الذكرى 29 لرحيل الرايس الكبير الحاج محمد البنسير اية بصمات و اية ملاحظات؟

مهدي مالك في الأربعاء ٣١ - أكتوبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 

الذكرى 29 لرحيل الرايس الكبير الحاج محمد البنسير اية بصمات و اية ملاحظات؟                                                      

مقدمة متواضعة                                                     

ان فن الروايس في بلادنا يتوفر على تاريخ عميق و على اعلام كبار و تراث موسيقي ضخم من الاغاني و الرسائل ذات وظائف تختلف من جيل الى اخر و من فنان الى اخر الخ...

قد ولد هذا الفن بمنطقة سوس حيث ان مصطلح سوس كان يطلق على مجموع التراب الوطني اي سوس الادنى و سوس الاقصى بل اكثر من هذا توجد الان في تونس الحالية مدينة تحمل اسم سوسة لكن ان الانسان العادي لا يهتم بمثل هذه المسائل التاريخية الحاسمة لان المدرسة المغربية منذ سنة 1956 الى الان ظلت تعلم المغاربة التاريخ الرسمي للمخزن الذي لا يعطي اية قيمة او اهمية لانجازات الامازيغيين طيلة تاريخهم سواء قبل الاسلام و بعده بمعنى ان مصطلح سوس هو مصطلح تاريخي لكن جغرافية فن الروايس تشمل الجنوب المغربي من اقليم اكادير الى  اقليم ورزازات و بالاضافة الى المدن المغربية الكبرى مثل الدار البيضاء الخ بفعل هجرة اهل هذه المناطق اليها. ...

انني بدات افكر منذ سنوات في  كتابة كتابا كبيرا حول فن الروايس في  لكنني احتاج الى باحث في المستوى العالي ليساعدني عبر البريد الالكتروني على انجاز هذا العمل الهام لان فن الروايس هو قمة الاصالة المغربية بابعادها الحضارية و الدينية و الوطنية  حيث ساهم هذا الفن الاصيل منذ قرون عديدة في تشكيل هوية فنية امازيغية في الجنوب المغربي لكن الاشكال الاول بالنسبة لي كباحث متواضع هو متى ظهر هذا الفن تاريخيا بالضبط لكن الثابت بالنسبة للاستاذ الصافي علي مؤمن الذي صرح في سنة 1991 بمناسبة تكريم المرحوم الرايس احمد امنتاك بما معناه ان فن الروايس قد ظهر قرونا ما قبل دخول الطرب الاندلسي الى المغرب  سنة 1492  اثر سقوط غرناطة و للتذكير فقط ان الاستاذ الصافي علي مؤمن هو من بين المناضلين الامازيغيين الاوائل الذين اسسوا الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي سنة 1967 ...

ان الاشكال الثاني بالنسبة لي هو كيف تعاملت الدول الامازيغية مع فن الروايس امام تعدد الروايات من قبيل كان المهدي بن تومرت المؤسس الروحي للدولة الموحدية يحرم الموسيقى بدعوة انها حرام الخ من هذه الروايات التي يصعب التأكيد مدى صحتها من عدمها ...

ان الاشكال الثالث بالنسبة  لي هو جمع قائمة اسماء الروايس الذين يتوفرون على القصائد الحجازية كفكرة راودتني منذ سنة 2010 حيث ان فن الروايس قد اهتم بالدين الاسلامي اكتر ربما من الطرب الاندلسي الذي اصبح يمثل الاصالة الاسلامية المغربية منذ سنة 1956 الى حدود هذه الساعة تحقيقا لسياسة ايديولوجية الظهير البربري المدبرة لحقلنا الديني الرسمي بمعنى ان فن الروايس قد خدم الارشاد الديني بكل ابعاده لكنه ظل يقدم في الاعلام العمومي كمجرد فلكلور شعبي لا قيمة له امام الطرب الاندلسي باعتباره يمثل الهوية الاسلامية المغربية كما يقولون طيلة 61 سنة من الاستقلال الشكلي لكن الواقع التاريخي و الواقع الاجتماعي يقولان  ان الامازيغية بشموليتها هي صلب الهوية الاسلامية المغربية حسب اعتقادي المتواضع  ...

خلاصة القول انني ارحب  باي باحث في المستوى العالي  في فن الروايس يساعدني في انجاز هذا العمل الكبير عبر البريد الالكتروني الذي هو

mehdi1983k@gmail.com 

و لا ينسى الجميع انني معاق لا استطيع النطق على الاطلاق بل اتواصل عن طريق الكتابة عبر الايميل و الفايسبوك ..............

الى صلب الموضوع                                    

بحلول يوم  11 نونبر الحالي سنخلد الذكرى 29 لرحيل علامة فارقة في تاريخ فن الروايس ببلادنا الا و هو الرايس الحاج احجود محمد البنسير الذي اسس مدرسته الفنية على الواقعية و الالتزام التام بمقدسات المغرب الحقيقية من قبيل الملكية و الامازيغية و الاسلام..

لقد ولد هذا الاخير سنة 1939 في احدى قرى اقليم مراكش و دخل الى المسجد قصد تعلم كتاب الله العزيز مثل جميع اطفال بادية سوس وقتها..

