم بها ) .لأن الجيوش وتجهيزها وتدريبها وإستمرار جاهزيتها تحتاج إلى مليارات من الدولارات أو الجنيهات سنويا فمن أين تأتى ؟؟؟ وكذلك عن صورة التجنيد الآن .. نعم هو ليس إلزاميا ويجب أن يكون تطوعيا ولكن لو كان مهنة ووظيفة مثل جيوش العالم المُتحضر الآن ، ولكن لو تُرك دون إلزام على إطلاقه فى شعوب العالم الثالث فلن يلتحق به أحد ،وبالتالى لو تعرضت دولة ما لحرب دون جيش نظامى مُتعلم ومتدرب على إستخدام الأسلحة الحديثة فى الدفاع والهجوم فستكون خسائرها باهظة وضحاياها بالملايين ..فأعتقد أن فرض دخول الجيش كما هو فى بلادنا إلى أن يُصبح وظيفة مثل سائر الوظائف مطلوب فى ظل إختلاف نوعية الحروب وأسلحتها والتدرب عليها عن حروب عصر النبى عليه السلام وما تلاه من عصور والتى كانت تعتمد على قوة الفرد ومهارته الشخصية فقط .) .
وأقول :
1 ـ حقائق الاسلام قام بتغييبها الخلفاء الفاسقون عمليا ثم كتب الفقهاء ما يناقضها نظريا . نحن أول من قام بتجلية حقائق الاسلام ، وبهدم خرافات المحمديين ، وهذا جهادنا الذى نبتغى به وجه الله جل وعلا وحده.
2 ـ الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وأرادوا التوبة مطلوب منهم تقديم صدقة : ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) التوبة ). وهذا تشريع قائم ومستمر ، فالذى يريد توبة صادقة مقبولة عليه أن يقدم صدقة . ليس هنا إلزام . فمن إهتدى فلنفسه ومن ضلّ فعليها .
3 ـ الدولة الاسلامية قائمة على الشورى على كل المستويات ، وعلى مسئولية أولى الأمر أى المتخصصين فى مجال عملهم ، وبالشورى التى تعبر عن أغلبية الشعب يمكن إصدار قرارات لا تتعارض مع حرية الدين وحرية الأفراد ، مثل فتح باب التطوع العسكرى بأجر ، وتأسيس شركات ومصانع للسلاح ، ومؤسسات لجمع الزكاة وتوزيعها على مستحقيها ..ولدينا كتاب لم يكتمل عن الجزء العملى فى تطبيق الشريعة الاسلامية القرآنية .
4 ـ ندخل فى موضوعنا ( أكذوبة الردة فى حرب الردّة ) : هم إرتدوا عن التبعية لقريش
أولا :
1 ـ تأسيسا على أنه لا إكراه فى العبادات ولا إكراه فى تأدية الزكاة المالية فإن من يرفض تأديتها لا يعتبر مرتدا عن الاسلام ، بحيث يؤاخذ بها وتشتعل حرب بسببها .
2 ـ المفهوم أن الزكاة المالية كان يتم جمعها طوعيا ، ويتم توزيعها بواسطة من يجمعها ـ هذا فى الزكاة الرسمية . أما فى الزكاة الفردية فمن يتبرع يقدمها لمستحقيها من حوله من الوالدين والأقربين واليتامى والمساكين . أى لم تكن هناك مشكلة على الاطلاق وقت حياة النبى محمد عليه السلام ، وقد كان عليه السلام والمؤمنون الصادقون من أوائل المحسنين الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله جل وعلا . لم يأت فى القرآن الكريم أى إشارة الى أن الرسول كان يبعث من يجمع له الزكاة المالية صدقة أو للمجهود الحربى. وقد شهد فى أواخر حياته دخول الناس فى الاسلام أفواجا ، من المدن ( مكة والطائف واليمن ) ومن الأعراب ، فلم تكن هناك حاجة للمجهود الحربى ، إذ توقفت الحروب بدخول الناس فى ( دين الله أفواجا ) .
3 ـ هذا التطور الذى حدث بمجرد موت النبى ( إشتعال حرب الردة ) سببه عودة الهيمنة القرشية من خلال أبى بكر وصحبه ، وهم الخلفاء الفاسقون ، الذين مردوا على النفاق : ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة )، وسبق أن بعثت بهم قريش جواسيس على النبى والمؤمنين ، فإذا نجح النبى فى دعوته ودولته إستثمروا هذا النجاح لقريش . وهذا ما حدث .
4 ـ قلنا كثيرا إن الاسلام فى التعامل بين الناس هو السلام ، وأن الايمان فى التعامل بين الناس هو الأمن والأمان . أما الاسلام بمعنى إخلاص الدين لله جل وعلا وحده والايمان بمعنى الايمان به وحده إلاها لا شريك له فهذا يحكم الله جل وعلا فيه بين الناس يوم الدين . من جهة أخرى فالكفر والشرك فى التعامل بين الناس هو الاضطهاد الدينى والاعتداء الحربى باستخدام الدين ، وهذا مجال التعامل فيه بين الناس ، فالذى يفعل هذا يكون كافرا مهما كان الشعار الذى يرفعه . أما الكفر ب ( لا إله إلا الله ) فهذه قضية خلافية بين البشر وموعد الفصل فيها صاحب الشأن وهو رب العزة جل وعلا القائل ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ (19) الحج ) ، ولهذا فإن الدولة الاسلامية مؤسسة على الحرية الدينية المطلقة مع إشتراط السلام لأنه أساس المواطنة التى يتساوى فيها الجميع .
5 ـ سكان المدينة إلتزموا بالسلام ، وحتى المنافقين الذين سيكونون فى الدرك الأسفل من النار لم يرفعوا سلاحا . وأُتيح لهم المعارضة الدينية والسياسية بدون سقف طالما كانت سلمية . نترك المنافقين جانبا ونتوقف مع معظم المؤمنين فى المدينة الذين كفروا بالله جل وعلا قلبيا وعقيديا ولكن آمنوا سلوكيا بمعنى الأمن والأمان وأسلموا سلوكيا بمعنى السلام . ونزلت آيات القرآن الكريم تدعوهم الى الايمان العقيدى ( لا إله إلا الله ) لتعزز إيمانهم السلوكى بمعنى الأمن والأمان . نتدبر قوله جل وعلا لهم فى خطاب مباشر :
5 / 1 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (136) النساء ) أى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) سلوكيا ( آمِنُوا ) عقيديا وقلبيا ( بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ ) ومن يكفر فهو فى ضلال بعيد ( وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً ).
5 / 2 : ( وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9) الحديد ).
6 ـ المؤمنون من سكان المدينة مارسوا نفس الكفر السلوكى الذى كانوا عليه فى مكة قبل الهجرة .
6 / 1 : كان كفار قريش يعقدون مجالس للخوض فى القرآن سخرية ، وكان النبى يحضرها ومعه مؤمنون فنهاه ربه جل وعلا : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) الأنعام ). إستمرت إنعقاد هذه المجالس بزعامة المنافقين ، وكان يحضرها ( المؤمنون سلوكيا ) فقال جل وعلا يعظهم ويذكّرهم : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (140) النساء )
6 / 2 : فى مكة كانوا يعبدون الأوثان والأنصاب ( القبور المقدسة ) واستمروا يعبدونها بعد الهجرة فى المدينة ، ويشيعون حولها أساطير زور عن كراماتها ومعجزاتها ، فوعظهم الله جل وعلا يأمرهم باجتنابها ( وليس هدمها ) ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) الحج ). كان هذا فى أوائل ما نزل فى المدينة . عصوا الله جل وعلا وظلوا عاكفين على عبادة الأنصاب وشرب الخمر ولعب الميسر وممارسة الدجل الدينى ، نقرأ ما جاء فى سورة المائدة من أواخر ما نزل فى القرآن الكريم من خطاب ليس للذين كفروا ولكن للذين آمنوا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92) المائدة ). نتدبر قوله جل وعلا لهم ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ) ونتدبر انهم مسئولون عن هذا وليس على الرسول إلا البلاغ وفقط .
7 ـ بالتالى :
7 / 1 : فإن العرب حين دخلوا فى دين الله أفواجا فإنهم لم يدخلوا فى الاسلام القلبى الخالص والايمان القلبى بالله وحده لا شريك له ، ولكن دخلوا فى الاسلام السلوكى بمعنى السلام والايمان السلوكى بمعنى الأمن والأمان . أى أعلنوا نبذ الغارات والحروب وارتضوا السلام . الدليل قووله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2) النصر ). هو عليه السلام رأى الظاهر فقط ، ولم يكن يعلم غيب القلوب . يكفى إنه لم يكن يعلم سرائر أقرب الناس اليه ممّن مرد على النفاق: ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ).
7 / 2 : أولئك الداخلون أفواجا فى الدين الاسلامى السلوكى كان شأنهم شأن أغلبية المؤمنين فى المدينة . مهما قال مسيلمة الكذاب من كفر فهو مسلم سلوكيا طالما لا يرفع سلاحا . ومهما قال فلن يصل فى كفره الى أقاويل ( الصحابة المنافقين فى المدينة ) .
8 ـ ولكن ما الذى إرتكبه مسيلمة الكذاب ومن معه ؟ إنهم رفضوا إعطاء الزكاة لآبى بكر . جاء أبو بكر بدين جديد يجمع فيه الأموال لنفسه وقومه من قريش ، أى يفرض أو ( يضرب ضرائب ) . رفضوا هذا فحاربهم ، وكانت حرب الردة . فهم مسيلمة ورفاقه أنه لا إكراه فى جمع الزكاة ، وهذا هو الفهم الحق إسلاميا ، فهاجمهم أبوبكر لإلزامهم بدفع الزكاة فاشتعلت حرب الردة . هذا لأن المال هو الإله الأعظم فى دين قريش
وللحديث بقية عن قريش .

