التدخين و الصيام
التدخين و الصيام

أسامة قفيشة في الثلاثاء ٢١ - مايو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

التدخين و الصيام

الأخوة الأفاضل و القراء الأعزاء ,

في هذا المقال أود من طرح ما أراه في موضوع التدخين و الصيام بين أيديكم , إذ يكثر الحديث و السؤال ما إذا كان التدخين مبطلاً للصوم أم لا ؟

و هنا نجد تضارباً في الفتاوى فالبعض يذهب إلى أن التدخين مبطلاً للصوم تماماً كما الطعام و الشراب ,

و البعض الآخر يذهب إلى أن التدخين لا يبطل الصوم لأنه يجري مجرى التنفس و لا يجري مجرى الطعام و الشراب ,

كلا الرأيين أرى بأنهما مخطئان في التعليل و الاستدلال , و هذا الخطأ ناجماً عن ربط الصيام بالطعام و الشراب , إذ أن الرأيين قد نظرا للتدخين من زاوية الطعام و الشراب و بأنه شبيهٌ لهما ,

في البداية علينا بأن لا ننظر لظاهر القول فقط , بل علينا التدبر و التفكر في قول الله جل وعلا مراراً و تكراراً و التعمق فيه ,

الصيام ليس امتناعاً عن الطعام و الشراب فقط , و ليس من أجل الشعور بالجوع و العطش , الصيام هو تهذيبٌ للنفس و حرماناً لها من أهوائها , من أجل التعلم على كيفية السيطرة على هوى النفس , كي يكون العقل مهيمناً على النفس متحكماً بها و ليس العكس ,

و لكي نعلم ما معنى الصيام و لنعلم ما هي مبطلاته , فقد بين لنا الله جل وعلا هذا الأمر و وضحه لنا في آية واحدة فقط من كتابه الكريم حيث قال فيها ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) :

هنا نلاحظ بأن الصيام له وجهان اثنان , فوجه الامتناع عن الطعام و الشراب كان الوجه الثاني , و أما الوجه الأول كان في الامتناع عن الشهوات ,

و عليه يكون الصيام امتناعاً إرادياً عن ما تطلبه النفس من شهوات , و عن ما يتطلبه الجسد من احتياجات لفترة زمنية وجيزة , و بإرادة ذاتية مطلقة , نستخلص منه سبيل التحكم و السيطرة على شهوات و رغبات النفس و الجسد معاً ,

أنا شخص مدخن , و أحب سيجارتي و أعشقها , و لأن النفس تتوق للتدخين كما تتوق لطعام و الشراب , و قد يضعف الشخص منا نزولاً لرغباته و شهواته ,

فأنا شخصياً أشم رائحة الطعام فأشتهيه , و لكن أمتنع عن تناوله و أتحكم بتلك الشهوة , و ما أن تنتهي فترة الصيام الوجيزة يكون شوقي لسيجارتي يفوق شوقي للطعام أو الشراب ,

الامتناع أيها السادة الأفاضل عن شهوات و رغبات النفس و الجسد هو عنوان الصوم , و عليه أرى بأن الامتناع عن التدخين فترة الصوم هو واجب , لأنه امتناع عن الهوى و الرغبات و الشهوات ,

لذا أعتقد بأن التدخين يعتبر مبطلاً للصيام كونه خضوعاً إرادياً للرغبة و الشهوة , و الامتناع عنه يعتبر صوماً عن تلك الرغبة و الشهوة .    

اجمالي القراءات 6691