ف 10 : المرأة والمشاركة الديمقراطية فى رؤية قرآنية ( 2 )

آحمد صبحي منصور في الأحد ١٩ - يونيو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

ف 10 : المرأة والمشاركة الديمقراطية فى رؤية قرآنية ( 2 )
ب 2 : تفاعل المرأة فى المجتمع . كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
ف 10 : المرأة والمشاركة الديمقراطية فى رؤية قرآنية ( 2 )
رابعا : النبى لا يعلو على الناس :
1 ـ الأنبياء هم صفوة البشر ، ولكنهم بشر . هم الذين يصطفيهم الله جل وعلا من بين البشر : ( اللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنْ النَّاسِ ) (75) الحج )، وهذا عن علمه جل وعلا : ( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) (124) الأنعام ).
2 ـ وتعبير ( مثلكم ) ( مثلنا ) جاءت فى هذا السياق على نوعين : إعلان النبى أنه بشر مثل قومه ( مثلكم )، وإستنكار أكابر المجرمين من القوم أن يبعث الله جل وعلا بشرا ( مثلهم ). وفى حوار موحّد بين الأنبياء وأقوامهم برغم إختلاف الزمان والمكان قالت الأقوام للرسل : إن أنتم إلا بشر مثلنا ، وردّ عليهم الرسل : نحن بشر مثلكم ولكن الله جل وعلا منّ علينا بالنبوة والرسالة : ( قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ )(11) ابراهيم ).
3 ـ وعلى سبيل المثال :
3 / 1 : أكابر المجرمين من قوم نوح قالوا عنه : ( مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) (24)المؤمنون )، وقالوا له : ( مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنَا )(27)هود )
3 / 2 : أكابر المجرمين من قوم عاد قالوا عن النبى هود عليه السلام :( مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ (34) المؤمنون )
3 / 3 : أكابر المجرمين من قوم ثمود قالوا للنبى صالح عليه السلام : ( مَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا ) (154) الشعراء )
3 / 4 : أكابر المجرمين من قوم مدين قالوا للنبى شعيب عليه السلام :( وَمَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا ) (186) الشعراء )
3 / 5 : أكابر المجرمين من القرية التى أرسل الله جل وعلا ثلاثة من الرسل قالوا لهم : ( قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا )(15) يس ).
3 / 6 : أكابر المجرمين من قوم فرعون قالوا عن موسى وهارون عليهما السلام :( أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) المؤمنون ) .
3 / 7 : أمر الله جل وعلا محمدا عليه السلام أن يعلن لقومه :
3 / 7 / 1 : (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) (110) الكهف )
3 / 7 / 2 : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ )(6) فصلت )
4 ـ كون النبى قائدا لقومه لم يكن مبررا لأن يعلو عليهم :
4 / 1 : بنو اسرائيل كانوا يخاطبون قائدهم موسى عليه السلام باسمه المجرد : ( قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) الأعراف )( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ )(61) البقرة )( قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ ) (22) المائدة ) ( قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا ) (24) المائدة ). تخيّل ـ مجرد تخيل ـ أنك تقول للمستبد أو شيخ الأزهر أو البابا ( يا فلان ) .! هم بنفس عقلية أكابر المجرمين الذين كانوا يستكثرون أن يكون النبى بشرا مثلهم ، والذين كانوا يسخرون من خاتم النبيين وهو يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق . وفى بعض الديمقراطيات الغربية تجد الحاكم يتسوق بنفسه ويركب سيارة أجرة أو دراجة . أما فى كوكب المحمديين فإن صغار كبار المسئولين وكبار صغار المسئولين يسيرون فى مواكب وحراسات ، وتتخصص المخابرات وأمن الدولة فى حمايتهم . وهناك مستبد قزم إشترى طائرة هى عبارة عن قصر طائر أو حصن طائر مزود بكل وسائل الترفية والحماية والدفاع . يظن أنه سيفرُّ من الموت . ينسى قوله جل وعلا :
4 / 1 / 1 :( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ) (78) النساء )
4 / 1 / 2 :( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ) (8) الجمعة ) .
4 / 1 / 3 :( وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنْ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96)البقرة )
4 / 2 ـ خاتم النبيين كان قائدا للدولة الاسلامية ، وكان يتعرّض للأذى ويصبر، ولا يرد ، وينزل الوحى القرآنى يدافع عنه، مثل :
4 / 2 / 1 : (وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61) التوبة ). هذا لأنه فى الشورى الاسلامية ( الديمقراطية المباشرة ) كان يعطى أّذُنه يسمع للجميع ، فأغضب المنافقين الذين كانوا من قبل أكابر ( يثرب ).
