الحركة الامازيغية و اسئلة التنوير المتعددة اية علاقة و أي رهان ؟

مهدي مالك في الخميس ٢٠ - يونيو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

الحركة الامازيغية و اسئلة التنوير المتعددة اية علاقة و أي رهان ؟

مقدمة متواضعة                                      

ان أية حركة تنويرية في التاريخ المعاصر لها اهداف و اعداء من قبيل السلطة او نخبتها الدينية او تيارات الاسلام السياسي بمعنى ان اية حركة تنويرية عبر خريطة عالمنا الاسلامي عانت و تعاني من قمع هؤلاء الفاعلين الثلاث تحت ذريعة الدفاع عن الاسلام و قيمه المثلى .....

غير ان الحقيقة المؤلمة تقول ان هؤلاء الاطراف الثلاث لا يدافعون عن الاسلام كدين يمكنه ان يتجدد مع عصره و يمكنه ان يساهم في بناء دول ديمقراطية و علمانية تحترم حرية الاعتقاد و الضمير الخ من قيم الخير و النماء .

ان الحقيقة المؤلمة تقول ان هؤلاء الاطراف الثلاث أي السلطة و نخبتها الدينية و تيارات الاسلام السياسي يدافعون عن الاسلام كدين جامد لا يتغير مع عصره و يساهم في بناء دول قريبة من نموذج الخلافة الاسلامية الجميل بالنسبة جل المؤسسات الدينية الرسمية في هذه الدول مع بعض الاستثناءات من قبيل ايران الشيعية الخ من هذه الاستثناءات القليلة و جل التيارات المسماة بالاسلامية داخل هذه الدول .....................

انني اقول بكل الموضوعية لو لم تظهر الوهابية في بلاد الحجاز اوائل القرن الماضي لكان الاسلام دين متطور مع عصره و انساني يساهم بشكل ايجابي في بناء الاوطان الاسلامية على اساس الديمقراطية و حقوق الانسان كما هي متعارفة دوليا ........

ان عالمنا الاسلامي يعيش اليوم ازمة حقيقية مع الهوية الاسلامية بحكم مجموعة من الاسباب و الخلفيات التاريخية حيث لو اراد اي مسلم مؤمن باسلامه الشخصي او المجتمعي لكنه بالمقابل يريد ان يساهم في انتقال بلده الى نادي الدول الديمقراطية بمؤسساتها و بانظمتها و بخطابها الديني الانساني ....

ان هذا المسلم سيجد في طريقه العديد من العراقيل و المشاكل و من بينها التاويل السلفي للدين الاسلامي عبر الخطاب الديني الرسمي او عبر مقررات التربية الاسلامية في التعليم في اغلب الاوطان الاسلامية.

لكن الطامة الكبرى هي ان هذا المسلم سيجد في طريقه نحو الانتقال الديمقراطي ما يسمى بتيارات الاسلام السياسي المنتشرة بشكل رهيب عبر جغرافية العالم الاسلامي باستثناء المملكة العربية السعودية باعتبارها مازالت تمنع انشاء الاحزاب مهما كانت تحت ذرائع من قبيل حفظ النظام العام و الدين الاسلامي حسب منهج محمد عبد الوهاب التخريبي لحقائق الاسلام العظيمة بصريح العبارة..

و هناك حقيقة مؤلمة لا ينبغي تجاهلها باي حال من الاحوال الا و هي ان السعودية تمثل الاسلام في العالم باسره علما انها ليس لها اي دستور و لو شكليا لان التاويل الاصيل للسلفية اي الوهابية لا يسمح لفرقة سياسية او دينية بمعارضة هذا النظام الرجعي و لو في جزية صغيرة للغاية او ان تعبر عن رايها في داخل بلاد  الحرمين الشرفيين اي ان السعودية لا تسمح بتاسيس تيارات الاسلام السياسي داخل أراضيها...

لكن بالمقابل قامت السعودية منذ وجودها في سنة 1932 بالدعم الايديولوجي و المالي لهذه التيارات في دول الشرق الاوسط و في دول شمال افريقيا بغية تخريب هذه الدول و نشر الوهابية على انها الاسلام الاصيل و محاربة اسلام هذه الشعوب بدعوة انه باطل الخ من هذه الاهداف الدنيئة .....

و بالاضافة الى محاربة اية محاولة للتنوير الاسلامي و خصوصا في مصر التي عرفت حركات للتنوير الاسلامي كما اسميه منذ عهد المرحوم محمد عدو الى عهد الباحث الاسلامي المعاصر ان صح التعبير اسلام البحيري بمعنى ان مصر هي نموذج فريد في التنوير الاسلامي على الصعيد الاسلامي حسب اعتقادي المتواضع   .. ...................

