القرءآن له لغته الخاصة وطريقته فى التعبير فى توظيف الكلمات فى السياق المناسب لها
الفرق بين لفظ الجلالة ( الله ) وكلمة (رب) الجزء الثانى

محمد صادق في السبت ٠٤ - يونيو - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

الفرق بين لفظ الجلالة ( الله ) وكلمة (رب)
ودلالة إستعمالهما فى القرءآن الكريم
الجزء الثانى

مقدمة: الألوهية عبادة والربوبية عطاء.
الأولوهية من العبادة ، إفعل ولاتفعل ... وهى التكاليف.
والربوبية عطاء وهدى وتربية .
كلمة الرب: معناها الخالق والمربى والمتصرف والقائم على الأموروتأتى فى مواضع تصرف الله سبحانه تجاه عباده، من عطاء ومن الإحياء، والرزق ،والهداية ، والعذاب.

كلمة الله : معناها المعبود ونجدها فى تصرفات العبد تجاه الله وهى التكاليف والأوامر والنواهى .
القرءآن له لغته الخاصة وطريقته فى التعبير فى توظيف الكلمات فى السياق المناسب لها. أحيانا تأتى كل كلمة منفردة وفى بعض الأحيان تأتى مجتمعة فى آية واحدة أو فى مقطع من عدة آيات وهنا يجب النظر فى السياق لمعرفة دلالة كل كلمة .

الدلالات :
تجد كلمة رب تأتى فى المواقف التى تستلزم القوامة والحنان والعطف والهداية وأيضا العذاب. أمثلة:
{ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}(يوسف 23) النشأة والتربية

{ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}(سورة الأَنعام 161) الهداية

{ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى(49)قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى(50)طه 49-50) الخلق

{فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا(13)فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا(14) (الشمس) العقاب

رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَار"192آل عمران) الحساب

بينما يأتى لفظ الجلالة "الله":فى أمورالتشريع والتوجيه بإفعل ولا تفعل.

عندما يجتمع اللفظين معا:
فلننظر فى قول الله تعالى: أمثله للتوضيح ليس على سبيل الحصر.
" فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) طه 11–14

إِنِّي أَنَا رَبُّكَ: كان موسى فى البداية محتاج إلى من يهدء نفسه ويذهب خوفه فالله ناداه " إنِّي أَنَا رَبُّكَ". ليبن له نعمه عليه برعايته وكلامه وحفظه من أى سوء منذ أن كان رضيعا. ثم لما جاء وقت الأوامر والتشريع والتكليف ناداه "إِنَّنِي أَنَا اللهُ.

وأيضا نجد ذلك فى قول الله تعالى:
{ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193)(سورة آل عمران 191-193)

التحليل:
فإن الله لما تحدث فى أمر واجب على العباد وبالتكاليف قال ( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ) لكنه عندما جاء لأمرمتعلق بالله وحده يقوم به تجاه عباده فى أمور الخلق والمغفرة ولا يتعلق بأمورالتكليف والأمر والنهى إختار كلمة "رب" فقال:
{ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ(192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ(193)(سورة آل عمران191-193)

مثال عن بلاغة السياق القرءآنى:
{ قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا } (سورة الملك 29)
قال عليه توكلنا ولم يقل توكلنا عليه. لماذا؟ هنا خصص التوكل وحدد المتوكل عليه، أما موضوع الإيمان فقد قدم الإيمان على الجار والمجرور، لأن الإيمان ليس قاصرا على الله وحده ولكن مطلوب أيضا أن نؤمن بالرسل واليوم الأخر والرسالات والملائكة والعقاب والثواب والجنة والنار.

الختام:
{ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) } (سورة البقرة 286)
هذا تدبرى الشخصى ومبلغ علمى والله أعلم.
صدق الله العظيم.
اجمالي القراءات 5147