الإيمان ليس بشخص محمد، ولكن بما ( أنزل على محمد)
من آمن ب ( محمد ) فقد كفر. ( 6) : تعاملهم مع النبى البشر في حياته

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٩ - يناير - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

من آمن ب ( محمد ) فقد كفر. ( 6) : تعاملهم مع النبى البشر في حياته

الإيمان ليس بشخص محمد،ولكن بما ( أنزل على محمد)

تعاملهم مع النبى البشر في حياته

أولا : إتفاق المؤمنين والكافرين في مناداة النبى بإسمه  

1 ـ الويل لك لو خاطبت المرشد العام للجمهورية ( الإسلامية ) في ايران بإسمه  وقلت له : يا ( على بن جواد ) ، فأين ( آية الله  وروح الله ) ؟ ، الويل لك لو قلت لشيخ الأزهر : يا أحمد الطيب ، كيف تخاطب ( الإمام الأكبر ) بإسمه الشخصى ؟ ، حتى الشيخ الأزهرى العادى الذى يرتدى الزى الأزهرى الكهنوتى ، لا يمكن أن تناديه بإسمه ( يا فلان ) . لا بد أن تقول له : ( يا فضيلة الشيخ ) . هل يمكن ان تقول للقرضاوى ( يا يوسف ) أو للسيستانى ( يا على ) . نفس الحال  في خطاب أرباب الكهنوت المسيحى  بكل درجاته من القسيس الى البابا ، لا يمكن أن تخاطب أحدهم بإسمه المكتوب في شهادة ميلاده . هل تتصور قبطيا ينادى البابا شنودة الثالث قائلا : ( يا نظير جيد روفائيل ) أو يخاطب البابا الحالي تواضروس الثانى، بإسمه الأصلى : ( وجيه صبحى باقى سليمان ) ؟ يستحيل أن تخاطب القسيس العادى بإسمه بدلا من ( ابونا )  لا بد للكهنوت من ألقاب مقدسة تسمو بهم فوق عموم الناس الذين يؤلهونهم ويقدسونهم .

2 ـ الكافرون في الأُمم السابقة كان لهم كهنوت أيضا ، ولكن كانوا أكثر صراحة فجعلوهم آلهة . ولأنهم إعتبروا الأنبياء بشرا مثلهم فقد كانوا ينادوا النبى الرسول بالتحقير وبالاتهامات بالسحر والجنون ، وأحيانا كانوا ينادونه بإسمه المجرد . ونعطى أمثلة :

2 / 1 : قوم نوح :

2 / 1 / 1 : ( قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا ﴿٣٢﴾ هود )

2 / 1 / 2 : ( قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ﴿١١٦﴾ الشعراء )

2 / 2 : قوم عاد : ( قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴿٥٣﴾ هود )

2 / 2 : قوم ثمود:

2 / 2 / 1 :( فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿٧٧﴾ الأعراف )

2 / 2 / 2 : ( قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـٰذَا ۖ أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴿٦٢﴾ هود )

2 / 3 : قوم إبراهيم : ( قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ﴿٦٢﴾ الأنبياء )

2 / 4 :  قوم لوط : ( قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ ﴿١٦٧﴾  الشعراء )

2 / 5 : قوم مدين :

2 / 5 / 1 : (   قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ﴿هود: ٨٧﴾

2 / 5 / 2 :(  قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ﴿هود: ٩١﴾

2 / 5 / 3 : (  قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ﴿الأعراف: ٨٨﴾

3 ـ ليس لدى المؤمنين كهنوت . والنبى الرسول هو الذى يبلغ الرسالة مع كونه بشرا منهم ومثلهم . لذا كانوا يخاطبون النبى في حياته بإسمه المجرد . مثلا :

3 / 1 : النبى موسى كان قومه ينادونه بإسمه موسى ، لم يقولوا : يا سيدنا موسى.!!:

 3 / 1 / 1 : ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ۖ) 61 ) البقرة )

3 / 1 / 2 : ( قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ﴿المائدة: ٢٢﴾

3 / 1 / 3 : (  قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴿المائدة: ٢٤﴾

3 / 1 / 4 : ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّـهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ﴿٥٥﴾ البقرة )

3 / 1 / 5 : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ ۚ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴿١٣٨﴾ الأعراف )

3 / 2 : نفس الحال مع عيسى . كان يناديه أتباع الحواريون بإسمه المجرد : ( إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ ۖ قَالَ اتَّقُوا اللَّـهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١١٢﴾ المائدة )

ثانيا :   تعامل المؤمنين مع النبى محمد في حياته

 في أوائل إستقرار المؤمنين في المدينة وتكوين أول مجتمع مسلم نزلت سورة ( النور ) تشرّع زى المرأة وحُرمة الأعراض وتجريم قذف المحصنات وعقوبة الزنا .