 ان من بين مهام ما اسميه بالتنوير الاسلامي الان في اوطاننا الاسلامية حسب اعتقادي المتواضع هي اولا هدم التراث الفقهي الماضوي باعتباره تراث قد ارتبط بسياق دولة الخلافة البعيد كل البعد عن روح الاسلام العظيم الذي نؤمن به  و وضع مكانه  فقيه  معاصر يتناسب مع مفهوم الدولة الحديثة و مع مفهوم حقوق الانسان .

ثانيا  اعادة قراءة القران الكريم قراءة معاصرة و انسانية حيث ان هذا الكتاب العظيم قد نزل في سياق تاريخي معين له ظروفه و سياقاته الاجتماعية كما يقوله الاستاذ اسلام البحيري الذي اقدره كثيرا باعتباره يحاول تحقيق هذا الهدف المشروع عبر برامجه التلفزيونية الناجحة .....

  لكن الاطراف الثلاث في جل دولنا الاسلامية ترفض هذه العملية شكلا و مضمونا لان شرعية هؤلاء الاطراف الدينية و السياسية ترتبط بشكل او باخر بالتراث الفقهي القديم حيث تحاول فرضه على هذه الامم باعتباره من صميم الاسلام مع انه تراث بشري يحتمل الصواب او الخطا و حامل لثقافة العرب الجاهلية من قبيل احتقار النساء على جميع الاصعدة و المستويات و من قبيل تضخيم النزعة العربية منذ عهد الدولة الاموية و اختراع جهاد الطلب تحت ذريعة نشر الاسلام الخ من هذه الامور ......

الى صلب الموضوع                          

يتجدد الحديث عن الحركة الامازيغية و اسئلة التنوير المتعددة اية علاقة و أي رهان حيث اعتقد شخصيا ان الحركة الامازيغية منذ تاسيسها ببلادنا سنة 1967 هي حركة تنويرية لكن بالمفهوم الثقافي و بالمفهوم اللغوي أي انها استطاعت في ظرف عقود من الزمان فرض الامازيغية كشرعية ثقافية على السلطة سنة 2001 و استطاعت كذلك ان ترسم الامازيغية في دستور 2011 تحت ضغط حركة 20 فبراير الشهيرة ..........

لكن الاطراف الثلاث أي السلطة و نخبتها الدينية و تيارات الاسلام السياسي حاولت منذ 2011 الى هذه اللحظة وضع العديد من العراقيل و المشاكل امام تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية كما نريده كحركة امازيغية سياسية الان..

ان الامازيغية ليست لغة او ثقافة  او عادات الخ بل هي قيم انسانية تتعارض مع التراث الفقهي السلفي ببعده السياسي أي دولة الخلافة او تطبيق  الشريعة الاسلامية لان اجدادنا الامازيغيين اجتهدوا طيلة قرون من الزمان على الملائمة بين الامازيغية كهوية تنويرية و الاسلام كدين يمكنه الاجتهاد و مسايرة العصر في السياق الامازيغي بمعنى كانت القبائل الامازيغية قبل دخول الاستعمار الاجنبي تمارس الديمقراطية المحلية و ما اسميه شخصيا بالعلمانية الاصيلة عبر قوانين وضعية تحترم الاسلام كمبادئ عليا من قبيل حفظ النفس و حفظ العرض و حفظ المال الخ من هذه المبادئ العليا و المقبولة من طرف الانسانية جمعاء .

لكن هذه الاطراف الثلاث تجتهد في خفاء هذه الحقائق الاجتماعية بشتى الطرق و الوسائل  و تجتهد كذلك في تشويه بعض رموز الحركة الامازيغية كالاستاذ احمد عصيد  الموقر حيث انني أتقاسم معه جل افكاره التنويرية و اتكرر جل افكاره التنويرية و ليس كلها كما يعتقد بعض الاصدقاء و الاحباب و انني اتضامن معه ضد حملة مشايخ الارهاب و التكفير تجاه أي فكر اصلاحي خارج مقدسات التراث الفقهي الميت اصلا  .....

ان الحركة الامازيغية الان  مجبرة على ركوب امواج التنوير الاسلامي كما اسميه لان الاطراف الثلاث تستغل المقدس الديني بشكل سلبي لمنع أي وعي بان الامازيغية هي قيم اصيلة للديمقراطية و فصل بين الدين بشكله السلفي الحالي و السياسة حيث يمكن لهذه القيم الاصيلة الاسهام بشكل فعال في انتقال المغرب من النموذج المشرقي للتدين الى نموذجنا الامازيغي في التدين أي الاسلام الامازيغي و هذا ترفضه هذه الاطراف الثلاث جملة و تفصيلا لان  تيارات الاسلام السياسي على الخصوص انطلقت في التغلغل داخل الدولة و داخل المجتمع بفضل خطابها القائل ان الاسلام بشكله السلفي هو الحل لكل مشاكلنا السياسية و الاخلاقية و التنموية الخ...................

 

تحرير المهدي مالك                                                       

 

 

 

 

اجمالي القراءات 3732