تحريف التواتر فى الأذان للصلاة

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٣٠ - نوفمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

تحريف التواتر فى الأذان للصلاة

مقدمة : بين التواتر الالهى والتواتر الشيطانى فى الأذان

1 ـ   التواتر الالهى فى الأذان للصلاة أن يبدأ بتكبير الله تعالى (الله أكبر) الذى يؤكد أنه لا اله الا الله.وبعد ( الله أكبر ) تأتى تؤكدها شهادة الإسلام الواحدة ( لا اله إلا الله) ،ثم الدعوة للصلاة (حىّ على الصلاة ) التى يجب أن تقام لذكر الله وحده وتقديسه وحده وتعظيمه وحده والتسبيح بحمده وحده ، فذلك هو محتوى ومضمون الصلاة لله جل وعلا رب العالمين هو قوله جل وعلا :(إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) ( طه 14)  . والذى يقيم هذه الصلاة فى قلبه خشوعا وهو يصلى ، ثم يقيمها فى سلوكه سموا فى الخلق يستحق الفلاح ، لذا يقال فى الأذان ( حىّ على الفلاح ) أى دعوة للفلاح ليكون المؤمن ضمن المؤمنين المفلحين الذين وردت صفاتهم فى مطلع سورة ( المؤمنون)،ويختتم الأذان باعادة التكبير(الله أكبر ) للتأكيد على نفس المعنى ، وأنه لا إله إلا الله. تلك هى صيغة الأذان الشرعية التى تتناسب مع النداء الاسلامى ( الله أكبر) التى تعنى أن الله تعالى (أكبر) لأنه الخالق وحده ،وأنه أكبر من أن يوضع الى جانب اسمه الكريم أى إسم لأى مخلوق من مخلوقاته ، لأن  ماعداه من مخلوقات هى بالنسبة إليه (أصغر) ويحرم أن يذكر (الأصغر ) إلى جانب (الأكبر ) سبحانه وتعالى . هذا ما كان عليه النداء للصلاة فى ملة ابراهيم طبقا لوحدة الدين الالهى شرعا ووحيا وإقامة للدين . وفى حياة النبى عليه السلام . لم يكن فيه ذكر لغير الله جل وعلا ، ولم يكن إسمه عليه السلام يرتفع فى الأذان وفى الدعاء للصلاة.هنا تجديد التواتر الالهى فى الأذان . هذا هو التواتر الالهى فى الأذان .

2 ـ التواتر الشيطانى جاء مخالفا فى الأذان للصلاة لتواتر ملة ابراهيم فى الأذان ، لذا إعترض عليهم خاتم النبيين فكادوا يفتكون به ، قال جل وعلا : (  وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّـهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّـهِ أَحَدًا ﴿١٨ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّـهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ﴿١٩ قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا ﴿٢٠ قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا﴿٢١﴾ الجن).

 ونعطى بعض تفصيلات للتواتر الشيطانى فى تحريف الأذان     

ثانيا : تغيير فى صيغة الأذان فى العصر العباسى

1 ـ ضمن لاستغلال السياسى للمسجد وصلاة الجمعة وخطبتها تحولت المساجد الى مساجد شيطانية ، وتأثر الأذان بهذا التحول فأصبح ضمن عباراته ذكر الخليفة ، وساد هذا فى العصر العباسى الذى شهد تدوين التاريخ وشعائر الأديان الأرضية والثقافة السائدة ، منها تدوين التأريخ للعصر الأموى وما سبقه بأثر رجعى . ولأن الدولة العباسية كانت كهنوتا دينيا صريحا فقد جرى تشريع هذا كله بأحاديث مصنوعة وسيرة مصنوعة للنبى تتناقض مع القرآن الكريم .

