حذفوا هذا المقال ، وأعيد نشره .!!
أكابر المجرمين عام 825 : (1 ) المقريزى شاهدا على العصر

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠٦ - مايو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 أكابر المجرمين عام 825  : (1 ) المقريزى شاهدا على العصر

ملاحظة

اعتمدت في أبحاث سابقة على أجزاء كتاب ( السلوك ) للمقريزى بتحقيق د. محمد مصطفى  زيادة ود. سعيد عبد الفتاح عاشور ، أشهر أساتذة التاريخ  للعصور الوسطى . وكنت أنقل بخط اليد المعلومات قبل استعمال الكومبيوتر . ثم دخلنا عصر الكومبيوتر والمواقع التراثية ، وعثرت على موقع رائع هو ( نداء الإيمان ) فيه أهم كتب التراث بأنواعها ، ومنه كتب التاريخ . ووجدت فيه كتاب السلوك بكل أجزائه ، وكانت فرحتى هائلة ، لأنه يمكن أن أنسخ مباشرة من الموقع من كتاب ( السلوك ) دون عناء الكتابة باليد . ولكن ـ بواقع الخبرة ـ لاحظت أخطاء ، ونسيان للسطور. تزايد الأمر فإضطررت الى الرجوع لكتاب السلوك الأصلى  المطبوع وهو عندى ، وقارنته بما هو منشور في موقع ( نداء الإيمان ) وتحققت أن من كتب كتاب السلوك لموقع ( نداء الإيمان ) كان عديم الضمير . ما نقله ملىء بأخطاء فاحشة تغير المعنى ، وسطور منسية ، بل هناك نسيان لأحداث شهرى رمضان وشوال في عام 825. سأضطر لمراجعة ما نقلته من هذا الموقع تحريا للأمانة العلمية التي ضاعت في عصرنا الردىء .! وهنا أنقل بعد التحقق من الكتاب الأصلى المطبوع المحقق .

أولا :

ترتيب أكابر المجرمين

يقول المقريزى في إفتتاح هذه السنة: ( 825 ) ( أهلت وسلطان مصر والشام الملك الصالح ناصر الدين محمد بن الظاهر ططر. والقائم بأمور الدولة الأمير الكبير نظام الملك برسباي الدقماقي. والأمير الكبير الأتابك طرباي. والدوادار الأمير سودن من عبد الرحمن. وأمير سلاح بيبغا المظفري. وأمير مجلس الأمير قجق. وأمير أخور الأمير قصروه. ورأس نوبة الأمير أزبك. والوزير تاج الدين عبد الرزاق ابن كاتب المناخ. وكاتب السر علم الدين داود بن الكويز. وناظر الخاص بدر الدين حسن بن نصر الله. وأستادار الأمير أرغون شاه. وقاضي القضاة الشافعي ولي الدين أبو زرعة أحمد بن العراقي. وباقيهم كما تقدم في السنة الخالية. وكاشف الوجه القبلي الأمير أقجا ونائب الإسكندرية الأمير فارس. ونائب الشام الأمير تنبك العلاي ميق. ونائب حلب الأمير تغري بردي من قصروه، وقد أظهر الخلاف. ونائب طرابلس الأمير تنبك البجاسي ونائب حماه الأمير شارقطلوا. ونائب صفد الأمير أينال. وبلاد الصعيد قد عاث بها العربان، وكثر فسادهم) .نلاحظ :

1 ـ تجاهل المقريزى البدء بالخليفة العباسى ، ربما إحتقارا له، لأنه في العام الماضى عقد شرعية السلطة على ثلاثة سلاطين ، الطفل ابن المؤيد شيخ ، ثم الظاهر ططر ، ثم الطفل الآخر ابن الظاهر ططر . وسيأتى لاحقا لعقد شرعية السلطة لبرسباى في هذا العام 824.

2 ـ هذا هو العام الذى إعتلى فيه برسباى السلطنة ، لذا سيحدث تغيير في هذه المناصب ، أبرزها الإطاحة بالأتابك طرباى ، وهو يشارك برسباى في لقب الأمير الكبير الذى يعنى القيام على السلطان الطفل إبن الظاهر ططر . أطاح به برسباى وبآخرين ضمن صراع أكابر المجرمين على العرش .

3 ـ تجاهل المقريزى أسماء ثلاثة من قضاة القضاة الذين استمروا في وظائفهم، وذكر الشافعى فقط وهو ولى الدين أبو زرعة العراقى ، لأنه تم تعيينه بعد موت سلفه قاضى القضاة الشافعى جلال الدين البلقينى ( شيخ الإسلام ) بزعمهم .

