الحجاج لعنة الأمويين

شادي طلعت في الخميس ١٢ - يوليو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

بعد مقتل الإمام الحسين إبن علي إبن أبي طالب، رضي الله عنه، عام 61 من الهجرة، خرج شخص يدعى "المختار الثقفي"، وجذوره من ثقيف بالطائف، مردداً "يا لثأرات الحسين"، وكان المختار الثقفي، أحد المبايعيين لخليفة الدولة الزبيرية "عبدالله إبن الزبير"، وقد نال المختار الثقافي، من قتلة الحسين إبن علي، فقتل منهم الكثير.
 
بيد أن الزبيريين، وعلى رأسهم خليفتهم "عبدالله إبن الزبير"، رأوا أن المختار الثقفي، رجل ثقيف الكذاب المبير، فأمر خليفتهم، أخاه مصعب إبن الزبير، الذي كان والياً على العراق، بقتال المختار الثقافي !، حتى تحقق لـ مصعب إبن الزبير النصر، فقام بقطع رأس المختار الثقفي، وأرسلها إلى الخليفة، "عبد الله إبن الزبير"، كما أرسل إليه يستشيره في قتل زوجة المختار الثقفي "عمرة بنت النعمان"، لأنها أبت أن تنعت زوجها بالكذاب !، وقالت عنه أنه كان رجلاً صالحاً، وإذا بالخليفة "عبد الله إبن الزبير"، يأمر أخاه مصعب والي العراق، بقتل زوجة المختار الثقافي، من دون ذنب يذكر !؟.
وبمقتل المختار الثقفي، ظن الزبيريين، أن الخطر القادم من بني ثقيف بالطائف قد إنتهى، فلم يحكموا بالعدل الذي أمر الله به.
 
وكانت ولا زالت العصبية والعنصرية، تسري في دماء العرب، فلم يتخلوا عنها، إلا في عهد الرسول (ص)، وعهد الخلفاء الراشدين فقط !، وحتى مع إختفاء صفة الجاهلية تلك، حتى العام 40 من الهجرة، بيد أنها لم تمت، بل ظلت كامنة داخل كل نفس عربية مريضة.
فوصفوا أهل الطائف بأبشع أوصاف المعايرة، والذل، فقالوا عنهم : 
"قصار الخدود، لئام الجدود، سود الجلود، بقية ثمود"، هذا بخلاف محاباة أهل مكة، والمدينة، وغيرهم، عن أهل الطائف، التي لم ينسى لها باقي العرب أنها آذت الرسول (ص)، عندما لاذ بها.
 
وكان في وصف أهل الطائف بسوء الخلقة، واللؤم، والسواد، وإنسابهم إلى الفاجرين، أثر سيئ وقع في نفس "الحاج إبن يوسف الثقفي"، فنفر من أهل مكة، وكره حياة الذل في الطائف، فركب قاصداً "الدولة الأموية"، والتي كان مقر حكمها الشام، وكانت تضم (الشام - فلسطين - مصر). وخليفتها "عبد الملك إبن مروان".
تاركاً، ومودعاً لـ "الدولة الزبيرية"، والتي كانت تضم (الحجاز - العراق)، وخليفتها عبد الله إبن الزبير
ففي تلك الفترة عاش الحجاج، المولود عام 43 من الهجرة، فامتلأ قلبه بالحقد والكره على الدولة الزبيرية، حكاماً، وشعباً، فغادر الحجاز متوجهاً إلى الدولة الأموية، قاصداً "عبد الملك إبن مروان" خليفتها الكاره أيضاً للزبيريين.
وعزم الحجاج أن يبلغ العلا في عند الأمويين، نعم .. رحل فقيراً لا يملك شيئاً من مال، ولا له حسب ونسب يوقره به الآخرين، لكنه ذهب للخليفة الأموي، ومعه حسم على التصدي للزبيريين، وعزم على إفنائهم، فقد إمتلأ قلبه بكرهه لأي دولة إسلامية بإستثناء "الدولة الأموية".
 
