‏‏وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
أحاديث حد الرجم تشجع على الزنا والافساد في الارض

أبو أيوب الكويتي في الخميس ١٦ - يوليو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة: من مدة ليست بالقريبه كتبت معلقا على مقال من المقالات المنشورة على موقع أهل القرآن اشرح بتعليقي وجهة نظري بمساهمة أحاديث حد الرجم المزعوم في شريعة المحمديين الأرضية باشاعة الزنا وعدم مساهمة تلك الاحاديث بأي شكل من الأشكال بوضع يدها على موضع الخلل واصلاحه بتوبة الزناة توبة حقيقية فقصد تلكم الاحاديث هو الاقصاء وليس الاصلاح .
 
 
 
بعدها كتب الدكتور أحمد معلقا على تعليقي "راجيا" بتواضع أدهشني أنه يرجوني وهو قامة علمية من الوزن الثقيل أن احول تعليقي هذا الى مقال ووعدته بالاستجابه وها أنا بعد تأخير أوفي بوعدي محاولا بما استطعت أن اجاهد بالكلمة التي أظنها حقا بالذب عن دين وشرع الله السماوي من حد شيطاني كهذا يمثل قمة الكره والحقد الشيطاني على عدوه بني آدم (إِنَّ ٱلشَّيْطَٰنَ لِلْإِنسَٰنِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)

 

وجهة نظري تتمحور حول مساهمة احاديث الرجم باشاعة الزنا وتنفير الزناة المحصنين على وجه الخصوص من التوبه واليأس من رحمة الله عز وجل

 

نوضح أكثر

 

قد يبتلى الانسان بحب الشهوات من المال , النساء , السلطة , النفوذ , قال تعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَٰطِيرِ ٱلْمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلْأَنْعَٰمِ وَٱلْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسْنُ ٱلْمَـَٔاب)

هذا الانسان المبتلى الذي يشتهي النساء قد يكون محصنا ويقع بكبيرة الزنا يزين له الشيطان أعماله حتى يقع في معصية قبيحة وصفها رب العزة وصفا بليغا في القبح (وَلَا تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلًا).

هذا الزاني أو الزانية المحصنين قد يندمون بعد انصياعهم لنزوات الشيطان والوقوع في المعصية فلا يخفى على عقل رشيد مدى الضرر النفسي الذي ينال من الزناة حيث يستحقرون أنفسهم قبل أن يحتقرهم المؤمنون فيندفع هذا الانسان المبتلى بدوافع ضغوط نفسية وربما مجتمعية للتوبة أملا في التكفير عن ما أسرف في حق نفسه وحق زوجه هائما على وجهه يريد النجاة والتوبة وفتح صفحة جديدة مع الله فيصدم بأن المشايخ يبشرونه بالرجم وكتب الأحاديث وكتب التراث تتوعده أنه لو زنى ولو لمرة واحدة فان دمه مباح لا محالة.

 

معلوم من التراث أنه فيما يخص الزنا أن المشايخ وكتب التراث تذكر قصة الغامدية وماعز المعلومة للجميع بوجوب الرجم للزاني المحصن فالمتأمل لهذه الأحاديث الأرضية بعقلانية ينكشف له انما صيغت هذه الأحاديث بعناية وحرص للتنفير من دين الله الحق وكذلك لصد الناس عن التوبة ما أمكن فمن من الناس على استعداد أن يرجم حتى الموت بهذه الوحشية؟  فالزاني والزانية ترهبهما هذه الوحشية فحلاوة الروح تحتم عليهما أن لا يسلما نفسيهما للجلاد ((هذا ان وجد هذا الجلاد أصلا في ايامنا هذه غير في دولة داعش!َ)) لتنفيذ حكم الرجم فيهما لو ستر أمرهما   فيقول الزاني في نفسه من أنا مقارنة "بماعز" لأسلم نفسي للموت فأنا لا أملك الشجاعة الكافية لذلك وتقول الزانية لنفسها من أنا مقارنة "بالغامدية" لأسلم نفسي للموت فأنا لا أملك شجاعتها بمواجهة موت وحشي كهذا.

بهذا ينكص الزناة على اعقابهم وقد يستمرون في الزنى ويدمنونه طالما هم في الظلام بعيدا عن النور فلماذا التوبة طالما العقوبة هنا هي الموت وبوحشية شيطانية تنفيذا لحكم الشيطان وجنوده من شياطين الانس.

 

على النقيض تماما تجد حكم الله ومن أحسن من الله حكما ؟!

الله جل في علاه يدعوك أيها الزاني المحصن وغير المحصن  وأيتها الزانية المحصنة وغير المحصنة  ويدعوا الله الناس أجمعين على اختلاف ابتلاءاتهم  للتوبة وعدم اليأس من روح الله ورحمته فالمعلوم من الدين بالضرورة هنا ((إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)). فكل من ييأس من روح الله ورحمته فهو كافر لا محاله. ذلك بأن من ييأس من روح الله يستكثر على الناس حقهم في التوبه التي من الله بها على عباده فهو بهذا يكون ملكيا أكثر من الملك الله جل في علاه ويشرع من الدين ما لم ينزل الله به سلطانا وهذه وقاحة وشرك بالله واعتداء على حقه بالتشريع. تلك التوبة التي من الله بها على عبادة حدد رب العزة لها المعايير والضوابط لقبولها قبولا حسنا كما بين لنا الدكتور أحمد في مقالاته المتعلقة بالتوبة النصوح والتي يستسحن التبكير بها في شرخ الشباب واقران تلك التوبة بالعمل الصالح والايمان بالله وحده ربا فمراد الله هو الاصلاح وحقن الدماء الا بالحق أما مراد الشيطان وجنوده هو التوسع والتساهل بسفك الدماء والافساد في الأرض فاختر لنفسك يا أيها الانسان ماتشاء.