2 ـ وشهد العصر العباسى أيضا صراعا سياسيا وحربيا ودينيا بين الشيعة والعباسيين السنيين ، وإنعكس هذا على نواح كثيرة منها الأذان ، بل إن الشيعة أقاموا الدولة الفاطمية وطبقوا فيها شعائرهم ومنها يخص الأذان ، وحتى فى خلال الدولة الفاطمية تعرض الأذان لتقلبات فى خلافة الخليفة الفاطمى الحاكم ، وبعد سقوطها عادت شعائر الدين السنى فى مصر وما كان تابعا للدولة الفاطمية من قبل. ثم ساد التصوف السنى بديلا عن السُّنّة الحنبلية المتشددة والتصوف المتطرف ومعاديا شديد العداء للتشيع والتصوف الشيعى ، وتأثر الأذان بهذا التحول ، خصوصا مع غرام الصوفية بالرقص والغناء ، فأصبح الأذان انشودة سمجة ..وربما لا يزال .

 3 ـ استحدث العباسيون السلام على الخليفة العباسى فى الأذان للصلاة ، ثم تابعهم الفاطميون فيما بعد . وحتى يتم تبرير هذا فقد أضاف العباسيون السلام على النبى محمد والخلفاء بعده ، وتولت مصانع الأحاديث وصناعة الروايات التاريخية افتراء أحاديث وروايات تسوغ هذا التلاعب بالأذان للصلاة.وقام بذلك الواقدى ( 130 : 207 ) ثم كاتبه ( محمد بن سعد : ( 168 : 230 ) ( كاتب الواقدى )

4 ـ الواقدي شيخ المؤرخين كان متصلا بالبرامكة وتولى القضاء للخليفة الرشيد ومن عملاء العباسيين  شأن كاتب السيرة محمد بن إسحاق ( 85 : 152 ) من قبل ، وهو من أوائل المؤرخين فى التاريخ العام . وقد زعم الواقدى أن بلال كان يقف على باب النبى يؤذن : ( فيقول‏:‏ السلام عليك يا رسول الله وربما قال‏:‏ السلام عليك بأبي أنتوأمي يا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة السلام عليك يا رسول الله‏.‏) . وينقل المقريزى عن مؤرخى العصر العباسى فى ( الخطط ) أن بلال ( كان يقول السلام عليك يا رسول الله ورحمةالله وبركاته حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة يا رسول الله ، فلما ولي أبو بكر رضيالله عنه الخلافة كان سعد القرظ يقول السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمة اللهوبركاته حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة يا خليفة رسول الله‏.‏فلما استخلف عمر رضي الله عنه كان سعد يقف على بابه فيقول السلامعليك يا خليفة خليفة رسول الله ورحمة الله حي على الصلاة حي على الصلاة يا خليفةخليفة رسول الله .. .‏ثم إن عمر رضي الله عنه أمر المؤذن فزاد فيها رحمك الله‏.‏ويقال أن عثمان رضي الله عنه زادها . ) ترتب على هذا كما يقول المقريزى تشريع إضافة إسم الخليفة بل والأمراء فى الأذان ، قال : ( وما زال المؤذنون إذا أذنواسلموا على الخلفاء وأمراء الأعمال ثم يقيمون الصلاة بعد السلام ، فيخرج الخليفة أوالأمير فيصلى بالناس .هكذا كان العمل مدة أيام بني أمية ثم مدة بني العباس أيام كانتالخلفاء وأمراء الأعمال تصلي بالناس‏.‏) .أى اصبح الأذان حفل تكريم للخليفة والأمراء .

 

5 ـ وإحتل عمر بن عبدالعزيز مكانة هامة فنسب محمد بن إسحاق هذا الخبر عمّن اسماه ( محمد بن عمارة ) روى إنه قال : ( كنا نؤذن عمر بن عبدالعزيز فى داره للصلاة ، فنقول السلام عليك يا أيها الأمير ورحمة الله وبركاته ، حى على الصلاة ، حى على الفلاح ، الصلاة رحمك الله " وفى الناس الفقهاء لا ينكرون ذلك " ( ابن سعد 5 ، 246 ) . المهم قوله أن الفقهاء لا ينكرون ذلك . وهذا للرد على أى معترض فى العصر العباسى . وفى رواية أخرى يقول ابن سعد أن مؤذن الخليفة عمر بن عبدالعزيز يسلم على بابه : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله ، حى على الصلاة يرحمك الله . ) ( ابن سعد 5 ، 264 )

