التعذيب فى رؤية قرآنية : (9 ) : أسباب عذاب الدنيا :

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٠٢ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

التعذيب فى رؤية قرآنية : (9 ) :أسباب عذاب الدنيا :

مقدمة :

1 ـ يأتى العذاب بغتة ، سواء فى الدنيا أو بالموت وبعده فى الجحيم ، وبين لحظة الاحتضار والبعث لا إحساس بالزمن ، فيستيقظ الانسان يوم البعث يظن أنه لبث  بعض يوم كشأنه حين كان يستيقظ من النوم فى حياته الدنيا .

الذى أراد الدنيا وإنغمس فى صراعاتها وتكاثرها سادرا فى العصيان ينسى أنه سيموت . وتأتيه الخسارة فى المال أو فى الأولاد أو المرض فيتفاجأ بها ، وحتى لو أشتد به المرض فهذا لا يطفىء أمله فى الدنيا ويظل متمسكا بالحياة معتقدا أن الموت لن يصل اليه ، ولهذا يفاجئه الموت ، وفى لحظة الموت تتلقاه ملائكة الموت بالصفع وبالركل (الانفال 50 ) (محمد 27 )، فيكون هذا عذابا له يذوقه بغتة دون أن يتوقعه كما جاءه الموت بغتة دون أن يتوقع . ثم يتلوه تقلبات اليوم الآخر من بعث وحشر وعرض أمام الله جل وعلا وحساب ، ثم خلود فى النار .   

2 ـ لنتقى عذاب الدنيا ( وعذاب الآخرة ) علينا أن نتعرف على الأسباب فى عذاب الدنيا، وهى متداخلة ، يجمعها الكفر ( الكفر بالله جل وعلا وكفران نعمته ) ويجمعها الظلم ( ظلمهم لرب العزة بالكفر وظلمهم البشر ) . ونعطى بعض التفصيلات :

أولا  ـ الكفر بالله جل وعلا والصّدّ عن سبيله

1 ـ  هناك كافر مسالم لا يؤذى أحدا ولا يقوم بإكراه أحد فى الدين ، ولا يقوم بالصّد عن سبيل الله . أى يكون مسلما حسب الاسلام السلوكى الذى يعنى السلام . هذا لا شأن له معنا هنا هو حسابه عند ربه  . نتحدث هنا عن كافر يقوم بصدّ الناس عن سبيل الله ، ينطبق عليه قوله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) الانفال ). عذابه أن جهده ينتهى الى حسرة وخسارة وهزيمة ، وإذا مات كافرا فمصيره جهنم .

2 ـ الصّدّ عن سبيل الله له معنى آخر هو ( أن تشاقق الله ) أى تعاديه . وهذا ما فعلته قريش فعوقبت ، قال جل وعلا فيهم بعد هزيمتهم فى موقعة بدر : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (14) الانفال ). وعن إقتران الصّدّ عن سبيل الله بالشقاق مع الله نقرأ قوله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) محمد )

3 ـ وحدث هذا مع بعض أهل الكتاب الذين إعتدوا فعاقبهم الله جل وعلا بالرعب ، فخرجوا من ديارهم وجلوا عنها ،وكان هذا الجلاء بديلا عن عذاب كان سيقع بهم فى الدنيا ، قال جل وعلا عنهم (وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقَّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (4) الحشر)

4 ـ والخزى أيضا هو من عذاب الدنيا لمن يضل الناس عن سبيل الله ، ثم ينتظره عذاب الحريق فى الآخرة ، يقول جل وعلا عمّن يجادل بغير علم ليصدّ عن سبيل الله: ( ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۖ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ) الحج 9 )، فالذى يحترف الاضلال لا يمكن أن يهتدى أبدا ، قال جل وعلا : ( إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37) النحل ). ينطبق هذا على شيوخ الفضائيات فى أديان المحمديين الأرضية .

