حوار صحفي خيالي مع الرايس محمد اتنان المقيم في باريس ؟

مهدي مالك في الإثنين ٢٧ - أبريل - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

حوار صحفي خيالي مع الرايس محمد اتنان المقيم في باريس ؟

                               مقدمة لا بد منها

ان الفن الامازيغي عموما و فن الروايس خصوصا يعبر عن هموم مجتمعه المختلفة حسب السياق التاريخي و السياسي و الاجتماعي.

ان قصائد الروايس تعتبر وثائق تاريخية تؤرخ لتاريخ المغرب منذ دخول وسائل التسجيل الى المغرب اوائل القرن الماضي بفعل الاستعمار الفرنسي الى الان حيث يقول الاستاذ محمد ولكاش بصفته باحث كبير في هذا الميدان ان بداية حركة تسجيل الروايس الاوائل ترجع الى عقد الثلاثينات من قرن 20 مع اسماء كبار مثل الحاج بلعيد و بوبكر انشاد و عبد النبي اتنان الخ من هؤلاء الروايس الذين يشكلون الجيل الاول المعروف بفضل وسائل التسجيل وقتها .

ان قصائد فن الروايس تختلف مواضيعها من سياق الى اخر بحكم ان الرايس يتوفر على مقام كبير لدى المجتمع باعتباره يرشد الناس الى الخير و الصلاح عبر النصائح بكل ابعادها الدينية و الاجتماعية و السياسية سواء في عهد الحماية او في عهد الاستقلال مع  ظهور الارهاصات الاولى لتمهيش الملف الامازيغي من طرف السلطة على مختلف الاصعدة و المستويات بمعنى ان الرايس استطاع ان يكون شاهدا على عصره حسب ارضيته المعرفية و الدينية لان اغلب كبار الروايس كانوا في المدارس العتيقة اي حفظوا القران الكريم كاملا او نصفه الخ.

ان اغلب الروايس استطاعوا ان يؤرخون لاحداث حاسمة في تاريخنا المعاصر من قبيل الاستعمار من خلال شعر المقاومة و من قبيل الاستقلال من خلال شعر الحمد و مدح السلطة و من قبيل ظهور البوادر الاولى للوعي الثقافي الامازيغي ببلادنا منذ منتصف السبعينات مع المرحوم الحاج البنسير .

 لعل الحدث البارز الان وطنيا و عالميا هو انتشار وباء كورونا الخطير حيث ابدع بعض الروايس قصائد جميلة جمعت بين التوعية بمخاطر الوباء و الدين باعتبارنا مسلمين حيث ان استعمال الروايس الدين في  هذه القصائد هو امر عادي لا يضر التقدم او الدولة الحديثة عكس فقهاء الاسلام الوهابي كما اسميهم الذين يركزون على ان كورونا هو  عقاب من الله كاحتمال بين مئات الاحتمالات كما اقوله دائما .

  اذن ان هذه القصائد جاءت بدفع التوعية العامة التي يقومها بها الاطباء و رجال و نساء الاعلام  و حتى الفقهاء الرسميين  في اذاعاتنا الخ بمعنى ان فن الروايس هو يؤرخ للاحداث الحاسمة في تاريخنا المعاصر لكن لا احد يهتم سواء السلطة او الاحزاب السياسية او الفقهاء حيث للاسف قد سمعنا تفاوى وهابية منذ شهور تحرم الغناء الامازيغي اعتمادا على تاويلات القدامى لبعض ايات كتاب الله العزيز كاننا ليس من حقنا ان نفسر القران الكريم وفق ما وصلت اليه الانسانية الان  ..

ان حواري الصحفي الخيالي مع الرايس محمد اتنان لن يخرج عن هذا السياق كثيرا حيث ساحاول عبر هذا الابداع الخيالي ارسال رسائل الى فقهاء الاسلام السياسي كما يسمون و احيي كل الروايس الذين ابدعوا قصائد التوعية مثل الحاج ايدر و الحسين امراكشي و الحسين الطاوس..

الى صلب الحوار

يشرفني ان اجري هذا الحوار الصحفي مع الرايس محمد اتنان المقيم بالديار الفرنسية منذ سنة 1980 و ينحدر من منطقة اداوتنان نواحي مدينة اكادير حيث دخل الى هذا الميدان سنة 1959 مع السنوات الاولى للاستقلال و تجول في كامل الثراب الوطني كما هو المعتاد لدى اغلب الروايس و تعلم الفرنسية عند سيدة فرنسية كانت تقيم في جماعة ايموزار طيلة سنوات الخمسينات ككاتبة و كباحثة في الثقافة الامازيغية المحلية  ..

السؤال 1 من هو محمد اتنان ؟

الجواب اولا رمضان كريم على الامة الاسلامية جمعاء حيث اسال الله تعالى ان يرفع هذا البلاء الشديد.