6 ـ على أن المقريزى ينقل خبرا يناقض هذا وهو أن الأذان فى مصر فى ولاية عمرو بن العاص كان ( لا إله إلا الله ) فقط . ينقل الآتى : (قال أبو الخير‏:‏ حدثني أبو مسلم وكان مؤذنًا لعمرو بن العاص أنالأذان كان أوله لاإله إلا الله وآخره لاإله إلا الله، وكان أبو مسلم يوصي بذلك حتىمات ). إنتهى هذا فى الدولة العباسية ، واصبحت شهادة الاسلام شهادتين وتأسس تقديس النبى محمد وجعلوه إلاها وشريكا لرب العزة جل وعلا فى الشهادة وفى الصلاة ( التحيات ) وصلاة السُّنّة وفى الأذان وفى الحج الى الى المسجد الرجسى المنسوب له ظلما وعدوانا.

ثالثا : الفاطميون والصراع الشيعى السنى  

1 ـ  ثم حدث أول تغيير مشهور فى الأذان فى الدولة الفاطمية الشيعية التى أنشأت القاهرة و الجامع الأزهر، يقول المقريزى عن الابتداع الشيعى الفاطمى : (إلى أن قدم القائد جوهر بجيوش المعز لدين الله وبني القاهرة ، فلما كان في يوم الجمعة الثامن من جمادي الأولى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة صلى القائد جوهر الجمعة في جامع أحمد بن طولون ..وأذن المؤذن : " حي على خير العمل " ،  وهو أول ما أذن به بمصر ... فلم يزل الأمر على ذلك طول مدةالخلفاء الفاطميين) .

2 ـ  ولكن الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله المشهور بتقلبه و حماقاته وإدّعائه الالوهية تلاعب أيضا بالأذان ، ينقل المقريزى (.. إلا أن الحاكم بأمر الله سنة أربعمائة أمر بجمع مؤذني القصروسائر الجوامع وحضر قاضي القضاة مالك بن سعيد الفارقي وقرأ أبو العباسي سجلًا فيهالأمر بترك حي على خير العمل في الأذان ، وأن يقال في صلاة الصبح "الصلاة خير من النوم"،وأن يكون ذلك من مؤذني القصر عند قولهم : السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله ، فامتثل لذلك‏.‏) أى أن قولهم ( الصلاة خير من النوم فى أذان الفجر من اختراعات الحاكم بأمر الله الفاطمى.!. ثم عاد الحاكم الأذان الشيعى لما كان عليه سنة 401 ، ينقل المقريزى : ( ثم عاد المؤذنون إلى قول "حي على خير العمل " في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعمائة.) .  ثم استحدث الحاكم تغييرات وزيادات أخرى عام  405 ، يقول المقريزى :( ومنع في سنة خمس وأربعمائة مؤذني جامع القاهرة ومؤذني القصر من قولهم بعد الأذان : "السلام على أمير المؤمنين "،  وأمرهم أن يقولوا بعد الأذان " الصلاة رحمك الله.".!) . والمفهوم من هذا أن السلطان هو صاحب التشريع ، لا فارق بين خليفة سنى أو شيعى.

3 ـ وإمتد الصراع الشيعى السنى خارج مصر فوصل بغداد ، ونال الأذان منه نصيب ، ففى  سنة 448 انتصر السنة على الشيعة فى بغداد وتحكموا فى أحياء الشيعة فيها وفى مقابر قريش ومشهد العتيقة ومساجد الكرخ ،فأقيم الأذان بشعار السنة " الصلاة خير من النوم " وأزيل ما كان الشيعة يقولونه فى الأذان من " حى على خير العمل " وقلعوا جميع ما كان على أبواب الدور من " محمد وعلى خير البشر " . هذا ما ذكره ابن الجوزى فى تاريخ ( المنتظم 16 /  7 :8 ).