و في سنة 1958 دخل رسميا الى الغناء بعد دعاء المرحوم الرايس احمد امنتاك له بالتوفيق في مساره الفني و بعد استفتاء احد علماء الدين بسوس جواز هذا العمل ام لا لان هناك خلاف كبير بين علماء الاسلام حول الموسيقى و الغناء الخ.

ان الظاهر من خلال قصائده الاولى في الاذاعة الامازيغية المركزية بالرباط  حيث لاحظت شخصيا من خلال استماعي لهذه القصائد ان المرحوم كان يحاول ان يكون فقيه يتماشى مع فكر فقهاء اهل سوس السلفي بالطبع بحكم مجموعة من الامور التاريخية وقتها من قبيل ان احد علماء سوس كان وزير الاوقاف و الشؤون الاسلامية في اول الحكومة المغربية بعد سنة 1956  بمعنى ان المرحوم البنسير لم يكن مدركا لمشكل الامازيغية كلغة  و كثقافة انذاك بحكم ان فن الروايس منذ بداية التسجيل على الاسطوانات الحجرية في اوائل القرن الماضي كان يقوم بعدة وظائف في المجتمع من قبيل الارشاد الديني و معاداة الاستعمار و محاربته بالشعر الامازيغي القوي كالرصاص الخ من هذه المواضيع المتداولة في شعر فن الروايس ............

و كما قال الاستاذ محمد مستاوي في كتابه الصادر سنة 1993 حول حياة المرحوم ان البنسير قد هاجر في بدايات  الستينات الى ألمانيا على ما اذكره ثم رجع الى الوطن في اواخر الستينات ثم تعرض لحادثة السير الخطيرة حولته الى معاق مثلي الا انه يتكلم بلسانه  .

انني اعتقد و الله اعلم ان هذه الحادثة قد ساهمت في تغيير اتجاه البنسير  في الغناء من تناول المواضيع العادية لفن الروايس وقتها من قبيل الدين و الغزل الرمزي و مدح السلطة الى مواضيع اكثر جرأة انذاك اي في عقد السبعينات و في عقد الثمانينات من قبيل الثقافة الامازيغية و نقد الفساد السياسي الذي كان اكثر سوءا من اليوم لكن البعض سيقول ان مغرب سنة 2018 لا يختلف كثيرا عن مغرب سنوات الرصاص على كل المستويات و الاصعدة ...... 

  ان ثمار الاستقلال الرمزية و الفعلية تم استغلالها من طرف اهل فاس بصريح العبارة بينما امازيغي المغرب وقتها اي  في عقد السبعينات و في عقد الثمانينات كانوا تحت الحصار بما يحمله هذا المصطلح من المعاني و الدلالات اي كانت السلطة تمنع اي حديث مهما كان عن الثقافة الامازيغية  .

كان المرحوم  محمد البنسير شجاعا للغاية في تلك الظروف الصعبة حيث تطرق الى الثقافة الامازيغية بشكل صريح مستعملا مصطلحات من قبيل الشلوح و تشلحيت لان الحركة الثقافية الامازيغية كانت ممنوعة  من وسائل الاعلام العمومية كالاذاعة و التلفزة على الاطلاق بمعنى ان البنسير كان يلعب دور المناضل الامازيغي عبر قصائده  الغنائية الكثيرة او من خلال سهراته  سواء داخل الوطن او خارجه  حيث تعرض للاعتقال حسب ما سمعته من ندوة على الانترنت حضرها  الاستاذ محمد وخزان و الاستاذ سعيد جليل الخ حيث أكدوا ان لا يوجد اي احد من الروايس الى حد الان قد تطرق الى الثقافة الامازيغية بشكل صريح..

 ان قصيدته الشهيرة و المسماة باكرن اي دقيق كانت قوية تجاه السلطة في سنة 1981 حيث كان موضوعها الاساسي هو انتقاد غلاء معيشة الفقراء في سنوات الجفاف ثم انتقل الى السؤال عن اصلنا الامازيغي حيث قالها صراحة ان ارضنا يعيش فيها الشلوح اي الامازيغيين الخ من هذه المعاني المزعجة بالنسبة للسلطة وقتها و بالتالي فان المرحوم البنسير أزعج السلطة العليا  ....

كما  انتقد المرحوم البنسير في عدة قصائد النخبة الاقتصادية السوسية و المتواجدة في مدينة  الدار البيضاء و في مدينة فاس بسبب انها مشغولة في جمع الاموال دون اي اهتمام بالثقافة الامازيغية .

ان المرحوم البنسير احترم الملكية باعتبارها الضامنة الوحيدة لوحدة المغرب الترابية و استقراره السياسي  حيث غنا اغاني وطنية حول المسيرة الخضراء الخ .

كما اهتم المرحوم البنسير  بالدين الاسلامي كثيرا كغيره من الروايس لاننا نعتبر مجتمع مسلم يحتاج الى الارشاد الديني بلغته الامازيغية و باسلوب معاصر يتعارض مع الخطاب السائد في بلادنا ..

