عزيزى المتحرش.. أكل عيشك من السياحة لا من القباحة

خالد منتصر في الإثنين ٠٦ - يوليو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

محاربة التحرش بجانب أنها تصب فى مصلحة أمان المجتمع وحماية المرأة المصرية، فإنها تصب أيضاً فى مصلحة ازدهار اقتصاد المجتمع وحماية واحد من أهم مصادر دخل الدولة وهو السياحة، قولاً واحداً ومن الآخر وحتى لا ندفن رؤوسنا فى الرمال تحت شعار أننا شعب متدين بطبعه، لا سياحة مع تحرش، لا بد من القضاء على هذا السلوك البربرى السافل حتى نستطيع أولاً أن نوفر الشارع الآمن للبنت، وثانياً حتى نستطيع استقبال السائحين فى مناخ مشجع لا محرض، مخطئ وواهم ومخدوع من يحصر السياحة فى الآثار والشواطئ، فالأهرام وأبوالهول والمعابد والمقابر الفرعونية...إلخ، ليست مجرد أحجار خرساء، ولكنها قبل ذلك أماكن لاحتضان السائح وزرع إحساس الألفة والاطمئنان فى قلبه، فلا يمكن للسائحة أن تستمتع بالهرم وهى تُنهش بالنظرات والكلمات واللمسات أحياناً، ممن يطاردونها بالحصان أو يجبرونها على شراء جلباب أو تمثال أو ورقة بردى، وهناك فيديو شهير لشابة المفروض أنها متعلمة وتطمح للعمل فى السياحة، تجرى حواراً مع بعض السائحات الأجنبيات، ثم تواجه الكاميرا وتسخر منهم وتسبهم باللغة العربية، فى حركة نذالة ولهجة عنصرية وسلوك صفاقة لا يتفق مع ذوق أو إنسانية، ناهيك عن دولة تحتاج كل دولار ويورو من السياحة، هل هذا ظرف وخفة دم؟، أم استظراف ووضاعة تربية؟!، يكفى أن السائح يأتى إلى مصر لأنه يحبها برغم أنه محبوس فى أوتوبيس طوال الوقت، والأوتوبيس محاط بحراسة نشكر الشرطة عليها ونثمن مجهودها فى حمايتهم طوال الطريق، لكن السائح يريد الحرية والتجول والانطلاق، لذلك لا بد من توفير الأمن والأمان له فى الشارع هو وأسرته فى الساعات القليلة التى يغادر فيها الأوتوبيس، أما الشواطئ فثقافة النظرة المتلصصة والكلمة الجارحة لا بد من أن تختفى، ويتم تدريب وتأهيل البشر على أن الكلمة النابية تحرش، وأن النظرة الوقحة تحرش، وأن اقتحام الفضاء الخاص للبنت أو السيدة هو تلصص وتربص وسلوك قذر وتصرف حقير، لا بد أن نفهم أن السائح يأتى إلى شواطئ مصر ليستمتع ويسبح ويعيش لحظات البهجة والفرح والالتحام مع الطبيعة، ولا يأتى لكى ندخله الجنة ونرشده إلى صحيح الدين ونعلمه أركان الإسلام، السياحة شعب يحتضن السائح ويدلعه قبل أن تكون حجراً قديماً يبهره، إسبانيا ليس فيها واحد على ألف من آثارنا، ولكن عدد السائحين أضعاف أضعافنا، دبى برغم قسوة المناخ وندرة الآثار وصغر مساحة البلد، فإن السياحة فيها ماكينة ضخ أموال وازدهار اقتصاد، ساعدها كثيراً على النمو والتقدم، القانون هناك لا يرحم المتحرش، إن فعلها وتعدى شخص على امرأة هناك فى الإمارات بالقول أو بالفعل، يتم عقابه بأقسى وأشد وأغلظ العقوبات، لأنها صورة البلد بجانب طبعاً كرامة الأنثى، السياحة فى ظل شباب يظن أن اللحم الأبيض مستباح، ووجود مفاهيم من قبيل الهلاوس والضلالات فى المجتمعات المتحضرة، مثل «يعنى إيه لو بصينا وقلنا كلمة قبيحة هى الكلمة بتلزق!!»، هى مفاهيم صارت تنتمى للغابة ولآكلى لحوم البشر وزمن الديناصورات، الدنيا اختلفت، والتحضر لا بد أن يجبر عليه الناس ولم يعد وجهة نظر أو أسير مزاج، والرقى فى السلوك صار ضرورة، والحشرية صارت جريمة فى زمن سطوة المدينة، لا بد أن نمنع العين اللزجة واليد المخلبية واللسان الثعبانى من حياتنا، تربية الناس على أن جزءاً هاماً من أكل عيشها من السياحة لا من القباحة هو أكسجين السياحة قبل أن تدخل الإنعاش.

 

 

 

اجمالي القراءات 2665