(الفصل الثالث )

المال هو الإله الأعظم فى دين قريش
أولا
1 ـ ( قريش ) ليس مثلها فى التأثير على معظم العالم فى العصور الوسطى . هى أول من إحتكر التجارة العالمية بين الشرق والغرب من خلال رحلتى الشتاء والصيف ، وهى التى سيطرت على معظم العالم المعروف فى عصر الخلفاء ، وهم جميعا من قريش ، وصلت غزواتهم وسيطرتهم فيما بين حدو الصين والهند شرقا الى جنوب فرنسا غربا ، مع السيطرة على جزر البحر المتوسط والجزء المعروف من أفريقيا ، وحتى الآن ينتمى الى قريش أسرات حاكمة فى الأردن والمغرب .
2 ـ هذه العبقرية السياسية أساسها الدهاء ، وهو نفس الدهاء الذى مكّن انجلترة من تكوين إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس فى العصر الحديث . ( الدهاء ) تعبير الأقرب اليه فى مصطلحات القرآن الكريم هو ( المكر ) . ولقد وصف رب العزة جل وعلا بعض الكافرين بالمكر ، وإختص قريش بقوله جل وعلا فى خطاب مباشر : ( وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ (45) ابراهيم ) ثم قال عن عبقريتهم فى المكر : ( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) ابراهيم ).
3 ـ إستخدمت قريش عبقريتها فى المكر جهادا وقتالا فى سبيل إلاهها الأعظم وهو ( المال ) مستخدمة التجارة بالدين ، وإستغلال المسجد الحرام وفريضة الحج فى الاستحواذ على الثروة ، ومن ثمّ الاستحواذ على السلطة .
4 ـ قبل نزول القرآن الكريم مكرت قريش بقبائل العرب بتحكمها فى البيت الحرام وفريضة الحج . قامت بتجميع أصنام العرب فى ساحة المسجد الحرام تحت رعايتها ليكون لها نصيب من تقديس الحُجّاج ، وهذا فى مقابل أن يحموا تجارتها العالمية بين الهند وأوربا . كانت تنقل بضائع الهند الآتية الى اليمن الى الشام حيث الدولة البيزنطية ، وتجلب بضائع أوربا وتحملها الى اليمن حيث تنقلها السفن الى الهند . وبعضها يُباع للعرب فى موسم الحج داخل مكة . كان رأس المال عبارة عن أسهم يشترك فيها القرشيون ، وهذا هو الايلاف الذى يعنى الاتفاق مع الفبائل على حماية رحلتى الشتاء والصيف ، ويعنى فى الداخل توزيع المكاسب على حاملى الأسهم القرشيين . وبدأ وضع جديد : غارات مستمرة ومتواصلة وضياع للأمن بين القبائل مع جوع وفقر ، بينما تنعم فيه قريش بالأمن والثروة . لم يذكر رب العزة جل وعلا العرب أو ( عربى ) إلا وصفا للّسان الذى نزل به القرآن الكريم . ولكن ذكر قريش وخصائصها من رحلتى الشتاء والصيف و ( إيلافها ) والمسجد الحرام فى قوله جل وعلا : ( لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) قريش )
5 ـ كمجتمع تجارى رأسمالى كانت قريش تدرك تماما ما تفعله من خداع ، ولا تشعر بأى تأنيب من الضمير وهى ترى الأعراب يتقاتلون ويجوعون بينما تتضخّم ثرواتها من غباء العرب وجوعهم .
5 ـ دخلت الرأسمالية القرشية فى إختبار بنزول القرآن الكريم داعيا الى السلام ( الاسلام السلوكى ) وإخلاص الدين للرحمن جل وعلا ونبذ عبادة الأصنام والأنصاب والأوثان . كانت قريش تعرف أن هذا هو الهدى ، ولكن إتّباع الهُدى يعنى مواجهة قبائل العرب ويعنى فقدانهم لثرواتهم ، وهذا ما جاء فى قوله جل وعلا عنهم : ( وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (57) القصص ). مع هذا الردّ عليهم جاء ردُّ آخر فى قوله جل وعلا : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) العنكبوت ). أى إن تكذيبهم بالقرآن الكريم له دافع إقتصادى ، قال جل وعلا لهم فى خطاب مباشر : ( أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) الواقعة ).
6 ـ تعقّد الموقف بانتشار الاسلام بين المستضعفين داخل مكة . أولئك المستضعفون وجدوا فيه المساواة والعدل والمُسالمة ، مع حرية الدين ، أى لا مانع أن تكون مسلما سلوكيا ومحتفظا بتقديس الأوثان والأنصاب . بهذا أصبح الاسلام الآخد فى النمو والانتشار تهديدا حقيقيا للسادة من قريش ، وبالتالى لسيطرتها وتجارتها . وكان لا بد من المواجهة ، بالقضاء على راس الدعوة ( محمد عليه السلام ) . كانت هناك حلول ثلاثة : السجن / القتل / الإخراج والطرد . العبقرية القرشية فى المكر رفضت السجن والقتل حتى لا يغضب بنو هاشم عائلة النبى . إختارت الإخراج والطرد . ولكن الخطورة فى الاخراج إنه قد يعود من مهجره ليحاربهم . لذا كان لا بد من إحاطته بجواسيس يكونون الأقرب اليه ، فإذا نجح فى دعوته قفزوا الى السلطة ، وأعادوها لقريش . عن مكر قريش قال جل وعلا يخاطب النبى محمدا عليه السلام : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الأنفال ). هنا نتذكر قوله جل وعلا فى أواخر ما نزل من القرآن الكريم : ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة ). أنبأ الله جل وعلا هنا مقدما أن حقيقتهم ستظهر فيما بعد ، فلن يتوبوا ، بل سيترتكبون آثاما يعاقبهم بها الله جل وعلا مرتين فى حياتهم الدنيا ثم ينتظرهم عذاب عظيم فى الآخرة . عذاب الدنيا حدث فى عام الرمادة وفى وباء عمواس على نحو ما فصّلناه فى كتابنا ( المسكوت عنه فى تاريخ الخلفاء الراشدين ) ثم فى تقاتلهم فى الحرب الأهلية التى يقولونه عنها ( الفتنة الكبرى ).
حفلت سورة التوبة بالحديث عن الكافرين ناقضى العهود من قريش وعن المنافقين الصُّرحاء من أهل المدينة ، وجاءت إشارة وحيدة عن الذين مردوا على النفاق ، ذلك إنهم لم يتفوهوا ولم يفعلوا شيئا سوى الطاعة والولاء ، وبه إستحقوا أن يرثوا السلطة بموت النبى محمد عليه السلام . وبموته بدأت الرّدّة الحقيقية عن الاسلام ، بإخضاع العرب الثائرين ثم بتوجيه قوتهم الحربية ـ تحت قيادة قريش ـ نحو غزو واحتلال معظم العالم المعروف وقتها .
7 ـ عبقرية المكر القرشى تلاعبت بالأعراب : قبل نزول القرآن الكريم جعلتهم يحمون قوافلها ، وأثناء نزول القرآن الكريم إستعانت بهم فى حرب المؤمنين ، وبعد موت النبى محمد أقنعتهم إن الجهاد فى الاسلام يعنى الغزو والاحتلال لدول وأُمم لم تعتد عليهم وربما لم تسمع بهم من قبل إلا حين اتوا غُزاة .
8 ـ فى سبيل المال إلاههم الأعظم قاموا بالفتوحات ، وفى سبيل المال إلاههم الأعظم تحاربوا فى حرب أهلية طاحنة ، وتوارث المحمديون هذه الحروب الأهلية فلا يزالون يقتتلون ، يشترون السلاح من الشرق والغرب ليقتلوا به أنفسهم .
9 ـ جمع أساطين الصحابة الملايين من ثروات الأمم المفتوحة : نذكر بعض ما جاء فى الروايات عن بعضهم :
9 / 1 : الزبير بن العوام : كانت له ( الغابة وإحدى عشرة دارا بالمدينة ودارين بالبصرة ودارا بالكوفة ودارا بمصر ) ( وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف فباعها عبد الله بن الزبير بألف ألف وستمائة ألف ) ( وكان للزبير أربع نسوة قال وربع الثمن فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف قال فجميع ماله خمسة وثلاثون ألف ألف ومائتا ألف ) .
9 / 2 : طلحة بن عبيد الله : ( قُتل يوم الجمل وعليه خاتم من ذهب ) ( كان في يد طلحة خاتم من ذهب فيه ياقوتة حمراء ) ( كان ابو محمد طلحة يغل كل يوم من العراق الف واف درهم ودانقين ) ( كان طلحة بن عبيد الله يغل بالعراق ما بين اربعمائة الف الى خمسمائة الف ، ويغل بالسراة عشرة الاف دينار او اقل او اكثر وبالاعراض له غلات ) ( ترك الفي الف درهم ومائتي الف درهم ومائتي الف دينار ) ( كانت قيمة ما ترك طلحة بن عبيد الله من العقار والاموال وما ترك من الناض ثلاثين الف الف درهم ترك من العين الفي الف ومائتي الف درهم ومائتي الف دينار والباقي عروض ) ( قتل طلحة بن عبيد الله يرحمه الله وفي يد خازنه الفا الف درهم ومائتا الف درهم وقومت اصوله وعقاره ثلاثين الف الف درهم )( طلحة بن عبيد الله ترك مائة بهار في كل بهار ثلاث قناطر ذهب ).
9 / 3 : عمرو بن العاص : ترك الأموال السائلة " 140" أردبا من الدنانير !!
9 / 4 :عبد الرحمن بن عوف : ( ترك عبد الرحمن بن عوف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة بالبقيع ومائة فرس ترعى بالبقيع وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحا ) ( وكان فيما ترك ذهب قطع بالفؤوس حتى محلت أيدي الرجال منه ) .
أخيرا
1 ـ مكرت قريش بالمحمديين فجعلتهم يقدسون صحابة الفتوحات وخلفائهم ، وهم أحقر المجرمين . وعجيب أن تقدس الشعوب مجرمين إحتلوا بلادهم وإسترقوا أجدادهم ونهبوا ثرواتهم .
2 ـ مكرت قريش بأئمة الدين السُنى وغيره فى موضوع الزكاة ، فلم يتطرقوا الى حق الشعوب فى أموالهم المنهوبة، وركزوا على فروع فى الزكاة .


