تكسير الأصنام خلال 30 عاما ( 1977 : 2007 ) في حياتي الفكرية ( 1 )

آحمد صبحي منصور في السبت ٢٣ - مايو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

تكسير الأصنام خلال 30 عاما ( 1977 : 2007 ) في حياتي الفكرية ( 1 )

مقدمة:

1 ـ خلق الله جل وعلا البشر على الفطرة النقية ، أنه ( إله إلا هو جل وعلا ) وكان أبونا آدم أول المؤمنين . ثم كان اختبار أبناء آدم بالشيطان ، والنتيجة أن أكثرية البشر مُضلّون ، لو أطاعهم النبى محمد نفسه لأضلُّوه ( الانعام 116 ). وأرسل الله جل وعلا رسلا  للهداية ، منهم من قصّهم علينا ومنهم من لم يقصصهم علينا ( النساء 164 ) وكان الأمر ينتهى بإهلاك المجرمين ونجاة النبى والمؤمنين ، ويتناسل الباقون وتعود الأكثرية الى تقديس البشر والحجر مما يستلزم إرسال رسول جديد وهكذا في تاريخ العالم . ثم كانت الرسالة الخاتمة للبشرية جمعاء تنطق باللسان العربى ، وأنبأ رب العزة على وجود من يسير على نفس الطريق يدعو الى ما كان عليه خاتم المرسلين فيما يأتي من مستقبل الزمان ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (108) يوسف ) وفيه إشارة ضمنية الى أن الوضع في الزمن الآتى يستلزم من يقوم بواجب الإصلاح الذى قام به خاتم النبيين عليهم جميعا السلام . وهناك إشارات أخرى عمّن مرد على النفاق من الصحابة وما ينتظرهم من عذاب مرتين قبل عذاب الآخرة العظيم (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)  التوبة  101 ) وإشارات عن تكذيب قوم النبى محمد للقرآن الكريم واستمرار هذا التكذيب بحيث يتعرضون لعذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويذيق بعضهم بأس بعض : ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)  الانعام )  ، وكل هذا تحقق بالفتوحات العربية القرشية التي  نشرت الكفر بالإسلام في العالم وأفرزت أديانا أرضية مؤسسة على أحاديث شيطانية وتشريعات ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان . عاش العرب والمحمديون تاريخا استمر 14 قرنا تحت سيطرة هذه الأديان الأرضية وتحت حروب وفتن ومعاناة سجلنا عنها حلقات في برنامج ( لحظات قرآنية : المحمديون بين اهلاك قائم واهلاك قادم ) .

2 ـ هذه مقدمة وثيقة الصلة بموضوعنا . من يقرأ بعض مؤلفاتي القديمة يجد اختلافا عما أكتبه الآن .  الكاتب الذى يكتب خاضعا للمناخ الفكرى السائد ينبغي ألا يقع في اختلافات وتناقضات في كتابته . جدير بالذكر أن أئمة الفقه والحديث المعبرين عن هذا المناخ هم ( وبكل جهل ) تختلف كتاباتهم حتى في الصفحة الواحدة كما هو الحال في كتاب البخارى . وقد تعودنا في دراستنا في الأزهر على عبارة ( إختلف فيها العلماء ) .وكتاب ( الفقه على المذاهب الأربعة ) للجزرى ملىء بهذه الاختلافات بين المذاهب وحتى في داخل كل منها . هناك مؤلفون كتبوا داخل المناخ الفكرى السائد ، لم يخرجوا عليه ولم يقعوا في إختلاف فيما كتبوه ، مثل العقاد ومحمد حسين هيكل والمازنى . لكن يختلف الأمر معى .

 3 ـ فقد بدأت البحث العلمى والتدبر القرآنى وأنا أحمل في عقلى وقلبى جبالا من الأصنام الفكرية، قمت بنسفها وتكسيرها خلال معاناة فكرية وتحت اضطهاد مؤلم . هذا الاضطهاد كان موقفا طبيعيا يعبر عن صدمة أكابر المجرمين من رجال الدين في مصر وخارجها . الاجتهاد فضح جهلهم وكفرهم بالإسلام لم يردوا على الحُجّة بالحُجّة ، بل بالقوة التي لا يملكون غيرها .

