بين النذر والصدقة

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٣٠ - أبريل - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

 بين النذر والصدقة

مقدمة :

1 ـ سؤال ( تعرضت لأزمة فنذرت لله سبحانه وتعالى إن نجانى منها سأتبرع بمبلغ من المال لوجه الله . ثم نجانى الله سبحانه وتعالى من هذه الأزمة . وجمعت المال وأعطيته صدقة لأقاربى لأنهم اقرب الناس لقلبى وهم الأحق من وجهة نظرى  . ولكن قال لى أبى : ان الصدقة غير النذر . فهل هذا صحيح ؟ ولو كان صحيح ماذا افعل ؟ هل اعيد تقديم النذر . والى من أقدم النذر ؟ أنا وأبى من قراء موقعكم . وبحثت فيه عن موضوع كتبته حضرتك عن موضوع النذر . أرجو أن تجيب على سؤالى بدون ذكر الاسم . وشكرا )

2 ـ وأقول :

أولا : إحابة سريعة عن سؤالك :

1 ـ الانفاق فى سبيل الله غير النذر،هما منفصلان. قال جل وعلا :( وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (270) البقرة  ). الانفاق فى سبيل الله جل وعلا شىء ، والنذر فى سبيل الله جل وعلا شىء آخر . 2 ـ الانفاق نوعان :

2 / 1 : جهاد فى سبيل الله بالمال دفاعا عن دينه فى الدعوة وفى القتال الدفاعى ، وهو المُشار اليه فى قوله جل وعلا : (هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد ) (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8) الحديد ) ( وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11)  الحديد ) (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) البقرة )

2 / 2 : إنفاق بالصدقات : وهو أيضا نوعان :

2 / 2 / 1 : الصدقة الفردية ، ومستحقوها جاء فى قوله جل وعلا : (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) البقرة). المستحقون هنا ممّن يعلمهم المتصدق من والديه وأقاربه ومن يعرفهم من اليتامى والمساكين وابناء السبيل .

2 / 2 / 2 : الصدقة الرسمية التى تجمعها الدولة الاسلامية ، ولها جهاز يجمعها ويقوم بتوزيعها هم العاملون عليها ، وهم لهم نصيب مقرر مما يجمعون ، وعن مصارفها يقول جل وعلا : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) التوبة ) 

3 ـ الإنفاق بالصدقة وفى سبيل الله جل وعلا فرض  مُلزم عن كل مال أو دخل يأتى اليك ، يجب عند مجيء هذا الدخل إخراج حقه، قال جل وعلا عن صفات المتقين : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) البقرة ) ، وقال جل وعلا عن موعد إخراجه : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ) (141) الانعام)

4 ـ أما النذر فهو عام لا يقتصر على المال السائل أو الأشياء العينية ، ممكن أن تنذر أن تصوم أو أن تصلى ، أو تحج زيادة على الفرض ، أو تقوم بعمل خيرى ، أو تقدم مالا أو جهدا تطوعيا .

5 ـ والنذر إلتزام شخصى يعاهد به الفرد ـ بحريته الشخصية ــ ربه جل وعلا .وإذا نذر لربه جل وعلا شيئا فلا بد أن يوفّى به .

6 ـ وطالما أنك نذرت هذا المال لله جل وعلا فيجب أن يكون فى مرضاته جل وعلا دون أى عواطف أو أى هوى شخصى . أقاربك لهم حق فى الصدقة الفردية . أما هذا النذر فيجب تقديمة الى أفقر الفقراء ، أو الفقراء المرضى ، ليس مهما أن يكونوا من الأقارب أو غيرهم . المهم أن يكونوا الأكثر إحتياجا . وهناك آلاف حولك هم غاية فى الفقر ، منهم مساكين يأكلون من الزبالة وينامون فى العراء ، وهناك مرضى لا يجدون الدواء ، ومنهم من يتكدس أمام المستشفيات العامة يرجون الرحمة ، ولا يرحمهم أحد . لا تنسى قوله جل وعلا : ( وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (270) البقرة ). فهو جل وعلا  : (يَعْلَمُهُ )، وبالتالى فإن من يعلم الله جل وعلا عدم وفائه بالنذر أو بالانفاق فى سبيله جل وعلا فما : (لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ).

