حوار عن اللحم (الحلال ) و اللحم ( الحرام ) فى الغرب

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٢٨ - يونيو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

حوار عن اللحم (الحلال ) و اللحم ( الحرام ) فى الغرب  

قال : ذهبت الى متجر فوجدت مكتوبا على قطعة لحم  كلمة ( حلال ) باللغة العربية . وبسعر عال . ونفس القطعة بدون لافتة (حلال ) وأقل سعرا .

قلت : ما الذى يجعلك متأكدا أنه نفس النوعية من اللحم ؟

قال : أنا خبير فى نوعيات اللحوم ، وتأكدت انها نفس النوعية والقطعة . الاختلاف فى السعر فقط .

قلت : وماذا عن لحوم الطيور ؟

قال : نفس الحال . المكتوب عليها (حلال ) سعرها أعلى من العادية .!

قلت : هل تذوقت هذه وتلك وأحسست بفارق بين ما يكتبون عليه (حلال ) والذى بدون كلمة ( حلال )؟

قال : اقول بصدق يوجد الفارق بين المتاجر . هناك متاجر درجة أولى ومتاجر أقل . وهو تصنيف يسرى فى السوق . واللحوم تتفاوت فى جودتها حسب درجة المتجر , لكن عموما وحسب خبرتى أنا أطمئن الى اللحوم غير المكتوب عليها ( حلال ) لأنها من إنتاج شركات كبرى تحرص على سمعتها وتراعى القواعد . المشكلة إن قولهم إن هذا لحم حلال يعنى إن غيره حرام .

قلت : وما رأيك أنت فى شيوع إستعمال ( حلال ) تجاريا فى موضوع اللحوم ؟

قال : هى تجارة رائجة حتى ان بعضهم من المتاجر الأسيوية يكتبون على البيض ( حلال ) وعلى السمك ( حلال ) .

قلت : أعرف كيفية الذبح عند المسلمين . فهل هى نفسها فى المسالخ الغربية ؟

قال : هم يستبشعون الذبح بالطريقة الاسلامية ، ويقومون بصعق الحيوان حتى يفقد الوعى ثم يذبحونه أو يقطعون رأسه . وتقريبا يفعلون ذلك مع الطيور .

قلت :إستبشاعهم هذا لا يصح . الله جل وعلا أحلّ لنا ذبح وأكل الحيوانات والطيور . وهى لا تتألم . وإرتعاشات الطير أو الحيوان المذبوح هو لإخراج الدم .

قال : هل إستعمالهم صعق الحيوان أو الطير قبل ذبحه يجعل الأكل منه حراما ؟

قلت : لآ  ..

قال : فماذا إذا أدى صعق الحيوان أو الطير الى قتله . هل يكون الأكل منه حراما ؟

قلت : قتل الحيوان لا يعنى أنه ( ميتة ) ، ولا يعنى تحريم الأكل منه بإعتباره ( ميتة ).

قال : ما هو دليك ؟

قلت : هناك فرق بين الموت الطبيعى والقتل بتدخل خارجى . قال جل وعلا : ( وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّـهِ تُحْشَرُونَ ﴿١٥٨﴾ آل عمران ) ( وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّـهُ رِزْقًا حَسَنًا ) ﴿٥٨﴾ الحج )

قال : هذا عن الانسان

قلت : الانسان والحيوان والطيور تموت وقد تتعرض للقتل . نحن نتكلم هنا عن الفارق بين الموت الذى يحدث بدون تدخل خارجى والقتل الذى يحدث من فعل خارجى . والله جل وعلا حرّم الأكل من ( الميتة ) وليس المقتولة بفعل البشر.

قال : هم يستشهدون بقوله جل وعلا ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّـهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ )، ويقولون أن المخنوقة حرام والموقوذة حرام والمتردية حرام وما أكل السبع حرام ، ويقولون إن هذا ينطبق على المسالخ فى الغرب .

قلت : أنا قلت ( المقتولة بفعل البشر ) . الذى جاء فى الآية الكريمة هو موت حيوان بسبب حيوان آخر كالمنخنقة ، فالتمساح يجر فريسته الى الماء ليغرقها يقتلها خنقا ، وكذلك الوحوش الأخرى ، وقد تتعارك الحيوانات فينطح بعضها بعضا وينتهى أمرها بالموت،  أو بسبب وقع له كالمتردية أى التى تسقط من مكان مرتفع . وهناك الموقوذة وهى التى أشرفت على الموت . وفى كل الأحوال فإذا تم ذبحها بيد الانسان ( أو قتلها ) قبل أن تموت أصبح حلالا أكلها لأنها لم تنته حياتها بالموت ، أو لم تصبح ميتة . ولهذا قال جل وعلا ( إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ).

قال : هل انت متأكد أن الانسان لو قتل حيوانا يكون لحم هذا الحيوان حلالا فى الأكل ؟

قلت : نعم.

قال : أريد دليلا صريحا .

قلت : لنفترض أنك فى رحلة صيد ، ومعك بندقيتك فأطلقتها على غزال وقتلت ذلك الغزال ، ألا يصح لك أن تأكل منه ؟

قال : نعم . ولكن أريد الدليل من القرآن الكريم .

قلت : إقرأ قول الله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّـهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّـهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٩٤﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ۗ عَفَا اللَّـهُ عَمَّا سَلَفَ ۚ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّـهُ مِنْهُ ۗ وَاللَّـهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ ﴿٩٥﴾ المائدة )

قال : أريد التوضيح .

قلت : من يكون مُحرما يؤدى مناسك الحج او العمرة يحرم عليه قتل الصيد .

قال :يعنى يحرم قتل الصيد ، فماذا عن الأكل منه ؟

قلت :  الإنسان يقتل الصيد ليأكله .

