من اجل احياء حركة الحكم الذاتي لسوس الكبير لماذا؟

مهدي مالك في الجمعة ٠٣ - ديسمبر - ٢٠٢١ ١٢:٠٠ صباحاً


من اجل احياء حركة الحكم الذاتي لسوس الكبير لماذا؟
مقدمة لا بد منها
قد سبق لي ان نشرت هذا الموضوع الجوهري في اكتوبر 2019 في موقع اهل القران بامريكا حيث انذاك قد شجعني بعض المناضلين داخل الحركة الامازيغية من قبيل الاستاذ رشيد راخا رئيس التجمع العالمي الامازيغي و الاستاذ رشيد بوقسيم رئيس جمعية اسني ؤورغ للفيلم الامازيغي ...
بداية انني ارفض الخلط بين الحكم الذاتي و استقلال بعض المناطق الامازيغية من قبيل منطقة القبائل الجزائرية فمهما كانت خلافاتنا مع الجزائر الشقيقة في الامازيغية ثم في الدين الاسلامي فان الجزائر وطن واحد مثل المغرب و تونس و ليبيا الخ من دول تمازغا اي شمال افريقيا و اقول هذا الكلام تفاديا لكل الاتهامات و التحليلات الضارة بمصالح الحركة الامازيغية داخل المغرب الانية و المستقبلية اي بعد 30 سنة او اكثر او اقل .
مدخل متواضع
منذ استقلال المغرب سنة 1956 اتجه المخزن التقليدي كما نسميه في ادبيات الحركة الامازيغية السياسية الى اعتماد نظام مركزي قوي على كافة المستويات و الاصعدة من اجل تركيز الخيرات المادية و الرمزية في محور فاس الرباط سلا بغية ارضاء عائلات نافذة انذاك و التي تنحدر من هذا المحور حيث من طبيعي حدوث هذه النتيجة لان رموز الحركة الوطنية تنحدر كذلك من نفس هذا المحور المعلوم..
ان فكر الحركة الوطنية يقوم على اساسان لا ثلاث لهما الا و هما العروبة و الاسلام المخزني السائد في هذا المحور الذي سيسمى بعد الاستقلال بمركز المغرب الروحي بمعنى ان فاس هي العاصمة الروحية و الرباط باعتبارها العاصمة السياسية و الدار البيضاء باعتبارها العاصمة الاقتصادية اي بصريح العبارة ان المركز يتحكم بكل خيرات المغرب المادية اي الاموال و الاراضي و القيم الرمزية الخ.....
و اعني بالقيم الرمزية الدين و الثقافة و التاريخ الخ حيث ان اية امة لا يمكن لها ان تعيش بسلام بدون هذه القيم الرمزية باعتبارها تساهم في تربية الاجيال على تراث الاجداد الثقافي و الديني و السياسي...
لكن المخزن اسس دولته بعد سنة 1956 على ادزواجية عجيبة بين التعريب و الفرنكفونية و بين السلفية على مقاس الحركة الوطنية و العلمانية الفرنسية اي الدولة الحديثة بمؤسساتها و قوانينها التي لا تستمد شرعيتها من الاسلام على الاطلاق بل تستمد شرعيتها من العقل الفرنسي المسيحي بالضرورة اي ان جل قوانيننا الجاري العمل بها بالمغرب منذ الاستقلال الى الان هي قوانين وضعية فرنسية بمعنى وضعها الفرنسيين المسيحيين بالضرورة..
ان هذه الادزواجية العجيبة لم تاخذ بعين الاعتبار هوية المغرب الاصلية اي الامازيغية نهائيا في اية سياسة للدولة منذ سنة 1956 الى حدود سنة 2001 حيث قرر المخزن فتح صفحة جديدة مع الامازيغية كشان ثقافي ضيق للغاية لان الامازيغية هي قضية سياسية بامتياز منذ سنة 1956 الى الان بحكم تراكم مظاهر التهميش و الاقصاء ضد الامازيغية كانسان و كهوية و كمجال ثرابي شاسع حيث ان الهوامش الامازيغية كما تسمى لم تستفيد من ثمار الاستقلال المادية و الرمزية او من برامج التنمية البشرية الحقيقية طيلة عقود من الزمان بسبب غياب اية سياسة جهوية حقيقية تساهم فعلا في تحريك عجلة النماء و التقدم داخل هذه الهوامش الامازيغية...
