هل شوه الفن المصريين أم نقل حقيقتهم

شادي طلعت في السبت ٢٤ - سبتمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً



تعددت الكتابات النثرية من مقالات، بل وأشعار أيضاً، موجهة سهام النقد الحادة لكافة الأعمال الرمضانية لعام ٢٠٢١م، وألقت بالاتهامات على صناع الفن، والدراما بأنهم قد شوهوا صورة للشخصية المصرية للأسباب التالية :

- إظهار العنف على أنه من طبيعة المصريين وهو عنف المصري ضد المصري، وليس عنف المصري ضد السلطة.

- إظهار ملامح البلاهة في أحيان كثيرة للشخصية المصرية.

- إظهار المخدرات على أنها مرتبطة بالغالبية من الشباب.

- غياب المروءة والشهامة من عند الناس إلا قلة قليلة.

والواقع أني لم أتابع أي من الأعمال الدرامية التي قدمت في رمضان ٢٠٢١م، نهائياً، وذلك لعشقي للأعمال التاريخية في المقام الأول، والتي باتت في عداد أموات الدراما المصرية.

لكن على الجانب الآخر، وجدت هجوماً شديداً على كل ما تم تقديمه من دراما، فسألت نفسي سؤال :
هل يتم التجني على الشخصية المصرية، أم أن الدراما كانت ناقلة لصورتها ...
.............

والواقع أن الدراما كانت ناقلة للصورة المصرية بشكل صريح وفج.
وهذا في حد ذاته خطأ كبير، فقد غابت الرقابة عن دراما رمضان.
والرقابة هنا ضرورية .. ليس للحد من حرية الإبداع، وإنما للحد من إنتشار الرذيلة، والتي باتت أمراً طبيعياً في الحياة المصرية، فما العجب أن تنتقل إلى الشاشات !.

قد تكون المواجهة بالموبقات وسيلة للحد منها، وهذا فرع من فروع علم النفس، ولكن .. هذا في حالة إذا ما كان هدف الدراما بالفعل، هو الحد منها، أو القضاء عليها.

أما وإن كانت الدراما لا تهدف إلا لجني المال فقط، فهذا إمر مختلف.

وأما عن ضآلة وسامة وجمال نجوم الدراما، فلنا وقفة :

فإن كان الشارع يعترض على بزوغ ممثل هو/ محمد رمضان، فإنه إعتراض غير مبرر، ذلك لأن محمد رمضان، مصري مثله كمثل باقي ملايين المصريين.
وبالتالي لا يجوز مقارنته بنجوم سابقين كانوا يتمتعون بالوسامة مثل أنور وجدي أو أحمد رمزي أو عمر الشريف إو رشدي أباظة .... إلخ.
فأغلبهم لم يكن من أصول مصرية، والدليل أن أشباه محمد رمضان في الشكل هم بالملايين من الشباب، سواء في الملامح، أو لون البشرة، أو الشعر الأجعد، أما النجوم السابقين، فلن نجد لهم أشباه من المصريين ... لا أحد.

وعلى غرار محمد رمضان سنجد أن وجوه مثل منى زكي أو حنان ترك أو سمية خشاب ... إلخ، تلك جميعاً وجوه أيضاً مصرية، لا علاقة لها بوجوه قديمة لم تكن أصولها مصرية، مثل ماري كوين أو مريم فخر الدين أو ماجدة أو غيرهن.

فالوجه المصري، حقيقته أنه متواضع في الجمال، فلماذا ننكر تلك الحقيقة، ومن ينكرها عليه أن ينظر لنفسه في المرآة، وأن ينظر حوله.

فليس لضآلة وسامة أو جمال النجوم سبباً في إنهيار الدراما، وإنما السبب الحقيقي هو سوء النص المقدم، رداءة القصة والسيناريو والحوار.
إذ لا تفسح الفرصة للمبدعين، فأصبحت الدراما تنقل الصورة بشكل أكثر تشويهاً، وفي أحيان أخرى تقتبس النصوص من الخارج، وبسبب غياب المبدعين، تعرض من دون دراسة أو وعي.

في النهاية :
حتى وإن كانت الصورة في مصر سيئة، فما كان ينبغي للدرامة إن تركز على كل ما هو سيء فقط، وتعرضه بشكل فج، ولا تكون النهاية عبرة لكل من تسول له نفسه إرتكاب الجريمة سواء في حق الغير أم حق نفسه.

وما زاد تشويه صورة الشخصية المصرية إلا الدراما غير الهادفة، فأصبحت تتغنى بأنها تنقل صورة حية من الواقع، مع أن هذا الواقع ما كان له أن يترسخ في وجدان المصريين، إلا بعون ومساعدة الدراما الرخيصة، التي لا تسعى إلا لجني المال فقط.

أسأل المولى الحكمة والهدى

شادي طلعت
اجمالي القراءات 1406