( الفصل الرابع )

أبو بكر / خالد بن الوليد / مالك بن نويرة ..وحرب الردة

سؤال يطلب رأيا محايدا فى قتل خالد بن الوليد لمالك بن نويرة وزواجه بأرملته . وأقول :
أولا : منهجيا :
1 ـ هناك منهج بحثى فى فحص الروايات التاريخية ، المتضاربة والمتداخلة . لا بد فيه من فهم الروايات فى سياقها التاريخى ، قبل وبعد حدوثها ، وهل تتفق أو تختلف مع هذه ثقافة عصرها .
2 ـ المشكلة فى تاريخ الصحابة والخلفاء تكمن فى :
2 / 1 : أن تاريخهم تمت كتابته فى العصر العباسى ، بعد موتهم بقرنين وأكثر ، وبعد فترة من تناقل رواياتهم شفهيا .
2 / 2 : وقت كتابة تاريخهم كانوا قد تحولوا الى كائنات إلاهية ، وليس مجرد شخصيات تاريخية ، فكتبوا تاريخهم بمشاعرهم الدينية ، بما يقترب من كتابة المناقب . لم يكن لهم أن يفعلوا غير ذلك ، فأعمالهم التى كتبها المؤرخون تتناقض تماما مع الاسلام . تمّ تخطّى هذه العقبة باعتبار الخلفاء ممثلى الاسلام الحقيقى ، وأن جرائمهم هى الجهاد الاسلامى الحقيقى . لذا كانت عادتهم السيئة أن يتهموا ضحايا الخلفاء بالكفر واستحقاق ما يحدث لهم من غزو وقتل وسلب ونهب واحتلال .
3 ـ تاريخ الخلفاء هو تاريخ دينى يتمسّح بالاسلام ، لذا فلا بد من الإحتكام فيه الى القرآن الكريم ، ليس فقط فى تشريعاته وقيمه العليا فى العدل والسلام والحرية والرحمة ، ولكن أيضا فى القصص القرآنى عن النبى محمد عليه السلام وحياته ومعاناته من ( أصحابه ). هذا مهم جدا لأنه تم الخروج عن الاسلام مباشرة بما إرتكبه أبو بكر وعمر وغيرهم فى إجتماع السقيفة ثم فى حرب الردة ثم الفتوحات .
4 ـ موضوع قتل خالد لمالك بن نويرة هو مجرد تفصيلة فى حرب الردة ، وحرب الردة هى نتيجة لاجتماع السقيفة الذى أصبح به ابو بكر خليفة . وحرب الردة هى أول تطبيق لشريعة الجاهلية التى أعادتها قريش فى التعامل مع الرافضين لهيمنتها وتحكمها بعد أن أزال الاسلام هذا التحكم ، وحرب الردة أعقبها حروب الفتوحات . لذا نضع الأمور فى سياقها التاريخى ، ضمن صورة كاملة متتابعة الأحداث .
5 ـ نقول :
أولا : إجتماع السقيفة أول إرهاصات ردة قريش عن الاسلام
1 ـ فى ( الجاهلية ) عاشت قريش بهيمنتها آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان ، بينما تتعيش القبائل من غاراتها بعضها على بعض ، يتقاتلون ويسلب بعضهم بعضا ، ويسبى بعضهم نساء بعضهم ، هذا النمط من الحياة أنتج مفهوما للفارس وللشرف غير المتعارف عليه . ليس الشرف عندهم مرتبطا بالعفة الخلقية ، وليست الفروسية هى الشهامة ونجدة الضعيف ، بل الشرف هو للمجرمين الظالمين . الفروسية العربية هى فى الغارات والسلب والنهب والسبى . بهذا إشتهر فرسانهم ، خصوصا إذا كانوا شعراء ، أو حطموا الأرقام القياسية فى الغارات وعدد السبايا . وبهذا ذكرهم التاريخ . منهم من أدرك الاسلام فأسلم ( لبيد بن ربيعة العامرى ) ومنهم من حارب النبى محمدا عليه السلام ( دريد بن الصمة ) ، ومنهم من أسلم ثم رضى بهيمنة قريش وشارك فى فتوحاتها ( الأقرع بن حابس ) . ومن أسلم ثم ارتد رفضا لهيمنة قريش ، ثم إنصاع وشارك فى الفتوحات ( طليحة الأسدى وعمرو بن معدى يكرب ، الأشعث بن قيس ). لم يكن فى قريش فرسان يغيرون على أحد ، إكتفوا بهيمنتهم ومكانتهم .
2 ـ جاء الاسلام مناقضا لهذه الهيمنة القرشية ، ليس فقط فى رفض عبادة الأصنام الى تتعيش منها قريش بل أيضا فى مؤاخاة البشر ورفض أن يعلو أحد على الباقين لأن العلو هو لله جل ( وعلا ) سبحانه ( وتعالى ) وأن الله جل وعلا يربط بين العلو والفساد فى الأرض ( القصص 4 ، 83 ). جاء الاسلام بالأخوة بين البشر جميعا ( الحجرات 13 ) وخاطبهم بنسبهم لآدم ( يا بنى آدم ) وفى داخل الدولة الاسلامية القائمة على السلام أو الاسلام السلوكى ( آل عمران ( 103 ) ( الحجرات 10 ) ( التوبة 11 ) ، وحصر القتال فى الدفاع فقط . دخل العرب فى الاسلام السلوكى ( بمعنى السلام ) وانتهى عصر الغارات وانتهت هيمنة قريش على القبائل . ولكن جواسيس قريش الذين مردوا على النفاق أصبحوا القادة بعد موت النبى لأنهم من قريش ولأنهم الأقرب للنبى محمد ، وأصهاره والملاصقون له . فى إجتماع السقيفة تم عزل الأنصار بحجة أن العرب لا تدين ( أى لا تخضع ) إلا لقريش . وبعد أن كانت الدولة فى عهد النبى محمد تتبع الديمقراطية المباشرة ، اصبح فيها حاكم فرد يعبّر عن قبيلة قريش وثقافتها ، وبالتالى كان لا بد للقيادة الجديدة أن تفرض سيطرتها على القبائل ، وأن تفرض عليهم دفع الاتاوة ( الزكاة / الصدقة ) ، وكانت تطوعا فى دولة النبى محمد ، وكان توزيعها داخل كل قبيلة . إنتهى ذلك كله . رفض بعض العرب هذا ، ورضى به آخرون . لم يسكت أبو بكر وقريش هذا الخروج عن الطاعة كما لو كانت تلك القبائل ملكية خاصة لهم فكانت حروب الردة .
ثانيا : ملامح حروب الردة من خلال سطور الروايات
برغم التلفيق فإن بين سطور الروايات بعض الحقائق ، ونعرض لها :
رفض هيمنة قريش
أعلن مسيلمة أن لقريش نصف الأرض فقط ولهم نصفها ، ولكى يغرى سجاح بالانضمام اليه عرض عليها نصف الأرض الذى كان قد تركه لقريش : ( لنا نصف الأرض وكان لقريش نصفها لو عدلت، وقد رد الله عليك النصف الذي ردت قريش.)
رفض دفع الزكاة أو الاتاوة لقريش :
سار عمرو الى البحرين ومعه عسكر من بني عامر، فأكرمه زعيمهم ( قرة )، وقال له : ( يا هذا إن العرب لا تطيب لكم نفساً بالإتاوة، فإن أعفيتموها من أخذ أموالها فستسمع لكم وتطيع، وإن أبيتم فلا تجتمع عليكم. )
القسوة المفرطة فى الحرب ( القتل والحرق ) لمن يرفض طاعة قريش
1 ـ ( وكان مما أوصى به أبو بكر: وإن لم يفعلوا فلا شيء إلا الغارة ، ثم اقتلوهم كل قتلة ، الحرق فما سواه ،)
2 ـ ( وإن أجابوكم فإن أقروا بالزكاة فاقبلوا منهم وإن أبوها فلا شيء إلا الغارة )
