توصيفات خاصة بالنار
توصيفات خاصة بالنار

أسامة قفيشة في الثلاثاء ٠٨ - يناير - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

توصيفات خاصة بالنار

كما قلنا في مقدمة توصيفات خاصة بالجنة , نقول هذا هنا أيضاً .

فحين النظر في توصيفات الجنة و النار نلاحظ بعض التوصيفات التي تجمعهما معاً , في حين نجد بأن هناك بعض التوصيفات تنفرد بها الجنة و توصيفات تنفرد بها النار .

لا بد من وجود الحكمة في هذا , و يستحيل بأن يكون هذا محض صدفه , في هذا البحث سنحاول قدر المستطاع من تجميع تلك التوصيفات لعلنا نصل لبعض الغايات , مع التأكيد بأن تلك الغايات لا يعلمها سوى الخالق جل وعلا , و لكنها محاوله بشرية ستعتمد على الفهم البشري للألفاظ من خلال سياق الآيات و نسقها و الإطار الذي جاءت فيه , راجين التوفيق و مستعينين بالخالق جل وعلا بأن يهدينا و ينير بصائرنا .

من التوصيفات التي تنفرد بها النار :

المثوى :

يقتصر وصف المثوى على جهنم و لم يأتي وصف الجنة بأنها مثوى , لذا أرى بأنه لا يجوز لنا تعدي هذا الوصف بأن نقول أن الجنة هي مثوى , أو كما يقولون للميت بأنه أنتقل إلى مثواه الأخير , لأن المثوى هو لجهنم فقط , و من تلك الآيات التي تصف هذا , قوله جل وعلا ( قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ) 72 الزمر ,

و قوله ( إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ) 12 محمد ,

و قوله ( سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ) 151 آل عمران ,

و قوله ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ) 68 العنكبوت , و غير ذلك من الآيات .

البروز :  

البروز هو الظهور للعيان , و جهنم حين سيؤتى بها يوم القيامة ستبرز و تظهر حيث يقول جل وعلا ( وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ ) 91 الشعراء ,

و قوله ( وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى ) 36 النازعات ,

و قوله ( وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ) 53 الكهف .

التسعير :

السُعر بضم السين يعني شدة السواد و الظلمة و ليس الاشتعال و هذا واضح في قوله جل وعلا ( فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) 24 القمر ,

و قوله ( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) 47 القمر ,

و في قوله جل وعلا ( وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ) 12 التكوير , فهذا يعني قد أصبحت شديدة السواد و الظلمة , فكان حتماً على من دخلها بان لا يرى شيء من شدة سوادها و ظلمتها .

الكبكبة :

الكبكبة هي الرمي و الإلقاء , و هي لفظ تحقير حيث يقول جل وعلا ( فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ) 94 الشعراء ,

و عن هذا الإلقاء يقول سبحانه ( إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ ) 7 الملك ,

هذه الكبكبة يتبعها عملية سقوط حتى يصل هؤلاء بأصفادهم و قيودهم إلى منزلتهم التي هم عليها , تلك المنازل هي مستقرهم , و هي أماكن في غاية الضيق ( وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ) 13 الفرقان .

الامتلاء :

امتلاء جهنم هو تعبير مجازي , يقصد فيه وعد الله جل وعلا للكافرين بالعذاب , و هذا الوعد قد جاء في اليوم الأول لخلق آدم عليه السلام ,

هذا الوعد قد جاء رداً على عصيان إبليس لأمر الله جل وعلا له بالسجود لآدم , حيث قُطع هذا الوعد بقوله جل وعلا ( لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ) 85 ص و قوله ( قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا ) 63 الإسراء , و قوله ( قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ) 18 الأعراف ,

إذا فهذا الوعد و العهد يتمثل في عذاب جهنم الذي سيلحق بمن كفر , و تلك كلمة الحق التي قالها الحق جل وعلا ( وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) 13 السجدة ,

هذا الوعد و تلك الكلمة ستتم بالكمال و التمام و الله لا يخلف وعده ( إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) 119 هود , و قوله ( وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) من الآية 71 الزمر , 

لذا فيوم التنفيذ و نزول العذاب على الكافرين في نار جهنم جاء قوله جل وعلا تذكيراً بهذا الوعد حين قال لإبليس ( لأملأن ) فجاء قوله سبحانه ( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ) 30 ق .

اللبوث و الحقبة :

يقول جل وعلا ( لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) 23 النبأ,

هذا التوصيف يختص فقط بأهل النار , حيث لم يردنا وصفاً لأهل الجنة بأنهم لابثين أو لابثين أحقاباً .

و في الختام لا يسعني سوى التذكر بأن تلك النار بما فيها من عذاب و جحيم و سوء , و في طبيعتها ما سيلاقيه أهلها , فذلك أيضاً مجاز للتقريب للأذهان ( لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) , حتى تستطيع مداركنا فهم هذا الشر و السوء و العذاب الذي ينتظر من تولى و كفر .

و نسأله جل وعلا أن يحفظنا و ينجنا من هذا , و نعوذ به من عذاب جهنم , و أن ينعم علينا و يجعلنا من أهل الجنة .  

اجمالي القراءات 5131