تابع قضية الطفل شنودة الجزء الثانى والأخير

محمد صادق في الجمعة ٢٣ - سبتمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

تابع قضية الطفل شنودة
الجزء الثانى والأخير
بسم الله الرحمــــن الرحيم
أبدأ بتنويه لمن يهمه الأمر:
الطفل شنودة ضحية تفسيرات خاطئة من بعض رجال الدين، نداء لمن بيده الأمر أن يضع حلا لهذه المشكلة الشائكة ،لأن عواقبها مزلزلة ووخيمة على الشعب المصرى .
مقدمة الجزء الثانى والأخير:
موقف الطفل شنودة حتى وقت كتابة هذا المقال:
أولا- قالوا أن الطفل شنوده مجهول الهوية وبما أن دين الدولة الإسلام طبقا للمادة الثانية من الدستور فهو مسلم بالفطرة وبالقانون والدستور . وإعتمدوا فى ذلك على آية الفطرة و حديث أبى هريرة، ثم المادة الثانية من الدستور.
أية الفطرة :
{ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (29) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) } (سورة الروم 30)
ثانيا- وإعتمدوا على حديث عن أبي هريرة قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء) .
التحليل:
أولا- المادة الثانية من الدستور تنص على ان دين الدولة هو الإسلام ، وهذا صحيح ولكن توجد فقرة فى نفس المادة تقول أن غير المسلمين يحتكموا لشريعتهم ، وان شريعة الملة المسيحية يوجد فيها التبنى ولكن معطلة ،فهنا يجب تفعيلها مرة ثانية . أو وجب المادة الثانية من الدستور بأكملها لتناسب التعددية الدينية فى المجتمع المصرى .ويتمته الجميع بحريته الدينية وخاصة فى قوانين الأحوال الشخصية .
أما الراى الذى يقول بأن مجهول الهوية يكون مُسلما بالفطرة لأن دين الدولة الإسلام ، فهذة المقوله لها شقين :
1- بالنسبة لموضوع الفطرة فقد تكلمت عنها فى الجزء الأول بإستفاضة ، فأرجو الرجوع إليها.
2- أما بالنسبة لمجهول الهوية فإن القرارغيرعادل لأنهم أخذوا برأى واحد ولم ينظروا إلى أراء أخرى يجوز أن يكون فيها شيئ من الرحمة وبعيدةعن التعصب لرأى واحد الذى يؤدى إلى ما يسمى بالفوضى الدينية التى تُحمد عقباها. وإن معظم التفاسير فى مصر تتبع فقه أبى حنيفة ، فنرى سويا ما رأى أبو حنيفة فى الموضوع:
رأى أبو حنيفة فى اللقيط أو مجهول الهوية:
والصحيح رواية اعتبار اللقيط مسلماً بحسب حال الواجد أو المكان، فإذا وجده مسلم في بلد إسلامي يعتبر مسلماً تبعاً للدار، وإذا وجده كافر في دار الإسلام كان مسلماً، أو وجده غير مسلم أو مسلم في كنيسة كان ذمياً (أي معاهداً). يعني أن الأقوال عند الحنفية ثلاثة: العبرة للمكان، أو العبـرة للواجد، أو العبرة للمكان و الواجد، والقـول الثالث هو الأصح.
هذه الاية من سورة الأحزاب تشير إلى التبنى وتوضح بعض الحقائق ( ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ ) التى تفيد فى هذا الموضوع.
{ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5) (سورة الأحزاب 5)
سورة الأحزاب أية 5 ربما تكون لها علاقة بهذا الموضوع وخاصة أن الاية تتكلم عن الأباء وليس الوالدين ( تنطبق على حالة الطفل شنوده ) وهنا وقع كثير من رجال الدين فى التفرقة بين الوالد والأب، والأية تقول " لِآبَائِهِمْ " الذين قاموا بالتربية والرعاية والحب والكسوة والتعليم، وهذا الذى يٌدعى الأب قرءانيا. فهذه الأسرة التى تربى فيها شنودة لمدة أربع سنوات فهذه الأية تنطبق عليهم.
ثانيا – نقد حديث عن أبي هريرة :
قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء) .
هذا الحديث هو ظنى الثبوت، فلاتؤخذ أى قاعدة شرعية من أى حديث. بالإضافة إلى أن علم الرجال بحثوا فى السند ولم يعيروا أى أهمية للمتن. جائت عبارة فى الحديث تقول " فأبواه يهودانه أو ينصرانه "
" فأبواه يهودانه أو ينصرانه ":
أولا: ينصرانه: من المعروف فى شريعة الملة المسيحية أن هناك طريقة معينة لأى شخص يريد أن يكون مسيحىا تعرف بالتعميد ولها طقوس معينة تتبع وعى معروفى لدى المسيحين ولدى المسلمين.
ثانيا: فأبواه يهودانه: هذه العبارة التى جائت فى الحديث خاطئة ويدل ذلك على بطلان الحديث وتضعيفه لسبب أن فى الملة اليهودية لا توجد طقوس للتهويد ولكن شريعة الملة اليهودية تعتبر كل من يريد التهويد لابد أن تكون أُمه يهودية الأصل، فكلمة فأبواه يهودانه هذا دليل على جهل الرواة وكذبهم .
الختام: بعد دراسة هذه القضية وتدبرى المتواضع أقول أن هذا الطفل يعتبر مسيحىا ويجب على وزارة التضامن الإجتماعى أن تتراجع عن قرارها ،وعليها إعادة الطفل شنوده إلى المسيحية وتعديل إسمه إلى إسمه الأصلى "شنوده" وإعادته إلى ابويه المسيحين الذان كان مسئولان عنه قبل الأحداث التى لحقت به ويهما وكفانا فوضى مُجتمعية ، وفوضى دينية حتى يلتأم شمل الأمة وتتماسك بمختلف طوائفها ونتقبل التعددية الدينبة تحت راية الأنسانيه التى خاطب بها رب العباد فى جميع الشرائع السماويه.
وأختم هذا الجزء بالآية الكريمة التالية:
{ قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) } (سورة آل عمران 84)
اجمالي القراءات 2494