1 ـ ونزلت فيها تشريعات إجتماعية مثل الإستئذان  .قال جل وعلا :

1 / 1 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿٢٧﴾ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ ۖ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴿٢٨﴾ لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ ۚ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴿٢٩﴾النور)  

1 / 2 : (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٥٨﴾ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٥٩﴾ النور )

2 ـ وتشريعات في الضيافة . قال جل وعلا : ( لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ۚ فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٦١﴾  ) كلها كانت تشريعات حضارية لا معرفة للعرب بها من قبل .

3 : خالف هذه التشريعات الحضارية بعض المؤمنين فكان يدخل بيوت النبى بلا إستئذان ، فنزل قوله جل وعلا :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَـٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّـهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّـهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّـهِ عَظِيمًا ﴿٥٣﴾ الأحزاب )

4 ـ كان حال الأعراب أسوأ . يبدو أنه لم تصل هذه التشريعات ، فجاء وفد منهم ينادونه عليه السلام بهمجية ويرفعون أصواتهم فوق صوته يجهرون له بالقول ، فنزل قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴿٢﴾ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّـهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴿٣﴾ إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴿٤﴾ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ ۚ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٥﴾ الحجرات ).

5 / 1 ـ في مكة نزل توصيف للمجتمع الاسلامى ، ومنه الصلاة والزكاة المالية والشورى . قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴿٣٨﴾ الشورى  )،  الشورى أو :( الديمقراطية المباشرة ) هى فريضة إسلامية دينية لأنها تحول دون وجود ملأ يتحكم في السلطة أو حاكم مستبد ، وقد فصلنا هذا في كتاب منشور هنا عن الشورى.

5 / 2 : فى بداية تكون المجتمع المسلم في المدينة كان يُنادى باسم الرسول على عقد مجلس الشورى للناس جميعا . وكان هناك تهاون في حضور مجالس الشورى بعد النداء . التجمع هنا يعنى في عصرنا ( جمعية عمومية ) طبقا للديمقراطية المباشرة التي تُساوى بين المواطنين جميعا مؤمنين ومنافقين . نظرا لخطورة هذا التهاون في حضور مجالس الشورى نزل التنبيه والتحذير في قوله جل وعلا : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ ۚ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٦٢﴾ لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا ۚ قَدْ يَعْلَمُ اللَّـهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا ۚ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٦٣﴾  النور )

5 / 3 في مجالس الشورى هذه كانت تتجلى الشخصية البشرية للنبى محمد الذى كان ينزل عليه الوحى ومع ذلك كان مأمورا بالشورى ، وأنه يستمد سلطته ليس من الوحى الالهى كما يزعم المستبدون الفراعنة ، ولكن من الأمّة ( مصدر السلطات )، ولو إنفضّوا عنه لضاعت سلطته . قال له ربه جل وعلا (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴿١٥٩﴾ آل عمران )

5 / 4 : ـ المنافقون كانوا الملأ المتحكم في يثرب قبل الهجرة . بالهجرة حدث تحوّل جذرى على حساب مكانتهم ، كان منه الشورى أو الديمقراطية المباشرة التي توزع النفوذ السياسى بين أهل المدينة جميعا ، والتي كان فيها النبى محمد عليه السلام يستمع الى الجميع ، أو يعطى ( أُذُنه ) للجميع . في غضب المنافقين على الوضع الجديد :

5 / 4 / 1 : إتهموا النبى بأنه ( أُذُن ) وتحمل عليه السلام الإتّهام ، ودافع عه رب العزة فقال : (  وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ۚ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ۚ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّـهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٦١﴾التوبة )

5 / 4 / 2  : قاموا بالتشويش على مجالس الشورى بإبتداع مجالس للنميمة يتناجون فيها فيما بينهم . ونزلت في ذلك آيات كريمة منها قوله جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّـهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّـهُ بِمَا نَقُولُ ۚ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ۖ فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿٨﴾ المجادلة ).

6 ـ مع التأكيد على بشريته فقد كانت له ولأزواجه تشريعات خاصة بزمانها ومكانها لأنها تخصُّ بشرا سيلحقه الموت وبالتالي فلا تسرى هذه التشريعات بعد موته وموت أزواجه . جاءت هذه التشريعات في سورة الأحزاب : ( 6 ، 28 : 34 ، 50 : 53 ) . 

اجمالي القراءات 3900