ثانيا انا مهاجر مغربي هنا  في باريس منذ سنة 1980 جيث اعمل في محل لبيع الحلويات و في نفس الوقت  اعمل كفنان امازيغي تقليدي اي في فن الروايس حيث لي قصائد كثيرة و مسجلة في الاذاعة  الامازيغية او في القناة الاولى في عقد التسعينات حيث كان من النادر للغاية ان يرى الامازيغيين فنونهم في التلفزة الوطنية بل كانوا ينتظرون الى بعد منتصف الليل لعلهم يشاهدون اغنية امازيغية واحدة .

و بالاضافة انني احيي السهرات هنا في فرنسا لفائدة الجالية السوسية او في المغرب حيث كما تعرف فان تراثنا الفني الامازيغي ينبغي الحفاظ عليه من التشويه فاننا كروايس بشر نصيب و نخطئ بمعنى لسنا ملائكة او دعاة الفجور كما يقول فقهاء اخر الزمان .

 السؤال 2 ماهية المواضيع المتناولة في اغانيك؟

الجواب افضل مواضيع الدين لانني حافظت نصف كتاب الله في قريتي اسك اوائل الخمسينات مثل جميع الاطفال في بوادي سوس انذاك لان التعليم العتيق كان سائدا و مقامه كان عظيما لدى عائلاتنا و لهذا اشعق ان اكتب القصائد الدينية مثل كبار الروايس لان مجتمعنا يميل الى هذه القصائد و خصوصا الفقهاء قبل انتشار الخراب الوهابي في مجتمعنا الان.

كما ادافع في قصائدي عن قضيتنا الامازيغية لانني امازيغي مسلم اي لا تعارض بين الامازيغية و الاسلام كما يقول شيخهم الكبير دون ذكر اسمه كاننا اكتشفنا الاسلام منذ 41 سنة حيث كتبت اول قصيدة في موضوع القضية الامازيغية سنة 1979 و سجلتها في احدى شريكات الانتاج و نزلت الى الاسواق فنالت اعجاب عامة الناس و بعض مناضلي الحركة الثقافية الامازيغية.

 و لا تنسي ان ذلك العهد كان من الصعب التحدث عن هذا الموضوع بشكل علاني لان صاحبه سيتعرض لمخاطر قد تصل الى الاغتيال بدم بارد من طرف المخزن .

السؤال 3 هل كنت ضحية لهذه المخاطر؟

الجواب بكل تاكيد نعم قد كنت ضحية لهذه المخاطر حيث كنت احيي سهرة في مسرح هواء الطلق بمدينة اكادير في سنة 1989 حيث غنت احدى قصائدي المتعلقة بالنضال الامازيغي و استعملت مصطلح تشليحت وقتها فاعتقلت على الفور بتهمة احياء الظهير البربري و قضيت 3 اشهر سجنا رغم انني اتوفر على سجل نظيف سواء في المغرب او في فرنسا.

السؤال 4 هل استمرت في مسارك النضالي بعد السجن ؟

الجواب قد خرجت من السجن و رجعت الى فرنسا حيث كانت زوجتي و ابني الرضيع وقتها حيث كنت محتاجا للراحة بعد هذا الاعتقال الظالم في  حقي كرايس يدافع عن ثقافته الاصيلة في اواخر ثمانينات القرن الماضي حيث كنا نساهم في ايصال رسائل الجمعيات الثقافية الامازيغية الى العامة من الامازيغيين السوسيين و الى خاصتهم من الفقهاء و العلماء الخ .

و جوابا  على سؤالكم فانني ساستمر في نضالي الامازيغي الى الممات حيث رجعت الى المغرب في صيف 1990 و سجلت هناك شريط غنائي يتضمن قصائد مختلف المواضيع من قبيل الغزل الرمزي لفائدة الشباب و الدين لفائدة الفقهاء و طلبة المدارس العتيقة بمعنى ان الرايس الحقيقي يخاطب كل فئات هذا المجتمع بل اذا اقتضيت الضرورة فان الرايس يخاطب السلطات العليا.

السؤال 5 ما رايك في ظاهرة الرايسات ؟

الجواب ان الرايسة هي زوجة او ام او اخت اي انها سيدة محترمة امام الجميع حيث نتوفر على نماذج مشرفة للرايسات مثل فاطمة تاباعمرانت و رقية تالبنسيرت و فاطمة تحيحت الكبيرة الخ من هذه النمادج المشرفة حيث اصلا ان المراة في بوادينا السوسية تمارس الرقص المحترم مع اخريات او مع الرجال و تنشيد الشعر امام الجميع منذ قرون من الزمان و لم يقول فقهاء سوس  الحقيقيين اي شيء يذكر لان هذا يدخل في باب التقاليد الاصيلة  .

