ف 4 : تفاعل المرأة مع الرجل في تأدية العبادات ( 1 ) صلاة الجماعة والجمعة

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١٩ - يوليو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

ف 4 : تفاعل المرأة مع الرجل في تأدية العبادات ( 1 ) صلاة الجماعة والجمعة
القسم الثانى من الباب الثانى عن تفاعل المرأة فى التراث والدين السُنّى
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
ف 4 : تفاعل المرأة مع الرجل في تأدية العبادات ( 1 ) صلاة الجماعة والجمعة
أولا : صلاة الجماعة
1ــ فى الاسلام : حين يقول سبحانه وتعالى " إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ ...... التوبة : 18 " فإنه جل وعلا لا يقصد الرجل فقط ، وإنما المرأة أيضا ، وتعمير المساجد يعني تعميرها بإقامة الصلاة فيها من الرجال والنساء والصبيان والفتيات لتقوم علاقة نظيفة وصحية بين الجميع أساسها خشية الله والحياء منه ، وهكذا كان مجتمع المدينة الذي قرأ هذه الآية الكريمة في اول نزولها ..هذا عن الاسلام ، فماذا عن كتب الدين السُّنّى ؟
2ــ فى التاريخ :
2 / 1 : يروي ابن سعد عن إحداهن قولها " كنا في عهد النبي وأبي بكر وصدراً من خلافة عمر في المسجد نسوة قد تخاللن (أى تصادقن) وربما غزلنا (الصوف) وربما عالجنا فيه بعضاً من الخوص ، فقال عمر : لأردنكن حرائر ، فأخرجنا منه إلا انا كنا نشهد الصلوات في الوقت .." والواضح من كلامها انها كنت فقيرة من الفقيرات يجدن في المسجد ملاذاً للجلوس ، وربما يشغلن وقتهن للارتزاق بالغزل وعمل الخوص ، وعندما أتت الثروات بعد الفتوحات في خلافة عمر أراحهن من هذا العمل فلم يمكثن في المسجد إلا وقت الصلاة ، حيث يصلي الجميع جماعة رجالا ونساءاً ..وذكرت عائذة الأسدية قصة عن ابن مسعود قالت في طياتها أنه سار في المسجد يتخطى الرجال والنساء ، أي كان الرجال والنساء صفوفاً في المسجد . كما ذكر ابن سعد فى ( الطبقات الكبرى ) أن عاتكة زوجة عمر في خلافته كانت تشهد صلاة الجماعة في المسجد رغم غيرة عمر وشدته . وذكر احدهم انه رأى نساءً يخرجن ليلا من المسجد تقودهم إحداهن وكانت ابنة الصحابي سعد بن أبي وقاص ، وقد حملوا مصابيح للرؤية ( ابن سعد 8/217 ، 385 ، 195 ، 343 ) .
2 / 2 ـ وترادفت اخبار تاريخية أخرى كثيرة تؤكد أن نساء المدينة في عهد النبي والخلفاء بعده كُنّ يحضرن صلاة الجماعة صفوفاً مع الرجال . نقل هذا البخاري ومسلم : أنهن كن يشهدن مع رسول الله (ص) صلاة الفجر متلفعات بمروطهن (أي كساء من حرير او صوف ) ثم يرجعن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة ، لا يعرفهن احد قبيل طلوع الشمس ، وكيف ان النبي نهى الرجال عن منع النساء من حضور الصلاة جماعة في المسجد بالليل ، وكان بعض الرجال في الصفوف الأمامية يجعلون ارديتهم على اكتافهم ، لذلك كان يقال للنساء في صفوف الصلاة الخلفية : لا ترفعْـن رءوسكن حتى يستوى الرجال جلوسا ..( البخاري 1/160 ، 78 ، 76 ، 3/266 ) ( مسلم 2/32 : 33 ).
3 ـ فى فتاوى الدين الحنبلى المتشدد
3 / 1 ــ وحيث ان هذه الأخبار وغيرها قد جاء بها البخاري ومسلم فقد اضطر الفقهاء الحنابلة المتشددون إلى ابتلاعها ، فيقول ابن الجوزي (ت 597 هــ) إن خروج المرأة على المسجد مباح ، فان خافت الفتنة فلتصلّ في بيتها . ( ابن الجوزي : عبدالرحمن أبو الفرج (ت597) أحكام النساء 36 مكتبة التراث ) .