ثانيا :

( شهر الله المحرم، أوله الجمعة)

 أخبار الصراع على السلطة:  

1 ـ ( في ثالث عشره: قدم الخبر بفرار الأمير تغري بردي نائب حلب منها، بعد وقعة كانت بينه وبين الأمير تنبك البجاسي نائب طرابلس. وقد كتب له باستقراره في نيابة حلب ومحاربة المذكور، فسار إليه وحاربه، فانهزم منه وتسلم تنبك حلب، فدقت البشائر بقلعة الجبل أياماً. )  تنبك كان متحالفا مع برسباى .

2 ـ ( وفي تاسع عشره: خلع على بلبان الجمالي، واستقر كاشف الوجه القبلي، بعد موت أقجا )

3 ـ  ( وفي ثالث عشرينه: قد الركب الأول من الحجاج، وقدم المحمل ببقية الحاج في عده صحبة الأمير تمر بيه اليوسفي، أحد الأمراء الألوف. وقد كثر ثناء الحجاج عليه لحسن سيرته فيهم، فقبض عليه في ثامن عشرينه . ) . برسباى إعتقله خوفا منه وبسبب الثناء عليه .

4 ـ ( وفيه قبض على الأمير قرمش أحد الأمراء الألوف، وأخرج هو وتمر بيه إلى دمياط. وأنعم على يشبك الساقي الأعرج بإقطاع قرمش وإمرته. ). ( أمير ألف مقدم مائة ): أصحاب هذه الرتبة هم أمراء الجيش تحت قيادة الأتابك . في الصراع على السلطة تتم الإطاحة ببعضهم وترقية البعض الآخر. والمهزوم يفقد إقطاعه ( الأرض الزراعية التابعة له ) ودرجته العسكرية . وربما يفقد حياته . هو صراع أكابر المجرمين .!

أخبار نادرة :

1 ـ  ( وفي هذا الشهر: دخل شخص يعرف بالشيخ سعد، لم يزل يعرف بالفقر، ويقبل من الناس صدقتهم، ويقرئ الأطفال بالأجرة، إلى الجامع الأزهر، وتصدق بمائتين وسبعين ديناراً إفرنتية، وبستة وعشرين ديناراً هرجة، وبأربعة آلاف وخمسمائة درهم مؤيدية ، فعُدّ هذا من نوادر الزمان . ). ليس معهودا أن يأتي شيخ صوفى متسول ليتصدّق على الطلبة في الجامع الأزهر . وقتها كان طلبة الجامع الأزهر يتعيشون من الأوقاف الخيرية التطوعية وليس من الأوقاف الأهلية التي يوقفها الأمراء والسلاطين لمنفعتهم . في الأوقاف الأهلية يعيّن الواقف مدرسين وموظفين وطلبة وينفق عليه من بعض ريع الوقف.

2 ـ ( وفيه وقع برد بناحية قصر عفرا من بلاد حوران بالشام، فكان فيه شبه خنافس وعقارب وضفادع. )

ثالثا :

( شهر صفر، أوله الأحد )

أخبار الصراع على السلطة  

1 ـ (  في ثانيه. قبص على الأمير أيتمش الخضري، ونفي بطالا إلى القدس)

2 ـ ( وفيه تنكر الحال بين الأمير طرباي والأمير نظام الملك برسباي. وخرج طرباي إلى بر الجيزة في هيئة متنزه، والإرجاف يقوى حتى انسلخ الشهر.). ترك طرباى القلعة وذهب الى   الجيزة زاعما التنزه ، وهو يريد حشد أنصاره .

أخبار الفساد والخراب

1 ـ ( وفي يوم الأربعاء ثامن عشره: جمعت الصيارف بالاصطبل للنظر في الدراهم المؤيدية، فإنه كثر هرش الجيد منها. ومعنى الهرش أن يبرد من الدرهم حتى يجف وزنه، ويصير نحو ربع درهم. فاستقرت المعاملة بها وزناً لا عدداً. ورسم أن يكون كل درهم وزناً بعشرين درهماً فلوساً. وأن يكون الدينار الإفرنتي بمائتين وعشرين فلوسا، وبأحد عشر درهما فضة، وازنة عنها من المؤيدية اثنان وعشرون عدداً، زنة كل مؤيدي نصف درهم، فنزل بالناس من ذلك شدة لخسارتهم. وذلك أن المؤيدي الذي كان بسبعة دراهم فلوساً صار بخمسة دراهم، وفيها ما لا يبلغ الخمسة. وكثر مع ذلك الاختلاف في أسعار المبيعات، وقيم الأعمال، أجر المستأجرات، فذهب معظم مال الناس . ) . الدولة تمارس التلاعب بالعُملة لتسلب أموال الناس