 

الغريب بالأمر أن من أشد المدافعين عن هذا الحد تجد منهم من هو بالأصل زاني محصن أو زانية محصنة لكنهم يأسوا من رحمة الله واتبعوا الشيطان وعبدوه ظنا منهم ان يكفروا عن سيئاتهم بالتوضؤ بدماء الأبرياء هؤلاء قد استحوذ الشيطان عليهم وأملى لهم فظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم وأشركوا برب العزة والشواهد كثيرة نراها بأعيننا.

 

الخلاصة: الله يريد أن يتوب عليك أيها الزاني المحصن وأن يعطيك فرصة أخرى ويمد يده لك لتؤمن به وحده ولتتصالح مع نفسك ومع زوجك المغبون الذي خنته ومع أولادك ومع المجتمع بأن تتوب توبة نصوح لارجعة فيها عن السير في هذا السبيل الشيطاني سيء السمعة "سبيل الزنى" وأن تكثر من عمل الصالحات ليبدل الله سيئاتك حسنات ويريد الشيطان أن تسلك طريق الشهوات المحرمة ليجد جنوده من شياطين الانس عليك سبيلا ليبتزوك وان يبقوك تحت رحمتهم ان امكن بتخويفك بالاههم الشيطان الواهن بأحاديث وتشريعات شيطانية أوهن من بيت العنكبوت يوحيها شياطين الجن لشياطين الانس تبدوا مخيفة دموية موحشة وذلك لتخويفك والله أحق أن تخافه وأحق أن تخشاه وانما ذلكم الشيطان يخوف أوليائه فأنت هنا صاحب الاختيار أتخشى الله وحده الذي يدعوك الى العفة والتوبة والسلام أم تخشى ابليس وجنوده الذين يدعونك ويبتزونك للافساد في الارض وسفك الدماء ويجعلونك أداة لمحاربة الله ورسوله فاختر لنفسك بارادتك ولا تيأس من روح الله ان كنت تؤمن بالله وتذكر انه لو نجحوا في تطبيق شرع الشيطان ستكون أنت أول من يتوضؤون بدمائك ليتوبوا عن ذنوبهم ارضاء لالههم الشيطان الذين يعبدونه ويعدهم ويمنيهم وما يعدهم الا غرورا ويوم الدين يتبرأ منهم.

 

بناء عليه: انتفض لحقك أيها الزاني المحصن ولا تقبل بأن يطبق فيك شرع الشيطان فشرع الله ارحم بحالك لا تتنازل عن حقك بالتوبة والايمان والعمل الصالح هذا حق قد كفله الله لك من هم ليحرموك حق الله ولكن تذكر ان لم تتب عن الزنا فيتوعدك ربك بالخلود في ضعف العذاب مهانا ((وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا))

 

أخيرا خير التدبر ... اتركك أيها المؤمن مع هذا التدبر الرائع وهو له علاقة مباشرة بموضوعنا هذا للمفكر الرائع د. أحمد صبحي منصور:

 

لا يخلو إنسان من الوقوع فى الذنب، ولكن المؤمن الذى ينجو من النار هو الذى يبادر بالتوبة ويقرن توبته بالعمل الصالح مصداقا لقوله تعالى

 إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا"  "

 

وتوقيت التوبة مهم جدا بنفس أهمية الصدق فى التوبة، فأحسن التائبين حالا هو من يبادر بالتوبة وهو فى شرخ الشباب ، يقول تعالى

 إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً" "

 

وهذه التوبة القريبة التى يقبلها الله يحددها القرآن بسن الأربعين ، يقول تعالى

"وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ"

 

ففى سن الأربعين ينبغى على الإنسان أن يتوقف مع نفسه يحاسبها على ما مضى ويبدأ مع ربه صفحة جديدة ناصعة يستعد بها للشطر الآخر من حياته .

 

وقد يستيقظ الإنسان بعد سن الأربعين فيتوب بعد المشيب وقد نظر حاله فوجد ما مضى من عمره أكثر مما بقى له ، فيعترف بذنبه ويبكى على حاله صادقا فى توبته ، ويقوم بتعويض ما فاته بالتكفير عن ذنوبه بالصدقة و الانغماس فى الطاعة ليعوض ما فات.أولئك يتوب الله عليهم  "وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا". فالصدقة من مظاهر التوبة الصادقة هنا.

 

وقد يضطر أحدهم للتوبة فى المشيب والشيخوخة بعد أن ضعف جسده وأصابته العلل والأمراض فأذعن واستكان ، فأمره بين يدى ربه إما أن يتوب عليه فيدخله الجنة وأما من يعذبه فيخلد فى النار، وليست هناك منزلة وسطى بين الجنة والنار ، يقول تعالى "وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم"

 

ثم نصل للصنف الأخير الذى يدمن المعصية فلا يستيقظ منها إلا عند الاحتضار فيصرخ عند الموت بالتوبة حيث لا تجدى ولا تنفع ، وحيث لا يسمعه سوى ملائكة الموت وهم يقبضون نفسه. هذا شأنه شأن الكافر تماما، يقول تعالى فيه

وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا "

والآية صريحة فى وضع العاصى الذى لم تقبل توبته مع الكافر الذى أحبط الله أعماله كلاهما فى النار خالدا فيها .. د. أحمد صبحي منصور

اجمالي القراءات 3689