4 ـ لم يكن منتظرا نسف كل الأصنام مرة واحدة ، فلستُ نبيا يأتيه الوحى ، ولكننى باحث عن الحق ، حين يتبين لى الباطل أعلن رفضه وأقوم بتكسير قداسته ، وظللت أقوم بتكسير الأصنام شيئا فشيئا مهتديا بالقرآن الكريم الى عام 2007 .

5 ـ باطلاق موقع ( اهل القرآن ) نشرت مؤلفاتى القديمة التي تختلف في  بعض سطورها عن ما وصلت اليه مؤخرا .  نشرتها كما هي للتدليل على أنها تعكس مسيرة فكرية متدرّجة بدأت من التصوف والتشيع والبخارى إلى ان وصلت الى أنه القرآن وكفى وأنه لا إيمان بحديث سوى حديث رب العزة في القرآن الكريم ، وأن أعدى أعداء الله جل وعلا ورسوله هم الخلفاء الفاسقون الذين إرتكبوا جريمة الفتوحات . أفترض أنه لو قال لى شخص هذا الكلام قبل عام 1987 لأمسكت بخناقه غاضبا.

نعطى لمحة عن تكسير الأصنام ونسفها فيما بين 1977 : 2007 .   

أولا : حتى عام 1977 : تكسير صنم التصوف والتشيع واشياء أخرى

1 ـ في طفولتى كان أبى الشيخ الأزهرى ( الشيخ منصور محمد على ) هو فقيه القرية ومعلم أبنائها وأبناء القرى المجاورة . كان مشهورا بالورع محبوبا من الناس . ولكن الناس في قريتنا والقرى المجاورة كانوا يقدسون شيخا صوفيا ، من أسرة كانوا من الجبابرة يستخدمون نفوذهم الدينى في الاستطالة على الناس . المقارنة بين ( أبى ) الذى يقدّره الناس وتلك الأسرة التي ( يقدسها) الناس كانت المحطة الفكرية الأولى التي بدأت مع بداية الوعى في الطفولة . في التعليم الأزهرى قبل الجامعى تطورت المقارنة بين الإسلام و( المسلمين ) بدأت بسؤال شغلنى ( الإسلام عظيم والمسلمون مفروض أن يكونوا خير أمّة أخرجت للناس ، فلماذا يكون المسلمون شرّ أمة للناس ؟ ولماذا ينهزمون أمام  إسرائيل والغرب ؟ ليس العيب في الإسلام ، أي لا بد أن يكون العيب في المسلمين ) . نشأتى الدينية فرضت إجابة واحدة هي أن المسلمين هم سبب ما حدث لهم . كنت أحفظ القرآن الكريم منذ الطفولة على يد أبى ، وكان عقلى في الشباب يدرك الفجوة بين ما قاله القرآن الكريم عن الأولياء المعبودة وتشابهه مع ما يجرى في قريتنا . وبعد موت أبى وأنا لم اصل للخامسة عشر من العمر أعلنت أن الأضرحة والقبور المقدسة لتلك الأسرة هي رجس من عمل الشيطان ، وهذا ما لم يجرؤ أبى على قوله ، وتسارع تلاميذ أبى الى تحذيرى خوفا علىّ.

2 ـ بعد تعييني مدرسا مساعدا في قسم التاريخ والحضارة الإسلامية صممت في بحث الدكتوراة أن يكون عن أثر التصوف في مصر المملوكية . كنت أؤمن وقتها أن التصوف لا بأس به ، ولكن الخطأ يأتي من بعض الشيوخ الصوفية مثل ما يحدث في قريتنا . دخلت في البحث مخلصا فيه . وخلال أقل من عامين أكملته جاهزا للمناقشة  في أكثر من ألف صفحة وبمراجع من الوثائق والمخطوطات والمصادر الأصيلة تاريخية وصوفية ، وكلها تثبت أن التصوف دين أرضى مناقض للإسلام . كان هذا عام 1977 . وحدث ما ذكرته كثيرا من اضطهاد ، الى أن وصلنا مع الجامعة الى حلّ وسط هو حذف ثلثى الرسالة ( عن أثر التصوف في الحياة الدينية والانحلال الخلقى ) . ونوقش ثلث الرسالة في أكتوبر 1980، وفازت بمرتبة الشرف الأولى ، وترقيت الى مدرس .

