الفصل الخامس : تساوى الأنفس البشرية فى الخلق والموت وقابلية الفجور أو التقوى

آحمد صبحي منصور في السبت ٢٥ - ديسمبر - ٢٠٢١ ١٢:٠٠ صباحاً

الفصل الخامس : تساوى الأنفس البشرية فى الخلق والموت وقابلية الفجور أو التقوى
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السُّنّى الذكورى )
الباب الأول : لمحة عامة
الفصل الخامس : تساوى الأنفس البشرية فى الخلق والموت وقابلية الفجور أو التقوى
النفس البشرية بين الذكورة والأنوثة
لمحة عن : موت النفس والماعز السلفية الوهابية
1 ـ من أعاجيب بعض الماعز السلفية الوهابية قولهم إنه ليس فى القرآن مجاز ، وإن كل ما فيه هو على الحقيقة . وعندهم مثلا الاستواء على العرش فى قوله جل وعلا : ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) طه ) تعنى جلوس الرحمن على العرش كالبشر ، واليد فى قوله جل وعلا : ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ )(10) الفتح ) تعنى وجود ( يد ) حقيقية لله تعالى عن ذلك علوا كبيرا وأن له (عينا ) فى فهمهم لآية ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا )(48) الطور). هذا هو الجهل باللسان العربى الفصيح الذى يتباهى بأساليب المجاز من التشبيه والكناية والاستعارة والمشاكلة ، وهو الجهل باللسان العربى القرآنى الذى يستخدم المجاز فى وصف نعيم الجنة وصفات الخالق جل وعلا ، فصفاته جل وعلا فوق مداركنا وأفهامنا ، ومن ثم يأتى تقريبها لنا بأساليب المجاز .
2 ـ هذا الجهل ( الماعزى الوهابى السلفى ) يتجلى فى موضوع ( موت النفس ) . فالله جل وعلا يتكلم عن ذاته بتعبير النفس ، وتكرر قوله جل وعلا : ( وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ )(28) ،(30) آل عمران )( قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) (12) ( وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) (54) الانعام ). وطبقا لجهلهم ( الماعزى الوهابى السلفى ) فإن لله جل وعلا ( نفسا ) حقيقية مثل ما للبشر . وعليه فقد حكموا عليه جل وعلا بالموت طبقا لما تكرر فى القرآن الكريم بأن كل نفس ذائقة الموت : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) : ( آل عمران 185 ، الأنبياء 35 ، العنكبوت 47 ). هذا مع إنه جل وعلا هو الحىُّ الذى لا يموت : ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ) (58) الفرقان ).
3 ـ هذا يذكرنا بحادثة مشهورة كنا نتداولها فى جامعة الأزهر فى ثمانينيات القرن الماضى . كان الدكتور أحمد محمد الحوفى ( 1910 : 1983 ) أستاذ كلية دار العلوم المشهور فى جلسة مع عبد العزيز بن باز ، والذى أخذ يختال على الحاضرين بجهله قائلا إنه ليس فى القرآن الكريم مجاز ، فقال له د . الحوفى مسرعا : ( إذن أنت فى النار ، لأن الله جل وعلا يقول : ( وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72) الاسراء) !. عبد العزيز بن باز كان ضريرا لا يرى . سكت ابن باز ثم ردّ قائلا للحوفى ( لقد أفحمتنى ويُلغى عقدك ). كان الحوفى يعمل هناك استاذا زائرا .
4 ـ مصطلح أعمى يأتى على حقيقته فى آيات التشريع ، مثل قوله جل وعلا : ( لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ )(61) النور )،(17) الفتح ) وفى القصص ، مثل قوله جل وعلا : (عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى (2) عبس ) ويأتى بالمجاز كثيرا ليدل بالاستعارة عن الكفر ، مثل قوله جل وعلا : ( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (50) الانعام )( أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (19)الرعد ).