انني اعني بالهوامش الامازيغية اي المحافظة على امازيغيتها و هي منطقة الريف و منطقة الاطلس المتوسط و منطقة الاطلس الكبير و منطقة سوس و منطقة الجنوب الشرقي بمعنى ان هذه المناطق الشاسعة ظلت لعقود طويلة تحت وطاة التهميش بكل ابعاده السياسية من طبيعة الحال و الاقتصادية و التنموية و الثقافية الخ من هذه الابعاد.....
انني لا انكر من طبيعة الحال جهود ملكنا الحبيب منذ جلوسه على العرش صيف سنة 1999 في اصلاح احوال البلاد و فتح الاوراش الاستراتيجية من قبيل الجهوية المتقدمة سنة 2010 و الاصلاحات الدستورية سنة 2011 الخ من هذه الاوراش الاستراتيجية المهمة ...
لكن الواقع المعاش و الخطب الملكية يؤكدان على فشل نموذجنا التنموي القديم و بحث عن نموذج تنموي جديد يقطع مع المركزية السلبية التي ساهمت في احداث المشاكل و الحركات الاحتجاجية من قبيل حراك الريف بعد مقتل بائع سمك محسن فكري في اواخر اكتوبر 2016 .
و حراك سوس ضد الرعي الجائر الخ بمعنى ان الهوامش الامازيغية مازالت تعاني من المشاكل المتراكمة منذ سنة 1956 بسبب كل شيء تقريبا يقرر في مدينة الرباط الى حدود اليوم رغم الشعارات المرفوعة من طرف المخزن مثل الجهوية المتقدمة او الموسعة بصريح العبارة.
انني لست من دعاة الانفصال او التقسيم الخ من خرافات الحركة الوطنية في اواخر الخمسينات حيث قمع الحزب العتيق ثورة اهل منطقة الريف ضد المركزية و ضد اقبار تراث المنطقة السياسي و الثقافي ....
بل انني من دعاة الوحدة الوطنية في اطار النظام الفدرالي بمعنى الحكم الذاتي للجهات المغربية ابتداء من جهة الصحراء المغربية من طبيعة الحال .........
و كما ان نظام الحكم الذاتي ليس نظام جديد على المغرب حيث قبل الحماية الفرنسية كانت جل القبائل الامازيغية و اتكرر جل القبائل الامازيغية تتوفر على نوعا من الحكم الذاتي عن المخزن اي ان اجدادنا الامازيغيين كانوا يدبرون شؤونهم بانفسهم مع اعترافهم بوجود سلطان للبلاد باعتباره امير المؤمنين من خلال خطب يوم الجمعة و عيد الفطر و عيد الاضحى اي كفى من اخفاء الحقائق التاريخية تحت عناوين كبيرة من قبيل زمن السيبة و اثارة الفتنة الخ ...............
الى صلب الموضوع
ان سؤال هذا المقال المتواضع من اجل احياء حركة الحكم الذاتي لسوس الكبير لماذا ؟ هو سؤال عريض حيث قد يقول البعض ان رئيس الحكومة الحالي هو ابن منطقة سوس الخ من هذه الاقويل التي يتحدث بها الناس هنا او هناك بدون الغوص في اعماق الامور ...
ان منطقة سوس لها تاريخ عظيم خصوصا بعد الاسلام حيث كان لسوس الفضل الكبير في تاسيس الدول الامازيغية الاسلامية كما اسميها مثل الدولة المرابطية و مثل الدولة الموحدية و مثل الدولة السعدية و بالاضافة الى بعض الامارات القوية الخ بمعنى ان منطقة سوس ساهمت بشكل عظيم في تاريخ المغرب قديما و حديثا من خلال مجموعة من المؤشرات مثل تعيين اول وزير للاوقاف و الشؤون الاسلامية من منطقة سوس في فجر الاستقلال حيث كان المرحوم المختار السوسي من رجال الحركة الوطنية .....
لكنه بالمقابل له نزعة نحو سوس كتاريخ و كعادات و كتقاليد حيث لم يحرم فن احواش او فن الروايس قط حسب علمي المتواضع..................
لكن بالمقابل ظل سوس منطقة مهمشة منذ سنة 1956 الى الان على كافة المستويات و الاصعدة حيث يشرفني هنا ان استحضر تجربة مؤسسة الوردة الرملية لاستقبال الاطفال المعاقين بمدينة اكادير حيث تعد اول مؤسسة من نوعها على صعيد منطقة سوس في اواسط تسعينات القرن الماضي ربما.
و اسستها سيدة فرنسية تسمى بالسيدة بصي بتاريخ يناير 1996 لكن هذه المؤسسة لم تستمر طويلا بسبب غياب الدعم من طرف الدولة لاننا نتواجد في الهامش و لا نتواجد في محور الدار البيضاء الرباط حيث لو تواجدت هذه المؤسسة في الدار البيضاء مثلا او في الرباط لاستمرت الى اليوم حسب رايي المتواضع......