 وظل الحجاج يتملق للخليفة في حضرته، فشهد معه غزوه العراق، وتلاقى الجيش الأموي بقيادة "عبد الملك إبن مروان"، مع الجيش "الزبيري" بقيادة "مصعب إبن الزبير"، وكانت الغلبة للأمويين، ومر الحجاج بقطع رأس "مصعب إبن الزبير"، ومن كان مصعب هذا : 
1- إنه إبن الزبير إبن العوام، حواري رسول الله (ص).
2- إبن ذات النطاقين "أسماء بنت أبي بكر الصديق".
3- شقيق عبد الله إبن الزبير، خليفة الدولة الزبيرية.
4- زوج السيدة/ سكينة بنت الحسين إبن علي إبن أبي طالب.
ومع كل ما ذكر عن مصعب، إلا أن الحجاج قطع رأسه !.
 
وبعد حرب العراق، إذ بـ "عبد الملك إبن مروان"، يبعث بالحجاج على رأس جيش، للقضاء على الدولة الزبيرية بمكة، ليرجع بأحد أمرين : 
الأول/ إعطاء الأمان لـ عبدالله إبن الزبير، بشرط مبايعة البيت المرواني بالخلافة.
والثاني/ بالحرب في حال رفض عبد الله إبن الزبيرعرض الأمان، وقطع رأسه.
لكن ... رفض عبد الله إبن الزبير الأمان، وكانت الحرب، فحوصرت مكة لسبعة أشهر، حتى قطعت الإمدادات عنها، وضاق الحال بأهلها، حتى دخلها الحجاج، وقتل خليفتها عبد الله إبن الزبير، وقط رأسه وأرسلها إلى الخليفة الأموي، كما صلب جسد إبن الزبير بدون الرأس، ليكون السفاك السفاح، غير معتبر لأسماء بنت أبي بكر، وكانت حجته في ذلك أنه مأمور من الخليفة الأموي، وأن سعيه ليس إلا توحيد الدولة الإسلامية.
أما عن القول بأن الحجاج قد قصف الكعبة بالمجانيق، فهو أمر مشكوك فيه، ذاك أن الرجل كان مسيطراً على الأخشبين .. الجبلان المطلان على الكعبة المشرفة، كما أن الحجاج كان الحافظ للقرآن، ومعلم الصبيان، فلا داعي لأن يقوم بقصف البيت العتيق، لذا لا ريب أن الروايات التي قالت عنه ذلك، كانت مدعية لتشويه صورته.
 
تولى الحجاج فيما بعد، ولاية العراق، ودامت ولايته لها قرابة العشرين عاماً، من العام 75 : 95 من الهجرة، وبنى بها مدينة واسط، والتي مات، ودفن بها عام 95 من الهجرة.
 
أهم صفات الحجاج :
"الحقد - الكره - الحسد - شدة الحسم - قوة العزم - شدة البأس - الولاء للخليفة الأموي وحده دون سواه".
 
وأخيراً :
- لم يكن الحجاج بفارس، أو مقاتل، ولا هو بالداهية، أو رجل سياسة، بل كان رجل ذو سلطة ممنوحة من الأمويين، ليس أكثر.
- ولم يكن الحجاج فاتحاً في الإسلام، فكل ذلك نسب إليه كذباً وزوراً وبهتاناً، فمنذ متى والحجاج يحمل سيفاً ويذهب ليحارب به !.
- كافة الفتوحات يجب أن تنسب لقادتها، وليس إلى رجل ما كان إلا لعنة، رمى بها الأمويين معارضيهم في الداخل، وليس الخارج.
ما كان الحجاج بمنطق اليوم، إلا أداة شرطية، تسجن وتقتل كل معارض، كان لعنة الأمويين، التي رموا بها المعارضة، لتتحمل فيما بعد سوءات تاريخهم الأسود.
 
وعلى الله قصد السبيل
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 7298