التفقير والقهر
فقر أم تفقير

زهير قوطرش في الإثنين ٠٧ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً


 

فقر أم تفقير:
 
اتقدت عيون خليل وأصبحت كالجمر وهو ينظر إلى الشيخ سعيد قائلاً :
 ما ذا قلت يا شخ سعيد الفقر منتشر في امتنا العربية والإسلامية ... أم التفقير  والقهر يا شيخ سعيد؟؟؟؟....
ارتشف الشيخ سعيد الشاي وقال : يا ولدي ،أنت إنسان عاقل والحمد لله ، لكن حظك من الدنيا قليل، وقدّرك قاسي عليك، مثلك مُثل الملايين لا حول ولا قوة لكم .
قاطعه خليل قائلاً: يا شيخ سعيد لماذا تحاول التهرب من الحقيقة وتفند ما يجري علىّ وعلى أمثالي الفقراء من هذه الأمة ، أغنى أمة في العالم يا سيدي امة غنية  بكل مواردها وثرواتها الطبيعية..وتقول أن الحظ التعيس والقدر القاسي هما السبب في شقائي وشقاء الآخرين المفقرين مثلي !!!!!...
أين هو الدين الذي تمثله يا شيخ سعيد  الذي يرمي ويقصد العدل...وهل من العدالة أن أبيع نفسي أنا ومئات الألوف  من شباب القرية والمدينة في سوق النخاسة، ننتظر  من الفجر  حتى  غروب الشمس بحثاً عن عمل ...... يوم نشتغل وعشرة أيام  ننتظر  بدون عمل . كنت أتمنى عليك وعلى أمثالك يا شخ سعيد من رجال الدين أن تكلفوا خاطركم وتزوروا  سوق العاطلين عن العمل لتشاركوننا مآسي الحياة... و لعلكم  تسمعون أحاديث الفئة المفقرة والمقهورة  أو المقدر عليها الفقر كما تقول....
 يا سيدي، صديقي أحمد بعد ستة أشهر وهو يبحث عن عمل دون جدوى صب على جسده البنزين وأحترق...أتدري لماذا يا شيخ سعيد؟؟؟؟ لأنه رأى أولاده يتقممون في القمامة، فلذات كبده يبحثون عن كسرة خبز في القمامة، لم يحتمل ذلك وقد سدت أبواب الرزق أمام عينيه....
قال الشيخ سعيد أعوذ بالله هذا فظيع وغير معقول....فظيع  هذا يا شيخ سعيد.... نعم فظيع  !!!!!...ولكن الأفظع من ذلك أنكم لا تعلمون ما يجري حولكم وبينكم..أو أنكم لا تريدون أن تعلموا....تابع خليل ..
لقد وصل الحد الى أن يركب الإنسان الفقير الصعب يا شيخ سعيد ويبيع اشرف ما لديه عرضه والعياذ بالله،وهو من امة مواردها المالية والطبيعية لا تحصى ولا تعد.... ماذا فعلتم يا شيخ أمام هذا الواقع...طيلة الوقت تحدثونا عن شرك القبور ، ولكنكم أغفلتم شرك القصور وشرك مؤسسات  الفساد وغيرها... تحدثونا عن عرش الرحمان ونسيتم يا شيخ عرش السلاطين وعروش الأمراء والطفيليين...
الفقر كفر يا شيخ سعيد من لم يعانيه لا يدرك آثامه.... .رد الشيخ بقوله
يا ولدي الدنيا أرزاق وما عليك إلا الصبر، وما الرزق إلا على الله ذو القوة المتين، وبأنه ما من دابة على الأرض إلا على الله رزقها.....وما أصاب الناس ما هو إلا ما قدر هم...
 انتفض خليل وقال للشيخ ، يا شيخ سعيد هذا غير صحيح، إنها ثقافة التجهيل التي يراد بها استدامة الأوضاع المزرية من التفقير والقهر.... لماذا تصرون على هذا؟
