كيف حدث وما زال يحدث أن لا يتفق الناس في تفسير (وعلى الذين يطيقونه) ؟
إن هــذا لشـئ عجــاب ؟

يحي فوزي نشاشبي في السبت ٠٩ - مايو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

إن  هذا  لشئ  عجاب.

*****

كل الشكر للأستاذ إبراهيم، وعلى تشجعه للتحديق مليا في هذا الموضوع، تحت عنوان: ( فتوى من الله تعالى في صوم شهر رمضان.)، وإخراجه من طور: الموضوع المتجاهل،أو المسكوت عنه، أو المحاط بكثير من الغموض، أو الموضوع الفاضح والصارخ بأن هناك اعتداءا سافرا على اللغة، وأن هناك شبهَ تآمر، أو حتى الفهم بمكيالين اثنين، تشير إليه مواقف مديرة ظهورها لجزئية هامة ولأغراض مشبوهة في نفس أولئك الربانيين أكثر من الرب سبحانه وتعالى.

نعم إن هذا الموضوع يسافر بنا القهقرى إلى عهد نعومة أظفارنا، إلى عهد: ونحن جلوس منهمكين في  محاولة الإستماع إلى الواعظ  في ليالي رمضــان، - قبل أو بعد التراويح -  لاسيما في الأيام الجديدة الأولى من شهر رمضان في تفسير الجزء من الآية رقم: 184 في سورة البقرة: (..... وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون). وفي كل مرة يشرح فيها الواعظ الشارحُ هذه الآية، تصطدم أفهامنا، نحن الأحداث، وممكن جدا حتى أفهام غيرنا من الكهول، تصطدم بتساؤلات شتى، منها : يطيق، لا يطيق، يعني: يستطيع، لا  يستطيع، وهذا هو بالضبط ما علموناه في الدراسة، ولماذا إذن هذا الترف الفهمي؟ (إن جاز هذا التعبير؟)، لماذا يقرأ علينا الواعظ ( وعلى الذين يطيقونه) ثم يحرص وبسرعة، وبكل بساطة واطمئنان في شرحه بأن (وعلى الذين يطيقونه) تعني الذين لا يطيقونه، كيف ومن أين يا ترى جاء  بهذه -لا-  النافية ؟ ومن سمح له ذلك التصرف ؟ وكيف فعل واستنبطها أو قدّرها بعد أشار إليها بأنها مستترة؟ وكيف استنتجت؟ وهل هناك مواطن وحالات وشروط خاصة أو استثنائية تفتح باب إقحام هذه اللام النافية ذات التأثير السحري؟ وكيف فرضت نفسها هذه  اللام النافية وبدون أن تظهر؟، بل من بعيد ومن وراء ستار أو حجاب ما؟ أو لعلها تندرج في خانة (المنسوخة لفظا الثابتة حكما؟)، ثم في الأخير لا يسعنا نحن المستمعين الأحداث إلا أن نرفع أيدينا إلى السماء ثم نرسلها مذعنين مسالمين مستسلمين، بل وحتى مؤنبين أنفسنا، تلك التي وقعت تحت تأثير وقاحة ما، أو جسارة ما، لتشك في أن تفسير المفسر غير سليم، ثم وإمعانا في التأنيب : من نحن حتى نشك في ما يقوله الواعظ  المرشد؟.

وأخيرا عندما حظينا بالاطلاع على موضوع الأستاذ إبراهيم دادي،  الشجاع ، استنتجنا أن هناك مفارقة تكاد تكون ممزوجة بحزن وضحك، مفادها أن كلا من الفريقين: الفريق الذي يؤيد وجود وتأثير اللام النافية رغم كل الأنوف،  والفريق المقابل الذي يعارض إقحامها لاسيما في تعليمة ربانية ووجوب اتباع الفهم واحترام العقل. أما الفريق الأول فمن القائلين إن هذا ما وجدنا عليه آباءنا ولسنا مستعدين على أن نحيد عنه أبدا – وأما الفريق الثاني فلسان حاله يقول إن لنا في إبراهيم عليه السلام وفي جسارته وفي حنيفيته القيمة، وشجاعته وسلامة قلبه أسوة حسنة – بل وإن لنا ما يزيدنا اطمئنانا بأن هناك حتما فريقا جدير بالأمن، لاسيما عندما نتذكر أن محمدا رسول الله نفسه تلقى أمرا من ربه سبحانه وتعالى آمرا إياه : (... ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين).سورة النحل الآية رقم 123.وأما عن المفارقة: فكلا الفريقين يجمعهما قاسم مشترك وهو صياحهم جميعا : إن هذا  لشئ  عجاب .

***** 

اجمالي القراءات 2756