ماهية العلاقة المفترضة بين الثقافة الامازيغية و مسالة الاعياد الوطنية ؟

مهدي مالك في الثلاثاء ٢١ - ديسمبر - ٢٠٢١ ١٢:٠٠ صباحاً


ماهية العلاقة المفترضة بين الثقافة الامازيغية و مسالة الاعياد الوطنية ؟
مقدمة اولية
نواصل الحديث عن موضوع الثقافة الامازيغية الطويل و ذو ابعاد سياسية او دينية او اقتصادية الخ من هذه الابعاد المتكاملة ان صح التعبير .
ان الاعياد بصفة عامة هي مناسبات للفرح و لتخليد حدث ديني او وطني حيث ان كل شعوب العالم بدون استثناء لها اعياد ذات صبغة دينية او وطنية حتى السعودية نفسها التي تتوفر على عيد وطني واحد الا و هو عيد تاسيس الدولة السعودية الحالية في 23 شنتبر 1932 اي ان السعودية بحلال قدرها في عالمنا الاسلامي منذ عقود من الزمان من خلال نشر ما تسميه بالاسلام الاصييل في مجتمعاتنا المتدينة بالاسلام منذ 14 قرنا حيث ان هذا الاسلام الوهابي العولمي ان صح التعبير يدعي انه ضد احداث اعياد وطنية باعتبارها جاهلية و ضد الاحتفال ببعض الاعياد الدينية من قبيل عيد مولد الرسول الاعظم عليه الصلاة و السلام تحت ذريعة ان الاسلام قد شرع عيدان للمسلمين الا و هما عيد الفطر و عيد الاضحى المباركان حسب فتاوى شيوخ الفتنة الوهابية و السؤال المطروح ماهية الشرعية للاحتفال بذكرى تاسيس المملكة العربية السعودية في يوم 23 شتنبر من كل سنة .
قد يتساءل البعض لماذا استحضرت السعودية هنا و الجواب لان مذهبها الخطير قد ساهم منذ عقود من الزمان في انتاج وعي عام اسلامي يقدس الماضي الذهبي للمسلمي كما يعتقده اغلب المسلمين و يكفر التعدد و الاختلاف داخل الدائرة الاسلامية الكبرى بمذاهبها الفكرية و بثقافاتها المختلفة و تقديسها للعرب و للعروبة كجاهلية قبل الاسلام و بعده
.
ان الوهابية او الاخوانية لا تعترف بشيء يسمى بالوطن كارض و كشعب و كنظام سياسي يتميز بالديمقراطية و لو شكليا لان فقهاء السلف قد عملوا في نطاق دولة الخلافة حيث اجتهدوا اجتهادات كانت تصلح لذلك الزمان البعيد عنا فكريا و سياسيا و حتى اخلاقيا اي ان هذا الفكر الكافر بحقائق الاسلام يريد الرجوع بنا الى عصر الخليفة و الى عصر الجواري الخ من هذه الوثائق السرية كما سماها المفكر المصري السيد القمني و بنفس هذه الحدة و اكثر قليلا ساقول ان الالحاد اي انكار لوجود الخالق يعتبر شيء خطير و انكار شيء اسمه الدين او الاخلاق فماذا ينتظر الانسان من هؤلاء ؟ سواء الخراب و انهيار القيم مهما كانت حسب اعتقادي المتواضع الان .
مدخل الى صلب الموضوع
ان الثقافة الامازيغية كما قلت في مقالاتي السابقة عانت منذ سنة 1956 الى سنة 2001 من تهميش مطلق رسميا و دينيا الخ من هذه المظاهر حتى تعتبر هذه الثقافة انذاك عدوة للوطنية المغربية الاصيلة و التي اختزلت وقتها في العروبة و في اسلام المخزن المتردد بين السلفية الوطنية و الوهابية المعولمة.
بعد سنة 2001 فتح الباب امام الثقافة الامازيغية كاحدى عناصر للثقافة المغربية لتدخل الى مجالات التعليم و الاعلام و التنشيط الثقافي لكنها لم تدخل الى خانة الثوابت الوطنية و الدينية و لو بعد دستور 2011 و خير دليل على ذلك هو عدم ترسيم السنة الامازيغية كعيد وطني مرتبط بالارض و بالتاريخ العريق للامة المغربية ..
ان تاريخ المغرب هو حافل بالاحداث التاريخية العظيمة سواء قبل الاسلام و بعده كما اقوله دائما لكن منذ سنة 1930 قد تغير كل شيء على المستوى السياسي بولادة الحركة الوطنية كما تسمى الى حدود اليوم.
لكن في الحقيقة انها حركة جهوية باعتبار ان اغلب رموزها هم من محور الرباط سلا فاس بمعنى انها لم تكن وطنية في يوم من الايام و لا تملك اية شرعية تاريخية و دينية و وطنية لسبب بسيط الا و هو ان المقاومة الامازيغية للاستعمار المسيحي اي الفرنسي و الاسباني قد انطلقت منذ اكثر من 20 سنة في مناطق الريف و الاطلس الكبير و المتوسط و سوس و الجنوب الشرقي و الصحراء .