2 ـ ـ ( وفي هدا الشهر: عز وجود لحم الضان في الأسواق، لقلة الأغنام . )  ـ

3 ـ ( وفيه كثر فساد لهانة وهوارة ببلاد الصعيد، وقطعهم الطرقات على المسافرين، وشنهم الغارات على البلاد، وإحراقهم عدة نواحي بما فيها. هذا مع ما ببلاد الصعيد من قلة وجود القمح عندهم، بحيث صار يحمل إليهم من القاهرة، وذلك لخراب بلاد الصعيد ودثور أكثر بلادها، بحيث العشرة أيام ببلاد الصعيد لا يوجد فيها أحد، ولا تزع أراضيها، فقلت الأغنام عندهم. وصار أهلها إلى فقر وبؤس، حتى أن غالب قوت أهلها إنما هو الذرة. ومع ذلك كله، فجور الولاة فيهم لا يمكن وصفه. ولعل هذا إن تمادى أن تهلك بلاد الصعيد كلها.)

 تصارع المماليك والأعراب على نهب الفلاحين في قرى مصر شمالها وجنوبها ، نتج عنه خراب الصعيد بالذات لبُعده عن القاهرة ، وهجرة أعراب هوارة وغيرهم اليه .  

رابعا :

( شهر ربيع الأول، أوله الاثنين)

أخبار الصراع على السلطة :

1 ـ ( في ثانيه: قدم الأمير طرباي من بر الجيزة . ) ـ أعطى برسباى عهودا لغريمه طرباى ليأتى الى القلعة ، وصدقه طرباى . هذا بينما إعتقل برسباى أنصار طرباى في القلعة ، واستعد للإطاحة بطرباى .

2 ـ ( وفي ثالثه: قبض الأمير برسباي على الأمير سودن الحموي، أحد أمراء الألوف، وعلى الأمير قانصوه أحد أمراء الطبلخاناة، وكانا من أصحاب الأمير طرباي، فكثرت القالة، وبات طرباي ليلة الخميس وجماعته يحذرونه الطلوع إلى القلعة، وهو لا يصغي لقولهم، وفي ظنه أن الأمير برسباي لا يفاجئه بسوء، لأنه في ابتداء الأمر كان طرباي متميزاً عليه منذ مات الظاهر برقوق، وفي أخر الأمر كان هو استمال المماليك للأمير برسباي، وفخذهم عن جانبك الصوفي، ثم خدع جانبك حتى نزل من الاصطبل ثم قبض عليه، فكان يرى أنه هو الذي أقام الأمير برسباي فيما هو فيه، وأصبح يوم الخميس فركب طرباي إلى الخدمة بالقلعة، فما هو إلا أن استقر جلوسه، أشار الأمير برسباي بالقبض عليه، فجذب سيفه ليدفع عن نفسه، وقام، فبدره الجماعة وعاقوه عن النهوض، وغافصه الأمير برسباي بالسيف ،  وضربه ضربة جاءت في يده كادت أن تبينها. وأخذ إلى السجن، وقد تضمخ بدمه، فوقعت هرجة بالقصر، ثم سكنت من ساعتها. ولم يتحرك أحد لنصرة طرباي. ونودي بالأمان والبيع والشراء، وأن لا يتحدث أحد فيما لا يعنيه. وأخرج من الغد بطرباي مقيداً إلى الإسكندرية ليسجن بها.).

2 / 1 :  كان برسباى أقل درجة من طرباى ، وكان صاحب فضل على برسباى ، وقد إستخفّ ببرسباى ، بينما كان برسباى حريصا على الإطاحة بكل من كان أعلى منه درجة ، وأن يقرّب اليه من هم أدنى منه . إستخفاف طرباى ببرسباى جعله يدخل القلعة معتقدا أن أنصاره فيها سينصرونه على برسباى ، ولكن برسباى ( غافصه ) أي فاجأه بضربة سيف كادت تقطع يده . وانتهى أمره سجينا في قلعة الإسكندرية .

