رسالة تهنئة من إبليس إلى العراقيين

محمد عبد المجيد في الجمعة ٠٦ - يوليو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

أوسلو في 2 نوفمبر 2006

أيها العراقيون
دعوني أعترف لكم أولا بفخري الشديد بكم، وبأنكم ساندتم موقفي أمام خالق الكون العظيم. (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)؟
منذ أن تركتكم تتولوّن بأنفسكم مهمة العمل القذر، وأنا أتابع أخبارَكم السارةَ على مدار الساعة.
لم أعد في حاجة لأوسوس لأحدكم فأنتم قادرون على تمزيق الوطن وتفتيته ثم اعادته إلى العصر المتوحش لأكلة لحوم البشر؟
أتعجب أحيانا من قدرتكم الفا&Aفائقة على استحداث طرق القتل والتعذيب والتدمير والتخريب بما لم يدر بذهني قط على الرغم من أن عملي الحقيقي هو ايجاد مدخل في أشد المناطق دفئا وحساسية ومحبة داخل النفس البشرية، فأتسلل إليها وأصنع منها شرورا وأثاما وقسوة وغلظة وكراهية ، وأنزع عنها نفخة روح الله التي وضعها في آدم وكرمه ونَسْلَه على جميع خلقه.
سيارة مفخخة سُنّية أمام الخارجين من الصلاة في مسجد شيعي لتنفجر أجساد أهل بلدكم، وتتناثر أشلاؤها في كل مكان،.
الحجة الحمقاء أن الشيعة كفرة، وقتلهم حلال، وهم يتعاونون مع قوات الاحتلال.
حاجز أمني شيعي يوقف سيارة آمنة تخترق شوارع وطن غير آمن. يتم اخراج من يحمل اسما سُنّيا ليس له ذنب في اختياره.
يقف المساكين أمام عصابات من المجرمين وتخترق رصاصات عمياء صدورهم، وقد يتم تشويه أجسادهم بعدها، أو قطع الرؤوس.
عصابة سنية تختار عائلة شيعية وتقرر ارسالها إلى العالم الآخر بعد جز الرؤوس، وقلع العيون، وتمزيق الأذان، واخراج الأحشاء من البطون.
عصابة شيعية تخترق حرمة بيت لأهل البلد المسيحيين ، وتمهلهم يومين قبل مغادرة العراق نهائيا، فالوطن لم يعد وطنا، وهو قطعة من الجحيم يتنافس فيها القتلة على اسالة أكبر كمية من دماء خصومهم.
هل كنت أنا، ملكُ العصاة، قادرا على الاتيان بأقسى وأعنف وأقذر مماتقومون به؟
أبشركم جميعا بأن من يدخل الجنة لن تكون معه هوية شخصية مكتوب فيها أنه شيعي أو سني أو كردي أو تركماني، جنوبي أو شمالي أو بغدادي.
لقد ضحك عليكم صدام حسين، وتمكن ورهط من معاونيه الذين قام بتصفية أكثرهم في الطريق إلى السلطة وصنع من دولتكم جمهورية الرعب، دون مساعدة مني من تجنيد مليونين منكم ليتجسسوا على أهلهم، وآبائهم وأمهاتهم، ثم نَشَرَ بينكم معتقلات وسجونا تكفي لابتلاع ربع سكان العراق، وزرع في أرضكم قبورا جماعية ومعها في أجسادكم رعبا وخوفا وهلعا فانعكست قسوةً ووحشيةً في التعامل الأمني وتصفية المخالفين وتحويل الملايين من أبناء الشعب إلى خِدمته بدلا من أن يكون خادمكم.
لو أنني، الشيطانَ الأوحدَ، قمت بجولة وسوسة بينكم في كل شبر من أرض الرافدين لما تمكنت من اقناع الكثيرين للعمل معي، وسفك الدماء، واعتقال الأبرياء، وتعذيب أبناء البلد، كما فعل صدام حسين.
وسقط الطاغية في ساعات معدودة، ولا أظنكم كنتم تتوقعون أن يصمد يوما أو بعض اليوم.
وجاء عراقيو المنافي، ومعارضو شوارع عاصمة الضباب، ومحتالو المصارف الأجنبية، والطابور الخامس ليمهدوا الطريق للمارينز لرسم المشهد الجحيمي.
وضحكت عليكم المعارضة العراقية فهي في الحقيقة حكومة فيشي, وكل منهم فيه خليط من أرواح الجنرال بيتان وكفيزلينج وعزام عزام وإيللي كوهين وأنطوان لحد.
ثم ضحك عليكم الأمريكيون وأوهموكم بأن الدبابة الأمريكية تزرع القمح، وأن القنابل العنقودية تصيب الأشرار فقط، وأن سجن أبو غريب سيصبح رمزا لعهد بائد، وربما يتحول إلى دار عرض سينمائية لمشاهدة كلينت ستوود وديمي مور وتوك كروز.

