قاطرة التنمية فى الهند هى صناعة الكمبيوتر، خاصة السوفت وير، وصناعة الدواء، ومصر تستطيع من خلال صناعة الدواء، ومن خلال شركات الدواء فيها، ومن خلال صيادلتها وباحثيها، ومن خلال التصدير إلى السوق الأفريقية والعربية، أن تنمو اقتصادياً ويصبح رأسمالها فى صناعة الدواء يدور حول رقم العشرين مليار دولار، مثل الهند، المهم ألا نترك صناعة الدواء تحتضر فى مصر، لذلك فالمؤتمر الذى ستنظمه مؤسسة «الأهرام» العريقة فى نوفمبر القادم تحت رعاية د. مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، يُعد خطوة مهمة فى هذا المجال، حيث سيجتمع مصنعو الدواء مع أصحاب القرار السياسى والحكومى تحت سقف واحد لمناقشة مشاكل صناعة الدواء المصرى، الذى لم يعد لاعباً احتياطياً خارج المستطيل الأخضر للصناعة، بل أصبح اللاعب الرئيسى، حيث يعتمد ما نسبته ٩٣٪ من المصريين فى علاجهم على الأدوية المصنّعة فى مصر، بما يقدّر بنحو ٣٠ مليار جنيه سنوياً، حيث يمثل الإنتاج الدوائى المحلى ٨٠٪، والمستورد ٢٠٪.
إذاً ما سيُناقش فى مؤتمر «الأهرام» هو أمن قومى لمصر، وهناك معوقات كثيرة تتسبّب فى خسائر تتكبّدها الصناعة لأسباب كثيرة، من بينها تشريعات التسجيل، وعدم واقعية التسعير، والتصدير، والقوانين المنظمة، والتبعية، وتصنيع المواد الخام، والجودة، والضرائب.. إلخ، وهناك أحلام لتطوير صناعة الدواء، التى بالفعل ستصبح قناة السويس العلاجية لاقتصاد مصر إذا توافر المناخ المشجّع، منها إنشاء مجلس أعلى للدواء يكون من بين اهتماماته تطوير الصناعات الدوائية والتغلب على المشكلات التى تحول دون تحقيق هذا التطوير، بحيث يضم المجلس كفاءات متميزة من الأساتذة والباحثين فى كليات الصيدلة والطب ونخبة من الأساتذة والباحثين العاملين فى أمريكا وأوروبا وخبراء فى صناعة الدواء، ومتخصصين فى الاقتصاد والاستثمار، كما أطالب بإتاحة الفرص لعدد كبير من خريجى كليات الصيدلة لإيفادهم إلى دول سبقتنا إلى مضمار البحوث العلمية والتكنولوجية لاكتساب خبرات فى بحوث الصيدلة والصناعات الدوائية، خاصة فى ما يتعلق بصناعة أدوية التكنولوجيا الحيوية التى عُقد عليها الأمل فى علاج الأمراض المستعصية، مثل السرطان وألزهايمر وأمراض الدم والكبد وغيرها.
كما أطالب المسئولين فى كليات الطب والصيدلة والمهتمين بصناعة الأدوية بإيفاد باحثين إلى أمريكا وإنجلترا ودول أوروبية، لاكتساب خبرات فى مجال الجينوميات الدوائية، وهو تخصص دوائى جديد يستهدف البحث فى تقليل الأعراض الجانبية واكتشاف أدوية فعّالة فى علاج المرض، ولا تُسبب حدوث الأضرار التى تسببها الأدوية المستخدَمة حالياً، وينبغى أن نثق تماماً فى أن الأموال التى تنفق على الدراسات والبحوث التى تستهدف تقدم وارتقاء الصناعات الدوائية والتكنولوجية سوف يكون لها مردود اقتصادى كبير، ونأمل أن نكرس كل طاقاتنا للاستفادة بمكان ومكانة مصر.