ثانيا : النذر لله جل وعلا قبل نزول القرآن الكريم

1 ـ بدأ هذا مع أول ذرية لآدم ، حين كان له إبنان، قدما لرب العزة نذرا ( قُربانا ) ( يتقربان ) به له جل وعلا ، فتقبل الله جل وعلا من أحدهما ، ولم يتقبله من الآخر ، فحسد الأخير على أخيه فقتله ، فكانت أول جريمة قتل فى تاريخ البشرية  بسبب هذا النذر أو القربان ، قال جل وعلا : ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ (27) المائدة )

2 ـ وذكر رب العزة جل وعلا أن إمرأة عمران نذرت لربها ما تحمله فى بطنها ، ودعت ربها جل وعلا أن يتقبله . وولدت مريم . قال جل وعلا : ( إِذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) آل عمران ).

3 ـ وشاء الله جل وعلا أن تحمل مريم بلا زوج ، وولدت المسيح عيسى ابن مريم ، وقيل لها : ( فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنْ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً (26) مريم ). هنا نذر بالصوم للرحمن جل وعلا وبعدم الكلام مع البشر .

ثالثا :  تشريعات النذر فى القرآن الكريم :

1 ـ هناك نذر تطوعى ، كأن تقول : ( نذرت أن اتبرع لوجه الله جل وعلا بكذا ) وهناك نذر مشروط ، كان تقول : ( نذرت أن أتبرع لوجه الله جل وعلا بكذا إن حصل كذا ) . فى الحالتين يجب الوفاء بالنذر .

2 ـ الوفاء بالنذر وتقديم الصدقة من صفات الأبرار ، قال عنهم جل وعلا : ( إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً (5) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً (9) الانسان ).

3 ـ عدم الوفاء بالنذر جريمة كبرى ، لأنها إخلال بالعهد مع الله جل وعلا ، خصوصا مع النذر المشروط . حين تقول : ( نذرت لو أعطانى الله جل وعلا مليون دينار أن أتبرع بنصفها لوجهه جل وعلا ) ثم أعطاك الله جل وعلا هذا المبلغ فحنثت بالنذر فقد وقعن فى خيانة العهد مع الله جل وعلا ، وإن مُتّ دون الوفاء بالنذر ستقابل ربك بقلب منافق تخلد به فى الجحيم . هذا بالضبط ما حدث لبعض  الصحابة، كانوا فقراء  فنذروا إن أفاض الله جل وعلا عليهم من المال سيتصدقون منه وسيكونون من الصالحين  ، فلما حقّق الله جل وعلا أمنيتهم بخلوا بالمال ، حتى لم يُخرجوا عنه الصدقة ، فعاقبهم الله جل وعلا بنفاق تركز فى قلوبهم ، عاشوا به وماتوا به وسيحملونه الى يوم الحساب ، فقد أخلفوا عهدهم مع ربهم جل وعلا ، وهم لا يعلمون أن الله جل وعلا يعلم سرّهم ونجواهم . ذكر جل وعلا قصتهم لنتعظ بها : ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (78) التوبة )

4 ـ النذر المحرم : الأصل فى النذر أنه قربان ، أى يتقرب به المؤمن الى ربه جل وعلا ، وبالتالى يجب أن يكون النذر :

4 / 1 : فى الطاعة وليس فى المعصية ، فلا تنذر أن تفعل شرا أو أذى لأحد.

4 / 2 : أن يكون خالصا لوجهه جل وعلا ، فلا تقدم نذرا لغير الله جل وعلا ، ولا تضع تشريعا للنذر ما أنزل الله جل وعلا به من سلطان .

النذر فى الدين الأرضى

الكفر العقيدى نوعان : علمى ( بإفتراء التشريعات والكتب والأحاديث ) وعملى ( بالطقوس والعبادات التى تطبق تلك التشريعات ) . ومثلا فإن كتب الأحاديث والسنن وكتب المناقب لأولياء التصوف والتشيع هى كفر علمى . أما يقوم به المحمديون من حج الى قبورهم المقدسة وتقديم الذبائح اليها فهو كفر عملى . وقبل ظهور المحمديين عرفت الأديان الأرضية نوعى الكفر العقيدى فى موضوع النذر . ونعطى أمثلة قرآنية :

1 ـ نذر بالكفر العلمى : أى بالتشريعات المفتراة .

