العقل والدين
العقل اصل الحكاية

غسان مغارة في الخميس ٢٩ - نوفمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

العقل هو اصل الحكاية 

الدين بسيط فهو المعادلة التي لا تحمل عناصرها تعارض ,هي معادلة تفضي بكل بساطة بعد الفهم والتطبيق الصحيح الى نتيجة واحدة هي مسلم , والمسلم بالمعنى المجرد هي صفة يوصف بها كل كائن مسالم لا يصدرعنه فعل منافي للسلام , ومعنى هذا ان المجتمع الذي يتكون جل اعضاءه من المسلمين هو مجتمع مسالم ويحكمه السلام بكل معانيه , اما العلاقة بين الانسان وربه هي علاقة فوق الدين ومعنى هذا ان العلاقة بين العبد وربه تتكون اولاً ثم يأتي دور الدين لأن الدين بدون معرفة الله لا معنى له  ,لأنه حينئذ لا يتم فهمه ومن ثم يتم تطبيقه خطأ وفي غير مقاصده , فمعرفة الله عز وجل هي القضية الكبرى في هذا الكون  بل هي الأساس والقاعدة الوحيدة التي يتم من خلالها فهم الدين فهماً صحيحاً وهنا يأتي دور العقل الذي وافق الانسان على حمله كأمانة تجعل منه كائن مخيّر وليس مصير فالعقل هو نقطة البدء للأنسان ليبداء به رحلة البحث عن السر الاكبر وهو الله وعلى هذا تجد الإنسان يولد طفلاً مرفوعة عنه كل التكاليف من الله ومن الناس حتى اذا نضج وفرّق بين الخطاء والصواب توضع فوق كاهله تكاليف تناسب مستوى نضجه ,حتى ما اذا بلغ الرشد التام اصبح مسئولا امام الله وامام الناس , ففي كل الاديان السماوية لم يخاطب الله عز وجل الأطفال بصيغة التكليف ,ومن هنا تجد ان العقل هو المستهدف في العلاقة مع الله كما هي مع الناس كذلك يُرفع التكليف عن المجنون فلا حرج عليه ولا تكليف له ,كذلك الناس لا تؤاخذه بسوء اعماله وهذا يدل على ان المستهدف هو العقل والإنسان العاقل هو المسئول امام الله عن معرفة ربه والسير بأتجاهه لملاقاته فيحاسبه ,فكيف يتلقى الإنسان ديناً يتخذه منهجاً للوصول في الله وهو لا يعرف من هو الله ؟ اي بمعنى اخر لا يؤمن بالله لأن الإيمان كمفهوم مجرد لا يصح الا بالمعرفة ,اذاً فكيف تؤمن بإله لا تعرفه ؟ وكيف تعرف الله بدون العقل؟ ابراهيم عليه السلام بحث عن الله في السماء وهو يتأمل فيها ثم اهتدى بالعقل الى الله وعرفه واَمن به وحينها لم يكن للأبراهيم دين يدين به او صلاة يصليها بل كان يظن قبل ذلك ان كثير من الكواكب هي الله ,اذاً فالمعادلة الكبرى والتي نحن احد عناصرها تتكون من الله عز وجل ثم من الانسان والعقل ثم من الدين ,فبدون العقل ينتفي وجود الانسان وتلغى المعادلة اما اذا وجد العقل فهنا يبداء الانسان بالبحث عن المعرفة وعن الله حاملاً معه خريطة الطريق وهي الدين ,الدين نعمة من الله لتسهيل عملية الوصول في الله عز وجل لكن اذا انتفى الدين من المعادلة فلا تلغى المعادلة لأن عناصرها الاساسية تكون موجودة ومن هنا نفهم ان هذه المعادلة الكبرى بسيطة جداً لأنها تتكون من الله والانسان العاقل كأساسين لهذه المعادلة ,فهي انسان عاقل يبحث بالعقل عن ربه وبما ان العقل يعمل في الحق فقط ولا يقبل الباطل تجد ان المنطق هو سلوك العقل كلما غاب العقل غاب الحق فحتى بدون الدين يجد العقل الطرق والدروب المنطقية في تفسيره لقضية الألوهية ويفهمها ويبتعد عن التناقضات والسبل غير المنطقية وبالتالي سوف يهتدي الى الله ,هذا وقد انعم الله عز وجل على الانسان بالدين فالدين هو الذي يسهل على العقل فهم القضايا وتفكيك المعضلات المتعلقة بقضية الإيمان بالله وتيسر على الإنسان كذلك معرفة الأفعال والسلوكيات التي يجب ان ينتهجها الإنسان في طريق السير نحو الله ,وعلى هذا فالدين نعمة وهو عامل مساند وداعم كبير في هذه المعادلة ولكن ليس عنصر اساسي وبالتالي يكون الدين وسيلة او خريطة للوصول في الله لا بد من التمسك بها منطقياً لأنها رحمة من الله للإنسان لا يجوز منطقياً تركها اما اذا كان الدين غير موجود في مكان ما او غير معروف في مجتمع ما  فلا تنتفي المعادلة ايضاً ولا يرفع التكليف عن الإنسان لأن العقل موجود وهو حامل لواء الحق والبحث عن الحقيقة , ومن هذا المنطلق نجد انفسنا امام احدى المشكلات وهي مشكلة التوفيق بين العقل والنقل والذي حسمت فيه اغلب الفرق والطوائف المحسوبة على الدين الاسلامي الاَمر لصالح النقل وغيبت وهمشت دور العقل معتمدة على الاسانيد الموثوقة لديهم .

