الشيخ محمد العيسى، رئيس رابطة العالم الإسلامي

يحي فوزي نشاشبي في الخميس ١٤ - يوليو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً


بسم الله الرحمن الرحيم.
*****

الشيخ محمد العيسى، رئيس رابطة العالم الإسلامي .
==========================

الظاهر أن تعيين الشيخ محمد العيسى خطيبا ليوم عرفة بتاريخ التاسع من ذي الحجة سنة 1443 هجرية الموافق ليوم الجمعة 08 جويلية 2022 ميلادية قد أثار جدلا واسعا محموما، بل لقد أقام الدنيا، ولا ندري بعدُ كيف يمكن أن يقعدها ؟. أما عن أسباب هذه الحملة الاستنكارية غير المسبوقة، فإن هذا الشيخ تشاع عنه إشاعات شتى:
*)- أنه من دعاة التقريب بين الديانات.
*)- أنه من دعاة حسن التعامل مع الآخرين.
*)- أنه داعية وسطي.
*)- أنه صاحب مواقف نبذ التطرف، ومواقف تدعوا إلى سيادة التعايش والسلام.
ونحن هنا لا نولي كبير أهمية إلى الإشاعات التي شنت ضد هذا الشيخ بقدر ما نميل إلى سيادة الإنصاف والعدل في القول قدر المستطاع، وإلى إبعاد كل تسرع في الحكم، وإلى التعالي والترفع على كل تشنج ونترك المجال واسعا مفتوحا لشتى التساؤلات، بل لكل التساؤلات، ومن يدري؟ لعل الشيخ محمد العيسى:
01)- كان متأثرا بالآية القرآنية، والتعليمة الربانية الواردة في سورة البقرة الآية رقم: 208: (يا أيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين).
02)- أو لعله كان متأثرا أيضا بالآية رقم: 64 في سورة آل عمران ؟ : (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).
03)- أو لعله حدّق مليا وتدبّر في الآيات العظيمة الثلاث، المصيرية التالية:
أ )- في سورة الأنعام الآية رقم :159: ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون).
ب )- في سورة الروم، الآيتان: 32+33: (... منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ).
ج )- في سورة الحجرات، الآية رقم : 13 : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير.).
نعم، لعل هذه التعليمات الإلهية هي التي حولت رئيس رابطة العالم الإسلامي إلى داع من دعاة التقريب بين الديانات، ومن دعاة حسن التعامل مع الغير، وإلى اكتساب صفة الوسطي، ونبذ التطرف، والسعي للتعايش والسلام ؟ لنفرض كل ذلك بحسن الظن بالشيخ محمد العيسى، وهنا لا يسعنا إلا أن نتشجع ونقولها بكل صراحة ولا نكتم أن هناك إشكالية، تلك الإشكالية التي تلوّح من بعيد وتلقي بظلالها !? والتي مفادها كما يلي:
ماذا كان سيحدث يا ترى ؟ لو أن الشيخ محمد العيسى تشجع هو الآخر وقالها مدوية صارخة قوية، لقال ما يلي: "نحن نريد أن نسعى إلى العمل بالاية الواردة في سورة آل عمران رقم 64: ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون). وهكذا لنفرض أن الشيخ أطلق سراح هذا النداء العظيم، وقبل أن يظهر موقف أهل الكتاب، ترفع تلك الإشكالية يدها ثانية، ملوحة من بعيد بما يلي: "عوض أن يهتم الشيخ محمد العيسى وهو رئيس رابطة العالم الإسلامي، عوض أن يهتم بأهل الكتاب بدعوته تلك إلى كلمة سواء، هلاّ فكر وتذكر أن هناك ما هو أو من هو أشد حاجة إلى أن يواجه بتلك التعليمة الربانية العظيمة ؟ هلا حاول الشيخ محمد العيسى أن ينسج كلاما ودعوة سليمة بريئة مطهرة من أي غـلّ، أن ينسجها على منوال ما جاء في الآية رقم 64 في سورة آل عمران، ليقول: (يا أهل الديانات المختلفة، ويا أهل تلك المذاهب التي حكمت على نفسها أنها أربعة، وأنها وحدها المعتبرة، وشيدت حول نفسها ذلك السور العظيم السميك، أو يا أهل تلك المذاهب الأخرى، والملل، والنحل، تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله وحده ولا نشرك به شيئا ولا رأيا، ولا مخلوقا، ولا قياسا، ولا إجماعا، ولا يتخذ بعضنا بعضا مواد هجائية، وهزؤا، وأن نتحد جميعا اليد في اليد ونتوجه بصفة خاصة إلى التحديق بملء أعيننا، والتدبر بملء عقولنا في تلك الآية الخطيرة، تلك التي تستمدّ خطورتها من النصيحة الربانية الرحيمة التي تسعي إلى إخراجنا جميعا من الظلمات إلى النور: (ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ). لأننا إذا اهتدينا إلى فعل ذلك الفعل الكبير فإننا لا نتردد في التصريح لبعضنا بعض والإقرار بأننا فعلا واقعون تحت طائلة أو عاقبة الآية التحذيرية، وبأننا فعلا شئنا أم أبينا، ومن حيث ندري أو لا ندري فإننا فرقنا ديننا، وبأننا فعلا شيع، وبأننا فعلا أحزاب مزهوة وغارقة في غمرة من طمأنينة خادعة وفي فرح، فرح من نوع ذلك الفرح الذي يلمح بقوة إلى أنه فرح صادر من مادة الغل التي اتخذت من قلوبنا مرتعا ومساكن لها لنقذف منها سهام استهزائنا وسخريتنا المصوبة نحو الطرف المقابل.
والسؤال الكبير:
لو فرضنا أن الشيخ محمد العيسى خرج علينا بدعوته تلك، أي إلى كلمة سواء لكن ليست إلى أهل الكتاب، بل إلى المؤمنين الذين تلقوا القرآن العظيم وما أدراك ما هو ؟
هل سيهب الجميع مستبشرين مهللين مرحبين مستحسنين ومؤيدين لهذا الأستاذ ؟ أم سيكون موقف الجميع بمثابة حملة من نوع الحملات الإستنكارية المصابة حتى النخاع "بفيروس" الغل والبغي الضارب أطنابه في عقول المذاهب والشيع ؟ والرافض أن يتحول منها قيد أنملة ؟.
**************

اجمالي القراءات 1856