1 / 1 : إفترى بعض أهل الكتاب أن الله جل وعلا عهد اليهم (أى فرض عليهم ) ألآ يؤمنوا بأى رسول حتى يقدم أمامهم هذا الرسول قربانا تنزل عليه نار تأكله. قال جل وعلا يرد عليهم :  ( الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) آل عمران )

1 / 2 : تشريعات العرب الجاهليين :

1 / 2 / 1 : قتل أولادهم نذرا وقربانا بتشريعات شيطانية . قال جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137) الأنعام )

1 / 2 / 2 : تشريعات مفتراة بالتحريم والتحليل فى نذور خاصة بالأنعام ، قال عنها وعنهم جل وعلا : ( وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138) وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139) النساء )، وبهذا الافتراء أطلقوا أسماء على تلك الأنعام ، وجعلوها دينا منسوبا لرب العزة ظلما وعدوانا . قال جل وعلا فى نفيها : ( مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (103)  المائدة)

2 ـ نذر بالكفر العملى : تقديم النذور والقرابين الى الأولياء .

2 / 1 : وأولئك سيأتون يوم القيامة بالحسرة لأن الأولياء والآلهة التى قدموا لها النذور والقرابين ما أغنت عنهم من الله جل وعلا شيئا ، قال جل وعلا : ( فَلَوْلا نَصَرَهُمْ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَاناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28) الاحقاف ). وهذا يشمل كل أصحاب الديانات الأرضية ، وكهنوتها الذى يرتزق من الأنصاب والأوثان والأصنام ومعابدها ورجس قبورها .

2 / 2 : ومنهم كفرة العرب عند نزول القرآن ، حين كانوا ينذرون لله جل وعلا ولأوليائهم الذين يزعمونهم شركاء لله جل وعلا . وعند الوفاء بالنذر يقدمون نذور الأولياء لقبور الأولياء ، ثم يقدمون نذور الله لقبور الأولياء أيضا بزعم أنها تقربهم الى الله جل وعلا زلفى : (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) الزمر ). قال جل وعلا عن تقديمهم نذر الله لأوليائهم :  ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (136) الأنعام )

2 / 3 : والمحمديون داخلون فى هذا . المحمدى الصوفى والشيعى المتدين يتبرع نذرا للقبر المقدس من الرزق الذى منحه له ربه جل وعلا ، وهو لا يعلم ماهية المدفون تحت التراب ، هل جيفة وجثة الميت موجودة على الحقيقة أم مجرد أكاذيب . وربما يمر على مساكين فلا ينتبه لهم . والمحمدى السُّنّى يتبرع نذرا لأى مشروع مسجد ينهق دُعاته بالتبرع اليه . وهو لا يعلم أين تذهب أمواله . ويتبرع نذرا بأمواله الى أى جمعية تحت أى شعار دينى سلفى ، ولا يعلم أين تذهب أمواله، وربما تذهب أمواله فى تمويل عمليات ارهابية تقتل ابرياء . وهؤلاء ينطبق عليهم قوله جل وعلا : ( وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) النحل )

2 / 4 : على أن أبرز ما يقدمه المحمديون يتمثل فى موالدهم وأعيادهم التى يعكفون فيها على أنصابهم وقبورهم المقدسة . يحجون اليها من كل فجّ عميق ، ينحرون عليها الذبائح ، ويقيمون فيها الولائم . ولقد حرّم الله جل وعلا الأكل من الطعام الذى يُقدّم لغير الله ، قال جل وعلا : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ )(3) المائدة ). المحمديون يمارسون هذا الفسق عند أنصابهم وقبورهم المقدسة ، فى أعياد وموالد ومواسم تغطى العام كله ، حتى مع حمامات الدم التى يقيمونها لأنفسهم .!. يجعلونه هذا وذاك دينا . وفى نفس الوقت يحرمون طعام أهل الكتاب الذى أحلّه لهم رب العزة جل وعلا . 

اجمالي القراءات 14306