كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السُّنّى الذكورى ) الباب الأول : لمحة عامة
الفصل السادس والثلاثون : تضمين المرأة فى ( المستحقين والسكان وقت نزول القرآن )

آحمد صبحي منصور في السبت ٠٢ - أبريل - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً


الفصل السادس والثلاثون : تضمين المرأة فى ( المستحقين والسكان وقت نزول القرآن )
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السُّنّى ) الباب الأول : لمحة عامة
الفصل السادس والثلاثون : تضمين المرأة فى ( المستحقين والسكان وقت نزول القرآن )
أولا : المستحقون للصدقة والاحسان ( كلهم يشمل الذكر والأنثى )
مقدمة :
1 ـ هنا يبدو جانب التكافل والرعاية الاجتماعية فى الاسلام وفى الدولة الاسلامية ، وحيث يغطى هذا الأفراد المستحقين بغضّ النظر عن الجنس ( ذكرا أو أنثى ) وعن العقيدة والدين ، فلا شأن لدين المستحق مؤمنا كان أم كافرا ، المهم أن يكون مستحقا ومسالما مأمون الجانب . الفقير قد يكون ملحدا أو عابدا للأصنام ، ولكن لا يؤثر هذا على استحقاقه لأنه له حقا . الحثُّ على إطعام المسكين لا يتأثر بتقوى المسكين أو عصيانه ، ونفس الحال بالنسبة لابن السبيل ، والمفترض أنه غريب وعابر سبيل ، وليس من أهل البلد مثل السُّوّاح فى عصرنا . لهم حق فى الاحسان وفى الصدقة والمأوى والرعاية . هذا هو الرُّقىّ الاسلامى الذى اضاء فى ظلمات القرون الوسطى ، والذى ما لبث أن غطّته ظلمات القرون الوسطى بعودة الأديان الأرضية مع حكم الخلفاء الفاسقين ، ولولا أن الله جل وعلا حفظ القرآن الكريم من التحريف لما عرفنا روعة هذا الرُّقىّ الحضارى فى التشريع الاسلامى .!
2 ـ ونعطى تفصيلا :
عن عموم مستحقى الصدقات التطوعية : قال جل وعلا :
1 ـ ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (177) البقرة ). هذا تقرير عن نوعية البّر والأبرار ، وفيه المستحقون للصدقة ، وهم هنا أفراد معروفون للمتصدقين ، من ذوى القربى ، واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين . إعطاء المستحقين هنا ضمن صفات المتقين الذين يؤتون المال : ( على حُبّه ).، أى يؤثرون المستحقين بأفضل وأحبّ ما لديهم .!
2 ـ ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) البقرة ). المستحقون هنا أفراد ، معروفون للمتصدقين ، وهم : الوالدان والأقربون ( أقرب الأقارب ) واليتامى والمساكين وابن السبيل . وهنا الحث على التصدق يأتى للأفراد : ( وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ).
3 ـ ( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (8) النساء ) . قبل توزيع الميراث يجب إعطاء شىء منه لغير الورثة إذا حضروا التوزيع ، وهم الأقارب ( إذ لا يرث إلا أقرب الأقارب المذكورون بالتحديد فى آيات الميراث ) واليتامى والمساكين . ويكون إعطاؤهم المال مرتبطا بالاحسان القولى لهم : ( وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً ).
عن مستحقى الصدقات الرسمية التى تجمعها الدولة الاسلامية :
قال جل وعلا : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) التوبة ).
الدولة تجمع الصدقات الرسمية حسبما تقرر مقدراها ، ومن يدفعها ، وهذا عن طريق موظفين ، هم ( العاملون عليها ) ويتم توزيعها على طوائف المستحقين ، وهم مجموعات يتم تصنيفهم رسميا . وهم مجموعات الفقراء ، المحتاجون للعلاج ونفقات عوائلهم ، والمساكين وهم أفقر الفقراء الذين يجدون مشكلة فى الطعام ، والعاملون فى تحديد وتقدير وجمع وتوزيع الصدقات ، والذين تريد الدولة شراء ولائهم وتأليف قلوبهم ، وهذا بالتبرعات للدول الأخرى فى الكوارث والمجاعات ، ومن يضمن مدينا ثم يدفع عنه ديونه ، وفى نشر الدعوة الاسلامية والمجهود الحربى الدفاعى ، وابناء السبيل ، أى الغرباء والضيوف ، تقيم لهم الدولة مساكن إيواء ، وهذا ينطبق على أطفال الشوارع ، والعاجزين ممّن بلغ ارذل العمر والأرامل ، وعلى الشباب العاجز عن العثور على سكن ، وفى عتق الرقيق وتحريره ، وفى عصرنا يعنى محاربة الاتجار بالبشر واستغلالهم ، وحماية الضحايا وإعادة تأهيلهم .
عن مستحقى الغنائم التى تأتى عن طريق الانتصار فى الحروب الدفاعية ، قال جل وعلا : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (41) الانفال ). الخُمس فى سبيل الدعوة والمجهود الحربى الدفاعى . والباقى لأقارب المجندين وطوائف اليتامى والمساكين وأبناء السبيل .
3 ـ عن مستحقى (الفىء ) أى ما ( يفىء ) ويفىء الى خزينة الدولة ، قال جل وعلا :( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (7) الحشر ) . هو نفس الترتيب السابق .