5 ـ ويلحق الخزى أيضا بالمتحكمين فى المساجد ، والمساجد أصلا يجب أن تكون لعبادة الرحمن وحده لا شريك له فيها (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18)الجن )، أصبحت المساجد منتمية الى فلان وفلان من الناس ( المسجد النبوى ، مسجد الحسين ، مسجد الامام الشافعى ، مسجد السيدة زينب ..مسجد أبى حنيفة ..الخ ) . هذا تخريب لمساجد الله ، لأنه ممنوع فيها ذكر إسم الله جل وعلا وحده ، فلا بد عندهم من ذكر آلهتهم تلك . وقد توعّدهم  الله جل وعلا بالخزى فى الدنيا وعذاب عظيم فى الآخرة ،  قال جل وعلا عن أولئك الظالمين : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) البقرة 114 ). ندخل بهذا على الظلم كأحد مسببات العذاب

ثانيا : الظلم :

1 ـ هناك كافر مسالم لا يؤذى أحدا ولا يقوم بإكراه أحد فى الدين ، ولا يقوم بالصّد عن سبيل الله . أى يكون مسلما حسب الاسلام السلوكى الذى يعنى السلام . هذا لا شأن له معنا هنا هو حسابه عند ربه  . هو يظلم رب العزة فقط بأن يؤمن بآلهة وأولياء مع الله جل وعلا أو أن ينسب له ولدا ، ولكنه لا يقع فى ظلم البشر .  هناك كافر يظلم الله جل وعلا ويظلم البشر. هذا معرّض لعذاب الله جل وعلا فى الدنيا والآخرة .

2 ـ ينطبق هذا على المستبدين ، وهم بالتعبير القرآنى أكابر المجرمين . المجرم العادى قد يتقل شخصا ، ولكن المستبد يقهر شعبا ويقتل آلافا مؤلفة حتى يظل فى عرشه بالتآمر ، أو بالتعبير القرآنى ( المكر ) وفى النهاية يكون المستبد ضحية مكره ، أى يتعذب بعمله ومكره . وهو فى سبيل إحتفاظه بسلطانه يرفض الحق . وهى قاعدة عامة لم يكن فرعون موسى الأول فيها أو الأخير ، إذا يحظى المحمديون بمئات الفراعين من مئات السنين . قال جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123)وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124)  الانعام )

3 ـ هذا المستبد يتكون حوله ( ملأ ) من الكهنوت والجنود والأتباع يكونون دولته ( العميقة )، وهم الذين يحتكرون الثروة على حساب الأغلبية الساحقة من الجوعى ، وبإحتكارهم الثروة يصبحون ( مترفين ). وهم يرفضون دعوة الحق والعدل .وجودهم إرهاص بتدمير دولتهم من الداخل أو من الخارج ، وقد جعلها رب العزة قاعدة عامة فى تعذيب المترفين ، قال جل وعلا : ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (16)الاسراء ) وعن إستمرار هذه القاعدة قال جل وعلا عن الأمم السابقة:( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (17) الاسراء )، وقال عن الأمم اللاحقة :( وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ) الاسراء 58 )، وقال عن تعذيب أولئك المترفين : (حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64)  المؤمنون ). هم مترفون متنعمون لا يتحملون الألم بمثل ما يتحمله الفقراء الصابرون ، لذا يكون وقع الألم عليهم شديدا ، لذا فهم لا يصرخون ، بل يجأرون ، أى يصرخون بأعلى صوت .!

ثالثا : كفران النعمة :

1 ـ الدعوة الى الاسلام الحنيف الحق تستلزم إنفاقا فى سبيل الله ، لذا هو مقترن بالايمان بالله جل وعلا ورسوله . قال جل وعلا يأمر بالانفاق فى سبيله جل وعلا :  ( آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)الحديد ) الله جل وعلا هو الذى إستخلفنا فى هذا المال ، وإختبرنا به ، فالذى ينفق منه فى سبيل الله إبتغاء مرضاة الله جل وعلا له أجر كبير . وتتوالى الآيات فى الحث على الانفاق فى سبيل الله ( الحديد 8 : 10 ) الى أن يقول جل وعلا يجعل الإنفاق فى سبيله قرضا له جل وعلا ، ويجه بهذا خطابا للبشر جميعا فيقول : ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) الحديد ). ونتهيّب من التعليق على هذا ، ولقد تكرر هذا التعبير فى القرآن الكريم (البقرة 245 ، المائدة 12 ، الحديد 18 ، التغابن 17، المزمل 20 ). وفى كل آية يكون الجزاء عظيما كريما فى الدنيا والآخرة . فالله جل وعلا يُخلف ويضاعف أجر من ينفق فى سبيله:( وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39) سبأ )