سرقوا نفطكم، واغتصبوا حرماتكم في أبو غريب الجديد حتى أنني، إبليسَ، أشفقت على الضحايا.
ثم قام الأمريكيون بتسليم حكومة فيشي مهمة الاغتصاب والتعذيب والتنكيل والامتهان داخل أبو غريب لمعرفة مَنْ تفوّق في قمع وقهر العراقيين .. صدام حسين أم اليانكي أو لصوص بنك بترا الأردني؟
بعد ذلك ضحك عليكم علماؤكم وفقهاؤكم ومثقفوكم عندما أقنعوكم بأن جنة الخلد لا يدخلها سني وشيعي في نفس الوقت، وأن رضوان ، عليه السلام، سيقف على بابها يسأل العراقيين إن كانوا من بعقوبة أو من البصرة أو من الأنبار أو من كركوك أو من النجف الأشرف أو من قلب عاصمة كل أحزان الدنيا ثم يتم تصنيف أهل الجنة وفقا لمعارك أهل البيت مع خصومهم منذ ألف وأربعمئة عام.
ثم ضحك عليكم الاعلام، واختارت الفضائيات من مشهدكم الدموي ما يراه الممولون وِفْقا لحساباتهم في المصارف أو مصالحهم في البيت الأبيض أو طوائفهم التي تمثلها على استحياء الشاشة الصغيرة.
أيها العراقيون،
إنني بريء تماما مما يحدث على أرضكم ، ويوم تقوم الساعة لن أكون شاهد إثبات أو نفي، إنما خارج المشهد العراقي برمته.
لقد اختلط الأمر على الكثيرين فلم يعودوا يميزون بين المقاومة وبين الارهاب الأعمى، لماذا ترفض المقاومة الشريفة التي تواجه الاحتلال مواجهة الارهاب الذي يشوه صورتها؟
إن أبطال المقاومة الذين ينزلون الرعب في جنود الاحتلال في أي منطقة يستطيعون أيضا الوصول لقوى الارهاب التي تضرب الأبرياء والأطفال والنساء والمصلين والأسواق ومدارس الأطفال.
أيها العراقيون،
لم يبق وقت طويل قبل أن يصبح العراق مقبرةً واحدةً لشعب كان من الممكن أن يصنع معجزة بما أنعم اللهُ عليه من خيرات وزرع وماء وتربة وأرض وكفاءات تستطيع أن تجعل العراق نموذجا للتحضر والرفاهية والتمدن والحرية والتسامح، لكنكم اخترتم تمزيق وطنكم، وتفتيت وحدته، فهنيئا لكم تفوقكم الساحق على امكانياتي الشريرة.

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو النرويج
http://taeralshmal.jeeran.com
http://www.taeralshmal.com
Taeralshmal@hotmail.com
http://blogs.albawaba.com/taeralshmal

اجمالي القراءات 12443