5 ـ ونتوقف مع تساوى الأنفس البشرية فى الخلق والموت وقابلية الفجور أو التقوى . نذكر الآيات دون تدبر مضمونها :
النفس تدل على شخص مذكر فقط
نفس النبى محمد عليه السلام : قال جل وعلا :
عن حزنه على ضلال قومه جاءه النهى فى خطاب مباشر : ( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (6) الكهف ) ( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) الشعراء ) ( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ) (8) فاطر)
عن تأنيبه الذى جاءه فى خطاب مباشر : ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)(28) الكهف ) (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) (37) الاحزاب )
عن عصمته بالوحى فقط ، وقد جاءه فى خطاب مباشر : ( قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنْ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي )(50) سبأ ) ( مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً (79) النساء )
عن إمكاناته البشرية ، أمره جل وعلا أن يعلن : ( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ )(188) الاعراف )( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلا نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ )(49) يونس )
عن جهاده قتالا فى سبيل الرحمن جل وعلا : ( فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ )(84) النساء )
يعقوب عليه السلام
( كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ )(93) آل عمران ) ( وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا )(68) يوسف )
فى قصة يوسف عليه السلام :
( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ )( قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي )( ( وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ ) ( قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ) ( قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (51) ( وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ) ( قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ) يوسف : ( 23 ) ، (26) (31) (32) ( 51 )( 54 ) ( 77 ) )
فى قصة موسى عليه السلام : ( قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ) ( قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ )، ( قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً )( القصص ( 16 )( 19 ) (33)) ، ( وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنْ الْغَمِّ ) (40) طه )( فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) طه ). السامرى ( وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) طه )( قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي ) (25) المائدة )
قصة ابن آدم القاتل : ( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ )(30) المائدة )
قصة صاحب الجنتين : ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ) (35) الكهف )
جمع مذكر :
( قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً ) (83) يوسف ) ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (6) النور )( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ ) (223) البقرة )( وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ ) ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ) (235) البقرة )
ثانيا : النفس تدل على شخص مؤنث فقط
إمرأة العزيز فى قصة يوسف : ( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ) (53) يوسف )
ملكة سبأ :( قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي )(44) النمل ).
ثم : ( وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ) (50) الاحزاب )
جمع مؤنث : ( أنفسهن ) ( طبن نفسا ):
فى عدة المطلقة ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) (228) البقرة )
فى عدة الأرملة ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) (234) البقرة )
فى متعة الأرملة : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ ) (240) البقرة )
فى صداق الزوجة ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (4) النساء )
ما عدا ذلك يأتى مصطلح ( النفس ) ليدل على المذكر والمؤنث . وهذا فى الموضوعات التالية :
أولا : خلق الأنفس كلها ( ذكورا وإناثا ) من نفس واحدة . قال جل وعلا :
1 ـ ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً ) (1) النساء ) ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ (189) الاعراف ) ( خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا )(6) الزمر ) ( وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ) (98) الانعام )
2 ـ وعن الخلق والبعث لكل الأنفس ذكورا وإناثا : ( مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ) (28) لقمان )
ثانيا : موت الأنفس البشرية ذكورا وإناثا أنبياء وعصاة مجرمين ومتقين . قال جل وعلا :
( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا )(42) الزمر )( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً ) (145) آل عمران ) ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) :(185) آل عمران ) (35) الانبياء )(57) العنكبوت) ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ) (34) لقمان ) ( وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) المنافقون ) ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ) (155) البقرة )
تحريم قتل النفس البشرية ذكرا وأنثى
قال جل وعلا :
( أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ) (32) المائدة ) ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ )(45) المائدة ) ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) الانعام (151) الاسراء 33 ) ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) (68) الفرقان ) وفى قصة موسى مع العبد الصالح : ( فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (74) الكهف )
نوعا الأنفس البشرية ذكورا وإناثا وحريتها فى أن تتزكى أو أن تتسفّل
قال جل وعلا يقسم بخلق النفس ونوعيها حسب إرادة الفجور أو التقوى : ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الشمس ). كل نفس بشرية أُلهمت الفجور والتقوى ، ولكن فيها إرادة تجعلها تُغلّب الاصلاح أو الفساد .
بالتالى فهناك نوعان للنفس البشرية ( ذكورا وإناثا ) :
2 / 1 النفس الفاجرة ، وهى الأمّارة بالسوء إلا إذا أصلحت شأنها : ( إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) يوسف )، وهى التى تقع فريسة الأنانية والشُح إلا إذا تخلصت منه : ( وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (128) النساء ) ( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ) الحشر (9) التغابن 16 )
2 / 2 : النفس التى تتزكى هو اللوامة ( الضمير ) ، وهى النفس الراقية التى جعلت إمرأة العزيز فى قصة يوسف تعترف بذنيها علنا أمام الملك ومجتمع الصفوة وقتها : ( قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) يوسف ). إنها النفس اللوّامة التى أقسم بها رب العزة جل وعلا : ( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) القيامة ) . وهى ( الضمير / الأنا العليا ) التى تنهى النفس عن الهوى : ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) النازعات )، وفى الآخرة هى النفس المطمئنة التى ستدخل الجنة : ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30) الفجر ).
2 / 3 ـ هذه النفس اللوامة هى التى تجعل الانسان بصيرا بنفسه ، إذ يمكنه أن يخدع الناس يلقى اليهم معاذيره ، لكنه لو توقف مع نفسه اللوامة محتكما الى فطرته لأدرك الحق : ( بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) القيامة ). والله جل وعلا دعا كفار مكة الى الاحتكام الى هذه ( الأنا العليا / الضمير / النفس اللوّامة ) فى شخص النبى محمد عليه السلام ، وعظهم فقال : ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) سبأ )
اجمالي القراءات 2958