3 ـ ( أن أبا بكر من عهده إلى جيوشه : ... فشنوا الغارة فاقتلوا وحرقوا )
4 ـ (ولما قدم خالد البطاح بث السرايا وأمرهم بداعية الإسلام أن يأتوه بكل من لم يجب وإن امتنع أن يقتلوه )
5 ـ ( ...وكان قد أوصاهم أبو بكر أن يؤذنوا إذا نزلوا منزلاً، .....فاقتلوا وانهبوا، وإن أجابوكم إلى داعية الإسلام فسائلوهم عن الزكاة، فإن أقروا فاقبلوا منهم، وإن أبوا فقاتلوهم.)
6 ـ ( الفجاءة السلمي ) خدع أبا بكر وأخذ منه سلاحا ليحارب المرتدين ، فحارب به أتباع أبى بكر ، فأرسل له جيشا أسره ، وجىء به لأبى بكر . تقول الرواية : ( فلما قدم أمر أبو بكر أن توقد له نار في مصلى المدينة ثم رمي به فيها مقموطاً.). أى أحرقه حيا فى المسجد .!
7 ـ ( ووصل كتاب أبي بكر إلى خالد أن يقتل كل من إحتلم. ) اى قتل كل من بلغ الحُلُم !.
8 ـ وعن المرتدين فى اليمن: ( وأما الأخابث من العك فانهزمت ...وقتلوا قتلاً ذريعاً، وأنتنت السبل لقتلهم وكان ذلك فتحاً عظيماً. وورد كتاب أبي بكر على الطاهر يأمره بقتالهم، وسماهم الأخابث، وسمى طريقهم طريق الأخابث، فبقي الاسم عليهم إلى الآن. )
السبى والسلب
1 ـ بعد هزيمة طليحة بن خويلد الأسدي قيل عن أتباعه : ( ولم يؤخذ منهم سبي لأنهم كانوا قد أحرزوا حريمهم، فلما انهزموا أقروا بالإسلام خشية على عيالاتهم، فآمنهم. ).أى أطاعوا أبا بكر خوفا من سبى نسائهم .
2 ـ قال شرحبيل بن مسيلمة لقومه : ( يا بني حنيفة قاتلوا فإن اليوم يوم الغيرة، فإن انهزمتم تستردف النساء سبيات، وينكحن غير خطيبات)
3 ـ قاتل خالد المرتدين فى عُمان يقودهم زعيمهم ربيعة : ( فقاتله وغنم وسبى ، وأصاب ابنة لربيعة فبعث بها إلى أبي بكر، فصارت إلى علي بن أبي طالب.). هذا فى توزيع السبايا على الصحابة الأبرار .!
4 ـ ( ... فولى المشركون الأدبار، فقتل منهم في المعركة عشرة آلاف وركبوهم حتى أثخنوا فيهم وسبوا الذراري وقسموا الأموال وبعثوا بالخمس إلى أبي بكر )
5 ـ( وأما مهرة فإن عكرمة بن أبي جهل سار إليهم ....فاقتحم عليهم بلادهم..... فانهزم المرتدون وقتل رئيسهم وركبهم المسلمون فقتلوا من شاؤوا منهم وأصابوا ما شاؤوا من الغنائم، وبعث الأخماس إلى أبي بكر )
6 ـ .ذكر ردة حضرموت وكندة: ( .. وقتلوا فأكثروا، وهرب من أطاق الهرب، وعاد زياد بن لبيد بالأموال والسبي.... )
7 ـ ( واجتازوا بالأشعث، فثار في قومه فاستنقذهم وجمع الجموع. .. فسيره إلى أبي بكر مع السبي. ).
8 ــ بعد قتل مالك بن نويرة ظُلما وسبى نساء قومه جاء أخوه متمم بن نويرة لأبى بكر . تقول الرواية : ( وقدم متمم بن نويرة على أبي بكر يطلب بدم أخيه ويسأله أن يرد عليهم سبيهم، فأمر أبو بكر برد السبي )
ثالثا : خالد بن الوليد ومالك بن نويرة
1 ـ جىء بمالك بن نويرة أسيرا مع قومه . جاءت بهم سرية ( فرقة حربية ) بعث بها خالد بن الوليد ( فجاءته الخيل بمالك بن نويرة في نفر معه ... ) وشهد أبو قتادة وآخرون أن مالك وقومه ( قد اذنوا وأقاموا وصلُّوا ) فأمر خالد بن الوليد بحبسهم فى ليلة باردة . وفى قتلهم تزعم الرواية ( فأمر خالد مناديا فنادى أدفئوا أسراكم، وكانت في لغة كنانة إذ قالوا دثروا الرجل فأدفئوه دفئه قتله ، وفي لغة غيرهم أدفه فاقتله ، فظن القوم وهي في لغتهم القتل أنه أراد القتل فقتلوهم ، فقتل ضرار بن الأزور مالكا ) . هذا خطأ مبين ، لأن لسان كنانة ( قريش ) ليس فيه أن ( دفّأ ) تعنى القتل. القرآن الكريم نزل بلسان عربى ، واللسان القرشى فيه هو الأوضح . وليس فيه أن التدفئة تعنى القتل ، بل لم يرد هذا فى كلام العرب ولا فى أشعارهم .
2 ـ بعد أن قتل خالد مالكا إغتصب زوجته . وصل الأمر الى أبى بكر ، وغضب عمر بن الخطاب . تقول الرواية : ( فلما بلغ قتلهم عمر بن الخطاب تكلم فيه عند أبي بكر فأكثر ، وقال : عدو الله عدى على امرئ مسلم فقتله ثم نزا على امرأته ). وواجه عمر خالدا بنفس الكلام حين رجع لمقابلة أبى بكر ، تقول الرواية ( قام إليه عمر .. ثم قال قتلت امرأ مسلما ثم نزوت على امرأته ) . تعبير ( نزا على إمرأته ) لا يفيد زواجا . زواج الأرملة يستلزم عدة من اربعة أشهر وعشرة أيام ، فإذا ظهر حملها تستمر عدتها حتى تضع حملها . ربما كان قتل مالك بسبب اعجاب خالد بامرأته .
أخيرا :
حتى لا تُنهك قريش نفسها فى حروب آخرى كان الحل الأمثل هو توجيه القوة الحربية للقبائل نحو الخارج ، لم يكن صعبا إقناعهم بأن هذا هو الاسلام ، لأن الفتوحات تعنى لهم أن يستأنفوا ثقافتهم فى الغزو على نطاق عالمى أوسع بمجرد إتهام تلك الشعوب بالكفر ، وتدعيما لهذه الفكرة كان بدء الفتوحات بشهر محرم عام 12 بعد إخماد حروب الردة . تقول الروايات :
1 ـ ( في هذه السنة في المحرم منها أرسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد وهو باليمامة يأمره بالمسير إلى العراق، فسار حتى نزل ببانقيا وباروسما وأليس وصالحه أهلها. وكان الذي صالحه عليها ابن صلوبا على عشرة آلاف سوى حرزة كسرى، ).
2 ـ .ذكر وقعة الثني: ( وسار إليهم خالد فلقيهم واقتتلوا، ، وقتل من الفرس مقتلة عظيمة يبلغون ثلاثين ألفاً سوى من غرق ومنعت المياه المسلمين من طلبهم. وقسم الفيء وأنفذ الأخماس إلى المدينة وأعطى الأسلاب من سلبها، وكانت الغنيمة عظيمة، وسبى عيالات المقاتلة، وأخذ الجزية من الفلاحين وصاروا ذمةً . )
3 ـ .ذكر وقعة الولجة: ( ... وعسكروا بالولجة. وسمع بهم خالد فسار إليهم من الثني فلقيهم بالولجة وكمن لهم فقاتلهم قتالاً شديداً ، فانهزمت الأعاجم، وأخذ خالد من بين أيديهم والكمين من خلفهم ، فقتل منهم خلقاً كثيراً، ، وكانت وقعة الولجة في صفر، وبذل الأمان للفلاحين، فعادوا وصاروا ذمةً، وسبى ذراري المقاتلة ومن أعانهم. )