3 ـ في عام 1977 وخلال رسالة الدكتوراة قمت بتكسير الأصنام الآتية :

3 / 1 :  أصنام التصوف والتشيع معا . هما متشابهان ، فالتصوف إبن للتشيع ، وأثبتت الرسالة وجود تصوف شيعى ينتمى اليه شيوخ صوفية مشهورون مقدسون مثل أحمد الرفاعى والسيد البدوى والشاذلى وإبراهيم الدسوقى ، وكانوا قادة لتنظيم شيعى إستتر بالتصوف لاعادة تأسيس الدولة الشيعية الفاطمية ، وهم أصحاب عقيدة خاصة بهم هي ( الحقيقة المحمدية ) . كان هذا تحديا لشيخ الأزهر زعيم التصوف وقتها ( د عبد الحليم محمود ) وأتباعه في كلية اللغة العربية وقسم التاريخ فيها الذى أعمل فيها .

3 / 2 : بداية تحطيم صنم وقداسة الأحاديث ، لم يكن وقتها يدور كلام عن الأحاديث الموضوعة . في الجزء الذى تمت مناقشته كان فيه مبحث عن أثر التصوف في وضع الحديث في العصر المملوكى ، وفى نشر الأحاديث المصنوعة .

3 / 3 : بداية تحطيم صنم البخارى . فهو واضع حديث ( من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب ..) . وقد ناقشت سنده ومتنه ( موضوعه ) مؤكدا أنه موضوع صنعه البخارى ، وعزّزت هذا بميعاد البخارى في شهر رمضان في دولة المماليك البرجية ، وأسهم هذا الميعاد في تأسيس قدسية للبخارى حتى بين العوام ، وظلت تترسّخ حتى 1977 دون أن يجرؤ أحد على مناقشتها الى عام 1977.

3 / 4 : بداية تكسير صنم الشفاعة والعصمة والمعجزات الحسية  . الصوفية كانوا يسندون لأوليائهم العصمة والشفاعة والكرامات ، أثبتُّ بالقرآن الكريم أنه لا عصمة لبشر ، وأن عصمة الرسول بالوحى حتى يبلّغ الرسالة ، وأنه عليه السلام لا يشفع ، وأنه لم تكن له ( آية ( أو معجزة حسية ) غير القرآن الكريم . كان لا بد من الإحتكام للقرآن الكريم في شأن الرسول نفسه لتكسير أصنام التصوف .

4 ـ كان هناك قاسم مشترك بين السُنّة والتصوف ، في الأحاديث والبخارى  وتقديس البشر والحجر ، وجاء تحطيم هذه الأصنام بداية للتفرغ بعدها لاصلاح الدين السنى .

5 ـ بقيت هناك اصنام لم تتحطم في قلبى ، هي السُّنة ، والإسناد في الحديث ، وتقدير الصحابة والخلفاء الراشدين، والاعجاب بفتوحاتهم .  

ثانيا : من عام 1980 : 1987

1 ـ إنتهت قداسة التصوف لدى الأغلبية في الأزهر من وقتها ، خصوصا وقد نشرت كتاب ( السيد البدوى بين الحقيقة والخرافة ) عام 1982 ، واحدث هزة وصدمة لمن كان يعتقد في صنم ( السيد البدوى ) اشهر ولىّ صوفى في مصر .

2 ـ كان التيار السلفى عاجزا عن مواجهة نفوذ عبد الحليم محمود ، ووجدوا في شخصى الزعيم الشاب المناسب للمرحلة ، فتعاونوا معى ، وأصبحت الخطيب الأول لجماعة دعوة الحق وسكرتير تحرير مجلتها الشهرية ( الهدى النبوى ) . لمست حساسيتهم في موضوع الحديث ، وتحايلت على ذلك بكتابة مقال إستمر بعنوان ( ليس من السنة ) ، أستشهد فيه بما قاله ابن تيمية في كتابه ( أحاديث القّصّاص ) وابن القيم في كتابه ( المنار المُنيف في الصحيح والضعيف ) وأُضيف اجتهاداتى . وأضفت مقالات أخرى تحت عنوان ( منسوجات صوفية ) أتنذر فيها على كرامات الصوفية التي ( نسجوها ) إفتراءات عن أنفسهم وشيوخهم .

