هل يصبح جمال مبارك رئيساً

شادي طلعت في الأربعاء ١٢ - أكتوبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً


بدأ الحديث مؤخراً عن جمال مبارك كمرشح رئاسي قوي، ولم لا وهو نجل الرئيس الراحل/ حسني مبارك، وأنصار هذا التيار يرتكزون في نظريتهم تلك على عدة محاور هي :

أولاً/ أن الشعب قد إستشعر قيمة حسني مبارك، خاصة بعد تجربته المريرة تحت حكم عبدالفتاح السيسي، والذي تدنى في عهده الإقتصاد إلى درجات باتت غير محتملة، على عكس(مبارك) الذي كان الإقتصاد في عهده في أبهى صوره بالنسبة لدولة فقيرة ونامية مثل مصر.

ثانياً/ يراهن أنصار هذا التيار على أن (جماعة الإخوان المسلمين) ستؤيد وبقوة ترشح (جمال مبارك) نظراً لأن الجماعة كانت في أزهى عصورها في عهد الرئيس مبارك، وستعود لعهدها إن أصبح نجله رئيساً للبلاد.

ثالثاً/ يرى أنصار هذا التيار أن ترشح (جمال مبارك) سيكون توافقياً بين كافة أطياف التيارات السياسية المعارضة حالياً لنظام حكم الرئيس/ السيسي، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.

والواقع أن رؤية هذا التيار وجيهة وجديرة بالإحترام، ولكن ... لننظر بعين التجرد بعيداً عن التحيز والأماني الزائفة فــ سنجد التالي :

الأمر الأول/ أسوأ أيام مرت على (عائلة حسني مبارك)، كانت التالية على ثورة ٢٥ يناير، ففيها دخل الرئيس السابق ونجليه السجون، وذاقوا فيها مرارة الأيام، فمن قمة السماء السابعة إلى الأرض السابعة.
بينما بدأت الحياة تعود لعائلة مبارك بعدما تولى (عبدالفتاح السيسي) رئاسة البلاد، ففي عهده أصبحوا خارج الأسوار الحديدية، ولم يقترب (السيسي) من ثرواتهم، وسمح لهم بالتجول بحرية كاملة، بل سمح لــ (جمال مبارك) بالتحرك الذي يشير بأنه مرشح رئاسة قادم.

وبالتالي :
فإن عائلة حسني مبارك لن تنسى أبداً أيام الذل، والهوان التي ذاقوا مرارتها، وقت أن كانت المعارضة لــ (حسني مبارك) تدير أمور الدولة بعد ثورة يناير، وكانت (جماعة الإخوان المسلمين) محرك رئيس في أحداث ما بعد الثورة.
كما لن تنسى عائلة (مبارك) فضل الرئيس/ السيسي عليهم، والذي رفع الخطر عنهم، وأعادهم إلى الظهور بين علية القوم من جديد.

الأمر الثاني/ لم يكن لظهور (جمال مبارك) يوم السادس من أكتوبر ٢٠٢٢ سواء في زيارته لقبر الرئيس السادات أو قبر الرئيس مبارك، إلا ردة فعل على عدم زيارة (السيسي) لقبر (مبارك)، والذي هو أحد أبطال حرب أكتوبر، فكان لزاماً على العائلة أن تشير بالعرفان إلى صاحب الضربة الجوية الذي تجاهلة السيسي عمداً.
وبالتالي :
لو كان هناك ضغينة فيما بين عائلة مبارك وبين السيسي، لوجدنا الشقيق الأكبر (علاء مبارك) في صحبة الأصغر (جمال مبارك) في ذكرى يوم السادس من أكتوبر ٢٠٢٢.
إلا أن عدم ظهور الشقيق الأكبر كان رسالة لــ السيسي مفادها :
أن عائلة مبارك فقط تعتب على السيسي عدم زيارته لقبر الرئيس/ مبارك، ليس أكثر من ذلك.

الأمر الثالث/ هل تأمن المعارضة لــ (جمال مبارك) لو أصبح رئيساً :
في الواقع أن المعارضة لن تأمن أبداً إن أصبح نجل مبارك رئيساً، وذلك لعدة أسباب منها :
- (جمال مبارك) ليس ببعيد عن المؤسسة العسكرية، بل هو الأقرب إليهم أكثر من أي مرشح آخر حتى ولو كان عسكرياً، إنه إبن حسني مبارك، الرئيس الذي دام حكمه ثلاثين عاماً، وظل القائد الأعلى للقوات المسلحة طيلة هذه الفترة.

وبالتالي :
سيكون ولاء (جمال مبارك) للمؤسسة العسكرية في المقام الأول، ولا ننسى أن ما بين المؤسسة العسكرية، والمعارضة بكل أطيافها .. خلاف قد وصل لذروته.
فالمعارضة إن تمكنت من الحكم ستقصى حتماً المؤسسة العسكرية من ساحة السياسة، بل ستسعى لمحاسبة أي قيادة عسكرية ثبت فسادها.

في النهاية :
قد يترشح جمال مبارك للرئاسة، وقد يصبح رئيساً كما يرى البعض.
إلا أنني أرى أن ثورة ٢٥ يناير لم تنتهي بعد، وأرى الثورة نار تأكل متقدمي صفوفها، وها هي الأيام الماضية تثبت لنا نظرية النار تلك.
فإذا ما تقدم جمال مبارك أو غيره للصف الأول، فسيحترق كما إحترق كل من سبقوه.
بيد أنني حتى كتابة هذه السطور لا أشعر بقلبي أن جمال مبارك سيصبح رئيس، ولا أرى بعقلي أن هذا الأمر ممكناً.

وعلى الله قصد السبيل

شادي طلعت
اجمالي القراءات 3609