تعليق بواسطة د. عبد الرزاق علي: لم يكتفوا بالقتل والحرق والسبى بل يريدون أن يدخلوا الجنة

لم يكتف هؤلاء المجرمين أقصد الخلفاء الارهابيين بالقتل والحرق والسبى بل يريدون أن يدخلوا الجنه وصنعوا دينا يعطيهم كل الحق فى دخول الجنه وأخذوا الصك والختم الذى يؤكد لهم هذا تحت مسمى العشره المبشرين بالجنه وغيره من الأحاديث التى وضعوها لوصف مناقبهم.وسيرتهم العطره ياللمراره من هؤلاء الارهابيين .وأنا أشفق على الدكتور أحمد صبحى من تحمله عناء البحث فى تاريخ هؤلاء المجرمين القتله وحتى الى الوقت الحالى مازال الكثير من الناس مقتنعين بأن هؤلاء الارهابيين يستحقون كل التكريم والتعظيم لدرجة أنهم يقدسونهم من دون الله. لقد ذكرنى هذا الانفصام فى الدين والشخصيه بأحد خطباء الجمعه الذى يقول أتسرقون وتقتلون وتزنون وتريدون أن تدخلوا الجنه ياخى أ ح أ.
تعليق بواسطة : سعيد علي
حلول القداسة و غياب العقل النقدي .
تراهم يتحدثون عن هؤلاء بكل فخر .. يصفونهم بأوصاف العدل و الأمانة و في سباق التسنن و التشيع رفع السنة الصحابة و جعلوهم مقدسين فلا تذكر اسم أحدهم إلا و أتبعته برضي الله عنه و رفع الشيعة علي و ذريته لدرجة التقديس و التأليه!!
أي عقل يقرأ أي رواية و يزيح التقديس عن هؤلاء و يضعهم في ميزان العقل سيحكم عليهم بالعدل و الإنصاف حتى النبي محمد عليه السلام فالنبي محمد لا يمثل الإسلام - و هذه عبارة العقل الناقد للدكتور أحمد - فما يمثله الإسلام هو رسالة الله جل و علا القران الكريم .
هؤلاء الصحابة - صحابه الحروب و القتل و الإعتداء و السبي و السلب و النهب - ما هو مستواهم الثقافي و العلمي لا سيما و أن القران الكريم لم يجمع في كتاب واحد و أشك في أن أحدهم يعرف كتابه مقال مرتب و متسلسل و واضح حول قضية من قضايا القران الكريم .
نتخيل وضع المرأة و الأطفال في هكذا ظروف و ظلم و قهر ماذا عن نساء العراق و الشام و فارس و مصر و الأمازيغ .. كم قتل و سبى و نهب : عمرو بن العاص و خالد بن الوليد و عقبة بن نافع و موسى بن نصير ؟ من أسف أن نقرأ التاريخ من مصدر واحد و نصدقه - هنا غياب للعقل الناقد تماما - ماذا عن ثورة البشموريين في مصر .. ماذا عن كسيلة و تهيا في الأمازيغ ؟
تعليق بواسطة آحمد صبحي منصور شكرا د عبد الرزاق وأستاذ سعيد على ، وأقول :
الأمم التى تنظر للخلف فى غضب ونقد وتراجع تاريخها وتنبه على أخطاء وجرائم أسلافها هى التى تتقدم وتمضى الى الأمام .
الأمة التى تقدس السلف تظل محشورة فى جلباب السلف ، وتظل تجتر الماضى ، ولا يمكن أن تتقدم .
لذا لا بد من اصلاح حقيقى للتعليم وإلغاء للأزهر الحكومى وتحويل الأزهر الى جمعية أهلية لا دخل له بالتعليم ولا بالسيطرة على الشأن الدينى . بدون ذلك لن تتقدم مصر .
كتبنا من قبل فى مصر عن ( الاصلاح الدينى أولا . )


