ثقافة يجب تعميمها لنشر السلام والتعايش السلمى
رباعية : ( الأرض ، الانسان ، الموت والسلام )

آحمد صبحي منصور في الخميس ١٨ - أبريل - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

رباعية : ( الأرض ، الانسان ، الموت والسلام )

ثقافة يجب تعميمها لنشر السلام والتعايش السلمى

أولا : لمحة

1 ـ شقيقان إختلفا على ميراث الأرض ، تشاجرا ، قتل كل منهما الآخر بسبب هذه القطعة من الأرض . تحولا الى تراب فى هذه الأرض المتنازع عليها وبقيت الأرض ، بعدهما حدث نفس التنازع حول نفس الارض والقتال بسببها ، ومات المتقاتلون وبقيت الأرض ، ولا زالت الأرض باقية ويتقاتل حولها الناس ويموتون من أجلها جيلا بعد جيل ويتحولون الى تراب ، ولا هم يتوبون ولا هم يتذكرون .

2 ـ يحدث هذا على مستوى الورثة الأقارب ، وعلى مستوى الأفراد كما يحدث على مستوى الدول .

3 ـ فى كل الحالات ينسى الجميع الموت ، مع أنه حتمى لا مهرب منه . قال جل وعلا :( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ) (٨﴾ الجمعة ) . لو تيقن الانسان من أنه سيموت حتما ما تصارع من أجل حفنة تراب لأنه سيعرف أنه سيموت ويتحول الى تراب. لو تيقن الانسان من أنه ميت لا محالة لآثر أن يعيش مع أخيه الانسان فى سلام ، لأنه فى النهاية فإن الذى سيرث الأرض ومن عليها هو الخالق جل وعلا القائل : (  إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا ) ﴿٤٠﴾ مريم ).وهو جل وعلا من أسمائه الحسنى ( السلام ) ( الحشر 23 ) وشريعته جل وعلا مؤسسة على السلام والرحمة والعدل والاحسان والحرية وكرامة الانسان .

4 ـ هنا نتوقف مع رباعية : ( الأرض ، الانسان ، الموت والسلام ).

ثانيا : هذا هو الحل للصراع الفلسطينى الاسرائيلى

1 ـ الصراع الفلسطينى الاسرائيلى قائم على أساس الأرض . وهو صراع دموى تسبب فى قتل الألوف ، وهناك آخرون مرشحون للموت قتلا .

2 ـ لو أدرك الاسرائيليون أنه لا مفر من الموت لآثروا السلام ، يكفى أن مؤسسى دولتهم ماتوا ولحقهم وسيلحقهم الآخرون. إذن لماذا التقاتل على أرض لا نلبث أن نصبح ترابا فيها ، كانت قبلنا وستبقى بعدنا الى أن يرث الله جل وعلا الأرض ومن عليها.

3 ـ لو أدرك الفلسطينيون حتمية الموت وأن الحياة فى هذه الدنيا مهما طالت فهى قصيرة وأن الأفضل لهم أن يعيشوا فى سلام ووئام مع غيرهم ما حدث كل هذا التناحر ، خصوصا وأن المستفيد من الصراع على الأرض هم قادتهم وهم مستبدون يرون الأرض بمن عليها ملكية خاصة بهم دون الشعب الفلسطينى الذين يستغلون إسمه ويسرقون رزقه ، لو عقل الفلسطينيون لأدركوا أن حياتهم القصيرة فى هذه الدنيا أفضل تحت سيطرة الحكومة الاسرائيلية منها تحت إستبداد حماس أو السلطة الفلسطينية . المهم أن تعيش مسالما متمتعا بحقوقك وكرامتك خلال حياتك القصيرة فى هذه الدنيا .

4 ـ ما يسمى الآن بفلسطين تتابع على سكنها أجناس وأمم ، وإحتلها أجناس وأمم ، وتقاتل من أجلها أجناس وأمم قبل هذا الصراع الفلسطينى الاسرائيلى . إنتهى الجميع الى تراب فى أرض فلسطين ، وسينتهى أيضا الفلسطينيون والاسرائيليون ؟ فهل يفهمون الدرس ؟

5 ـ ماذا لو حل السلام والتسامح بين الاسرائيليين والفلسطينيين ونبذوا القتال ، وإرتضوا تعايشا سلميا قائما على تبادل المنافع والعدل والمساواة . هذا يحقق الأمن للطرفين ، والأمن هو المشكلة الكبرى للإسرائيليين والفلسطينيين ، ولا يمكن تحقيق الأمن بالعنف وتربص كل فريق بالآخر .