2 ـ فى المقابل فإن البخيل الذى يبخل بمال الله الذى إستخلفه فيه يكون كافرا للنعمة . ومصيره يوم القيامة أن يتعذب بما جمع من مال ، قال جل وعلا : ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180) آل عمران )، هذا فى الآخرة .

3 ـ أما فى الدنيا ، فالعذاب هو بالخسارة ، وقد جاءت قصة فى القرآن الكريم عن أصحاب بستان بخلوا بثمره على الفقراء فعوقبوا بفقدان البستان ، وكان هذا عذابا لهم،قال جل وعلا:( كَذَٰلِكَ الْعَذَابُ ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) القلم 33 )

4 ـ وفى دولة النبى محمد عليه السلام فى المدينة كان الانفاق فى سبيل الله جهادا تطوعا دون إكراه . هذا عكس الشائع فى الدول حتى الديمقراطية منها . وبعض الصحابة كان يبخل بمال الله مع ثرائه ، فقال جل وعلا يحذرهم : (هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد ). العذاب هنا يعنى أن يستبدل قوما غيرهم ، يعنى تعذيبهم بالاهلاك .!

5 ـ النبى محمد عليه السلام وطائفة من المؤمنين معه جاهدوا فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ،فأفلحوا . قال عنهم جل وعلا : ( لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89) التوبة ).

6 ـ جاء هذا فى سياق رفض المنافقين التبرع أو الجهاد بالمال وبالنفس دفاعا عن دين الله جل وعلا . كانوا يقبضون أيديهم ، قال جل وعلا عنهم : ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (67) التوبة ). وبسبب رفضهم فقد حلّ بهم عذاب دنيوى مناسب. كانت نعمتهم فى الأموال وفى الأولاد ، فجعل الله جل وعلا عذابهم الدنيوى فى أموالهم وأولادهم،قال جل وعلا ( فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ( 55 )( وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ) (85) التوبة ).

7ـ هو كفران للنعمة ، يشبه ما وقع فيه فرعون موسى الذى كان يفتخر بالأنهار التى تجرى من تحته وبإمتلاكه مصر (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) الزخرف ). كفر بالنعمة فتحولت عذابا له ، فهذا النيل أصبح عذابا لفرعون وقومه ، حمل له الطوفان والجراد والقمل والضفادع وتحولت مياهه الى دماء ، ثم حمل له الرجز ، أى مرض جلدى ودمامل ( الأعراف 133 : 137 ) .

8 ـ جدير بالذكر أن بعض الصحابة إعترف بذنبه فكانت توبته أن يقدم صدقة : ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104)التوبة )

وجير بالذكر أيضا أن الله جل وعلا ذكر إمتناع المنافقين عن التبرع المالى : (هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (7) المنافقون ) ثم بعدها كان ختم السورة بالحث على الانفاق فى سبيل الله قبل أن يأتى الأجل بالموت والندم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) المنافقون ).

أخيرا :

المحمديون لم ينفقوا أموالهم فى سبيل الله ، بل ينفقونها فى الصّد عن سبيل الله ، أى بدلوا نعمة الله كفرا ، بدلوا نعمة القرآن الكريم كفرا بإيمانهم بالأحاديث الشيطانية ورفعها فوق القرآن الكريم ، وبدلوا نعمة البترول كفرا ، بتحويل ثروتهم البترولية الى سلاح يقتتلون به ويدمرون به أنفسهم . هذا اكبر عذاب يحدث لهم، ويشهده العالم . ينطبق عليهم قوله جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30) ابراهيم ).

اجمالي القراءات 9935