( الفصل الخامس )
إعادة الإعتبار ل ( مُسيلمة " الكذاب " )
مقدمة
1 ـ هذا المقال مبنى على المقال السابق عن أبى بكر وحرب الردة. من لم يقرأ المقال السابق ننصحه بكل إخلاص أن يقرأه حتى لا يُفاجأ بهذا المقال عن مسيلمة " الكذاب " .
2 ـ مشكلة مسيلمة " الكذاب " أن التأريخ له كان بعد مقتله بقرنين واكثر ، وأنه كان الطرف المهزوم . وويل للمهزوم من كتابات أعدائه عنه بعد موته .
3 ـ ( الكاذبون ) الذين كتبوا عن مسيلمة " الكذاب " وجدوا كل التشجيع ، فقد أصبح فى الموروث الشعبى شيطانا مرتدا ، وبقدر التقديس لأبى بكر كان الافتراء على مسيلمة ، وإذا كان الكذب على النبى محمد يستدعى مراجعة وتصحيحا للرواة فإن الكذب على مسيلمة منقبة ومفخرة ، بالاضافة الى أنه يجلب الشهرة للقصّاصين .
4 ـ الذين أشاعوا الروايات عن مسيلمة كانوا من ( القُصّاص / القصاصين ) ، ولنا كتاب لم يكتمل عنهم وعن تأثيرهم فى تضخم الأحاديث ( النبوية ) والأحاديث ( القدسية ) و ( المنامات ). حيث كانت تشيع أقاصيصهم الشفهية ، ثم تجد طريقها للتدوين فى ( الحديث ) و ( التفسير ) بعد صناعة إسناد لها يقول ( حدثنا فلان عن فلان عن فلان . الخ أن البنى قال ). أشهر قصصهم فى قصص الأنبياء فى تاريخ الطبرى والثعالبى ومن جاء بعدهم من المؤرخين . وشهرة القصّاصين إمتدت الى العصر المملوكى ، فكتب إبن تيمية فيهم ( أحاديث القُصّاص ) للتنبيه على بعض الأحاديث التى صنعوها .
5 ــ لا ننتظر من ابن تيمية أو غيره أن يشير الى ( أكاذيب القصاصين ) فى أقاصيصهم عن مسيلمة " الكذاب " . وهكذا ظلت هذه الشخصية ملعونة لا تجد من ينصفها . ونحن نفعل هذا ، ليس حُبّا فيه ولا دفاعا عنه ، ولكن إبتغاء الحقيقة .
أولا :
نماذج من إفتراءات القصاصين الكذّابين عن مسيلمة " الكذاب :
1 ـ نسبوا اليه ( وحيا ) يقول : ( والمُبذرات زرعًا، والحاصدات حصدًا، والذاريات قمحًا، والطاحنات طحنًا، والعاجنات عجنًا، والخابزات خبزًا، والثاردات ثردًا، واللاقمات لقمًا، إهالة وسمنا، لقد فضلتم على أهل الوبر، وما سبقكم أهل المدر، ريفكم فامنعوه، والمعتر فآووه، والباغي فناوئوه ) ( والزارعات زرعا، فالحاصدات حصدًا، فالطاحنات طحنا، والخابزات خبزا، والآكلات أكلا، فاللاقمات لقما، إهالة وسمنا، لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض، ولكن قريشا قوم لا يعدلون) . ( وَالطَّاحِنَاتُ طَحْنًا، فَالْعَاجِنَاتُ عَجْنًا، فَالْخَابِزَاتُ خَبْزًا، إِهَالَةً وَسَمْنًا،) ( الْفِيلُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْفِيلُ، لَهُ زَلُّومٌ طَوِيلٌ، إِنَّ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا الْجَلِيل ) ( والشاء وألوانها، وأعجبها السود وألبانها، والشاة السوداء واللبن الأبيض، إنه لعجب محض، وقد حرم المَذق، فما لكم لا تمجعون. ) ( ومن العجائب شاة سوداء، تحلب لبنًا أبيض ) ( يَا ضِفْدَعُ ابنة ضفدع، نِقِّي مَا تَنِقِّينَ، أَعْلَاكِ فِي المَاءِ وَأَسْفَلُكِ فِي الطِّينِ، لَا الشَّارِبَ تَمْنَعِينَ، وَلَا الْمَاءَ تُكَدِّرِينَ) ( لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريش قوم يعتدون.) ( إن بني تميم قوم طهر لقاح، لا مكروه عليهم ولا إتاوة، نجاورهم ما حيينا بإحسان، نمنعهم من كل إنسان، فإذا متنا فأمرهم إلى الرحمن) ( والليل الأطحم، والذئب الأدلم، والجذع الأزلم، ما انتهكت أسيد من محرم ) ( والليل الدامس، والذئب الهامس، ما قطعت أسيد من رطب ولا يابس) ( وَالشَّمْس وَضُحَاهَا في ضوئها ومنجلاها، وَاللَّيْل إِذا عَداهَا يطْلبهَا ليغشاها فأدركها حَتَّى أَتَاهَا وأطفأ نورها فمحاها. ) ( اذكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم واشكروها إِذ جعل لكم الشَّمس سِرَاجًا والغيث ثجاجا، وَجعل لكم كباشا ونعاجا وَفِضة وزجاجا وذهبا وديباجا، وَمن نعْمَته عَلَيْكُم أَن أخرج لكم من الأَرْض رمانا وَعِنَبًا وريحانا وحنطة وزوانا) ( إن الله خلق النساء أفواجا، وجعل الرجال لهن أزواجا، فنولج فيهن قَعسا إيلاجا، ثم نخرجها إذا شئنا إخراجا، فينتجن لنا سِخالا نِتاجا ) ( إنكن معشر النساء خلقتن أفواجًا، وجعلتن لنا أزواجًا، نولجه فيكُنّ إيلاجًا ) ( ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، ما بين صفاق وحَشا. ) ( سبح اسم رَبك الْأَعلَى، الذي يسر على الحبلى، فَأخرج مِنهَا نسمَة تسْعى، من بَين أحشاء ومعى، فَمنهم من يموت ويدس في الثرى، وَمِنهم من يعِيش وَيبقى إِلَى أجل ومنتهى، وَالله يعلم السر وأخفى، وَلَا تخفى عَلَيهِ الآخِرَة وَالأولَى. ) ( إنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْجَمَاهِرْ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَهَاجِرْ، وَلَاتُطِعْ كُلَّ سَاحِرٍ وَكَافِرْ ) ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْجَوَاهِرْ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَهَاجِرْ، إِنَّ مُبْغِضَكَ رَجُلٌ كَافِرْ. )
ونقول : هذا كلام صنعه القصاصون فى العصر العباسى . لا نتصور أن رجلا عربيا يقوله ليجعل الناس تؤمن به ، ويزعم أنه وحى إلاهى كالقرآن الكريم . لقد تحدّى الله جل وعلا العرب أن يؤتوا بسورة واحدة من القرآن فعجزوا . ومسيلمة يعرف هذا ، فكيف له وهو يريد أن يجتمع الناس حوله أن يقول لهم هذا الكلام الساقط ؟ سيكون هذا أكبر دليل على كذبه .
2 ـ رواية تحالفه مع سجاح التى زعمت النبوة . يزعمون أنه أغراها بالزواج فأسرعت بالقبول . والرواية وضيعة وهابطة ومن نوعية الروايات ( البورنو ) ، ونضطر لذكرها : ( وقد ضرب لها قبة وخمرها لتذكر بطيب الريح الجماع، واجتمع بها، فقالت له: ما أوحى إليك ربك؟ فقال: ألم تر إلى ربك كيف فعل بالحبلى، أخرج منها نسمةً تسعى، بين سفاق وحشىً قالت: وماذا أيضاً؟ قال: إن الله خلق النساء أفراجاً، وجعل الرجال لهن أزواجاً، فتولج فيهن قعساً إيلاجاً، ثم تخرجها إذا تشاء إخراجاً، فينتجن لنا سخالاً إنتاجاً. قالت: أشهد أنك نبي. قال: هل لك أن أتزوجك وآكل بقومي وقومك العرب؟ قالت: نعم. قال:
ألا قومي إلى النيك ** فقد هيي لك المضجع