قال : يعنى يحرم عليه قتل الصيد وهو مُحرم ليأكل منه . عرفنا هذا . فماذا بعدُ ؟

قلت : يعنى أن قتل الصيد والأكل منه يكون حلالا خارج الحرم.

قال : وما معنى الصيد ؟

قلت : الصيد يشمل الأنعام كلها ، سواء ما كان منها بريا أو كان مستأنسا .

قال : وما دليلك ؟

قلت : يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۗ إِنَّ اللَّـهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴿١﴾ المائدة ) . الله جل وعلا أحلّ لنا بهيمة الأنعام  ما عدا المنصوص على تحريمها، وحرّم منها الصيد بالقتل عند الإحرام .

قال : فماذا عن صيد البحر ؟

قلت : هو حلال . قال جل وعلا : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ۖ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ) ﴿٩٦﴾ المائدة  ). هنا أيضا تحريم قتل وصيد البر عند الإحرام بالحج والعمرة ، بالتالى فالصيد بالقتل حلال فيما عدا ذلك .

قال : نرجع الى الآية 94 من سورة المائدة

قلت : نعم. قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّـهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّـهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٩٤)

قال : ما هو المقصود ؟

قلت : نزل هذا التشريع فى سورة المائدة وهى من أواخر ما نزل من القرآن الكريم. وكان العرب ومنهم المؤمنون الذين يؤدون فريضة الحج  قد تعودوا على قتل الصيد وأكله أثناء الإحرام بالحج والعمرة ، واستمر هذا حتى نزول هذه السورة بعد فتح مكة . فنزل التحذير بإختبار لهم بأن الله جل وعلا سيمتحنهم بان يجعل حيوانات الصيد تمشى داخل الحرم بحيث يمسكونها بسهولة ويقتلونها برماحهم ببساطة . ثم جاءت الآية التالية تحرّم قتل الصيد فى الإحرام ، وتجعل على من يقتله متعمدا  أن يقدم هديا للبيت الحرام  حيوانا مماثلا للصيد المقتول ، أو كفّارة طعام مسكين أو ما يعادل ذلك صياما . وعفا الله جل وعلا عن ذنوبهم السابقة فى قتل الصيد وقت الإحرام وتهدد من يعود الى ذلك بإنتقام من الله العزيز الجبار . قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ۗ عَفَا اللَّـهُ عَمَّا سَلَفَ ۚ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّـهُ مِنْهُ ۗ وَاللَّـهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ ﴿٩٥﴾ المائدة ).  لاحظ إن الله جل وعلا يستعمل لفظ القتل وليس الذبح أو التزكية ، لأن من يصيد الحيوان يقتله فى الأغلب ، وبالتالى يجوز أكله ، وليس هذا حراما إلا فى الإحرام.

قال : فهمت أن قتل الصيد مباح فى خارج الإحرام ، وأن قتل الصيد يعنى أن نأكله ، وبالتالى فإن الحيوان المقتول بفعل الانسان يكون حلالا أكله .

قلت : نعم . ودعنى أسألك : هذا اللحم المكتوب عليه ( حلال ) هل أنت متأكد من أنه مذبوح بالطريقة المعروفة ؟

قال : أنا متأكد فقط من وجود الورقة الملصقة المكتوب عليها حلال . والمفروض أن أصدق هذا .

قلت : وهل تصدق هذا ؟

قال : طبعا  لا . هو نفس اللحم وانا خبير فى هذا ، ثم إستغلال الدين فى التجارة يجعلك تتشكك .

قلت :وهناك شىء آخر

قال : ما هو ؟

قلت : إن الله جل وعلا أباح لنا أن نأكل من المباح من طعام أهل الكتاب . قال جل وعلا : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ )(٥﴾المائدة )

قال : ولكنهم يأكلون لحم الخنزير .!

قلت : هو حرام عليهم . أنا قلت : إن الله جل وعلا أباح لنا أن نأكل من المباح من طعام أهل الكتاب .

قال : ولكنهم يأكلون لحم الخنزير .!

قلت :والمسلمون أيضا يقعون فى نفس الخطأ

قال : تقصد يأكلون لحم الخنزير ؟

قلت : لا أقصد أنهم يأكلون لحم الخنزير . أقصد إنهم يأكلون شيئا آخر قد حرمه الله جل وعلا وهو المذبوح على النُّصّب أى القبور المقدسة . هذا مذبوح بالطريقة المعتادة ، ويقدمونه نذرا للأولياء وآل البيت ، وهذه عادة دينية فى الموالد والإحتفالات الدينية . الله جل وعلا حرّم الأكل مما ذُبح على النُّصُب وما يُقدّم نذرا لغير الله . قال جل وعلا : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّـهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) ( 3 ) المائدة ) . وتكرر قبلها تحريم الأكل مما أُهلّ لغير الله جل وعلا به فى قوله جل وعلا : ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّـهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٧٣﴾ البقرة )( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّـهِ بِهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١١٥﴾ النحل ) (  قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّـهِ بِهِ ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٤٥) الانعام )  . ومع هذا التكرار وذاك التأكيد فهم على قبورهم المقدسة عاكفون وبها يتبركون وعندها وإليها الذبائح يقدمون ومنها يأكلون .!

قال : سبحان الله . يتطرفون ويتزمتون فى تحريم طعام لحوم أهل الكتاب ويأكلون ما حرّم الله جل وعلا صريحا .

قلت :هى عادة سيئة لأتباع الديانات الأرضية . كما إستحل بعض أهل الكتاب شرب الخمر واكل لحم الخنزير إستحل المحمديون أكل الطعام المقدم فى الموالد والأعياد الدينية ، بل يجعلونها قُربة وعملا صالحا .

قال : الشيطان لم يقدم إستقالته .

اجمالي القراءات 6340