حامي الحمى لحظة سقوطه
حامي الحمى لحظة سقوطه

أسامة قفيشة في الأحد ٠٥ - نوفمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

حامي الحمى لحظة سقوطه

حامي الحمى هذا المستبد الشرقي , إن أردت من تعريته لتعلم حقيقته الطغيانيه , و بأنه مستبدٌ ظالمٌ فرعونيٌ , فما عليك سوى التريث و النظر للحظةِ سقوطه الحتمي , و كم يتشابه الطغاة و المستبدون المجرمون في تلك اللحظةِ المصيرية , فيتشابهون بها بأقوالهم و أفعالهم .

من ملامح هذا التشابه :

قال تعالى ( وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) 51 الزخرف :

ادعائهم الباطل بأن الأوطان ملكاً لهم , ليس الأوطان فقط بل ما تحتويه و ما فيها يعتبرونه مُلكاً خاصاً لهم , و لهم حق التصرف المطلق .

قال تعالى ( وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ) 127 الأعراف :

لهم حاشية لا تقل وحشيةً عنهم , و لا تقل غباءً أيضاً , لهم ولاءٌ مطلق مبنيٌ على المصالح الفردية لذا يستشري فسادهم بناءاً على ممارستهم له بقهرهم لشعوبهم , فهم يتحكمون في رقاب الناس فلا قيمة لحياة البشر في ميزانهم و لا يتورعون عن القتل و استباحة أي شيء .

قال تعالى ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ ) 11-12 البقرة :

هم و رئيسهم يمارسون الكذب بكل وقاحة , لا يأبهون و لا يستحون من كذبهم , فيصبح الكذب منهاجهم و نهجهم , فيترسخ الكذب و يتأصل فيهم حتى لا يعودون يستشعرون به .

قال تعالى ( يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِن جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ) 29 غافر :

عشقهم للاستبداد و غطرستهم المتولدة في نفوسهم تدفع بهم للاستهتار بكل خطر يحيق بهم , فلا يبدلون رأيهم و يظنون بأن قراراتهم المستبدة هي قرارات سديدة و صائبة , فينفردوا بالقرارات المصيرية بدون أي اعتبار للمجتمع , غير آبهين بمصيره أو بحجم الخسائر المترتبة على قراراتهم الفردية .

قال تعالى (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ) 88 الأعراف :

في المجتمعات الاستبدادية الظالمة لا مكان فيها لدعاة الحق الداعين لرفع الظلم و محاربة الفساد , لذا تتم ملاحقتهم و الضغط عليهم بممارسة القوة و التهديد بالترهيب حيناً و الترغيب حيناً , فإن لم يستجيبوا لرغبة المستبد و يذعنوا له كان مصيرهم الطرد من أوطانهم نفياً قسرياً .

قد يلجأ المستبدون و المنتفعون لخيار القتل و التصفية أيضاً حين تستدعي الحاجة في نهاية المطاف , من أجل حفاظهم على مكانتهم و نفوذهم :

هذا الخيار نذيراً لسقوطهم و انهيارهم الحتمي , و يتم من خلال الحشد و التجيش للمجتمع في لحظاتهم الأخيرة , و هذا يدل على ضعفهم و يثبت بأنهم غير قادرين على حماية أنفسهم , فيطالبون ممن كانوا يستضعفونهم بحمل السلاح و الدفاع , فحينها يصبح الوطن وطن المستضعفين و وطن الجميع , و يصبح القرارُ قراراً جماعياً فيربطون مصيرهم بمصير الوطن , فيزجون الجميع بمغامراتهم و يشركونهم بسقوطٍ جماعي , قال تعالى (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) 68 الأنبياء , هي دعوة للجماهير بحمل السلاح للدفاع عن مكانتهم كي يبقوا على عروشهم ,

لا يهمهم من سيموت من هؤلاء المستضعفين , و لكن يبقى السؤال يدور حول هؤلاء القوم الذين كانوا مستضعفين , و كيف يتم التغرير بهم كي يقفوا في صف المستبد و أعوانه و يحملون السلاح يدافعون عن سقوطه و يستميتون بهذا الدفاع فقال جل وعلا عنهم ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ) 54 الزخرف ,

إنه الضلال الذي يمارسه المستبد في هيمنته و سيطرته عليهم فقال سبحانه ( وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ ) 79 طه .

و لكن سقوط المستبد هو أمرٌ حتمي لا مفر منه و لو بعد حين , فمن كان يظن بأنه هو حامي الحمى سيلاحظ بأنه لن يستطيع بأن يحمي نفسه لحظة سقوطه , و سيرى تلك النهاية بأم عينه حين يفر هذا المستبد و يترك خلفه البلاد و العباد فقال سبحانه (قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ) 43 هود .

و كم تتشابه الأحداث و النهايات في وطننا العربي هذه الأيام , فكل عروشهم و قوتهم التي كانوا يبطشون بها شعوبهم لا تجدي نفعاً أمام حتمية سقوطهم , هؤلاء الفاسدين محالٌ لهم بأن يصبحوا مصلحين , حتى لو قالوا بأنهم غير مفسدين و ظنوا بأنهم مصلحون ,

قوتهم فقط من أجل أن يرهبوا بها شعوبهم و يستبيحوا بها كل شيء , فلا ترهبوهم فعروشهم من ورق , فكما قال الشاعر مظفر النواب :

احرقوا أطقم القمع من خلفكم(

فالأساطيل والقمع شيء يكمل شيئا

كما يتنامى الكساد على عملة تالفة

بالدبابيس والصمغ هذي الدمى الوطنية واقفة

قربوا النار منها

لا تخدعوا أنها تتغير

لا يتغير منها سوى الأغلفة ) .

 

فلا خير فيهم و لا خير منهم , و مصير المستبد هو مزابل التاريخ .

اجمالي القراءات 8293