شعيرة الصلاة من القرآن
الصلاة الحركية

مصطفى اسماعيل حماد في الأحد ٠٤ - ديسمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

الصلاة الحركية من القرآن الكريم
الذين يعترضون على الصلاة الحركية ويفسرون السجود بانه مجرد الخضوع لله ولم تكفهم الآية الكريمة-وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰ أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ‎﴿١٠٢﴾‏ ،وهى تتضمن تصويرا حيا للصلاة الحركية بدليل بدء الآية التالية بالعبارة الكريمة فإذا قضيتم الصلاة،أى أنه كانت هناك صلاة عملية،ونفس القول ينطبق على آية سورة الجمعة : فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوامِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ‎﴿١٠﴾‏
الذين لم تكفهم هذه الآية أتوجه إليهم بسؤال محدد ،عندما أمر الله رسوله الكريم فى سورة ق: فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ‎﴿٣٩﴾‏ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ‎﴿٤٠﴾‏أى أمره بالتسبيح قبل طلوع الشمس وقبل غروبها أى فى أوقات محددة ثم أضاف أمرا آخر بالتسبيح أدبار السجود أتساءل إذا كان السجود هو فقط الخضوع لله تعالى فهل تكون له أوقات خاصة ؟أى هل نخضع لله تعالى فترة ما ثم لانخضع له فترة أخرى ونسبح فقط بعد الفترة الخاصة بالخضوع؟ مفروض أن الخضوع لله تعالى دائم ومستمر وليست له بدايات ولا أدبار،إذن فالمعنى لايستقيم أبدا إلا إذا اعتبرنا وجودا ما للسجود الحركى كى يعقبه فترات نسبح فيها بحمد الله تعالى.
ويقول تعالى فى سورة السجدة: إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩ ‎﴿١٥﴾‏ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ.
مامعنى خروا سجدا؟الفعل خر جاء فى القرآن الكريم فى أكثر من آية وهو بمعنى سقط أووقع ولنتأمل الآيات الكريمة:وخرَّموسى صعقا،فكأنما خرَّمن السماء،وخرعليهم السقف من فوقهم كماجاء الفعل خر مقترنا بالسجود،وخرُّواله سجدا،يخرون للأذقان سجدا،خروا سجدا وبكيا ،هل لكلمة خرَّمعنى آخر غيرسقوط الوجه على الأرض؟
يقول تعالى:فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)الحجر ،هل للوقوع معنى آخرغيرالسقوط على الأرض؟ نفس القول ينطبق على قوله تعالى:فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) الشعراء
يقول تعالى فى سورة الفرقان:وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64)،وفى سورةالزمر: (أمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا (9)،فجعل سبحانه وتعالى القيام مقابلا للسجود .
يقول تعالى فى سورة الفتح: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا؛أى أن هناك من الركوع والسجود ما يُرى عيانا،فهل ياتُرى نستطيع أن نرى الخضوع والإنصياع والإمتثال لإرادة الله كأشباح مجسدة أمام أعيننا؟
يقول تعالى فى سورةالتوبة: التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112)
تضمنت هذه الآية الكريمة منازل السالكين إلى الله تعالى كما يلى:
1-منزلة التوبة :وتتجلى فى الرجوع إلى الله تعالى والإنابة إليه والإقلاع عن العصيان والغفلة والضلال.
2-منزلة العبودية المطلقة:وتتجلى فى التذلل والتعبد والطاعة والإتباع في جميع ما يريد الله ويأمر وينهى.
3-منزلة الحمد:وتتمثل فى رضى العبد وطمأنينة نفسه وقبول قضاءالله تعالى وحكمه مع حمده وشكره على كل حال.
4-منزلة السياحة: وهى سير معنوى وحركة تدبرية فى كتاب الله تعالى ومحاولة إدراك معانى أسمائه وصفاته وتجلياته وتحصيل المعارف الإسلامية الصحيحة وذلك بتهذيب النفس وتزكيتها وتسليمها الكامل لله تعالى.
5-منزلة الركوع :وهى تحقق الخضوع والخشوع التام لله تعالى ومنه المعنوى والحسى.
6-منزلة السجود:وهى المرحلة التى يتجلى فيها الإخلاص الكامل لله تعالى والتعلق بوجهه الكريم وذكره واستحضاره جل شأنه فى كل تصرف يقوم به العبد ومنه أيضا المعنوى والحسى.
7-منزلة التعامل مع الخلق :وهى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكروالإلتزام بأوامر الله ونواهيه.
مايهمنا من تفسير هذه الآية الكريمة هو أن ندرك أن التوبة والعبادة والحمد والسياحة قد اشتملت على كل معانى الإنابة والخضوع لله وحمده وذكره وطاعته وتدبر آياته والرضى بقضائه فماذا بقى للسجود المعنوى؟لاشيء.
ولما كانت بلاغة القرآن لاتقبل التكراربلاضرورة فعليه لاتحتمل كلمتا( الراكعون الساجدون )فى هذه الآية غير السجود الحركى والركوع الحركى.
ثم تعالوا لنتدبر معنى كلمة مسجد،يقول تعالى فى سورة الأعراف: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ‎﴿٣١﴾‏ تأملوا عند كل مسجد مما يوحى بأن كلمة مسجد إسم لمكان يتم فيه السجود، ربما اعترض البعض بأنها قدتعنى وقت السجود فنرد بآية سورة الكهف: وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا ‎﴿٢١﴾‏ وإذابقى فى صدرالبعض شيء فسنستعين بآية سورة الإسراء: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ‎﴿١﴾‏ أى أن الرسول عليه السلام قدانتقل من مكان إلى مكان فهل بقى لدى البعض أدنى شك فى أن المسجد هو مكان يتجمع فيه المسلمون لإقامة الصلاة بما تتضمنه من قيام وركوع وسجود؟أم أن تجمعهم فى مكان واحد حول الرسول ليقيم فيهم الصلاة لايعنى سوى انفراد كل منهم بنفسه كى يخضع لله تعالى كلُّ بطريقته؟ لم اجتمعوا حول الرسول إذًا؟
قد يقول قائل بأن إقامة الصلاة تعنى قراءة القرآن فنرد بأن تلاوة القرأن جاءت صريحة ومباشرة فى مواضع كثيرة من كتاب الله تعالى وعلى سبيل المثال لاالحصر:يتلوصحفا مطهرة،يتلو عليهم آياته.
هذاهو فى رأيى معنى السجود من القرآن الكريم فلا لزوم لشطط المتعسفين الذين لاهم لهم سوى هدم شعائرديننا ،ويبقى سؤال،مادلالة قوله تعالى تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا،إنهم يستطيعون الدعاء وهم نيام ويستطيعون ذكرالله على جنوبهم كما جاء فى سورة النساء،إذن مادلالة تتجافى جنوبهم؟دلالتها أنهم يغادرون فُرُشهم الوثيرة الدافئة فى البرد القارس ليغتسلوا ويتطهروا ويؤدوا الصلاة الحركية رغم أنف شطط الغلاة والمتعسفين.
اجمالي القراءات 1900