فإن شئت ففي البيت ** وإن شئت ففي المخدع

وإن شئت سلقناك ** وإن شئت على أربع

وإن شئت بثلثيه ** وإن شئت به أجمع

قالت: بل به أجمع فإنه أجمع للشمل. قال: بذلك أوحي إلي. ) . هل كان الراوى ـ فى العصر العباسى ـ شاهدا عليهما ؟ العادة أن القصاصين يستميلون السامعين بأقاصص الجنس والأشعار .
ثانيا
محمد عليه السلام ومسيلمة " الكذاب "
بعيدا عن الأكاذيب نسال :
1 ـ هل لو إرتد مسيلمة فى عهد النبى محمد عليه السلام ، ماذا كان سيفعل معه ؟ سيحزن فقط . وكان يحزن عندما يرتد بعضهم وينزل عليه الوحى ينهاه عن الحزن ( آل عمران 176 ) ( المائدة 41 ) ( لقمان 23 ).
2 ـ هل كان النبى محمد عليه السلام سيرسل جيشا لاكراه مسيلمة وغيره فى الدين ؟ هذا مستحيل . قال له ربه جل وعلا : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) يونس ) وأنزلها حكما أساسا ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ ) (256)البقرة ). ثم إن القتال فى الاسلام هو لرد العدوان فقط ، وعندما يتوقف العدوان يتوقف القتال الدفاعى ، ورد العدوان هو بالمثل قصاصا دون تجاوز ( 190 : 194 البقرة ) .
4 ـ إذن كيف كان سيتصرف النبى محمد عليه السلام مع من يخرج عن الاسلام ويظل فى حاله لا يعتدى على الدولة الاسلامية ؟ كان النبى سيتعامل معهم بالبرّ والقسط . قال جل وعلا : ( لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9) الممتحنة )
ثالثا
أبو بكر ومسيلمة
لو كان مسيلمة يلبس حذاءا فإن حذاءه أشرف من أبى بكر . مسيلمة لم يهاجم المدينة . رفض هيمنة قريش ، ولأن أبا بكر يعتبر العرب ملكية خالصة له ولقومه قريش فقد حاربهم ليكونوا رعيّته . رفض مسيلمة أن يكون رعية مملوكة لآبى بكر فحارب دفاعا عن أرضه وقومه . هنا بطل يدافع عن شرفه وشرف قومه ، وفى المقابل ( مجرم ) يعتدى ، يقتل ويحرّق ويسلب وينهب ويسبى النساء . لا يمكن أن نساوى بين البطل الشريف والمجرم الأثيم . قد يقال : ولكن مسيلمة زعم النبوة . ونقول من أعطى أبا بكر الحق فى أن يقيم يوما للدين والحساب قبل يوم الدين والحساب ؟ إن أبا بكر بهذا جعل نفسه إلاها . ونتذكر قوله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : (مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (80) النساء ) ( وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107) الأنعام ) ( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ ) (48) الشورى ). ثم هناك الأخطر ، فأبو بكر جعل عدوانه هذا دينا ، وهذا إعتداء على الرحمن جل وعلا . وابو بكر هو إمام لكل من يستخدم الدين فى الاعتداء .
رابعا :
مسيلمة وزعم النبوة
دعنا نتفق على أن مسيلمة قد زعم النبوة . وتلك خطيئته الكبرى .. ولكنه :
1 ـ زعم النبوة ولم يجحد نبوة محمد عليه السلام .
2 ـ زعم النبوة ولم يطعن فى شخص النبى محمد عليه السلام . فى العصر العباسى تكفلت الأحاديث فى الطعن فى النبى محمد وتشويهه ، وقد عرضنا لطرف من ذلك فى كتابنا ( القرآن وكفى ) ، عن مفتريات البخارى عن النبى . الفارق هنا أن مسيلمة الذى لم يطعن فى النبى جعلوه كذابا ، أما البخارى فقد جعلوه إلاها .!!
3 ـ زعم النبوة ولم يزعم الألوهية . زعم الألوهية عادة سيئة فى أديان المحمديين الأرضية الثلاثة . والاستشهادات موثقة فى كتبهم ، ولا ينكرها أحد . وإذا كان ممكنا أن نشكّك فى أن مسيلمة زعم النبوة لأن ذلك غير موثق فى كتاب كتبه مسيلمة فإن أئمة المحمديين كتبوا آلاف المجلدات فى تأليه أئمتهم . منها سريعا :
3 / 1 : الخليفة المعتدل المعز الفاطمي هو الذي مدحه الشاعر ابن هانيء الاندلسي بقصيدة أولها:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القــهار
3 / 2 : أبو حامد الغزالى جعلوه ( حُجّة الاسلام ) وقالوا عن كتابه ( إحياء علوم الدين ) : ( كاد الإحياء أن يكون قرآنا ). يقول الغزالى فى كتابه هذا : ( حكي أبو تراب النخشبي أنه كان معجبا ببعض المريدين .. فقال له أبو تراب مرة : لو رأيت أبا يزيد ؟ ( البسطامي ) فقل : إني عنه مشغول ، فلما أكثر عليه أبو تراب من قوله : لو رأيت أبا يزيد هاج وجد المريد ، فقال : ويحك ، ما أصنع بأبي يزيد ؟ قد رأيت الله تعالى فأغناني عن أبي يزيد ، قال : أبو تراب : فهاج طبعي ولم أملك نفسي ، فقلت : ويلك تغتر بالله عز وجل ، لو رأيت أبا يزيد مرة واحدة كان أنفع لك من أن ترى الله سبعين مرة ،)
3 / 3 : فى ( طبقات الشرنوبى ) فى مناقب الولى الصوفى المصرى ابراهيم الدسوقى قوله عن نفسه : ( من كراماتنا: قال لي ربي أنت من نوريتي يا إبراهيم ... وأني لما وردت علي النيران هربت خوفا مني فرفصتها برجلي فصارت رمادا وصرخت عليها فغلقت أبوابها السبع ، تكرم ربي عليّ أنا وأتباعي بدخولهم الجنة كرامة لأجلي ، أني سددت أبواب جهنم السبع بفوطتى وفتحتها لأعدائي وأدخلتهم فيها ، أني فتحت أبواب الجنة الثمانية بيدي وأدخلت أمة محمد صلي الله عليه وسلم فيها .. أن صنج الميزان بيدي أصير حسنات مريدي أثقل من سيئاته ومسيت عليها ببيدي فصارت سيئات المنكرين عليً أثقل من حسناتهم ولو كانوا مطيعين.. أنه إذا دعاني مريدي أجبته ولو خلف قاف .. أني أدخل أتباعي يوم الحشر أعلا مرتبة من أتباع غيري .. لا يفرغ أجل مؤمن حتي نعرف فروغ أجله ولا يموت أحد في ليل أو نهار حتي تأتيني روحه إن شئت رددتها إليه وإن كان فرغ أجله أجمعها من حينئذ فيموت .. أنه أذن لي ربي أن أتكلم وأقول أنا الله فقال لي قل أنا الله ولا تبالي ..أنه إذا وفت الدنيا ميعادها ثم نفخ اسرافيل في الصور فلا ينفخ إلا بإذني .. وفكيت طلاسم سورة نوح فأدخلت قومه النار وقلت هذا جزاء القوم الكافرين فقالوا لي من أنت قلت لهم أنا إبراهيم.. ) .
أخيرا
1 ـ جعلوا مسيلمة كذابا لأنه ـ فيما قالوا عنه ـ زعم النبوة . أما اشد البشر كفرا من أبى بكر الى الغزالى وابراهيم الدسوقى وغيرهم فهم آلهة .
2 ـ أين حُمرة الخجل ؟