ثالثا : فى صراعات الشرق الأوسط

1 ـ معظم سكان الشرق الأوسط محمديون ، يقدسون إلاها مصنوعا من أكاذيب ، أسموه محمدا ، وهو يتناقض مع الشخصية الحقيقية للنبى محمد فى القرآن الكريم الذى يؤكد أن النبى محمدا وكل الأنبياء هم مجرد بشر ولكن تميزوا بالوحى الالهى أنه ( لا إله إلا الله ) ، وانهم لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم نفعا ولا ضرا ، وسيتعرضون للحساب شأن بقية البشر يوم القيامة. المحمديون لا يكتفون بتأليه ( محمد ) بل يؤلهون آلهة أخرى من الأئمة والخلفاء والصحابة ، ولهم أديان أرضية يزعمون لها وحيا إلاهيا ، ولهم شرائع أرضية تتناقض وشريعة الاسلام فى القرآن . واشدهم تطرفا هم الوهابيون السنيون . قال جل وعلا للنبى محمد  عليه السلام : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴿١٠٧﴾الأنبياء ) ، وهم صنعوا إلاها أسموه محمدا جعلوه إرهابا للعالمين .

2 ـ نكرر ونؤكد الآتى : هناك معنيان للإسلام :

2 / 1 : الاسلام السلوكى بمعنى السلام . وشريعة الله جل وعلا أساسها السلام فى التعامل مع الناس بعضهم بعضا ، والايمان السلوكى هو الأمن وأن يكون المؤمن موثوقا به يأمنه الناس فى تعاملهم مع بعضهم . وجعل رب العزة من أسمائه الحسنى ( السلام المؤمن ) ( الحشر 23 ). وجاهد النبى محمد وقاتل قتالا دفاعيا فقط من أجل أن يحل السلام محل الغارات التى إعتادتها قبائل العرب. وحين دخل العرب فى السلام أفواجا إعتبر رب العزة جل وعلا أنهم دخلوا فى دين الله أفواجا ، أى إن السلام ( الاسلام السلوكى ) هو دين الله ، وهذا ما رآه النبى ، قال له جل وعلا : (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ ﴿١﴾ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّـهِ أَفْوَاجًا ﴿٢﴾ النصر ). النبى محمد لم يكن يعلم غيب السرائر ، ولم يكن يعرف أن أقرب أصحابه اليه كانوا منافقين مردوا على النفاق ( التوبة 101 ) ، وهم الذين تولوا الحكم خلفاء له فإرتكبوا جريمة الفتوحات والتى بها نشروا الكفر بالاسلام على أنه الاسلام. النبى محمد لم يكن له ان يحكم عليه على ما فى السرائر . وهو عليه السلام رأى السلام سلوكا دخل فيه العرب أفواجا ، وهو هو نصر الله للنبى والمؤمنين. تطبيق الشريعة الأسلامية هو حسب السلوك فقط وليس له دخل بالنيات وما فى القلوب ، ولذا فإن الكافر والمشرك هو حسب التعامل أى الذى بسلوكه يكون معتديا يقتل الناس ، والأفظع من هذا أن يقتل بإسم الله جل وعلا . وهذا ما تخصص فيه الخلفاء بعد موت النبى محمد عليه السلام، وسار على سنتهم المحمديون ، يعتبرون غيرهم من المسالمين كفارا حتى لو كانوا من داخل نفس الدين . هذا يتناقض مع الاسلام دين السلام.

2 / 2 : الاسلام القلبى بالايمان بالخالق جل وعلا وحده إلاها لم يلد ولم يولد ، والكفر القلبى بتقديس البشر والحجر مرجع الحكم فيهما الي الله جل وعلا يوم القيامة.  وليس للبشر حتى النبى محمد فى حياته أن يتدخل فى هذا . كان مأمورا أن يقول للكافرين الرافضين لعقيدة أنه ( لا إله الا الله ):( اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ ﴿١٢١﴾ وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ﴿١٢٢﴾ هود  ) ، أى أن ينتظر حكم الله جل وعلا عليهم وعليه يوم القيامة . المحمديون فى أديانهم الأرضية وشرائعهم يطبقون الإكراه فى الدين والذى يصل الى قتل من يخرج على دينهم الأرضى بالقتل بما يسمى ب ( حد الردة ) ، ناهيك عن إستحلال الهجوم الحربى والاحتلال ، وبهذا تأسست الدولة السعودية ، وتأسست نظم إستبدادية أخرى تعتمد على الكهنوت الدينى السُّنّى ـ وكلها تنشر الفساد والدمار والحروب وحمامات الدم داخل وخارج بلادها ، بحيث أصبحت أخبارهم تتصدر نشرات الأخبار . طبقا للإسلام هم كفار بسلوكهم ، ولا شأن لنا بما فى قلوبهم .

3 ـ رباعية : ( الأرض ، الانسان ، الموت والسلام  ) هى الحل فى مواجهة الاستبداد والفساد فى الشرق الأوسط . ليس فقط لأنها منطقة المشاكل فى العالم ولكن أيضا لأن رباعية : ( الأرض ، الانسان ، الموت والسلام ) تنبع من القرآن الكريم نفسه . فإذا كان الله جل وعلا قد قال للنبى محمد فى حياته (  إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ﴿٣٠﴾) الزمر ) فلا حياة خالدة لأحد فى هذه الدنيا من الحكام والمحكومين .

