"الخيار" فى الامة العربية

محمد حسين في الأربعاء ٣٠ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً


تطرق الى ذهنى صورة جميلة لكلبين جربانين يتسابقا على العضمة عندما يقولوا او يكتبوا عن السباق السعودى المصرى فى الزعامة الاقليمية .... التى انا شخصيا لا اعلم اى زعامة تلك او على ماذا او ما هى مميزاتها .... او من الجائز ان اكون جاهلا كعادتى لا اعى شيئا لأن النظر خداع وعقلى الملغم بالعربية والعروبة اكاد دائما اصطدم به كلما شعرت انى افهم شيئا او اعى شيئا .... اللهم الا اذا كانوا يريدون الاشارة الى التحدى الذى فرضه العقد الذى ابرم بين مصرنا وسعوديتنا على ارسال 120000 خادمة مصرية سن&aويا الى السعودية .... من الجائز ان يكون هذا التحدى من النوع "الخدامين عندى كتير وبيكتروا بس انت بترولك هيخلص اما نشوف هتدفع منين" .... وهذا وارد فى امتى وعالمى العربى الفريد من نوعه .... فما كثرة الخدامين عندنا وما اكثر الكروش عندهم ، ويالا رزق الهبل على المجانين ....
ماذا هناك للزعامة ، الشعوب وقد اصابها الكرم بذهاب عقلها ، لانها كانت تحسب على الارض امة ، والخيار الاستراتيجى لم يعد نافعا للسلطة السياسية فى امتى .... وقد اقترحت على صاحبى ان نستبدل الكوسة والخيار الاستراتيجى بالأتة ، لان وضع الثقب السياسى فى امتى اصبح متسعا ولا يكفيه الخيار ، فالأتة اكبر واطول وقدرة احتمالها تفوق الخيار بكثير .... نظرا لأن اخر دراسة عربية اثبتت عدم كفاءة الخيار فى الاستراتيجية ، وعلى المدى القريب سوف تصبح الفوهة اصعب من ان يسدها الخيار "الاستراتيجى" مع التوقع شيه الاكيد بزيادة الثقوب المحتملة واتساعها فى نفس الوقت ، مما يستلزم النظر بجدية للأتة "وما يمنعش لو فكرنا فى البطيخ" .... وانا رأيى من هذا الرأى نظرا لاننا لازلنا نحتفظ بدستورنا العربى الذى يحمل فى اول مواده مادتنا الرئيسية وهى "كله عند العرب شامبو"....

وامتى لها باع طويل فى الخيار .... فقد كنت من المحظوظين الذين عاصروا فتوى بتحريم "الخيار" مستندين فى القول على الجملة القائلة بانه "لا خيار فى الدين" .... وقد ذهبت اقاويل عدة فى التأويل والتفسير ولكنى لم اكن مقتنعا تماما بها .... ولان ربى يعلم انى رجل "غلبان" فقد اتاح لى العيش حتى ارى الحلقة المفقودة فى المعادلة الصعبة .... فقد ظهر مصطلح "الخيار" فى السياسة .... ولأنهم يقولون انه لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة ، ولانهم يقولون بالخيار فى السياسة فإنه بالتالى لا "خيار" فى الدين ....

وقال لى صاحبى وهو يحاورنى انه كان يشاهد احدى برامج التليفزيون وكان مقدم البرنامج يستعرض بعض من الصور التى التقطت فى شوارع المحروسة ، واستوقفنى صورتين ، احداهما توضح اشارة مرور وكانت كل مصابيحها الخضراء والصفرا والحمراء مضاءة وكأنما ترك الامر للمواطنين يختارون كيفما شاؤوا ، واخرى وقد كتب على صندوق القمامة وقد كانت القمامة تكاد تنزلق من على قمة الصندوق "من فضلك اترك الصندوق مكانه ولا تعرض نفسك للضرب". فاعتلت الضحكات جنبات المكان كالعادة ، وهو نوع اخر من الضحك اسميه منتهى المبكيات ، فالضحك فى تلك اللحظة هو ناتج عن صدمة عقلية ناتجة عن مشاهدة او الاستماع الى ما يقبله العقل ، فيتعدى مرحلة الحزن او البكاء متخطيا حتى يبدو وكأن الانسان "شارب" ، ولهذا نرى فى شوارعنا وحوارينا ومناطق المحروسة الناس سكارى وماهم بسكارى ، ان ضحكوا لا تعرف لماذا وان بكوا لا تريد ان تعرف لماذا .... لأن البكاء والضحك فى الحالة الحالية لأمتى ليس له اى تعريف او علامة واضحة لأن "الهبل" اصبح جزء لا يتجزأ من وطنى وأمتى ....
ولكننى تذكرت مبدأ "الخيار" السارى فى امتى فبادرته بالقول: يا عزيزى الم تكن لتعلم بمبدأ "الخيار الاستراتيجى" ، فؤد صاحبى: نعم اعلم ، فقلت له ان هذا هو احد انواع ممارسة "الخيار" فى امتنا وبلدنا على الاخص ، ولكى يشعر المواطن بأن "الخيار" ملموس فى حياتنا ونمارسه ممارسة فعلية حتى فى الشوارع ....
*****
اعجبت بمقالة لرجل صحفى اعتز به وقد قال فيها ان امتنا كما تبرع دائما فى النفيس من الارذال فإنها برعت فى النفاق بما ان جذوره عربية خالصة ، لم يكن لأى امة اخرى السبق فى هذا .... فالأمم السابقة كان بها نوعين لا ثالث لهما الا وهما الكفار والمؤمنون ، اما فى أمتنا ظهر نوع ثالث فريد وهو المنافقون .... وقد دفعنى هذا للبحث فى الكتب السماوية على قدر ما استطعت .... وبحثت حتى توقف عقلى .... وقد اكتشفت اكتشافا فريداَ ، على حد علمى وعلمه ، فى اننا فعلا مخترعون اصليون لمبدأ النفاق ، والمنافقون ظهروا فى أمتى وبرعوا فى امتى وحكموا فى امتى وساقوا المقادير فى امتى .... والحق اقول ان دهشتى عجزت امام ذلك الفصل فى القول عن النفاق .... فالمحسوبية والمظاهر والضحكة الصفراء كلها الفاظ عربية خالصة .... وكلها تدور فى فلك النفاق والمنافقين .... والأمثلة العربية فى ذلك –وبخاصة المصرية- لها باع طويل ، مثل المثل القائل "اللى النهاردة ماتحتاجش لوشه ، بكرة تحتاج لقفاه" .... 