 4ـ  وجاء فى الدولة الحمدانية فى حلب  ابتداع جديد فى الأذان ، يقول المقريزى (وأول من قال في الأذان بالليل : " محمد وعلي خير البشر" ....ابن شكنبة ويقال أشكنبة وهو اسم أعجمي معناه الكرش ، وهو علي بن محمد بن علي بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وكان أول تأذينة بذلك في أيام سيف الدولة بن حمدان بحلب في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة‏.‏قاله الشريف محمد بن أسعد الجواني النسابة ، ولم يزل الأذان بحلب يزاد فيه : "حي على خير العمل" ، و" محمد وعلي خير البشر" إلى أيام نور الدين محمود‏.‏ فلما فتح  ( أى السلطان نورالدين زنكى ) المدرسة الكبيرة المعروفة بالحلاوية استدعى أبا الحسن عليبن الحسن بن محمد البلخي الحنفي إليها ،  فجاء ، ومعه جماعة من الفقهاء ، وألقي بها الدروس، فلما سمع الأذان أمر الفقهاء فصعدوا المنارة وقت الأذان وقال لهم مروهم يؤذنون الأذان المشروع ومن امتنع كبوه على رأسه ، فصعدوا وفعلوا ما أمرهم به، واستمر الأمرعلى ذلك‏.‏ ). أى استطاع الشيعة تغيير الأذان فى الدولة الحمدانية ، وهى دولة عربية قبلية ( نسبة للقبيلة ) وكان هواها مع الشيعة ، فلما تغلب محمود نور الدين زنكى على حلب  تحت شعار مواجهة الصليبيين وارساء المذهب السّنى وحربه للتشيع أقام مدرسة الحلاوية السّنية واستقدم لها الفقهاء السنيين الذين أبطلوا الأذان الشيعى . أى أصبح الأذان للصلاة ميدانا للصراع السياسى بين الشيعة والسّنة

5 ـ  واسقط صلاح الدين الأيوبى الدولة الفاطمية وعاد بمصر الى معسكر السنة أو ( التصوف السنى ) . يقول المقريزى : ( وأما مصر فلم يزل الأذان بها على مذهب القوم ( الفاطميين ) إلى أن استبد السلطانصلاح الدين يوسف بن أيوب بسلطنة ديار مصر وأزال الدولة الفاطمية في سنة سبع وستينوخمسمائة ، وكان ينتحل مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه وعقيدة الشيخ أبي الحسنالأشعري رحمه الله ، فأبطل من الأذان قول حي على خير العمل ، وصار يؤذن في سائر إقليممصر والشام بأذان أهل مكة ، وفيه تربيع التكبير وترجيع الشهادتين ). اى جعل الشهادة شهادتين .!

رابعا : فى العصر المملوكى :

1ـ واستمر هذا طيلة الدولة الأيوبية ، ثم الى الدولة المملوكية التى عاش فيها المقريزى القائل : ( فاستمر الأمر على ذلك إلى أن بنت الأتراك (أى المماليك من سلاطين وأمراء ) المدارس بديار مصر ، وانتشر مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه في مصر ، فصار يؤذن في بعض المدارس التي للحنفية بأذان أهل الكوفة وتقام الصلاة أيضًاعلى رأيهم ، وما عدا ذلك فعلى ما قلنا . ) أى حدث اختلاف فى الأذان السّنى بين أذان مكة وأذان الكوفة.

2 ـ ثم جدّ ابتداع جديد فى الأذان فى العصر المملوكى بعدعام 760 ، أخترعه المحتسب صلاح الدين البرلسى، يقول عنه المقريزى : ( إلا أنه في ليلة الجمعة إذا فرغ المؤذنون من التأذين سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو شىء أحدثه محتسب القاهرة صلاح الدين عبد الله بن عبد الله البرلسي بعد سنة ستين وسبعمائة .‏) أى أضاف هذا المحتسب الصلاة على النبى بعد الفراغ من الأذان ، وجعل ذلك فى ليالى الجمعة فقط .