 ان عهد الراحل الحسن الثاني كانت لغة الخطاب الديني هي العربية الفصحى او الدارجة او الفرنسية في منتصف التسعينات عندما اصبحت التلفزة المغربية تبث برامجها في اوربا الخ بمعنى ان  فن الروايس كان يقوم بوظيفة وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية في ايصال الخطاب الديني الى الامازيغيين بلغتهم الجميلة لكن الاشكال العويص بالنسبة لي هو متى تعترف  نخبتنا الدينية الحالية  بكون الامازيغية بشموليتها هي ثقافية اسلامية مغربية؟

ان الحديث عن الشعر الديني لدى المرحوم البنسير هو حديث طويل للغاية لكني ساعطي بعض الملامح باختصار شديد حيث دعا في سهراته في فرنسا على وجه الخصوص ابناء الجالية المغربية الى الالتزام بفرائض الدين الاسلامي كالصلاة الخ و كما دعاهم الى الاستثمار في وطنهم الام المغرب لان فرنسا تتوفر على ابناءها و غنا عن مدينة القدس باعتبارها تحتضن  على المسجد الاقصى الخ من هذه الامور المتعلقة بالارشاد الديني المحمود في اي  مجتمع اسلامي مادام لا يدعو الى الارهاب او الى قتل الامازيغية تحت مبرر ديني..........

اما موقف البنسير من المراة فانني اعتقد ان البنسير هو رجل تقليدي اي انه ينظر الى المراة نظرة تقليدية شانه في ذلك شان اغلب رجال المغرب في الماضي و الان مع الاسف الشديد لان المخيال الشعبي قد اختزل دور المراة في طاعة الاب او الزوج المستبد في الغالب الأعم حيث ان عاش البنسير في العصر الذي كانت فيه المراة الامازيغية بسوس بعيدة كل البعد عن مجالات الحياة العامة كالسياسة او النضال الامازيغي الخ لكن ظلت المراة الامازيغية بسوس حاضرة في فن الروايس بالقوة انذاك بحكم ان المجتمع السوسي رغم قيمه المحافظة لا يمانع من ممارسة المراة لمهنة فن الروايس  ...

و بالاضافة الى ان البنسير قد تعامل مع النساء كراقصات و كشاعرات حيث علم العديد من الرايسات و اعطى نصائحه لهن في سهراته امام الجمهور بمعنى ان المرحوم البنسير كان بالنسبة لهن بمثابة معلم و فقيه....   

مهما قلت عن هذا الرجل المناضل في عصره فلن استطيع ان اعطي حقه لان البنسير استطاع بالرغم من اعاقته الحركية ان يكون علامة فارقة في تاريخ فن الروايس ببلادنا لكن بعد مرور 29 سنة على رحيله لن نجد اسمه في احد شوارعنا او احدى مؤسساتنا الثقافية لاننا لا نتوفر على حزب امازيغي قانوني بعد حيث ان العمل الثقافي الامازيغي طيلة نصف قرن لم يستطيع فرض رموز الثقافة الامازيغية على ارض الواقع بينما ان احزاب القومية العربية و الاسلام السياسي استطاعت فرض رموز الثقافة المشرقية في التعليم و في الاعلام و في شوارعنا بدليل فضيحة اطلاق 40 اسم فلسطيني على شوارع مدينة اكادير اي نحن بعيدين كل البعد عن فرض رموزنا الثقافية و الدينية و السياسية على ارض الواقع بعد مرور 51 سنة من النضال الامازيغي...

و تبقى ملاحظة اخيرة حول جراة فن الروايس بين الامس و اليوم حيث عاش البنسير في عهد الراحل الحسن الثاني و المتميز بقمع حرية التعبير الى ابعد الحدود بحكم ان الاعلام ببعده المكتب و السمعي البصري وقتها كان تابع للمخزن و سياسته التعريبية بينما هناك الان هامش كبير من حرية التعبير في تناول اي موضوع سياسي كان او ديني الخ طبعا مع الاحترام التام للملكية و الوحدة الترابية و الاسلام.

غير انني لاحظت ان فن الروايس قد تراجع عن جراته المعهودة مع الرايس المرحوم البنسير في تناول قضايا الساعة كالفساد السياسي و الاوضاع الاجتماعية الخ حيث لم اسمع مثلا ان رايس معين او رايسة معينة قد غنا قصيدة و لو واحدة عن حراك الريف كحدث سياسي بارز منذ عامان على الصعيد الوطني ...

و كنا ننتظر ان تصدر هذه المبادرة من طرف بعض الروايس المعروفين او الرايسات المعروفات بنضالهم الامازيغي منذ كنت صغيرا في عقد التسعينات لكن لم تصدر هذه المبادرة لاسباب متعددة من قبيل انخراطهم في الاحزاب السياسية و جلوسهم في كرسي البرلمان حيث لست ضد احد من الروايس او الرايسات بل انني اعبر عن ملاحظاتي في مناسبة مرور 29 سنة على رحيل المرحوم الرايس و المناضل الامازيغي الحاج محمد البنسير ............................

المهدي مالك                                 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 4303