2 / 2 : ويستخلص المقريزى العبرة فيقول :  ( فكان في هذا عبرة لأولي الأبصار، وهو أن طرباي مكر بجانبك الصوفي، وخدعه حتى أنزله من الحراقة بباب السلسله، وقبض عليه بحيلة دبرها، وحمله مقيدا إلى الإسكندرية، حتى سجن بها ، وظن أنه قدم صفا له الوقت، فأتاه الله من حيث لم يحتسب، وخدعه الأمير برسباي حتى صعد إليه، بعد ما امتنع ببر الجيزه أياماً، والإرجاف قوي بوقوع الحرب، إلى أن مشى لحتفه بقدميه، حتى قبض عليه، وسجن بالإسكندرية لتجزي كل نفس ما كسبت .)

3 ـ ( وفيه أخرج الأمير سودن الحموي منفياً إلى دمياط، وتوجه الأمير ناصر الدين محمد ابن منجك إلى دمشق ليحضر بالأمير تنبك ميق من الشام وقد تحدث بأمر سيظهر بمجيء نائب الشام. ورسم بإحضار أيتمش الخضري من القدس . ) . تخلص برسباى من سودون الحموى بالنفى . وطلب حضور نائب الشام ليتفق معه على خلع السلطان الصغير ابن ططر ويتولى مكانه .

4 ـ ( وفي ثالث عشرينه: قدم الأمير أيتمش الخضري من القدس، فلزم داره .)

أخبار الفساد

1 ـ ( وفي خامس عشره: قبض على الطواشي مرجان الهندي زمام الدار، وسلم للأمير أرغون شاه، أستادار، ليستخلص منه مالاً .).   زمام الدار هو  خصىّ من الخصيان مختص بشئون حريم القصر ، من الخوندات ( الخوند هي جارية السلطان التي ولدت له )  وبقية الجوارى ، ومنهم المعتقات ، وهو المستشار في تزويجهن . القصد هو مصادرة أمواله ولو بالتعذيب . وتولية آخر يدفع الرشوة .

2 ـ( وفي ثاني عشرينه: خلع على الطواشي كافور الشلبي، واستقر زمام الدار على عادته).  

خامسا :

( شهر ربيع الآخر، أوله الأربعاء)

أخبار الصراع على السلطة

1 ـ ( وفي سادسه: قدم الأمير تنبك العلاي ميق نائب الشام، بعد ما تلقاه عامة أهل الدولة، فخلع عليه واستقر على عادته في نيابة الشام. وتحدث معه في سلطنة الأمير برسباي، فوافق على ذلك . ) . هنا قدوم نائب الشام واتفاقه مع برسباى على خلع السلطان الطفل ابن ططر وتولية برسباى مكانه ، وهذا مقابل إحتفاظ تنبك العلاى ميق بوظيفته نائبا للسلطان في الشام. بعدها بيومين :

2 ـ ( وخلع الملك الصالح في يوم الأربعاء ثامنه، فكانت مدته أربعة أشهر وثلاثة أيام ). في اليوم التالى تغيير في المناصب الكبرى بعد الإطاحة بخصوم برسباى .:  

3 ـ ( وفي يوم الخميس تاسعه خلع على الأمير بيبعا المظفري أمير سلاح، واستقر الأمير الكبير الأتابك، عوضاً عن طرباي. وخلع على الأمير قجق أمير مجلس واستقر أمير سلاح عوضاً عن بيبغا المظفري. وخلع على الأمير أقبغا التمرازي من مقدمي الألوف، واستقر أمير مجلس، عوضاً عن قجق. وخلع على حسن الكردي، واستقر نائب الوجه البحري على عادته. وأفرج عن جماعه كانوا مسجونين بالقلعة من أمراء العشرات قبض عليهم فيما تقدم.). ( خلع على ) أي ألبسه تشريفة المنصب .  

4 ـ ( وفي يوم الثلاثاء رابع عشره: خلع على الأمير تنبك ميق نائب الشام قباء السفر، وتوجه إلى دمشق، فخرج عظماء الدولة لوداعه، بعد ما قدموا له عدة تقادم، ما بين خيول وقماش وغير ذلك ). بعد أن قام بمهمته وتسلطن برسباى كان توديع نائب الشام باحتفالات و تقديم الهدايا ( تقدمات ).