3 ـ كانت جماعة الحق أكثر الجمعيات السلفية تفتحا ، وأنتهزت هذه الفرصة في مناقشة الأحاديث التي ذكرها البخارى عن الشفاعة والعصمة والخروج من النار . في خطبتى الشهرية التي كنت أجول فيها في مساجد جماعة الحق في دمياط والجيزة وطنطا اشعلت النقاش حول إفتراءات البخارى في هذه الموضوعات .

4 ـ في عملى الجامعى مدرسا بقسم التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية قمت عام 1984  بتأليف كتب متخصصة في علم التاريخ للطلبة في قسم التاريخ ،هي : التاريخ والمؤرخون : دراسة في تاريخ علم التاريخ ، واقسامه  ، التاريخ والمؤرخون : دراسة في أنواع الكتابة التاريخية ومناهج المؤرخين ، أُسُس البحث التاريخى ، ثم ( البحث في مصادر التاريخ الدينى : دراسة عملية ) ، وكتاب ( شخصية مصر بعد الفتح الإسلامي ) . كانت إجتهادات غير مسبوقة في البحث التاريخى ، ولكن لم تكن لها علاقة بتحطيم الأصنام .

5 ـ كان قسم التاريخ هو المسيطر على مادة التاريخ في جامعة الأزهر وكلياتها الإقليمية ، فكنت بالإضافة الى التدريس في قسم التاريخ بكلية اللغة العربية أدرّس منتدبا في كلية الدعوة في القاهرة وفى كليات إقليمية في المنوفية والزقازيق ، أواصل فيها تكسير صنم البخارى والتصوف . مع الاستمرار في الخطب ، وكنت أركّز على مسجد دعوة الحق في طنطا بالذات ، ويحضر صلاة الجمعة معى كثيرون متشوقين لما أقول عن البخارى والصوفية .

6 ـ تحالف الصوفية والسنيون في طنطا ، وبتخطيط من شيوخ كلية الدعوة في طنطا إستدعونى للمناظرة في المسجد الذى كنت أخطب فيه . وكانت مؤامرة لاغتيالي باستحداث مشاجرة . نجوت ، وقررت  أن أذهب منتدبا من قسم التاريخ لتدريس مادة الخلفاء الراشدين في كلية الدعوة في طنطا لأواجههم بنفسى . وإختبأوا كالفئران طيلة هذا العام الدراسى .

7 ـ وصلت الأخبار الى رئيس الجامعة وقتها (  السعدى فرهود ) فقطع إنتدابى لكلية اللغة  العربية بالزقازيق ، وأوصى بمراقبتى . تحديت رئيس الجامعة ( فرهود ) وكان مشهورا أنه عميل للأمن والذى يفتى لهم باباحة التعذيب في مقرات أمن الدولة .

8 ـ كان عام 1987 حاسما . كان موعد الترقية لاستاذ مساعد ، وكانت العادة في الجهل المقدس في جامعة الأزهر أن يقدم من يأتي دوره للترقية لاستاذ مساعد بعض الأوراق ينقلها من هنا وهناك على أنها أبحاث ، ولا يلتفت اليها الأساتذة لأن الترقية عمل روتينى . كان ما لدى من مؤلفات سابقة في صميم علم التاريخ ما يكفى ، ولكن صممت على المزيد لأثأر من شيوخ التعصب الصوفى والسُّنّى . قدمت للترقية خمسة كتب دفعة واحدة ، وقررتها على الطلبة في نفس الوقت ، أهمها كتاب ( الأنبياء في القرآن الكريم : دراسة تحليلية ) أجهزت فيه على أصنام هائلة : لا شفاعة للنبى محمد ، ولا عصمة له خارج الوحى ، وأنه لا يصح أن يقال عنه اشرف المرسلين أو تفضيله على من سبقه من الأنبياء لأن مرجعية هذا لله جل وعلا وحده ، وعلى الهامش تم الاجهاز على صنم البخارى . ثم أضفت نفى الشفاعة وأقحمتها في الكتب الأخرى ، وهى ( العالم الاسلامى بين عصر الخلفاء الراشدين وعصر الخلفاء العباسيين ) ( حركات انفصالية في تاريخ المسلمين ) ( غارات المغول والصليبيين ) ( في تاريخ الحركة الفكرية والتربوية في تاريخ المسلمين ) .