انني استحضرت هذا المثال التاريخي الذي عشته منذ اكثر من 25 سنة قصد اظهار مدى التهميش و الاقصاء الذي يعانيه سوس الى حد هذه الساعة على مختلف المستويات و الاصعدة بسبب غياب اية جهوية او فدرالية حقيقية ....
فعلى المستوى الفني على سبيل المثال فان معانات الفنان الامازيغي هي كثيرة و متداخلة بين ما هو اجتماعي و ما هو حقوقي و ما هو اقتصادي حسب تصريحات مجموعة من الفنانين الامازيغيين على مواقع التواصل الاجتماعي حيث لو تم تطبيق نظام الحكم الذاتي او الفدرالية على جهة سوس منذ عقود من الزمان لاصبحنا نتوفر على معاهد كثيرة لتعليم فنوننا الاصيلة و الحديثة و لاصبحنا نتوفر على قنواتنا التلفزيونية الجهوية الان ..
و لاصبحت الدشيرة مدينة للفنون الامازيغية باعتبارها تحتضن العديد من الروايس و الرايسات الخ من طموحاتنا المشروعة في ظل الوحدة الوطنية و الترابية من طبيعة الحال.........
لا شك ان النموذج التنموي الجديد لا يستحضر الامازيغية بشموليتها و بابعادها المتعددة بل احتقرها الى ابعد الحدود كاننا مازلنا نعيش في منتصف التسعينات حيث كانت الحركة الامازيغية مجرد جمعيات ثقافية هنا او هناك تطالب بمجموعة من المطالب الثقافية من قبيل اعتراف الدولة المغربية بكون الامازيغية هي لغة رسمية في دستور 1996 اي ان هذا النموذج قد ارجعنا كثيرا الى احضان دولة العروبة و الاسلام المخزني المتردد بين السلفية الوطنية و الوهابية او الاخوانية .
ساتحدث هنا باختصار شديد عن حركة الحكم الذاتي لسوس الكبير لانني لا اعرف عنها الا القليل من المعلومات المنشورة على الانترنت فتقول هذه المعلومات انها تاسست سنة 2007 من طرف 34 منظمة امازيغية و من بينها الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي و جمعية اسني ؤورغ الخ من هذه المنظمات الامازيغية و المؤمنة انذاك بان فدرالية سوس تتمتع تاريخيا بالحكم الذاتي عن الحكم المركزي للدولة المغربية الخ من هذه الاسس التي شرحتها طيلة هذا المقال المتواضع اي ان هذه الحركة ظهرت في سياق ظهور الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي على الساحة السياسية ببلادنا بمعنى ان حزب الاستاذ احمد الدغرني رحمه الله و اصدقاءه قد استطاع ان يحرك الاشياء و القضايا التي ظلت لعقود طويلة في حكم المستحيل و لهذا تم حله من طرف وزارة الداخلية سنة 2008 و بالتالي فان حركة الحكم الذاتي لسوس الكبير قد ماتت منذ ذلك الحين لانني لم اسمع اي خبر او تصريح صادر عنها منذ سنة 2007 ..............
لدى ادعو الى اعادة احياءها من جديدد استجابة لنداء سوس كمنطقة غنية بالمؤهلات على المستوى الثقافي و على المستوى الديني و على المستوى التاريخي الخ من هذه المستويات بغية الحفاظ على هوية سوس الامازيغية الاسلامية الاصلية كما اسميها باحياء قوانينا الوضعية و تكريم فقهاءنا الحقيقيين الذين لا يحرمون العرف الامازيغي مثل المرحوم امحمد العثماني حيث لو كان حي الان لرفض الانضمام الى حزب العدالة و التنمية الاخواني ......
و تكريم رموزنا التاريخية و الفنية من خلال اطلاق اسماءهم على شوارعنا و على مؤسساتنا الثقافية و على مساجدنا حتى ما هو العيب في ذلك ؟
ان مصطلح سوس الكبير يعني حسب بيان تانزرت التاريخي و الموقع من طرف 34 منظمة امازيغية بتاريخ 15 يوليوز 2007 يشمل من وادي تانسيفت شمالا الى وادرا جنوبا و يشمل كذلك من المحيط الاطلسي غربا الى الحدود الجزائرية ........................
ارجوا ان يكون مقالي هذا في المستوى و ان يفهم بشكل صحيح بعيدا عن الاتهامات بالانفصال لانني اعتز بوطنيتي و اعتز بملكي امير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ...........
المهدي مالك

اجمالي القراءات 2231