المهزوم نفسياً المأزوم فكرياً لا ينتصر كروياً

خالد منتصر في الأربعاء ٢٠ - يونيو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

ليس جلداً للذات أن نناقش أسباب هزيمتنا، وليست ضربة فى «كلوب» الأفراح أن نراجع موقفنا حتى ولو بقسوة، لن نلطم الخدود أو نشق الجيوب ولكننا سنفتح العقول ونحرر أنفسنا من الأوهام والخرافات، بالفعل كل الدول تتلقى هزائم، وطبعاً كل المنتخبات تتعرض لهزات وزلازل، لكن المهم أن تكون بذرة التغيير موجودة، وشفرة الحل متاحة، وباسوورد الإصلاح فى متناول اليد والعقل، وتكرار نفس الخطأ بنفس الآلية غير مسموح به، الهزيمة لم يكن سببها الأقدام لكن السبب الحقيقى العقول التى تزيف الأحلام وتنسج الأوهام، عقول تفكر بالتمنى لا بالواقع، الهزيمة لم تكن مصرية فقط والنكسة لم تكن متعلقة بساكنى ضفاف النيل فقط، لكن الهزيمة كانت عربية والنكسة من المحيط إلى الخليج، نفس الأخطاء بل نفس الخطايا، كنا متشابهين كفرق عربية تشابه العيون اليابانية، افتقاد روح القتال حتى اللحظة الأخيرة، التواكل، الأنانية، رداءة اللمسة الأخيرة، عدم الثبات الانفعالى، غياب التأهيل النفسى، اللاتجانس، فقدان التركيز.. إلخ، أمراض شكلت الملامح الرئيسية لدمامة الوجه الرياضى الكروى المصرى والعربى، لكن قراءة هذا الأمر الذى يراه معظمنا رياضياً قراءة فلسفية علمية، هو احتياج ضرورى وملح للخروج ليس فقط من أزمتنا الرياضية ولكن للخروج من أزماتنا كلها على كل الأصعدة وجميع الأشكال وكل الأصناف، الشعوب المهزومة نفسياً المأزومة فكرياً لا تنتصر كروياً ولا تتفوق اقتصادياً أو سياسياً أو اجتماعياً أو علمياً، الهزيمة النفسية تأتى من أننا شعوب لا تتقن فن الحياة لأنها تحترف إدمان الموت، الحياة لدينا مجرد جسر مؤقت وتجهيز عاجل متسربع للموت، ثقافة تحتقر الجسد الذى هو المادة الخام للرياضة، ثقافتنا ثقافة جنازات لا إنجازات، دموع عزاء لا ابتسامات بهاء وانتشاء، أهى عيشة والسلام وعشق الجسد فانى، الجسد عبء وعورة وليس طاقة إنتاج أو نافذة بهجة، هذا المهزوم نفسياً من الممكن أن ينقذه المنهج العلمى لكنه مأزوم فكرياً أيضاً، فقد ضغط على زر إغلاق و«ديليت» العلم وفتح كل نوافذ الخرافة والوهم على سطح حاسوبه العقلى المعطل المبرمج على الانسحاق والقمع والرعب من طرح الأسئلة، المباراة عنده هى نزوة وغزوة، يدخلها بالبركة والدعوة والخوف من الحسد وانتظار فك العمل والخوف من النحس، الجميع اتجه لتحويل الرياضة إلى علم له قواعده ومعاييره، لكننا ما زلنا فى مرحلة الرقية الشرعية لإنقاذ المنتخبات القومية!، برغم أننا نعرف أن الإنجاز فى الأخذ بالأسباب وليس بالتواكل وأنه «قل اعملوا» وليس «اكسلوا» أو «تواكلوا»، برغم أننا نعرف كل هذا ونردده إلا أننا ما زلنا نجهل أن الأهداف فى كرة القدم تصنعها الركلات لا الركعات، وما زلنا واقفين عند مرحلة «منتخب الساجدين» واكتفينا بالشكل الحركى الطقوسى ولم ننتبه للأمر الإلهى الأول «اقرأ»، قراءة كتاب الحياة والدنيا بالعمل وبالتدبر وبالكد وبالكدح، المأزوم فكرياً يفتقد إلى الجدية، يفضل أن يتصور سيلفى فى الفندق ويعمل شات على دكة التدريب ويهزر على الإنستجرام بينما يتكاسل عن أن يسأل ويبحث عن نسبة الدهون أو كتلة العضلات أو قوة الاحتمال أو عدد نبضات القلب أو سرعة الاستجابة العصبية العضلية.. إلخ، لذلك فقرار الانتصار لا يحتاج إلى توقيع وزير الرياضة ولا يحققه تغيير اتحاد الكرة، وإنما يحتاج إلى تغيير المنظومة الفكرية والثقافية لشعب كان كل ما يشغله قبل كأس العالم قضية صيام محمد صلاح!.

اجمالي القراءات 4325