وقد جال بخاطرى شغل المظاهر فى امتى .... وتذكرت شهر رمضان مثلا او الحج .... فشهر رمضان فى امتى تحول من شهر مبارك كرمه الله الى صورة بشعة من صور النفاق .... فتتحول الجوامع الى اسواق تكاد لا ترى فيها "خرم ابرة" وتكثر فيها العبادات وكل ماتشتهى نفسك من اوجه الايمان الزائف المقنع .... وما ان ينتهى الشهر حتى تعود ريمة وسيدة ونفيسة وعزيزة وعلى وعباس وكله الى عاداتهم القديمة وقد ضربوا ابرع الامثلة فى النفاق حتى مع الله ....
ويذهب الحاج الى بيت الله وفى مخيلته انه يفعل المعاصى ويذهب ثم يعود ويرتكب المعاصى ويعود تارة اخرى وهكذا وكأنه يقدم رشوة الى الله وينافقه .... او فى انبل الخلق يذهب حتى يقال له يا حاج ويصبح قديسا .... فما ان تنتقده او تقول شيئا رأيته عليه حتى يبادرك الاخرون "يا راجل حرام عليك ده حاجج بيت ربنا" وكأن حج بيت الله هو زينة للنفاق ....
وقد برع العرب فى هذا النفاق حتى فى شعرهم الذى قيل عنه شعر المديح ، ولعل المتنبى وجرير امثلة حية على ذلك .... وختمها المصريون بامثلتهم الشعبية وقد حولوا الوصف بدقة متناهية الى الجملة القائلة "كدابين الزفة" .... وقال عنها نزار "يصلون ويزنون" .... وانا اقول له: ياعم نزار ، يصلون يزنون ماتدقش ، كله عند العرب صابون ...!!!
****
ايا كانت درجة الصدق فى المقالة التى نشرتها جريدة المصرى اليوم فى نشرها لحوار الخبير السياسى جون برادلى ، فقد ارتأيت ان لا امر عليها مرور الكرام كعادتى البذيئة التى لا استطيع الاقلاع عنها فى قراءة الصحف المصرية والتفكر فى احوالها. ولم يكن جون برادلى هو صاحب السبق فى هذا ، ولكن كعادتنا كصحف مصرية اصبحت "ملقف" للاخبار بعد بوارها فانها فى العقود الثلاثة الاخيرة تستطيع القول انها تاتى بالاخبار الطازجة "كمعيار مقلوب من معاييرنا المصرية" اذا كانت تلك الاخبار مر علياه شهرين على الاقل. فقد تم نشر هذا على لسان راشيل برونسون ايضا وغيرهما ، وهذا تقرير تم نشره على حد علمى مابين يونية ويولية فى 2005 وهذا تقرير لهما تم نشره عن طريق ما يسمى بملتقى السياسة الخاصة. وعلى العوم فاننى اقول لهما مرحبا بكما يا اولاد العم السام ، كعادتكم دائما ، فى نادى القضاة والجلادين ، نادى من يصفون الداء ولا يصفون الدواء ، نادى المكلمة .....!!!
كنت اعتقد انى قد اصبت ، او احقاقا للحق قد اصاب استاذنا نجيب محفوظ –رحمه الله- عندما وصفهم بحارة الجرابيع ، ولكنه لو كان تريث لكان وصفهم بالخدامين ، ايضا ، حارة الخدامين مش بس الجرابيع يا عم نجيب ....
****
كلمة:
كلما اطلعت على الجرائد المصرية ، ارى مانشتات المدح حركات البيع "على ودنه" واللى شغالة فى مصر ، اتذكر قول الفنان سعيد صالح عندما قال "كل اما تتزنق اقلع" وحكومتى ، تماشيا مع مبدأ النيولوك ، قد حولتها الى "كل اما تتزنق بيع" .... !!!

اجمالي القراءات 11627