بين الرحمن رب القرءان وغلظة أرباب السُنَّة
بين الرحمن رب القرءان وغلظة أرباب السُنَّة

أنيس محمد صالح في الإثنين ١٩ - فبراير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

بين الرحمن رب القرءان وغلظة أرباب السُنَّة
بسم الله الرحمن الرحيم
تعجب إن ذكرت لك بأن ربنا بالقرءان رحيم وودود وغفور، بينما ربنا بالسُنَّة ينتظر لك السقطة ليعاقبك عليها، تلكم هي الحقيقة مما يدل على أنها في غالبها مدسوسة على النبي الذي أرسله الله رحمة للعالمين....وهيا لنستعرض بعض الأدلة:
 
• إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب [صه] فقد لغوت ومن لغا فلا جمعة له، ومن مس الحصى فقد لغا....تلكم هي السُنَّة.. أما بالقرءان فيقول تعالى:{إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً }النساء31. وطبعا آيات أخرى كثيرة تدل على رحمته سبحانه بعباده بالدنيا والآخرة.
 
• تقول السُنَّة بقتل المرتد ، بينما يقول الله تعالى: { كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{86} أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ{87} خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ{88} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ{89} .
 
• بما يعني أنه لا يوجد حكم بقتله يالقرءان بل ننتظر توبته فلعله يثوب إلى رشده.
 
• وتقول السُنَّة برجم الزناة المحصنين، وما هنالك رجم بالقرءان إطلاقا بل هو الجلد للمحصنين وغير المحصنين.
 
• وتقول السُنَّة ببتر يد السارق وحسمها في الزيت المغلي أو النار، بينما آية [والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما....] لا تتناول أي بتر ولا حتى جرح.....وقد بينا ذلك قبلا لمن أراد أن يعود للأمر.
 
• وتقول السُنَّة بعذاب القبر، بينما يقول الله بأن الحسنات يذهبن السيئات ويتم هذا أولا بأول لأن فعل [يذهبن] هو فعل مضارع، بما يعني بأنك إما أن تموت نظيفا وخاليا من الذنوب أو تكون مذنبا تستحق الخلود بالنار لأنه لا حسنات لك،
والله تعالى يقول [ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار] >
فها هو يؤخرهم ليوم القيامة بينما تقوم السُنَّة بتكذيب ذلك؛ فهل يؤخر الله إبليس ليوم القيامة بينما يعذبنا نحن عذابا معجلا وآخر مؤجلا...
 
• ويقول أهل السُنَّة بكل فخر بأن سيدنا أبا بكر قال [لا آمن مكر الله ولو إحدى قدماي بالجنة]، فهل ينتظر الله منك سقطة ليغدر بك ويطيش بكل جهادك وأعمالك، أتكون هذه فكرة سيدنا أبو بكر عن الله؟، بالطبع لا، فالله تعالى يقول:
 
{وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ }آل عمران115
{مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً }النساء147
وأليس توجههم مخالف لقوله تعالى: {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ }الزمر70.....والآيات كثيرة تذكر بأن لله لا يظلم الناس مثقال ذرة.
 
• ويقولون بأن العبد المؤمن بالله يعمل وقد تقبل أعماله وقد لا تقبل، وأن العبد إن أهمل في صلاته تلف الصلاة كالخرقة البالية ويضرب بها وجهه وتقول الصلاة ضيعك الله كما ضيعتني، يعني تصلي والصلاة تلعنك، فهذا هو فقه السُنَّة.
 
و لقد نظرت في كتاب الله فلم أجد أثرا لعدم القبول إلا بمواضع محددة على سبيل الحصر، ولا يجوز التوسع فيها،.....
فالله لا يقبل من الكافر ملئ الأرض ذهبا ليفتدي به نفسه (91 آل عمران)،
ولا يقبل شفاعة في كافر (48 البقرة)،
ولا يقبل دينا غير الإسلام (85 آل عمران)،
ولا يقبل الله توبة المرتد الذي ازداد كفره بعد ارتداده (90 آل عمران)،
ولا يقبل يوم القيامة شيئا بدل العمل الصالح (123 البقرة)،
ولا يتقبل اللمن المنافقين (53 التوبة).
 