تعليق بواسطة مصطفى اسماعيل حماد استفسار

هل تقصد بأديان المحمديين الثلاثة السنة والشيعة والمتصوفة؟
تعليق بواسطة د. عبد الرزاق علي ويل للمهزوم من كتابات أعدائه عنه بعد موته
فكرة مقال أستاذنا الدكتور أحمد صبحى هى التفكير العقلانى بعيدا عن فكرالمحمديين المتجمدين فى ثلاجة التراث لأن دين مسيلمه مهما كان تجاوزه فهو أفضل من دين المحمديين:
1- أولا أننا نشكك فى الروايات التى رووها عن مسيلمه لأننا متأكدون من كذبهم فلقد كذبوا على الرسول محمد عليه السلام , فمنهجيا تعتبر رواياتهم هى الكذب بعينه لأنهم مردوا على الكذب والتاريخ شاهد على كذبهم.
2- مسيلمه لم يعتدى على أحد بالقتل أو النهب أوالسبى مثل أبوبكر ومن تأسى بسيرته من بعده.بل أنه كان الطرف المهزوم . وويل للمهزوم من كتابات أعدائه عنه بعد موته كما يقول أستاذنا الفاضل الدكتور أحمد صبحى.
تعليق بواسطة آحمد صبحي منصور
شكرا د مصطفى و د عبد الرزاق ، وأقول :
1 ـ انتشرت أديان أرضية بين المحمديين تحت مصطلح ( الملل والنحل ) الى درجة تأليف كتب فيها كما فعل الأشعرى والشهرستانى وابن حزم والملطى ، لكن الذى صمد وانتشر ولا يزال هو السنة والتشيع والتصوف ، ثم بقايا للأباضية من الخوارج . تحديد مفهوم الدين الأرضى الشيطانى هو الزعم بوحى من لدن الله جل وعلا . وهم مختلفون ، منهم من يجعلها ( أحاديث ) نبوية وقدسية ، ومنهم من يجعلها منامات أو هاتفا أو علما لدنيا . المؤمن يخاطب ربه فى الدعاء وفى الصلاة . أما حين يزعم إن الله جل وعلا يخاطبه ويوحى اليه فهو من شياطين الانس والجن ومنشىء لدين أرضى شيطانى .
2 ـ مسيلمة : الكذاب : ليس وحده المهزوم الذى كتب خصومه تاريخه . هناك أبطال كثيرون دافعوا عن أوطانهم وأهاليهم ، ولقوا حتفهم ، واسترق الخلفاء الملاعين ذرياتهم وسلبوا أوطانهم وإغتصبوا نساءهم وبناتهم . ثم جاء المؤرخون يتشفٌّون فيهم يصفونهم بالكفر . الذى يوالى الظالم يشاركه فى الإثم . نقول هذا لمواشى المحمديين . من لا يعجبة كلامنا فعليه بأقرب خازوق يجلس عليه ويغنى ( ظلموه ).! نحن حين نكتب نضع القلم فى أعين المعتوهين . ولسنا آسفين .!!
تعليق بواسطة سعيد علي
نقد التاريخ بعقل قراني - التدبر -
من أسوأ اساليب التغييب للعقل الذي مارسه من وضع مناهج التعليم في المدارس و الكليات و الجامعات هو اسلوب الحفظ و التلقين و استدعاء الحفظ .. من أسف غاب العقل النقدي عن كل هذا الكفر بالقران الكريم .. في صالون إبن خلدون أتى الدكتور أحمد بفكرة المحاكمة و حاكم شخصيات معاصرة منها الشعراوي ماذا لو حاكمنا الشخصيات التاريخية في التاريخ الإسلامي بمنظور قراني ؟
ماذا لو نحيينا القداسة جانبا و وضعنا كل تلك الشخصيات في لائحة الإتهامات ؟ كيف نتصور معاناة السبايا و نقلهم عبر وسائل مهينة و عرضهن في سوق !! كيف نتصور هذا المشهد و مشاهد كثيرة صورتها لنا كتب التاريخ بالفخر و الإعتزاز !!! بينما هي أشد الظلم و الكفر بالقران الكريم ..
تعليق بواسطة آحمد صبحي منصور
شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، واقول :
كيف يمكن للعراق مثلا ان يتقدم واهله يعيشون الصراع بين على ومعاوية و بين الحسين ويزيد بن معاوية ؟ هل يمكن أن يتقدم المصريون وهم لا يزالون أسرى لعبادة البشر والحجر ؟ حتى فى السياسة هناك أصنام مصنوعة مهما كانت خطاياهم . هناك من لا يزال يقدس صدام وعبد الناصر.
من مشروعات كتبى فى التسعينيات فى مصر كتاب ( أنظر خلفك فى غضب ) .

الخاتمة
نرجو أن تتضح الصورة ، وهى أن ( مسلمة الكذاب ) أفضل من أبى بكر وصحبه . وأن مسيلمة مع كفره فإن دينه لا يصل فى السوء ما وصل اليه دين أبى بكر . دين مسيلمة لم يترك أثرا بعده سوى السخرية منه ، ولكن دين أبى بكر هو الذى نشر الكفر بالاسلام فى العالم على أنه الاسلام ، وهو الذى أسّس الأديان الأرضية لمن نسميهم ب ( المحمديين ) ، وأن ما تسببت هنه ( الفتوحات ) من ( الفتنة الكبرى ) لا يزال المحمديون يسيرون فى نفس النفق من التفرق والتقاتل ، وفى نفس تقديس صحابة الفتوحات ، مع إختلاف بينهم .
نرجو أن يكون هذا الكتاب عاملا فى نشر التنوير الاسلامى ، ومواجهة للتجهيل السُّنّى ..
والله جل وعلا هو المستعان .
أحمد صبحى منصور
فيرجينيا . الولايات المتحدة
قى فجر الجمعة التاسع من ديسمبر 2022
اجمالي القراءات 1528