التقول على رسول الله وعلى الله .
الضلع الأعوج.

يحي فوزي نشاشبي في الإثنين ٠٦ - يناير - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الضلع  الأعوج.

كان موضوع خطيب الجمعة هاما جدا، إذ كان يدور حول العلاقة التي ينبغي أن تسود بين الذكر والأنثى، بين الزوجين، من حيث المعاشرة الحسنة والمودة والإحترام المتبادل والتضحية.

ويبدو أن الجميع كانوا مهتمين أيما اهتمام ومنصتين إلى تلك التعاليم القرآنية اتي كان من حير للآخر يتلوها معززا أقواله، ومنها التالية التي تذكرتها :

01)(يا أيها الناس اتقوا الله ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا). ( النساء الآية 01).

02) ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيـيـنه حياة طيبة ولنجزينـهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ). (النحل – الآية 97)

03) (... وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا).( النساء- الآية 19).

04) ( واللاتي تخافون  نشوزهن  فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم  فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا.) (النساء – الآية34).

وكان بهذه الآيات يحلق بنا  في مستويات عليا، ولكن، فجأة وبدون أن ندري ما دهاه !?

إذا به يهوي بنا من ذلك المستوى العالي، أو لعله وبدون مقدمة أو إنذار إذا يخـرّ بنا من تلك السماء العليا، وبدو أية مظلة، أو لنتصور أنه هوى بنا جميعا إلى الأسفل بدون أن تنفتح المظلة، مستنجدا بأبي هريرة وبما تقوّله عن رسول الله الذي – حسب  أبي هريرة -  تقوّل هو الآخر على الله العلي العظيم، بأن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وبدون أن يراعي هذا الخطيب عواطفنا، وكأنّ نيته هي أن يسارع إلى تكبيلنا وبإحكام، بل إنه بدون شفقة ولا رحمة أناخ علينا بكلـكل اليأس، إذ أضاف تكبيلا، الجزء الآخر من الحديث المفترى عليهما هما الإثنين: أي على الله وعلى عبده ورسوله، ثم قرأ علينا الحديث بأكمله : عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استوصوا بالنساء خيرا، فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإنّ أعوج شئ في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم  يزل أعوج، استوصوا  بالنساء خيرا.

ثم من يدري؟ لعل لسان حال هذا الخطيب يقول : نعم أنا مع أولئك الذين يصرحون أن الآية رقم 51 في سورة العنكبوت لم تكفهم، ولذلك فإن خطيبنا لم يرتح ولم يطمئن إلا بعد أن استنجد بأبي هريرة !?

وهكذا تركنا خطيبنا نفهم منه أن هذا المخلوق الذي يعرف باسم المرأة أو بالأنثى هو في الحقيقة مخلوق يجر وراءه تهمة، أو لعله يريد أن يقول إن المرأة متهمة أصلا إلى أن تثبت براءتها، مضيفا وبسرعة، بل إن تثبيت براءتها ميئوس منه، وهي لا ولن تثبت أبدا.

وعليه، فمن المحتمل أن الأسئلة التي تكون صالت وجالت في أذهاننا جميعا تكون شبيهة  بما  يلي:

01) أو لم تكن كافية تلك الآيات القرآنية التي تلاها علينا، والتي أنزلها علينا خالق الذكر والأنثى سبحانه وتعالى؟

02) ألم يخش هذا الخطيب أنه ومعه أبو هريرة، ألم يخشيا الوقوع في ورطة ؟ وهي اتهام عبد الله ورسوله بأنه اقترف تلك الكذبة وذلك الإفتراء وأنه متهم بتلك التهمة التي ورد ذكرها في سورة الحاقة الآية رقم 44 ؟

03) وهل يتصور أن يكون أبو هريرة أو غيره سمحوا لأنفسهم بأن يفتروا على رسول الله مثل هذه الفرية مستلهمين ذلك من الآية رقم 34 في سورة النساء ؟

04) والخطيب، هل يريد، وبعد أن أصدر القرار النهائي الذي مفاده أن تقويم الضلع ميئوس منه، هل يريد أن نفهم أن النساء مهما كانت صالحات، قانتات، حافظات للغيب، أن ذلك لا ينفي عنهن تلك التهمة الملتصقة بهن كظلهن؟

05) وهل يريد الخطيب أن يلمح بأن الله حبا الذكر ببسطة وبتفوق على المرأة وبأنه فرض عليها هذه الإعاقة المزمنة ؟ ثم، ألا تكون هذه التهم حاملة لبذور تشجيعية ذات ثمار خبيثة تؤدي إلى احتقار الأنثى والإستخفاف بحقوقها ؟ ثم ولأمر ما فنحن نرى ونسمع ونشاهد آثار ذلك في مجالات الميراث، على الرغم بما قرره الله خالق الذكر والأنثى !ما دامت المرأة  عبارة عن فصيلة من حيوان يمشي على رجلين؟ حسب نظر هؤلاء المفترين؟

06) ومن ثم، وأم عيسى عليهما السلام، فهي الأخرى هل جاءت سليمة من تلك الإعاقة ومن ذلك الإعوجاج ؟ على الرغم مما قالته الملائكة ؟ (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) . 42- آل عمران.   

 

 

 

اجمالي القراءات 5210