وما يحدث فى الحياة أكبر دليل ، وهناك مثل رائع يقول ( لو دامت لغيرك ما وصلت اليك ) وهو يصدق على حال المستبد الذى وصل للحكم بعد مستبد سابق ، وسيصل غيره بعده الى الحكم لأن الدنيا لا تدوم لأحد ، فالموت محطة كل منا يصل اليها فى قطار الحياة . وفى خلال عشرين عاما فقط مات مستبدون كثيرون منهم أمير الكويت سعد العبدالله سالم الصباح والشيخ زايد الاماراتى و الملك فهد والملك عبد الله آل سعود ، وسقط  صدام ومبارك وبن على والقذافى وبوتفليقة وعمر البشير . ولا يستطيع الطغاة الآخرون ان يهربوا من الموت ولو كانوا فى بروج مشيدة . قال جل وعلا : ( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ) ﴿٧٨﴾ النساء ) .

رابعا : فى الصراعات الدولية

1 ـ فى العصور القديمة حيث الصراعات الدولية : أين ذهب أباطرة الفرس والروم ـ وأباطرة أثينا وخلفاء العرب والعثمانيين  والمغول والأسبان وملوك أوربا وغيرهم ؟ ماتوا جميعا وتركوا الأرض بعدهم. فى الكشوف الجغرافية وما تلاها من إبادة شعوب لاحتلال أراضيهم ، مات السفاكون وأصبحوا ترابا فى هذه الأرض مع صفحات فى التاريخ تلعنهم. نفس الحال فى عصرنا ، أين ذهب هتلر وستالين وموسولينى ؟ ماتوا وتحولوا الى تراب ، ولم ينجحوا إلّا فى سفك دماء الملايين ظلما وعدوانا .  

2 ـ المطلوب أن تتحول رباعية : ( الأرض ، الانسان ، الموت والسلام ) الى ثقافة تنتشر بين الأفراد والشعوب . وهذه مهمة إنسانية لإحلال السلام فى العالم .

أخيرا :

1 ـ لا بد من أن تكون رباعية : ( الأرض ، الانسان ، الموت والسلام ) اساسا فى حل النزاعات الدولية.

2 ـ  ليس هذا ترفا فكريا ، وليس يوتوبيا خيالية ، إنها تقع فى إطار الممكن ، لأنها غاية فى البساطة ، فلا يوجد من ينكر أن الأرض لا تستحق التقديس لأننا نسير فوقها بأقدامنا ولأنها مسخرة للإنسان ، قال جل وعلا : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ) ﴿١٥﴾  الملك ). ولا يوجد من ينكر الموت مهما كانت أفعاله تتناقض مع إعترافه بحتمية الموت. ولا يوجد من ينكر أن السلام هو الأجدى من الحرب . يعرف الجميع أن الحرب لا تحل مشكلة بل تزيدها ، وان السلام يرتبط بالإزدهار والرخاء لمصلحة الشعوب. هذا موجود فى الضمير البشرى ، وبالتالى يمكن تحقيقه.

3 ـ وقد سبق تحقيق بعض هذا من قبل .

3 / 1 : المجتمع الدولى توصل لاتفاقات بالنسبة لبعض الأسلحة الذرية فى إطار الردع المتبادل ، فلماذا لا يصل الى إتفاق لمنع معظم الأسلحة ؟، ولماذا لا يتوصل الى إتفاقات لتقليم أظافر مؤسسات السلاح وتدخلها فى صنع سياسات تؤدى لإشعال حروب لا تلبث أن تمتد الى بلادهم فى عصر الانترنت والقرية الكونية ؟

3 / 2 : وإذا كان الحلفاء قد عقدوا محاكم نورنبيرج للقصاص من مجرمى النازية بعد الحرب العالمية الثانية ، وإذا كانت الجنائية الدولية قد حاكمت وأدانت بعض السفاحين من الرؤساء ، فلماذا لا يتسع عملها لمحاكمة المستبدين فى أفريقيا والشرق الأوسط بالذات وهم الذين ينشرون حمامات الدم فى العالم ؟ وإذا كانت الجنائية الدولية قد أدانت عمر البشير فلماذا تسكت عن ابن سلمان وابن زايد والسيسى وغيرهم ؟

4 ـ لدى الأمم المتحدة الكثير مما تقوم به ، ومعها منظمات حقوق الانسان . ولقد تقدم العالم كثيرا بعد الحرب العالمية الثانية وبعد تأسيس الأمم المتحدة. لقد تأسست الأمم المتحدة وفق ثقافة عصرها . العالم الآن دخل فى ثقافة عالمية جديدة ومتحدة تقريبا ، وهذا الوضع العالمى الجديد يحتم تطويرا فى مهمة الأمم المتحدة والمجتمع الدولى ليكون معبرا عن الانسان وفى مواجهة الحكومات ، وليقف مع بلايين المستضعفين فى الأرض ضد مجموعة أشخاص يفسدون فى الأرض .

5 ، آن الأوان للأمم المتحدة أن تتبنى رباعية : ( الأرض ، الانسان ، الموت والسلام ) لتجعلها ثقافة عصرنا وقريته الكونية. آن الأوان لكى تفرضها فى وسائل الاعلام وفى التعليم ليتربى عليها هذا الجيل والأجيال القادمة ليكون العالم أكثر أمنا وأكثر سلاما.

اجمالي القراءات 6308