فيما يبدوا الاَمر برمته تجديف فوق الرمال ليس فيه خطوة واحدة تحسب في طريق الوصول الى الله عز وجل لأن الوثوق والأخذ بالنقل يفتح الباب على حقل اخر مستقل عن الدين يستوعب تحت مسماه تأويلات لا حصر لها وفتاوى لا نهاية لها تبداء في كثير من الاحيان من حيث انتهت في تناقض عجيب يتعجب منه اصحاب العقول النيرة لدرجة استحقار هؤلاء المتبلدين عن طريق الحق وكذلك خرافات مقززة لا يفهم لها معنى الا معنى واحد وهو انك تستمع لمجنون وليس مجنون عادياً بل مجنون يرسم طريق الهاوية للأخرين حقول او مذاهب او اتجاهات سمي ما شئت سني شيعي صوفي وهابي سلفي ووووووو الخ كل هذا وزيادة وهو تغييب العقل لدرجة النفي وكما ذكرنا سالفاً ان غياب العقل يلغي المعادلة ويوقع الانسان في الورطة العظمى وهي عدم معرفة الله ومن ثم عدم الإيمان به وهذا هو الكفر بالله وهو الخسارة الابدية للأنسان وهذا يقودنا اليه الفكر السلفي او الشيعي او اي مسمى لأن الأصل هو لا مسميات في الدين الاسلامي بل هو مسمى واحد ناتج عن تطبيق معادلة الحق اي هو نتيجة تفاعل تلك المعادلة وهي مسمى مسلم ففي العصور الوسطى الاوروبية وبالتحديد في الفترة التي سميت بعصر الاباء والتي سيطر فيها اباء الكنيسة على الفكر الغربي طيلة تلك العصور ولم يسمحوا للإنسان بالتفكير خارج اطار الكنيسة والتي اعتمدت على النقل وصحته نافية اي دور للعقل ,حينها عاشت اوروبا في ظلام وتخلف حتى تحرر الفكر الغربي من قبضة الكنيسة لاحقاً حيث بداء العلم والبحث عن المعرفة وانتهضت اوروبا من مرقدها النتن وصنعت الحضارة التي تستمتع بها البشرية اليوم من كهرباء واتصالات وتقدم طبي وصناعي  وغيرها من العلوم والتي قدمت للبشرية رخاء فكل هذا التقدم نتج عن العقل عندما تحرر وما اشبه اليوم بالأمس فحال امتنا العربية اليوم كحال اوروبا في عصورها الوسطى تلك ,غير ان الذي يقيد فكرنا ويغيب عقول ابناءنا هو المسجد وخطابه الركيك بل والمسموم كما لو كان سلاحاً كيميائياً يسلخ ويحرق ويشوه او ذرياً يغيب اجيال واجيال فالفكر السلفي مثلا ينتشر كالنار في الهشيم شرك وثنية كفر حقد ضلال غباء تردي كل ذلك واكثر عندما يغيب العقل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

اجمالي القراءات 4259