رؤية سياسية لتطبيع الإمارات وإسرائيل

شادي طلعت في الجمعة ١٤ - أغسطس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

أعلن الرئيس الأمريكي إتفاق الإمارات وإسرائيل على التطبيع الكامل، ,الخالي من أية نواقص، إنه تطبيع لا تشوبه شائبة، كما كان مع بعض الدول التي كانت سابقة على الإمارات في تطبيعها مع إسرائيل، هذه المرة التطبيع حقيقي، وهو الأول عربياً، في كماله، وتمامه، كما ذكرنا آنفاً، وأتي قبل موعد الإنتخابات الرئاسية الأمريكية بـ 80 يوماً، أي قبيل الإنتخابات وليس قبلها.

 

نعم ستكون بكل تأكيد تلك الخطوة، إنجاز يحتسب لبعض الأطراف، لكنه سيكون أيضاً إخفاق لأطراف أخرى.

وقبل الخوض في الرؤية السياسية للأمر، نرجو من كل مواطن في أي دولة، أن يعلم مدى قدرته على حكم نفسه، فهل هو من يتخذ القرار، أم أنه في دولة ذات سياسة محددة تعرف طريقها، أياً كان من يحكم بلاده، أم أنه يُحكَم تبعاً لأهواء حاكمه.

 

فــ على سبيل المثال كانت سياسة مصر وقت حكم جمال عبدالناصر شيء، وإنقلبت لشيء آخر عندما حكمها أنور السادات، والواقع أن أغلب دول الشرق الأوسط، إن لم يكن جميعها، تُحكم طبقاً لسياسة الحاكم، هذا بداية. 

 

وبالنظر لموعد الإعلان عن إتفاق قرار التطبيع بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية، ودخوله حيز التنفيذ، سيكون له فوائد بالنسبة للرئيس الامريكي/ ترمب، والذي يحارب كما المقاتل في الميدان، في إنتخابات قد تكون نتيجتها هي الأسوأ بالنسبة لرئيس أمريكي منذ تأسيس أمريكا !، إن (ترمب) لم يعد يخشى من خسارته في الإنتخابات، بقدر ما يخشى من أن يكون الفارق بينه وبين منافسه (بايدن)، فارق كبير، وتاريخي فاضح.

 

لكن .. ما تحقق في عهد (ترمب)  يعد إنجازاً حقاً، بيد أن أطرافاً أخرى ستعتبره إخفاقاً، فهل إستفاد أو سيستفيد (ترمب) بعد إعلانه التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، للإجابة علينا النظر بعين الدقة إلى الحقائق التالية :

  • المعنيون بقرار التطبيع السالف الذكر هم جاليات اليهود، والعرب، والمسلمون، في أمريكا.
  • بالنسبة لليهود الأمريكيين، فإنهم منقسمون بين الحزبين الأكبر في أمريكا، فالقاعدة الأكبر منهم بنسبة لا تقل عن ٧٥% ينتمون إلى الحزب الديمقراطي، وتوجد منهم نسبة تقل عن ٢٥% ينتمون للحزب الجمهوري، وبالتالي لا نستطيع أن نقول بأن (ترمب) قد فاز بأصوات اليهود.
  • وبالنسبة للعرب الأمريكيين، فهم مواطنون حتى الآن يعيشون في ظل الشعارات الناصرية، والقومية العربية، وبالتالي فإن (ترمب) قد خسر أصواتهم أيضاً.
  • وبالنسبة للمسلمين الأمريكيين بشكل عام، فإن مواقفهم ستأخذ شكل الرفض لشخص ترمب، وستتجه لتأيد منافسه (بايدن)، نظراً لإرتباطهم بالسلطة الفلسطينية، وقناعاتهم بقراراتها.
  • أما بالنسبة للمواطن الأمريكي، فإنه قد يرى في خطوة تحقيق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، إنجاز يستحق التقدير، ولكن .. المواطن الأمريكي الآن غير منشغل بشيء إلا أموره الداخلية، والتي باتت بعيدة عن برنامج (ترمب)، والذي أصبح منشغل بالخارج أكثر، وبالتالي خسر ترمب الأمريكيين أيضاُ.

 

أما بالنسبة للإمارات وولي عهدها :

  • فهي دولة لا تعتمد على الدول العربية في شيء، بقدر ما تعتمد كثير من الدول العربية عليها.
  • هي دولة غنية، صاحبة إقتصاد قوي، حتى وإن ضعُف.
  • قرارها بالتطبيع مع إسرائيل، هو قرار عقلاني، ستستفيد منه إقتصادياً وسياسياً على المستوى الدولي، لكنها ستخسر سياسياً على المستوى الإقليمي.
  • في حال سقط (ترمب) أمام منافسه (بايدن) فسيكون متخذ قرار التطبيع في الإمارات، هدفاً للرئيس الأمريكي القادم (بايدن)، نظراً لأنه لم يتخذ مثل هذا القرار في هذا التوقيت، إلا لمصلحة (ترمب).

 

أما بالنسبة لإسرائيل، ونيتنياهو:

  • فقد حققت إسرائيل إنجازاً كبيراً بلا شك، بتحقيقها تطبيع كامل مع دولة عربية قوية مثل الإمارات.
  • كما أن حجم الإستفادة سيطول رئيس وزرائها نيتنياهو، والذي كان يعاني من رفض شعبي منذ فترة سبقت قرار التطبيع هذا.

 

في النهاية:

  • حققت الدبلوماسية الإسرائيلية إنجازاً كبيراً.
  • دخل إسم رئيس وزراء إسرائيل التاريخ، بقرار التطبيع هذا، كما أنه رجل ثابت في تصريحاته السابقة حول قرارات ضم الأراضي العربية.

 

أما باقي الأطراف، سواء العربية أو الدولية، فإنها تتدرج في إستفادتها من قرار التطبيع هذا، فمنها من إستفاد في جانب، لكنه تضرر في جانب آخر، ومنها من خسر كل شيء بالجملة.

 

رأي وإجتهاد سألت المولى فيه التوفيق

شادي طلعت

اجمالي القراءات 2729