4 / 2 / 2 : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنْ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8) المجادلة )
4 / 2 / 3 : وهو قائد للدولة جعله الله جل وعلا لينا سمحا فى تعامله معهم ، ولو كان فظّا غليظ القلب لانفضوا من حوله وتركوه بلا سُلطة ، لأنه يستمد سُلطته من إجتماعهم حوله ، أى إنه وهو الذى يأتيه الوحى الالهى يستمد سلطته من الأمة ، فالأمة هى مصدر السلطات فى الدولة الاسلامية حين كان النبى قائدا لها ، وبالتالى فعليه أن يستشير وأن يعفو وأن يصفح . قال له جل وعلا : ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران ) . بالتالى فإن أى مستبد يرفع نفسه فوق النبى محمد ، أى يزعم الألوهية . وإذا كان النبى يستجلب رضا قومه فإن المستبد يقيم دولته بالتعذيب والارهاب ليستبد بالناس . ولا ننسى أن شعار الديمقراطية الأمريكية ( We People). أما الشعارالعملى للمستبد فى كوكب المحمديين : أنا الدولة ، أنا القانون ، أنا مالك الأرض ومن عليها . .
هل هناك خيبة أكبر من خيبتنا ؟
خامسا :
1 ـ الحكم هو القوة والسلطان .والشورى أو الديمقراطية هى فن ممارسة القوة والسلطان . والعلاقة بين الحاكم والشعب تحدد من هو صاحب القوة والسلطان ومدى وجود الشورى أى الديمقراطية فى تلك العلاقة.
1 / 1 : هناك الحاكم المستبد الذى يستأثر بالقوة والسلطة وليس لشعبه عنده وزن ، بل يعتبر نفسه وصيا على ذلك الشعب ومالكا له ، وبالتالى يعتبر نفسه مصدر السلطات ، فهو المشير وهو المستشار وهنا تكون الشورى فى نطاق سلطاته التى يمنحها لنفسه ، غاية ما هنالك أنه يعين بعض المستشارين أو الخدم الذين يفكرون لمصلحته وإرضائه .
1 / 2 : قد يحس الشعب ببعض الوعى وبعض القوة والتأثير مما يجعل الحاكم يضطر لتقديم بعض التنازلات تتناسب وتلك القوة التى يزعمها الشعب لنفسه ، لذلك تتغير مجالس الشورى فتحتوى على بعض الأتجاهات الحرة ، ويدور الصراع بين الحاكم وجماعات الأحرار فى الشعب ، يحاول الأحرار تقليص سلطات الحاكم ، ويحاول الحاكم من خلال أعوانه وخدمه تدعيم سلطانه، وهنا عصر البرلمانات الصورية وتزييف الديمقراطية.وهنا الشورى جزئية تعبر عن مصالح أصحاب الثورات وأصحاب الوعى الحر .
1 / 3 : وقد تكون القوة كلها للشعب فيفرض سلطانه على الحكومة ويعين الحكومة ويسائلها ، ويكون الحاكم موظفا بأجر وبعقد لدى الشعب فى فترة وفترتين ، والشعب هو الذى يختار وهو الذى يعين وهو الذى يعزل ويسائل ويحاكم كل المسؤلين. وهذا هو النظام الإسلامى فى الحكم النابع من ( لا إله إلا الله ). بالتالى فإن الديكتاتورية خروج على عقيدة الإسلام وعلى نظام الدولة الإسلامية .
2 ـ الثقافة الاسلامية أن لا يخشى المؤمن إلا الله جل وعلا ، لأنه ( يؤمن ) بأن الله جل وعلا هو الذى يملك الموت والحياة والرزق والمصائب من خير أو شرّ . بالتالى لا يمكن لأحد أن يُميته قبل موعد موته ، أو أن ينجيه من الموت إذا جاء أجل موته ، ولا يمكن لأحد أن يمنع عنه رزقا مكتوبا له سلفا ، أو أن يعطيه رزقا ليس مقسوما . هو لا يخشى إلا الله ، ولا يخشى مخلوقا ، هو لا يظلم أحدا ، ويأبى أن يظلمه أحدُّ . هذا المؤمن القوى يعرف أنها حياة قصيرة بعدها موت ، ثم خلود فى الجنة أو النار ، ويرى من الحُمق أن يقضى حياته القصيرة هذه مملوكا لمستبد أو مركوبا لمستبد ، فسُحقا لهذه الحياة . فى دول الاستبداد يخنع الشعب لاذلال المستبد وأجهزة أمنه ، إذا اقتحموا بيته قدم لهم يديه ليضعوا فيه القيود ، وسار ذليلا ، ولديه الرضى بأن يصرخ بكل قوته تحت سياط تعذيبهم ، حرصا على حياة ذليلة وقصيرة . والرجل المستذل يدفن سخطه وذلّه فى المرأة ، فهى الأضعف . وهذه هى ثقافة العبيد والاستعباد . إذا إقتحم الأمن بيته وإعتقل أُخته إنزوى فى البيت يرتجف . أما إذا قيل له إن أُخته رؤيت فى الطريق مع شاب ، أسرع بكل نخوة وشهامة وشجاعة ليذبح أخته . مفهوم الشرف عندهم محصور بين ساقى المرأة ، ليس الشرف عندهم فى الحرية والشجاعة ونُصرة المظلوم .!
3 ـ خيبتنا القوية فى أن الشعوب الغربية هى التى تعتنق الثقافة الاسلامية ، وبدون أن ترفع شعارات دينية . أما فى كوكب المحمديين فهم يرصّعون ثقافة الاستعباد والعبيد بتبريرات دينية منها مصطلح ( الراعى والرعية ) . وينسون أن أكابر المجرمين هم المستبدون ورجال الدين .
اجمالي القراءات 2115