أخبار نادرة قام بها برسباى بعد أن تسلطن

1 ـ (  وكان أول ما بدأ به السلطان أن منع الناس كافة من تقبيل الأرض له، فامتنعوا. وجرت العادة عند ملوك مصر، منذ قدم أمير المؤمنين الإمام المعز لدين الله أبو تميم معد الفاطمي إلى مصر، أن كل من تمثل بين يدي الخليفة ثم بين يدي السلطان أن يخر وهو قائم حتى يقبل الأرض. فلم يعف من ذلك أمير، ولو بلغ الغاية، ولا مملوك، ولا وزير ولا صاحب قلم، ولا رسول ملك من ملوك الأقطار، إذا قدم برسالة، ولا أحد من سائر الناس على اختلافهم، إلا قضاة الشرع، وجميع أهل العلم وأهل الصلاح وأشراف الحجاز من بني حسن وبني حسين، فإن هؤلاء أدركناهم ولا يقبل أحد منهم الأرض، إجلالاً لهم عن ذلك. وكذلك إذا ورد مرسوم السلطان على نائب مملكة أو والي عمل، فإنه يقوم عند وروده عليه، ويقبل الأرض. فأبطل السلطان برسباي ذلك كله، وجعل بدله إما تقبيل يده لمن عظم قدره، أو يقف فقط. فكان هذا حسناً لو دام، لكنه بطل عن قليل، وعاد الأمر كما تقدم ذكره. ). أحدثت الدولة الفاطمية الكهنوتية تأليها صريحا للخليفة بالسجود أمامه مع تقبيل الأرض . إستمر هذا بعدها ، بل كان السجود أيضا لرسالة من السلطان . ألغى برسباى هذا ، ثم ما لبث أن عاد هذا التقليد الوثنى .   

أخبار الفساد والخراب

1 ـ (  في ثانيه: أفرج عن الطواشي مرجان الهندي بعد ما أخذ منه عشرون ألف دينار، وضمنه جماعة في عشرة آلاف دينار أخرى . ) . إفراج بثمن .

2 ـ ( وفي يوم السبت خامس عشرينه: توجه الأمير سودن الحاجب، ومعه مال برسم حفر خليج سكندريه فما أجدي شيئاً . ). يعنى لم ينجز المهمة . الذى يتم إنجازه بنجاح ساحق هو الفساد والخراب.  

3 ـ ( وفي هذا الشهر: أجدبت أراضي بلاد حوران والكرك والقدس والرملة وغزة، لعدم نزول المطر في أوانه، ونزح كثير من سكان هذه البلاد عن أوطانهم، وقلت المياه عندهم. ومع هذا ففي بلاد حلب وحماة ودمشق وبلاد الساحل كلها رخاء من كثرة الأمطار التي عندهم، فسبحان الفعال لما يريد. )

4 ـ ( وفيه عظم الخطب، واشتد البلاء ببلاد الصعيد، من كثرة الفتن، ونهب البلاد) ـ

5 ـ ( وفيه قُتل والى قوص، وتعذر أخذ الخراج. ) . هجوم على والى قوص المملوكى وتعذر  تحصيل الخراج . واضح أن الأعراب هم الفاعلون .

6 ـ ( وفيه عمل المارستان المؤيدي الذي بالصوة تحت القلعة جامعاً، تقام به الجمعة والجماعة، ورتب له إمام وخطيب ومؤذنون وبواب وقومة. وجعل جهة مصرف ذلك من وقف الجامع المؤيدي. وكان المؤيد قد جعل هذا الموضع مارستان، ونزل به المرضى. فلما مات لم يوجد في كتاب الوقف المؤيدي له جهة تصرف، فأخرجت المرضى منه، وأغلق، وصار منزلا للرسل الواردين من ملوك الشرق، فبقي حانة خمار برسم شرب المسكرات، وضرب الطنابير، وعمل الفواحش. ومع ذلك تربط به الخيول. فكان هذا منذ مات المؤيد إلى هذا الوقت، فطهره الله من تلك الأرجاس، وجعله محل عبادة . ) . هنا ملمح من ملامح فساد الأوقاف في دولة أكابر المجرمين . مستشفى ( مارستان ) خيرى يتم طرد المرضى منه، ويتحول الى حانة ووكر للبغاء بعد موت صاحب الوقف السلطان المؤيد شيخ . برسباى جعله مسجدا . كثيرا ما كان يحدث أن يتحول مسجد الى حانة وتتحول حانة الى مسجد . ذكرنا هذا في أجزاء موسوعة التصوف المملوكى .

7 ـ ( وفيه وقع الشروع في هدم المنظرة التي استجدها المؤيد فوق الخمس الوجوه. ثم انتقض ذلك، فبقي بناؤها مشعثاً، وسكنها بعض فقراء العجم . ). مات السلطان المؤيد شيخ ، فخربوا ما تركه ، وطردوا أولاده من القلعة .. ( فقراء العجم ) هم الصوفية الوافدون من الشرق الى مصر وقتها .

اجمالي القراءات 3184