ان ميلاد الحركة الوطنية قد جاء اثر صدور ظهير 16 ماي 1930 الهادف الى تنظيم شيء كان عدنا منذ غابر الازمان الا و هو العرف الامازيغي الذي لا يتعارض مع القيم العليا للدين الاسلامي دون اي تدخل لقيم السلف على الاطلاق بمعنى ان هذا الظهير يحمل كل الشرعيات بما فيها الدينية و الوطنية حيث وقعه امير المؤمنين محمد الخامس رحمه الله .
غير ان الحركة الوطنية اخترعت اكذوبة الظهير البربري لوضع حد نهائي للامازيغيين و حقوقهم لما بعد الاستقلال الشكلي حيث استطاعت هذه الحركة العنصرية ان تقوم بحملة عظيمة داخل المغرب و خارجه لغرض تشويه الامازيغيين و هويتهم الاصلية الى ابعد الحدود من خلال القول ان الاستعمار الفرنسي قد اصدر الظهير البربري لتنصير البرابرة كما يسمون في ادبياتهم و في ادبيات تيارات الاسلام السياسي فيما بعد.
و هكذا استطاعت الحركة الوطنية بالضوء الاخضر من طرف المخزن التقليدي طبعا ما بعد سنة 1956 في فرض بعض الاحداث المعينة كاعياد وطنية من قبيل تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال ليوم 11 يناير 1944 باعتباره حدث اقل شانا من الاحداث الوطنية الكبرى قبل الاسلام مثل انتصار اجدادنا الامازيغيين على الفراعنة في سنة 950 قبل الميلاد .
و بعد الاسلام كم من انتصار حققه اجدادنا الامازيغيين منذ طردهم لبني امية الى استرجاع حاضرة قبائل ايت باعمران سيدي ايفني الى احضان الوطن بتاريخ 30 يونيو 1969 حسب اعتقادي المتواضع حيث ربما اخطئ في هذه المساحة التاريخية .
ان الاعياد الوطنية ببلادنا قد همشت هذا الكم الهائل من الانتصارات من منطلق عنصري صريح يقول ان الامازيغيين ليس لهم اي تاريخ او اية حضارة او اي بعد ديني حيث ان هذا الكلام كان يقال في عهد الراحل الحسن الثاني بشكل علاني بسبب سيادة ايديولوجية الظهير البربري كما اسميها بشكل مطلق.
لكن الان في دجنبر 2021 ماذا تغير منذ ترسيم الامازيغية في دستور 2011 بصريح العبارة؟؟
و الجواب هو لا شيء على الاطلاق لاننا كحركة امازيغية مازلنا نطالب بترسيم السنة الامازيغية كعيد وطني في يوم 13 يناير من كل سنة اي بعد يوم واحد من ذكرى 11 يناير الحزبية بمعنى ان هذه الذكرى الموقرة تخص حزب الاستقلال و لا تخص الشعب المغربي قاطبة حسب رايي الشخصي لان هناك احداث كبرى تستحق ان تكون عيد وطني مثل يوم معركة انوال الخالدة بتاريخ 21 يوليوز 1921 في منطقة الريف .
مثل يوم استرجاع حاضرة قبائل باعمران سيدي ايفني الى احضان الوطن بتاريخ 30 يونيو 1969 الخ من هذه التواريخ العظيمة في الوطنية الخالصة لوجه الله سبحانه و تعالى و لهذه الارض الطاهرة .
و لهذه الاسباب ادعو بكل التواضع الى اعادة النظر في مسالة الاعياد الوطنية من منطلق وطني خالص بعيدا عن ايديولوجية الظهير البربري و بعيدا عن تاريخنا الرسمي لان الدستور الحالي قد اعترف بكون ان الامازيغية هي لغة رسمية اي انها اصبحت ثابت من ثوابت الدولة المغربية على المستوى النظري فقط.
لكن مستوى الواقع هناك كلام اخر و تراجعات خطيرة للقضية الامازيغية على مستوى الدولة و المجتمع بسبب نفوذ الاسلاميين طيلة عقد من الزمان على حياتنا العامة ...
و الان هناك صمت حكومي رهيب حول مسالة ترسيم السنة الامازيغية كعيد وطني في يوم 13 يناير القادم تطبيقا لنص خطاب ذكرى 20 غشت السامي و الذي حطم خرافة 12 قرنا من تاريخنا الرسمي و استحضر مصطلح التاريخ الامازيغي لاول مرة في الخطب الملكية السامية اي هناك ارادة ملكية صريحة للاعتراف بتاريخنا الامازيغي قبل الاسلام بمعنى ترسيم السنة الامازيغية .
المهدي مالك




اجمالي القراءات 2178