عن مستحقى ( الاحسان ) أو حُسن التعامل ، قال جل وعلا : ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) (36) النساء ). هم الوالدان والأقارب جميعا ، واليتامى والمساكين والجيران والأصحاب وابناء السبيل وملك اليمين ، ويعنى الآن تحرير المستضعفين من ضحايا الإتّجار بالبشر .
التركيز على حالات خاصة
تركيز على اليتيم الجائع للحنان والمسكين الجائع للطعام : قال جل وعلا :
عن اليتيم : نفسيا وقلبيا : ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) الضحى )
عن حقوق اليتيم المالية :
1 ـ ( وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ ) النساء (127) البقرة )
2 ـ ( وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ) (152) الانعام ، الاسراء ( 34 ).
3 ـ ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً (2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ) (3) النساء )، أى التشجيع على أن تتزوج الأرملة ليكون اليتيم فى أسرة ، وهو هنا مقصد من مقاصد تعدد الزوجات .
4 ـ ( وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا ) (6) النساء )
5 ـ ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (10) النساء )
اليتيم مع المسكين فى الإطعام : قال جل وعلا :
1 ـ ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (8) الانسان )
2 ـ ( كَلاَّ بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) الفجر )
3 ـ ( أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ (16) البلد )
4 ـ ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3)الماعون)
عن الأقارب والمساكين وأبناء السبيل : قال جل وعلا :
1 ـ ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ )(26) الاسراء )
2 ـ ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (38) الروم )
( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) الشورى). هذا عن أقاربنا نحن ، وهم المعروفون لدينا ، وليس الهجص الشيعى ..
السائل والمسكين المحروم : قال جل وعلا :
1 ـ ( وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) الضحى )
2 ـ ( وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) المعارج )
3 ـ ( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) الذاريات ). كل من يسأل الصدقة له حق فيها .
ثانيا : السكان وقت نزول القرآن : ( كلهم يشمل الذكر والأنثى )
1 ـ داخل المدينة : الأنصار ( أهل المدينة ) والمهاجرون ( القادمون اليها ) . وحول المدينة كان هناك الأعراب ، والكفار المعتدون ، وأهل الكتاب .
2 ـ من حيث درجة الايمان هناك تقسيمات : السابقون وأصحاب اليمين ، وهناك ضعاف الايمان ومن فى قلبه مرض ، وهناك مؤمنون بمعنى الأمن والأمان تثاقلوا عن القتال الدفاعى وكرهوه ، وآخرون بخلوا بالمال فى المجهود الحربى ، وغيرهم أدمنوا عبادة الأوثان واللعب بالميسر وشرب الخمر مستمتعين بالحرية الدينية فى الدولة الاسلامية ، ونزلت آيات كثيرة فى وعظهم . وهناك مؤمنون خدعوا النبى ونزل القرآن الكريم بتآمرهم وأنهم يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم . وهناك منافقون صُرحاء فضحتهم تصرفاتهم ومواقفهم وأقوالهم ، وهناك من مرد على النفاق وكتمه .
3 ـ وفى أواخر ما نزل فى سورة التوبة حديث مفصّل عن الكافرين المعتدين والمنافقين الصرحاء ومن مرد على النفاق والسابقين والمقتصدين التائبين ، والأعراب من صلُح منهم ومن نافق ومن كفر . ( التوبة 1 : ، 97 : 102 ، ــ 120 ).
4 ـ وقبلها جاء ذكر المنافقين فى سور الأنفال والنور والبقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأحزاب والمنافقون والمجادلة والحشر .
أهل الكتاب
1 ـ قال جل وعلا للنبى محمد فى سورة مكية : ( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ المُمْتَرِينَ (94) يونس ). أى كانوا ذوى مكانة علمية ودينية حتى فى العصر المكّى . وجاء ذكر العلماء المؤمنين بالقرآن منهم فى سور مكية ( الاسراء 107 : 109 ) ( الشعراء 197 ) ( القصص 52 : 55 ) ، وتكرر هذا فى سور مدنية فى معرض مقارنة المؤمنين منهم بالكافرين : ( آل عمران: 113 : 115 199 ) ( النساء 162 )، ومنهم من كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ولكن يكتمونه ( الأنعام 20 ) وتكرر هذا فى سورة البقرة المدنية ( 146 ).
2 ـ على أن هناك تفصيلات شتى عن أهل الكتاب فى السور المدنية ، خصوصا مع العلاقات المتشابكة بين حروب وجدال ومكائد ، كانوا فيها المعتدين ، وحمل المعتدون لقب ( اليهود ) ووضح إختلافهم عن مؤمنى أهل الكتاب . وقد حفلت بذلك سور الحشر والأحزاب والمائدة والبقرة والنساء . ويبدو فيها أن التوراة الحقيقية كانت موجودة ومعروفة فى الجزيرة العربية وقتئذ ، وكانت هناك تحريفات يكتبونها ويقولونها شفويا لاضلال المؤمنين . وما لبثت هذه التحريفات أن عادت فى الأديان الأرضية للمحمديين فى شكل أحاديث .
3 ـ تعرضنا لكل هذا بالتفصيل فى كتاب لنا عن ( كتب / كتاب ) .
اجمالي القراءات 2914