3 / 2 ـ فقه ( النصف الأسفل ) يتجلى فى هاجس الفتنة الذى يسيطر دائما على المتشددين ، فلا يرون في المرأة إلا شيطانا للفتنة ، تردد هذا فى كتابات ابن تيمية وابن القيم الجوزية ، ولا متسع لدينا لتفصيل ذلك ، ويكفينا ما قاله بعض أئمة الوهابيين فى عصرنا الحزين :
3 / 2 / 1 : يقول أبو بكر الجزائري إن صلاة النساء في جماعة يجوز عند أمن الفتنة إلا ان صلاتها في بيتها أفضل لها : ( أبو بكر الجزائري : منهاج المسلم 234 ).
3 / 2 / 2 : الشيخ ابن عثيمين يقول في رد على سؤال عن حضور المرأة لصلاة الجماعة في المسجد ، انها لا تؤمر بالمجيء إلى المسجد أبداً ، وإن لم تحضر للمسجد فلا إثم عليها ، وأن حضرت فبشرط ان تكون غير متبرجة . ( العثيمين : محمد بن صالح : الفتاوى النسائية 39 دار طيبة السعودية ) .
4ـ وفى دينهم أنّ اللباس الشرعي ــ غير المتبرج ــ هو النقاب الذي تظهر منه عين واحدة للمرأة . وبهذا النقاب ذي العين الواحدة يجوز لها أن تحضر للصلاة في المسجد ، وان فعلت فلا إثم عليها ، وإن لم تفعل فهو الأفضل ، والعاقبة عندكم في المسرات ...!!!
ثانيا : صــلاة الجـمـعــة ::
فى الاسلام :
1ــ يقول سبحانه و تعالى يخاطب المؤمنين رجالا ونساء " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ...... الجمعة : 9 " .
2 ـ فى التاريخ :
روى ابن سعد فى الطبقات الكبرى ونقل عنه مسلم في احاديثه عن أكثر من صحابية انها تعلمت سورة (ق) وحفظتها من فم النبي وهو يقرأ بها على المنبر في كل جمعة . قالت ذلك عمرة بنت عبدالرحمن وأم هشام بنت حارثة ، وخولة بنت قيس . ومن رواية خولة نعرف انها كانت تصلي في الصفوف الأخيرة في المسجد... ( ابن سعد 8/324 ) ( مسلم 3/13 ). يهمنا هنا أيضا : أن بعض الصحابيات حفظن سورة ( ق ) من تلاوة النبى محمد هذه السورة فى خطبة صلاة الجمعة . وهذا دليل على أنه عليه السلام كان يخطب بتلاوة القرآن الكريم . ولم تكن هناك (خطبة جمعة ) بالشكل الذى إستحدثه الأمويون فى حربهم الدعائية ضد خصومهم ، وكانوا كثيرين .