صحيح انني مجرد رايس مقيم في فرنسا لكن اقرا الكتب المهتمة بالقضية الامازيغية او بالاسلام لان وظيفة الرايس الراهنة هي تكذيب اقوال شيوخ الوهابية عندنا في سوس العالمة حول تحريم فنوننا و تقاليدنا ..

السؤال 6 ما هو تقييمك لواقع فن الروايس الحالي ؟

الجواب انه واقع لا يشرف على الاطلاق للعديد من الاسباب المتداخلة في سلسلة بدات منذ سنة 1956 الى الان حيث لعل وفاة الرايس محمد اباعمران في 20 فبراير الماضي قد شكلت مؤشرا كبيرا على ان فننا الاصيل مازال في خانة الاحتقار و التهميش الرسمي من طرف الجهات الوصية ببلادنا رغم الشعارات المرفوعة منذ سنة 2001 الخ من هذه الاشياء الرمزية .

ثم جاء وباء كورونا ليقف جميع الانشطة الفنية مما يضاعف الظروف الاقتصادية و الاجتماعية لجميع الفنانين الامازيغيين على حد السواء فالرايس قد ابدع قصائد جميلة في زمن كورونا خدمة للمصلحة الوطنية العليا حيث نشعر بالفخر و الاعتزاز تجاه جلالة الملك محمد السادس حفظه الله .

السؤال 7 ما هو موقفك من المعهد الملكي للثقافة الامازيغية؟

الجواب ليس لي اي موقف تجاه هذه المؤسسة حيث اسمع الشيء الكثير عن المعهد الملكي للثقافة الامازيغية خصوصا مؤخرا قبل تفشي وباء كورونا ببلادنا .

السؤال 8  هل تشاهد بعض الدعاة الامازيغيين؟

الجواب صراحة انني اشاهدهم في يوثوب لكي اضحك على تدينهم الوهابي الدخيل و المخالف لطبيعة الامازيغيين و لتقاليدهم الاصيلة حيث ان هؤلاء الدعاة هم عملاء لتيارات الاسلام السياسي و يهدفون من وراء اراءهم الشادة الى محو خصوصياتنا و تاريخنا تحت ذريعة الاسلام كاننا اصبحنا ملاحدة حقا.

ان هؤلاء الدعاة لو انهم انطلقوا من تراثنا الديني و الثقافي نحو  الدفاع عن الاسلام فلا احد سيعارضهم حتى مناضلي الحركة الامازيغية لان هذا التراث يتضمن على عناصر تناهض مشروع الاسلاميين كما تسمونهم في مقالاتكم .

السؤال 9 ماهو موقفك من الاعلام الوطني ؟

الجواب كمهاجر مغربي منذ سنة 1980 لاحظت نوعا من التقدم في اعلامنا الوطني من ناحية الكم و الكيف حيث اتذكر عندما وصلنا البث الفضائي للتلفزة المغربية هنا في فرنسا بتاريخ فبراير 1993 كنا لا نرى الا الطرب الاندلسي في كل مناسباتنا الدينية او المسلسلات المصرية و المكسيكية اي كنا نشعر بالحين و الشوق الى الوطن و الى هويتنا الاصيلة خصوصا في اعيادنا الدينية .

اما الان فهناك فرق كبير بين الامس و اليوم حيث اصبحنا نرى هويتنا الامازيغية عبر قناة تامزيغت كتجربة دامت عشر سنوات لكنني اتساءل اين حقنا في باقي قنواتنا التلفزيونية في هذا الشهر بالذات ؟

السؤال 10 هل حدثت لك طرائف في مسارك الفني ؟

الجواب نعم حدثت لي طرائف كثيرة في مساري الفني و خصوصا عندما احيي سهراتي في البوادي السوسية في عقد التسعينات حيث وقتها كانت هذه البوادي لا تتوفر على التيار الكهربائي و حدثت لي طريفة مع احد الفقهاء الذي جاء الي بعد انتهاء احدى سهراتي ليسالني سؤال واحد الا و هو هل تصلي العشاء بعد انتهاء سهرتك فقلت له نعم و قال لي مرحبا بك في داري فانني اعشق قصائدك الدينية و الغزلية لان جدي رحمه الله كان شاعر فن احواش في اقليم طاطا ...

و حدثت لي في فرنسا سنة 1997 عندما نظمت سهرة بمناسبة عيد الاضحى جاءني احد الفرنسيين ثم طرح علي سؤال وحيد الا و هو هل انت عربي من دول المغرب العربي و قلت له كلا لانني امازيغي من دول المغرب الكبير .

السؤال 11 ماهية كلمتك الاخيرة ؟

الجواب رمضان كريم لمسلمي العالم ....

اجمالي القراءات 2996