وبذات الوقت يقول لنا: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً}النساء40؛
وليطمئن كل مسلم فالله الرحيم يقبل منه ذَرَّات العمل الصالح، لأنه قال: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ }الزلزلة7.
 
ويقول تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ }آل عمران30.
 
فكيف سترى ذَرَّة عملك الصالح حاضرة أمامك إذا لم يكن الله قد قبلها، فالله يقبل الأعمال بشهر رمضان وبغير رمضان، ويزداد قبوله بزيادة إخلاص العبد في توجهه إلى الله، ويمكن أن يزداد الأمر بشهر محدد، أو مكان مُعَيَّن، لكن شريطة الإخلاص المستمر لله، فمناط القبول الأول هو التوجه لله ورضوانه بإخلاص، فما دمت استوفيت ذلك الشرط فلا تتشكك في قبول الله لأعمالك.
 
• ويقولون بأن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج بالصلاة، وما هذا إلا لفرط الغلظة في توجيه الناس، بينما يقول تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ }الطور21؛ فكل أمرئ بما كسب رهين فالله لا يشيح بوجهه عنك لأنك متواجد بصف أعوج، وكل الصف يصلي لله ركوعا وسجودا، فهل يشيح الله عنه بوجهه كما يفعل مع الكافرين، فكيف تكون هذه فكرتكم عن الرحمن الرحيم الودود الغفور..
 
• ويقولون بأننا سنعذب عن كل خطيئة نرتكبها في نار جهنم، بينما يقول تعالى [إن الحسنات يذهبن السيئات] فهل ستمحو حسناتنا سيئاتنا أم سنعذب بها، هل القرءان خطأ أم نحن الذين لا نفهم اللغة العربية.
 
• ويقولون بأن ارتداء الذهب حرام وأن النبي هو الذي حرم على الرجال ارتداء الذهب والحرير، بينما يقول تعالى : {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }الأعراف32.
والله عاتب نبيه حين حرّم أمرا على نفسه فقال له: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التحريم1.
 
يا أخ الإسلام لا يوجد أحد يعارض كلام الله إلا الكافرين
 
• لكن نحن نعارض مفهوم مخبول ضد دلالات آيات الله وكلماته
• فالقطع في جريمة السرقة لا تنقلب بتر لأن مرويات قالت هذا
• والجلد في الزنا لا ينقلب رجم لأن مرويات قالت هذا
• والصراط المستقيم هو منهاجك وطريقك وليس جسر على جهنم لأن مرويات قالت هذا
 
• والجزية تكون لمن لا يؤمن بالله واليوم الآخر ويقاتل المسلمين ولا تكون على جميع أهل الكتاب عاطل في باطل لأن مرويات قالت هذا
• ولا إله إلا الله هي عماد الدين وليست الصلاة لأن مرويات قالت هذا
• والحسنات يذهبن السيئات ولن نعاقب على كل خطأ دون محوه لأن مرويات قالت هذا
 
• والقصاص في الجروح والأعضاء على اليهود فقط فلا يجوز تطبيقها على المسلمين ودليل كونها لليهود فقط وذلك لقوله تعالى{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }المائدة45
• فلا يجوز أن نطبقها على المسلمين لأن مرويات قالت هذا
 
• ولا يوجد وطء لأي أمة بغير زواج فلا يجوز أن نطلق يد الرجال لوطء كل الإماء لأن مرويات قالت هذا
• والساعة غير القيامة فلا يجوز أن نتصورهما أمر واحد لأن مرويات قالت هذا.
• وسيدنا إبراهيم هو إمام الأنبياء وهو من سمانا المسلمين ونبينا محمد متبع له فلا يجوز أن نعكس لأن مرويات ذكرت هذا.
 
• ويقول الإمام مسلم في صحيحة تسمع وتطيع الأمير وإن جلد ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع، بينما يقول القرءان بإمكانية منازعة الأمير والفيصل في ذلك أن نرد الأمر لحكم الله ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59.
 
• وغير ذلك كثير لذلك وجب أن نعرف شريعة الله جيدا قبل المناداة بتطبيقها ويجب تعميق العقيدة قبل تطبيق الشريعة....ويجب أن نكون آكدين بأن رسولنا الأكرم لم يكن يخالف أبدا ما تنزل عليه من قرءان...بل كان قرءانا يمشي على الأرض.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي
اجمالي القراءات 5662