3 ـ فى فتاوى الدين السُّنّى
1 ـ سبق الشافعي ، فهو أول من أفتى بأن الجمعة تجب على كل مسلم إلا امرأة وصبي ومملوك . والملاحظ أن الشافعى فى كتابه ( الأم ) نسب هذه الفتوى للنبي محمد عليه السلام دون ان يذكر لها إسناداً .( ( الشافعي : محمد بن إدريس (150 ــ 204 هــ) : الأم : 1/167 كتاب الشعب ) )، أى لم يجعل ذلك حديثا ( نبويا ) مع أن كتابه ( الأم ) إحتوى على آلاف الأحاديث التى إخترعها الشافعى بكل جُرأة ولم يذكرها أستاذه ( مالك ) فى كتاب ( الموطّأ )
2 ـ وحينما تحولت المرأة إلى فتنة متحركة تسعى على قدمين في نظر الفقهاء ، سارعوا فى العصر المملوكى بالإفتاء بأن "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة : مملوك وامرأة وصبي ومريض ." ثم جعلوا ذلك حديثا وزعموا ان راويه عن النبي هو طارق بن شهاب ، وقد ذكر هذا الحديث ابن حجر العسقلاني في كتابه " بلوغ المرام من جمع أدلة الاحكام" وقال ابن حجر أن هذا الحديث رواه أبو داوود في سننه ، وأن أبا داوود قال إن راوي الحديث الأصلي وهو طارق بن شهاب لم يسمع من النبي . ( ..( ابن حجر العسقلاني (773 ــ 852) هــ : بلوغ المرام من جمع ادلة الأحكام . حديث 437 صــــ 113 مكتبة عاطف..). ولم أجد ذكرا لذلك المدعو طارق بن شهاب بين ألوف الرواة الذين ذكرهم الإمام الذهبي في "ميزان الاعتدال" أي انه كان شخصية وهمية ، حملوا عليها بعض الأحاديث التي لا أصل لها ، ومن بينها حديث " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده .... إلخ " ، كما أثبتنا فى مبحث سابق ..
3 ـ وأصبح من المتفق عليه ان الجمعة لا تجب على المرأة .
3 / 1 :، فى العصر العباسى المتأخر قال بذلك ابن الجوزي في "أحكام النساء". ( ابن الجوزي : احكام النساء : 37 ).
3 / 2 :وفى العصر المملوكى فى القرن الثامن استنكر الفقيه المالكي ابن الحاج حضور النساء في مصر لصلاة الجمعة في القاهرة ، ونهى عن دخولهن المسجد ، ورأى ان الأليق عدم خروجهن من البيت لأن صلاة المرأة في بيتها وحدها أفضل من صلاتها في المسجد في جماعة .. ( ابن الحاج : محمد العبدري (ت 737هــ) : المدخل 2/234 . دار الحديث 1981 )
3 / 3 : وفى عصرنا الراهن البائس قام الشيخ الجزرى بتجميع الفتاوى السنية فى كتاب ضخم من عدة أجزاء . وإذا استعرضنا اهم آراء المذاهب الفقهية في حضور المرأة لصلاة الجمعة وجدنا هاجس الفتنة وفقه النصف الأسفل مسيطرا بكل وضوح:
3 / 3 / 1 : فالحنفية يقولون إن الأفضل أن تصليها في بيتها ظهراً.
3 / 3 / 2 : والمالكية يقولون بجواز صلاتها الجمعة في المسجد إذا كانت عجوزاً ، ويحرم عليها إذا كانت شابة جميلة وفاتنة.
3 / 3 / 3 : والشافعية يقولون ان حضورها مكروه إذا كانت مشتهاه ، أي يشتهيها الرجال ، أما إذا كانت عجوزا وحضرت في أثواب رثة وبدون عطر ولم يكن للرجال فيها غرض جاز حضورها لصلاة الجمعة بشرطين : ان يأذن لها وليها ، وألا يفتتن بها احد ...!!
3 / 3 / 4 : ويقول الحنابلة أنه يباح لها أن تصلي الجمعة إذا لم تكن حسناء ، وإلا فمكروه حضورها . ( الجزيري : الفقه على المذاهب الأربعة 1/384 : 385 .. دار الكتب العلمية .. لبنان :: 1986)
تعليق : إختلفوا فى التفصيلات ، فهو دين ملّاكى يملكونه ، ولكن إتّفقوا فى :
1 ـ جعل الرجل المؤمن حيوانا جنسيا تُحركه هرموناته حتى لو رأى أنثى عجوزا .
2 ـ ، معاقبة المرأة الجميلة وحرمانها من صلاة الجمعة . أما المرأة التى ليست حسناء فاهلا بها وسهلا . هذا يستلزم إجراء فحص للنساء قبل دخولهن المسجد لصلاة الجمعة . إن كانت جميلة قالوا لها ( باى باى ) ، إذا لم تكن حسناء قالوا لها : أهلا وسهلا . إما إذا كانت بين بين ( متوسطة الجمال ) فهذا مكروه .
3 ـ أين مستشفى المجانين ؟
اجمالي القراءات 2700