أجابه الشيخ لا تكفر يا ولدي أنا أقدر وضعك والله ..ولكن الم تسمع قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم...(لو انكم تتكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خواصاً وتعود بطاناً) .كل ما ذكرته ياشيخ سعيد هو صحيح ، لكن لابد أن تعلم أن الطيور ليس عندها تكنولوجيا، ولا حساب ,ولا اقتصاد ولا مؤسسات، وحتى يرزقها الله عز وجل لابد لها من الحركة...الله لا يرزق الطائر وهو جالس على عشه، أي عليه أن يبحث عن هذا الرزق... أجابه الشيخ سعيد هذا مؤكد وكلامك جواهر يا ولدي, الآن بدأت تتكلم في الصواب... تابع خالد قوله: لكنكم تُعلمون الناس  أيضاً أن الأرزاق تأتي إلى السرير إذا كانت مقدرة أليس كذلك؟ أي أن الطفيليين والمفسدين هم الذين يتحركون للحصول على أقدارهم .  أما  فقراء العرب والمسلمين برأيك , ألا يبحثون عن الأرزاق حتى في القمامة؟، ألا يبحثون عن العمل في كل مكان؟، وهل تعتقد أنهم لا يتوكلون على الله حق توكله؟!!!!!لكن أين العمل يا شيخ سعيد...أين فرص العمل....؟
 أتدري ما هو السبب..أنه الاقتصاد الفقاعي الذي ابتلينا به ..هل سمعت بذلك يا شيخ سعيد أم أن هذه الأمور لا تعنيكم قط.. هذا الاقتصاد يا شيخ سعيد مبني على المضاربات والمحرمات والمناقصات المشبوهة، هذا الاقتصاد غير منتج ولا يمكنه تحقيق فرص عمل أصلاً...المفقر العربي والمسلم مستعد للعمل عشرين ساعة في اليوم إن أمكن ..لكن أين ؟.... أنا أفهم يا شيخ سعيد الآيات والأحاديث من خلال ظروفي المعيشية ،وأنت تفهمها من خلال ظروفك يا شيخ سعيد!!!
 نعم رزقنا على الله نحن الفقراء كما هو رزق الطير ، لكن صدقني هنالك من اغتال هذا الرزق...المشكلة في اللصوص في الطفيليين  ..هنالك من سرق الأرزاق ..سرقوا أرزاق الله التي بُعثت  إلينا...الرزق موجود ومسخر على هذه الأرض بطناً وظاهراً وجواً..هو مقدر وعلينا الاستعانة بالعقل والعلم لاستخراج الودائع، لكن يا شيخ سعيد عندما  يُكبل الإنسان بالفقر ،فهل هذا خطأ القدر أم خطأ اللص الذي استولى بغير حق على رزق العباد..
سكت الشيخ سعيد واستغرق بالتفكير ..فقطع خالد عليه تفكيره  قائلاً ...لا تتعب عقلك بالتفكير يا شيخ ، المشكلة في الطفيليين الذين تخوضوا في مال الأمة.. الطفيليين الذين هم مُحدثي النعمة الذين صاروا من أصحاب الملايين والمليارات ، كان احدهم بالأمس لا يملك ثمن الطماطم... واليوم يملك ثروات لا يمكن عدَّها...من أين لهم يا شيخ هذا الغنى السريع والفاحش؟ بشطارتهم وفلهويتهم أم أنه بفعل الفساد ,وعلى حساب الفقراء من أمثالي.
لصوص يا شيخ سعيد وأمامهم قارون .المشكلة في اللصوص الكبار .وبصوت فيه نبرة حزن تابع خالد قوله.يا شيخ سعيد إن لم تفعلوها أنتم الذين نراهن عليكم لتنقذوا أمتنا من سياسة التفقير والقهر ..فعلى من نراهن ،على الخارج يا شيخ سعيد..إذا لم تفتحوا ملف الفساد في مساجدكم وكنائس المسيحيين بكل عنف...اعذرني وليعذرني كل القساوسة ..فأنكم  شركاء لهؤلاء اللصوص ، لأنكم سكتم على الباطل ...الفساد يا شيخ سعيد هو سبب التفقير  ...الزكاة والصدقات ما عادت تكفي لإنقاذ  الأمة ,لأن الزكاة والصدقات تدفعها الطبقة المتوسطة التي هي على قد حالها يا شيخ ومع ذلك تصرف في غير مصارفها الشرعية....، لا ينقذ الأمة سوى إقامة الحد على مثل هؤلاء ، حتى يتم التوزيع العادل للأرزاق المقدرة من قبل الخالق... وهذا حق معلوم في أموالهم وليست منة منهم.. شرب خالد أخر رشفة من الشاي ..وودع الشيخ وهو يردد لا حول ولا قوة إلا بالله على الطفيليين،وعلى كل من سكت على فسادهم .
اجمالي القراءات 16066