3 ـ ثم تم تعميم هذا ليشمل كل أذان وليكون فى صلب الأذان وليس خاتمة له . وتم هذا عبر اكذوبة المنامات التى برع فيها شيوخ التصوف، وكان للتصوف سطوته فى العصر المملوكى ، وكان أولياؤه يتمتعون باعتقاد الناس فى خوارقهم وكراماتهم وعلمهم اللدنى ومناماتهم ، وكل الأكاذيب التى ينسبونها لأنفسهم ولأوليائهم. نستكمل ما قاله المقريزى : (. وهو شىء أحدثه محتسب القاهرة صلاح الدين عبد الله بن عبد الله البرلسي بعد سنة ستين وسبعمائة .....فسمع بعض الفقراء ( أى الصوفية ) الخلاطين ( مهاجرون لمصر من بلدة خلاط ) سلام المؤذنين على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة جمعة ، وقد استحسن ذلك طائفة من إخوانه ، فقال لهم : أتحبون أن يكون هذا السلام في كل أذان ؟ قالوا:  نعم . فبات تلك الليلة وأصبح متواجدًا ( أى أخذه الوجد والحال والجذب بزعمهم ) يزعم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه ، وأنه ( أى النبى ) أمره أن يذهب إلى المحتسب فيبلغه عنه أن يأمر المؤذنين بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل أذان . فمضى ( ذلك الولى الصوفى أو الفقير الصوفى ) إلى محتسب القاهرة وهو يومئذ ( نجم الدين محمد الطنبدي ). ويصف المقريزى هذا المحتسب نجم الدين الطنبدى بأسوأ الصفات ، يقول عنه: ( وكان شيخًا جهولًا ، وبلهانًا مهولًا ، سيءالسيرة في الحسبة والقضاء ، متهافتًا على الدرهم ولو قاده إلى البلاء ، لايحتشم من أخذ البراطيل والرشوة ، ولا يراعي في مؤمن إلّا ولا ذمة ، قد ضرى على الآثام ، وتجسد  ( أى تضخم جسده ) من أكل الحرام ، يرى أن العلم إرخاء العذبة ، ولبس الجبة ، ويحسب أن رضي الله سبحانه في ضرب العباد بالدرة وولاية الحسبة ،  لم تحمد الناس قط أياديه ، ولا شكرت أبدًا مساعيه ، بل جهالاته شائعة ، وقبائح أفعاله ذائعة ، أشخص غير مرة إلى مجلس المظالم ( أى حوكم كثيرا أمام مجلس المظالم ) وأوقف مع من أوقف للمحكمة بين يدي السلطان من أجل عيوب فوادح ، حقق فيها شكاته عليه القوادح ، وما زال في السيرة مذمومًا ، ومن العامة ملومًا.! ). وبعد هذا الهجاء المسجوع يذكر المقريزى أن ذلك الشيخ الصوفى ذهب للمحتسب وحكى له المنام قائلا ان النبى ( يأمرك أن تتقدم لسائر المؤذنين بأن يزيدوا في كل أذان قولهم : "الصلاة والسلام عليك يا رسول الله "، كما يفعل في ليالي الجمع، ) . ويقول المقريزى معلقا بعقيدته السنية : (فأعجب الجاهل ( أى المحتسب ) هذا القول ، وجهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمر بعد وفاته إلابما يوافق ما شرعه الله على لسانه في حياته .) . واستمر هذا بعدئذ ، يقول المقريزى : ( فأمر بذلك في شعبان من السنة المذكورة وتمت هذه البدعة واستمرت إلى يومنا هذا فيجميع ديار مصر وبلاد الشام ، وصارت العامة وأهل الجهالة ترى أن ذلك من جملة الأذانالذي لايحل تركه )

4 ـ ثم زادوا فى الأذان التسليم على الأولياء الصوفية الذين يؤمن بهم الناس ، قال المقريزى : ( وأدى ذلك إلى أن زاد بعض أهل الإلحاد في الأذان ببعض القرى السلامبعد الأذان على شخص من المعتقدين الذين ماتوا . فلا حول ولا قوة إلا بالله . وإنا للهوأن إليه راجعون‏.‏). وإنتشر هذا فى الريف المصرى وغيره منذ العصر المملوكى وحتى الآن. 

اجمالي القراءات 5364