الحرية الفكرية
التفكير في الاسلام

غسان مغارة في الجمعة ١٢ - يناير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

التفكير في الاسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

اود من خلال هذا المقال البسيط ان أبين قيمة العقل اولاً وبالتالي قيمة التفكير ومن ثم الوصول الى المعرفة التي هي في النهاية تمكن الانسان من التعرف على الله وبالتالي الايمان به وهذا هو هدف العقل فعندما خلق الله عز وجل الانسان كرمه بالعقل اولاً بل العقل هو الامانة التي حملها الانسان وكان بها مخيراً يحاسب ويثاب وفقاً للسلوك الذي اختاره بالعقل إذاً فالعقل هو الذي عن طريقه يمكن الوصول الى المعرفة كما هو متفق عليه عند كل العقليون حيث ثبت عجز الحواس وحدها على ادراك ماهية الاشياء وبالتالي العجز في الوصول الى المعرفة الحقيقية الثابته  وبدون العقل تتجمد الحواس عند نقطة الفهم فلا تتجاوزها اذاً قضية الخلق واللالوهية والعبادة هي قضية مرتكزة على المعرفة لأن معرفة الشيء هي التي تحقق الايمان به وبالمعرفة تتكون العلاقة فلوا اخذنا مثلاً الصداقة بين شخصين لا تتم ولا تصلح الا بالمعرفة اي معرفة كل منها الاخر فمعرفة احدهما للاخرفقط لا تنجز علاقة صداقة ناجحة وكذلك الانسان لا تصلح علاقته مع ربه الا بالمعرفة فمعرفة الله عز وجل بالعبد تنقصها معرفة العبد بربه حتى تصلح العلاقة (ولله المثل الاعلى) فكيف للانسان أن يؤمن برب لا يعرفه لا يعرف عظمته ولا يعرف قدرته وعلمه فمن لا يعرف الله عز وجل ولا يعرف نسبياً عظمته وقدرته المطلقة (اللامتناهية ) وعلمه المطلق فلن يستطيع استيعاب فكرة العبادة لأن العبادة حينها ستكون ضرباً الى المجهول ونيلاً من الكرامة فتجد حينها الاستكبار عن العبادة كذلك بدون معرفة الله معرفة حقيقية فسيكون التردد في الاخلاص والتذبذب في العبادة يكون هو سيد الموقف لأن عدم معرفة الله تؤدي الى عدم التصديق به او بأحدى صفاته وحينها يترجم الى سلوك غير منضبط في العلاقة مع الله واذا سلمنا بهذا وقلنا ان المعرفة هي السبيل الوحيد الى الايمان بالله عز وجل فعليه نقر بدور العقل في الايمان بالله واذا سلمنا كذلك بدور العقل في الايمان بالله فمعنى ذلك اننا لا يمكن لنا ان نعرف ولا نؤمن بالله الا بالعقل اذاً لا يمكننا ان نؤمن بالله بوسيلة غيرالعقل فمسائل مثل التلقين والنقل عن اشخاص اخرين لا تؤدي الى الايمان الصحيح بالله فتغييب العقل في مسائل الايمان والتقوى والعبادة يوقع الانسان في مشكلة النفاق الحتمي لأن مصادر مثل التلقين والنقل هي نتاج خارجي وليس ذاتي ومن هنا نجد انفسنا امام قضية من قضايا الفكر الكبرى وهي مشكلة التوفيق بين العقل والنقل هذه المشكلة والتي شغلت بال الكثير من المفكرين والفلاسفة منذ زمن سقراط وغيره من الفلاسفة وعلى ما يبدوا ان هذه القضية لا زالت على طاولة النقاش دون ان يتم الاتفاق على صيغة مقبولة بين كثير من الاتجاهات الفكرية والاسلامية المتعددة والمختلفة في المصدر الواحد والمختلفة ايضاً من خلال منطلقات متباينة ,إذاً الله نعرفه بالعقل ولكن الكثير من الناس يخلط المفاهيم والقضايا في وعاء واحد دون ان يكلف نفسه عناء التفكير لتنظيم او تقسيم تلك المفاهيم والقضايا في تصنيفات واضحة لا لبس فيها فمثلاً تجد من يخلط ما بين الايمان بالغيب وتغييب العقل في مسائل الايمان بالله حيث يربط الايمان بالله بالقلب نافياً بذلك الدور الرئيسي للعقل حيث يعتبر هذا التفسير تفسير مغلوط من اوله الى اخره  لأن الايمان بالغيب يبنى على العقل في فهم الاطار الذي يقع فيه الغيب وكذلك فهم العقل لقدراته هو والتي يمكنه تفسيرها وفهمها وبالتالي فهم القضايا التي تقع خارج امكانياته على الفهم والتحليل والتي يقر انها وقعت منطقياً خارج حدود فهمه لها فمثلاً يؤمن العقل بالله انه خلق الكون دون ان يراه وهذا غيب ولكنه فهم من خلال الموجودات ان الخالق واحد و كذلك فهم ان هذا الكون صنيعة خالق عظيم وهذا منطقي اما الايمان برب لا نراه بدون المرور بالتفسيرات العقلية السابقة يكون الامر غير منطقي فالعقل كيان وظيفته التفكير والفهم وتقديم المعرفه لصاحبه وهو صنيعة الله فكيف يغّيب في اهم القضايا التي تحتاج للعقل لكي تفهم فوسائل مثل التلقين والنقل لا تقدم معرفة حقيقية الا بالتوافق مع العقل والمصدر الذي تتحدث فيه فمثلاً اذا تم  نقل قول او فكرة عن دين فيجب ان يتوافق المنقول مع الرسالة السماوية التي تمثل ذلك الدين مالم تكون قد حرفت او زورت والعقل يرعى عملية الفهم والمقايسة واذا ماتم نقل قول او فكرة خاصة بالطب مثلاً لابد لها ان تكون متوافقة مع علم الطب والعقل يقوم بعملية الفهم والمقايسة وهكذا , كذلك اود ان اذكر انه ذُكر في القرأن الكريم كلمة يعقلون في 22 أية وكلمة يتفكرون 11 أية وكلمة يتدبرون مرتين فالعقل هو من اوكل الله إليه فهم كل قضايا الحياة بما فيها قضايا الدين والغيب والايمان الخ

 

والسلام على أهل الاسلام

اجمالي القراءات 19684