 ارتبط هذا بقيامى بتدريس مادة الخلفاء الراشدين في الكليات العملية الأزهرية في مدينة نصر ( كليات الطب والهندسة والتربية وغيرها ) فأسمعت الطلبة تكسير أصنام الأحاديث والبخارى والشفاعة والعصمة وعدم تفضيل النبى محمد على من سبقه من الأنبياء .

9 ـ تحالف الصوفية والسنيين اعتبرهذا تحديا لهم ، فهدّدوا بالقيام بمظاهرات ضدى وضد جامعة الأزهر ، وأرسلوا الشكاوى الى شيخ الأزهر ورئيس الجامعة ورئيس الوزراء كمال حسن على ، وقد أرسل بسؤال لشيخ الأزهر ورئيس الجامعة يقول : ماذا عن ( أحمد صبحى منصور ) ؟ إذا كان كلامه صحيحا لما لم تقولوه من قبل ؟ وإن كلامه خطأ لماذا تسكتون عليه ؟ . رسالة رئيس الوزراء كانت ضوءا أخر للعصف بى . أصدروا في 5 مايو 1985 قرارات بوقفى عن العمل وحرمانى من مستحقاتى المالية ومن الترقية ومن السفر للخارج ، وإحالتى للتحقيق . قبل إذاعة القرارات أرسلوا لى وفدا الى شقتى المتواضعة يطلب منى الرضوخ للتحقيق وإعلان التوبة وأننى إجتهدت فأخطأت ، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر . رفضت ، وحضرت التحقيق الذى كان يرئاسة د محمد سيد طنطاوى عدة مرات. ورفضت الحضور بعدها . واستمر وقفى عن العمل عامين الى دخولى السجن عام 1987.

10 ـ واكب هذا أن ضغطت السعودية على رئيس جماعة دعوة الحق ( وكان في إعارة للسعودية ) أعادوه الى مصر مع رشاوى لكبار الجماعة ليتخذوا قرارا بفصلى  من الجماعة . وكثرت استدعاءاتي الى أمن الدولة لارهابى .

11 ـ في فترة العامين كنت أخطب في مساجد متعددة في القاهرة وخارجها أواصل تحطيم البخارى وبقية الأصنام ، وتكونت حولى أول مجموعة من أهل القرآن . وكان يتابعنى المتطرفون يثيرون المشاكل ، وأمن الدولة يراقب كل شيء . ثم قرّر أهل القرآن إنشاء مسجد لنا في منطقة العجوزة بالدقى ، وفيه حدثت مناظرة كانت مؤامرة لاغتيالى . ونجوت لأفاجأ بعدها باعتقالنا بتهمة إنكار السّنة في نوفمبر عام 1987 ، بتأثير السعودية وضغطها على مبارك الذى كان يسعى لإعادة العلاقات معها. وكنا أكثر من ستين شخصا من القاهرة والجيزة والإسكندرية والصعيد .  

12 ـ لم أكن قد كسّرت صنم السّنّة بعدُ . كنت أقول بوجود أحاديث تتفق مع القرآن ولا بأس بها ، واعتمدت على القرآن الكريم أساسا مع بعض أحاديث في كتبى ( السيد البدوى بين الحقية والخرافة ) وفى تكسير أصنام الشفاعة والعصمة وعدم تفضيل النبى محمد على من سبقه . وحتى الاتهامات الموجة لى في مجلس التأديب لم يذكر فيها إنكار السنة . كأنهم إدّخروا لى إنكار السُنّة الى ما بعد خروجى للسجن ، بداية لمرحلة جديدة وحاسمة .

نتابع غدا بعون الرحمن جل وعلا . 

اجمالي القراءات 4177